بقلم الإعلامي : علي عبد الرحمن
مصر خير بلاد الأرض ذكرها الله في كتابه الكريم ووصفها بالمقام الكريم والجنات والعيون، وأثني عليها نبي الرحمه صلي الله عليه وسلم، وبارك شعبها رسول الله عيسي عليه السلام، شعب مصر الواعي جدا، المقدر لإستقرار بلده وبقاء مؤسساته، الواثق في جيشه وأمنه، الناظر بتعقل إلي ما مضي وماصاحبه من إنفلات وحرق وقتل وأعباء وتأخر لمسارات التنميه وتكلفة باهظة، يدرك هذا الشعب المخلص لبلده أن مصر المستقره خير من مصر الجريحه ولو أعيته متطلبات العيش، مازال يذكر إنفلاتا أمنيا، وأيادي خبيثه تعبث بمقدرات الوطن، وشبابا فقد حياته، وأسرا غلبتها الأحزا ن،وشهداء قضوا في هذه المحنة، ومؤسسات تم حرقها،ووثائق تم تهريبها، وحناجر تعالت كذبا.
كل ذلك راجعه أهل مصر جيدا في هذا الأسبوع، حيث خرجت دعوات لانعرف مصدرها تدعو للتظاهر في يوم الجمعه 11/11، بغض النظر عن عرس مؤتمر المناخ العالمي ووجود رؤساء دول وحكومات العالم علي أرض المحروسة، ولست أدري هل هناك علاقه بين زيارة رئيس أمريكا (جو بايدن) لحضور بعض فعاليات مؤتمر المناخ في نفس اليوم الذي حدده أهل هذه الدعوات التي لم يستجب لها مصري واحد يوحد الله سبحانه وتعالي، ذلك لوعي الشعب وإدراكه بمخاطر ذلك وتحمله الظروف الاقتصاديه الصعبة من اجل امل طال انتظاره في غد افضل!
ورغم تزاحم وسائل السوشيال ميديا بكلام حول هذه الدعوات، وتريقة عليها أحيانا، ورغم تحذير بعض السفارات لمواطنيها بعدم الخروج في هذا اليوم، ورغم إجازة بعض كليات التعليم المدمج الذين يدرسون يوم الجمعة، ورغم انتشار شائعات حول احتمال فرض حظر التجوال وأخرى عن انتشار وحدات الجيش، ورغم تكثيف التواجد الأمني لكن عظيم جدا وعي هذا الشعب، فقد اتخذ إجراءات شعبيه صارمه ومنظمة أفسدت دعوات المغرضين، فلقد ألغي البعض مواعيده يوم الإجازة، وأجل البعض خروجة وفسحة يوم الإجازة، ومارست الأسر دورا شديد التعقل والمسئوليه في النصح والشرح لشبابهم وفتياتهم بعد الانسياق وراء أكاذيب السوشيال ميديا وعدم الخروج لإفساد هذه الدعوات الخبيثة.
ومر اليوم بهدوء ذو مذاق مصري، فلا زحام ولا تجمعات ولا أي شئ سوي افراد المرور وقوات حفظ النظام، وعادت تغريدات وبوستات السوشيال ميديا لترد كيد الكائدين في سلوك هذا الشعب الواعي المنضبط، وأيقن المغرضون وتابع ضيوف مصر في مؤتمر المناخ ومنهم بايدن نفسه ووفد بريطانيا المغرضة وكل أذناب من سموا أنفسهم بالناشطين!، وليس هناك أنشط من وعي وذاكرة أهل مصر العظماء، ولعل هذه الدعوات حركت سواكن الأمور في مصر حيث سبقها إفراجات عن معتقلين ضمن توصيات لجنة العفو الرئاسي، وخيرا فعلت الحكومه بعلاوة الـ 300 جنيه لمواجهة الغلاء، وأي غلاء!، وكذا رفع حد الإعفاء الضريبي تخفيفا للأعباء فوق كاهل الأسر المطحونة.
ورب ضارة نافعه!، فقد أفرزت هذه الدعوات المغرضة بعضا من سمات أهل مصر، مثل الرشد والوعي وتقدير الموقف والخوف على مكتسبات الوطن، وأيقظت الحكومه من سبات عدم التواصل مع أهل مصر، ودفعت مسئولين وبعضا من النخب لشرح ظروف مصر في هذه المرحله وتحليل ماتقوم به الدوله من مشروعات، بل إن القياده السياسيه صدرت عدة رسائل عبر الاعلام تدعو لليقظة والوعي والحرص علي مصر.
واذا كان الشئ بالشئ يذكر، فهل حراك الحكومه لايأتي ألا متأخرا في ظل مثل هذه الدعوات، ألا تقدر الحكومه ونواب الشعب وأحزابه معاناة بسطاء مصر وحاجتهم للفهم عبر التواصل؟، ألا يفيق الإعلام المتقوقع لخطاب أهله بدلا من سيل الخطابات الواردة له من المغرضين، كما أفرزت هذه الدعوات إن إعلامنا الإلكتروني بعافيه حبتين، وأن خطابنا عبر السوشيال ميديا ضعيف ،وأن رسائلنا لاتصل للكثيرين، وأن أصواتا مغرضة أكثر انتشار، ووصولا وتصيدا ولولا حراسة الله للمحروسة وشدة وعي أهلها وبعضا من حراك الحكومة لكان الوضع مختلفا ومعطلا وخطيرا.
ألايستحق شعبنا العظيم من يحنو عليه، من يتواصل معه، من يتفاعل معه، من يوضح له، من يخفف عنه أعباء الحياة عن كاهله؟، ألا يستحق شعبنا العظيم دعما معنويا وتفاؤلا بغد أفضل؟، ألا يستحق شعبنا العظيم انتشارا لنوابه بين أهالي دوائرهم للتوضيح وزرع الأمل؟، ألا يستحق شعبنا العظيم حراكا حزبيا داعما ومخففا عنه بعضا من أعباء الحياة والفكر المشتت؟، ألايستحق شعبا مراجعة حكومية لقرارات اقتصادية وتسعير ملائم للخدمات، ورقابة علي جشع التجار الذي أفسد علينا معيشتنا؟، ألا يستحق شعبنا الواعي انتشارا لكوادر الجهات المكلفة برقابة الأسعار؟، ألا يستحق شعبنا إعلاما ملتحما به بدل التمركز داخل استديوهات البث المكيفة؟
ألا يستحق من إعلامه افلاما وبرامج ومشاركه لتوضيح ماوراء هذه الظروف الاقتصادية الصعبة؟، ألا يستحق هذا الشعب خطابا مقدرا لعقليته ومدركا لمعاناته من كل مستويات العمل السياسي والحزبي والنخبوي؟!، ألا يستحق شبابنا خطابا جديدا وفرصا جديدة ومبادرات جديدة واحتواءا طال انتظاره؟، ألا يستحق أهل مصر بوعيهم تفاعلا وتلاحما وإشراكا وتخفيفا وطمأنة وتسهيلا عنهم في مواجهة هذه الظروف الاقتصاديه الصعبة؟، ألا يستحق شعبنا أن تقوم كل وزارة وهيئة ومجلسا وكوادر بدوره الجماهيري بإعتباره يعمل لدي شعب مصر أو ممثلا لهم؟
أري أن مرور هذه الدعوات بهذا الشكل الوطني المسئول دافعا لأهل الحوار الوطني أن يضمنوا جلساتهم هموم الشعب ومعاناته، وأن يدفعوا بحراك اقتصادي إلى الأمام، وحراك حزبي إلى الدمج وتفعيل دورهم الحزبي الجماهيري، وحراكا نحو مزيد من احترام حقوق المواطنة، وأهم حراك هو الحاجة الماسة لأجندة عمل وطنيه متفق عليها تضمن أولويات الحكومة والوطن، ولا تغفل أو تؤجل أو تقلل من أولويات الشعب الجماهيري وخاصة الجوانب الإقتصادية والطمأنينة علي الغد ومستقبل أولادهم، وإنهاء عزلة الحكومة والنواب والنخب والإعلام عن عالم الشعب وهمومه وتشتته وقلق.
إنه شعب يستحق الثناء على صنيعه ويستحق الرفق بشئون حياته ويستحق احتراما يعلي من قيمة الانسان المصري وفكره الواعي، ولا أجد مناسبة لدعم روافد الهوية والانتماء للوطن أكثر من تصرف هذا الشعب الواعي، فلنبدأ حملة كلنا بنحب مصر وكلنا بنخاف علي مصر وكلنا شركاء في المسئولية وكلنا اخوة في الوطن وكلنا ننتظر من يحنوا علينا ويرفق بنا ويعلم أننا أهل الوطن وداعمي استقراره المخلصين دوما لترابه وتحيا مصر، ويحيا شعبها العظيم الواعي المثابر المنتظر لحياة أفضل بفضل الحارس الأعظم الله جل في علاه..والسلام.