مهرجاني (القاهره السينمائي، والبحر الأحمر) يعيدان ترميم كلاسيكات السينما المصرية
كتب : أحمد السماحي
حرصا على حفظ تاريخ السينما المصرية، قام مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ 44 التى تبدأ يوم الأحد القادم 13 نوفمبر وتستمر حتى 22 من الشهر نفسه، بترميم ثلاثة أفلام من أهم أفلام السينما المصرية وهى: (يوميات نائب في الأرياف، والاختيار، وأغنية على الممر)، فعلى الرغم من أن عملية ترميم الأفلام تعد عملية مكلفة ومعقدة ولا تقل جهدا عن إنتاج فيلم جديد إلا أن العمل على ترميم أفلام شكلت جزءا من الموروث السينمائي العربي يستحق هذا الجهد، فضلاً عن كونها فرصة جديدة لإعادة إحيائها وتقديمها للجمهور.
وتعد عملية ترميم الأفلام أمراً بالغ التعقيد، حيث يخضع الفيلم للعديد من المراحل، ففي البداية تتم معالجة الفيلم وتحويله من مقاس 35 ملم إلى نسخة رقمية، ومن ثم يخضع لعملية ترميم عبر الكمبيوتر، تليها مرحلة تصحيح الألوان والصور وتصفية الذبذبات الصوتية، ورغم تعقيد عملية الترميم لكن النتيجة النهائية للفيلم تكون رائعة، وتشعر الجمهور وكأنه يشاهد الفيلم لأول مرة مثل أي فيلم جديد معاصر يشاهده من حيث جودة الصورة والصوت.
يوميات نائب في الأرياف
الأفلام الثلاثة التى وقع اختيار إدارة مهرجان القاهرة السينمائي عليها تعتبر من كلاسيكيات السينما المصرية وتستحق أن يعاد ترميمها من جديد، ورغم نجاحها الفني الكبير لكنها وقت عرضها لم تحقق نجاح جماهيري يذكر، فقد عرض فيلم (يوميات نائب في الأريام) يوم 24 فبراير عام 1969 في سينما (ريفولي وروكسي)، ولم يستمر عرضه الجماهيري سوى ثلاثة أسابيع فقط وهو قصة توفيق الحكيم، سيناريو ألفريد فرج، وتوفيق صالح، حوار ألفريد فرج، إخراج توفيق صالح، وبطولة مجموعة من النجوم الموهوبين لكنهم ليسوا من نجوم الشباك حيث جازف المخرج وأسند بطولة الفيلم لـ (أحمد عبدالحليم، راوية، عبدالعظيم عبدالحق، محمد مرشد، توفيق الدقن، أحمد الجزيري، إبراهيم الشامي، عبدالحفيظ التطاوي، شفيق نور الدين) وغيرهم.
الطريف أن (توفيق صالح) عرض له في نفس العام وبالتحديد في شهر أغسطس فيلمه (السيد البلطي) قصة صالح مرسي ولم يحقق نجاحا جماهيريا يذكر حيث استمر عرضه أسبوعين فقط، وأسند أيضا بطولته لمجموعة من النجوم الجدد الذي كان يراهن عليهم ونجحوا فيما بعد وهم (عزت العلايلي، سهير المرشدي، محمد نوح، مديحة حمدي، عبدالرحمن أبوزهره).
الاختيار
أما فيلم (الاختيار) الذي يعاد ترميمه مجددا في مهرجان القاهرة السينمائي فعرض في سينما (ريفولي) يوم 15 مارس عام 1971، وكان من إنتاج وتوزيع المؤسسة المصرية للسينما واستمر عرضه حوالي 5 أسابيع وحقق إيرادا معقولا بالنسبة لهذا الوقت حيث حقق 13.262 جنيه، والفيلم قصة نجيب محفوظ ويوسف شاهين، سيناريو وحوار وإخراج يوسف شاهين، وبطولة (سعاد حسني، هدى سلطان، عزت العلايلي).
الجميل أن الفيلم عندما عرض في مهرجان قرطاج السينمائي في تونس انقسمت حوله الآراء فقال الناقد التونسي خليفة شاطر: (كنا نتوقع أن يبرز فيلم (الاختيار) ولكننا لم نكن نتوقع أن يبلغ (شاهين) أو غيره في العالم العربي وأفريقيا قمة الإبداع والإتقان على هذا النحو، إن (الاختيار) حدث بالنسبة لتاريخ السينما العالمية ومفخرة السينما العربية).
وقال ناقد جريدة الصباح: (هل أصبح (شاهين) يعتمد على شهرته الواسعة ليخرج إلى النور هذا النوع من الإنتاج؟!، أين نحن من روعة (الأرض)، وبساطة وعمق (باب الحديد)، ونبل (صراع في الوادي) وغيرها من أفلامه.
وقال الراديو التونسي: (لقد أبرز لنا شاهين حب الإنسان للأرض في فيلمه السابق، وهاهو يبرز لنا حب الإنسان للمبادئ في فيلمه (الاختيار)، وربما يكون هذا أشرف، إن شاهين كعادته يقدم عملا مشرفا للسينما العربية.
أغنية على الممر
الفيلم الثالث الذي تم ترميمه في مهرجان القاهرة السينمائي هو فيلم (أغنية على الممر) أول أفلام المخرج (علي عبدالخالق) الذي لم يحقق أيضا نجاحا جماهيريا في دور العرض، وقال عنه المخرج الراحل أثناء إنجازه: لم تتعرض السينما المصرية من قبل لتصوير مصر ما بعد النكسة، وفيلمي هذا يعتمد على (البني آدم) وليس على الحدوتة، وبالنسبة لي أعتبر الكاميرا بطلا من أبطال الفيلم، كما أن هذا الفيلم من ناحية الإنتاج يعد تجربة جديدة تماما إذ يتم إنتاجه وفقا لنظام المشاركة.
وهذا يحدث لأول مرة في السينما المصرية حيث قدمت (جماعة السينما الجديدة) 30% من ميزانيته، وقامت مؤسسة السينما بتقديم الباقي، أما الفنانين والفنيين المشتركين في الفيلم فقد حصلوا على 20% فقط من أجورهم المتفق عليها، وسيحصلون على باقي أجورهم من إيراد الفيلم بعد انتهاء عرضه، وأتمنى أن يصل فيلمي إلى كل مستويات الشعب، إذ يقوم بمعالجة مشاكل تهمهم ومن خلال شكل جديد ومفهوم.
(أغنية على الممر) مأخوذ عن مسرحية للكاتب (علي سالم) بنفس الاسم، سيناريو وحوار مصطفى محرم، وبطولة (محمود مرسي، صلاح قابيل، محمود ياسين، أحمد مرعي، صلاح السعدني، سهير الباروني، مديحة كامل) وغيرهم.
مهرجان البحر الأحمر
الطريف أن مهرجان القاهرة السينمائي وقع اختياره على ثلاثة أفلام رائعة لم تحقق نجاحا جماهيريا ليقوم بترميمها، في حين وقع اختيار مهرجان البحر الأحمر في المملكة العربية السعودية في دورته الثانية على فيلمي (خلي بالك من زوزو) و(غرام في الكرنك) اللذين حققا نجاحا جماهيرا كاسحا في السينما المصرية.
وبهذا يكون لدينا هذا العام خمس أفلام تم تمرميمها من خلال (مهرجان القاهرة السينمائي، ومهرجان البحر الأحمر)، وبهذه الخطوة تكون السينما المصرية والعربية استفادت استفادة كبرى من إقامة مهرجان القاهرة الدولي في دورته الـ 44 ومهرجان البحر الأحمر في دورته الثانية، عكس المهرجانات التى تقام للتسلية وجمع الأهل والأحباب في طرقاتها.