بقلم الإعلامي : علي عبد الرحمن
تعلمنا في كلية الإعلام من خلال أساتذتنا وخبراء المهنه ومراجع هذه الصناعة أن للخبر صناعه، وللخبر موقعه، وللخبر سبقه وترتيبه، وعواصم الأخبار في العالم هى مدن صناعة القرار الدولي، وهى عواصم الدول الصناعية الكبري أو الثمانية الكبار أو أصحاب الفيتو الدولي، وتعلمنا أن هناك نقاط ساخنة حول العالم وهى مدن الصراعات والقلاقل والحروب، ويمكن أن تكون هناك عواصم إقليميه مؤثرة في محيطها يمكن أن تكون مؤثرة في صناعة القرار الدولي والإقليمي.
أما أن تكون عاصمة بعينها هى عاصمة الخبر فهذا لايتفق مع قواعد صناعة الإعلام، ولا صناعة الخبر، حيث يمكن أن تكون القاهرة عاصمة أخبار المناخ لأنها تنظم مؤتمر المناخ الـ 27، ويمكن أن تكون كراتشي في باكستان بسبب محاولة اغتيال مران خان رئيس وزرائها السابق، ويمكن أن تكون تل أبيب بسبب فوز وعودة بنيامين نتنياهو إلي رئاسة الحكومة، ويمكن أن تكون بيونج يانج بكوريا الشماليه نظرا للتصعيد في إطلاق الصواريخ البالستيه ردا علي مناورات أمريكا وكوريا الجنوبية،أواخيرا يمكن أن تكون روسيا أو كييف حيث الحرب وأزمة الغذاء والطاقة والتهديد باستخدام القنابل القذره ونهاية البشرية.
يعني الخبر وأهميته وتأثيره ليس له عاصمة أو مكان، فتوقع الأخبار جائز ولكن فجائية حدوثها لايعلمه تحديدا أحد، وتعد القاهرة ذات ثقل اقليمي مهم ومشاركة في صناعة أخبار المنطقة وأحيانا أخبار العالم، ولكن هى ليست عاصمة الخبر، فيمكن أن تكون صانعة الخبر أو موقع الخبر أو طرفا بالخبر، ولكنها قد لاتكون جزءا من أخبار عالمية كثيرة تحدث حول العالم، وعليه فإن اختيار شعار (القاهرة .. عاصمة الخبر) هو غير موفق وغير مهني ولا يتفق مع أصول العمل والعلم الإعلامي، أما اختيار اسم (القاهرة .. العاصمه التاريخيه لمصر) وعدم تسميتها (قناة مصر الإخبارية) فقد جانبه الصواب أيضا.
ولأن القناة الوليدة هى أحدث مولود في منظومة قنوات (الشركه المتحدة للخدمات الإعلامية) صاحبة الاحتكار لـ 19 قناة إضافة إلي المحطات الاذاعيه والأخبار والإعلانات والمنصات الرقمية، فقد أفردت إعلانات لهذه القناة الوليدة سواء على شاشات قنواتها الكثيرة، أو عبر إعلانات الأوت دور في شوارع مصر، ولما كانت حملة الدعاية لها ضخمة فقد رفعت توقعات أهل مصر في جودة وتفرد ومحتوي هذه القناة، وكان حلم المصريين وخاصة أهل المهنة وبالاخص المهتمين بصناعة الأخبار ان يكون إطلاق هذه القناه الإخبارية هو خاتمه موفقه لمحاولات عديدة سابقه لإطلاق صوت إخباري لمصر بلد الريادة الإعلامية، وبلد الكوادر والخبراء، والبلد التي أدخلت صناعة الإعلام وصناعة الأخبار في منطقتنا منذ بداية بثها عام 1934.
وأن يكون لها قناة إخبارية حرفية وموضوعية ذات محتوى يلبي رغبات ويرضي فضول أهل مصر الإخباري لمعرفة ما يحدث في العالم وتحليله وشرحه، وان تنافس قنوات الأخبار العالميه والإقليميه الشهيره مثل: الـ BBC، وقناة فرانس 24، والحرة، وفوكس وCNN الأمريكية، والـ DW الألمانيه، وروسيا اليوم، والـ CCTV الصينية، والعربية والحدث السعوديتين، والجزيرة القطرية، وSky News الإماراتية، وأن تنهي عصرا من محاولات رسمية وخاصة في مجال صناعة الأخبار لم تقدم محتوي تنافسيا يلائم قيمة مصر وقامتها وتطلعات شعبها، فمنذ إطلاق قناة النيل للأخبار، ثم النيل الدولية، ثم تطوير الأخبار وإطلاق موقع ومركز أخبار مصر، ثم راديو مصر، ثم Extra News ثم محاولات التطوير الخمس للإعلام الرسمي التي شملت تطوير خدمات قطاع الأخبار الرسمي.
ولما كانت المتحدة قد أنشات قطاعا خاصا بها للأخباإ اضافة لقطاع أخبار الدولة، وأطلقت قناتها إضافة لقنوات أخبار الدول ة،مما يجعلنا نتساءل: إذا كانت (المتحدة) هى سيدة الموقف الإعلامي، وهي تشرف وتطور قنوات الدوله الرسمية فلماذا لم تجمع كل هذا الشتات الإخباري أرشيفا ومعدات وكوادر وشاشات تحت كيان إخباري مصري واحد قوي؟، ولما لم نجد إجابة؟
انتظرنا المولود الاخباري الجديد الذي سبقته حملة دعاية وأخبار رفعت كل أسقف التوقعات، فهذا خبر عن انضمام مراسل من هنا ومذيع من هناك ومسئول عن إدارة هنا ومكاتب تم افتتاحها هناك، وظهر الأمر على أنه كيان إخباري دولي ضخم، وفرحنا بعد طول انتظار لتجربة إخبارية مصرية تنافسية، وجاء الأول من نوفمبر وقبله بساعات انطلقت (قناة القاهرة الإخبارية) لنجد أنه لاجديد بدءا من الهوية اللونيه الحمراء التي تتشابه مع هوية (مركز أخبار مصر)، والهوية الصوتيه التي تشبه تترات كل نشرات أخبار قنوات الدولة وقطاع أخبارها، وظهرت الصوره بنفس الفونت الكبير غير المهني، وشريط أخبار لايبرز (لوجو) القناة من عدم تحديد ألوانه الحمراء، ونظرات المذيعين لبعضهم لتكملة الخبر رغم وجود أجهزة (الأوتو كيو) التي تظهر في نهاية نشراتها، واللجوء إلى لهجة خليجية غير مصرية، وكذلك غياب المادة الوثائقيه المميزه لقنوات الأخبار الشهيرة، وطول المداخلات التليفونيه الذي لايتفق مع إيقاع نشرات الأخبار وقد يصلح للبرامج، ولم نري إنتاجا وثائقيا عن أي ملف ساخن حولنا، أو تقريرا تنمويا عن انجازاتنا.
واعتمدت القناة علي أرشيف التليفزيون المصري السياسي الأبيض والأسود، ولا أجد جديدا في شكل ومحتوي هذه القناة، اللهم تنويها يعلي قيم الوحدة العربيه والوطن العربي الواحد، ففرحت واقنعت نفسي أنه يكفيها دعمها للوطن العربي الواحد، وإن كان هذا إنجازها الوحيد فكفي بتحقيق حلم الوطن الواحد للشعوب العربية، وكفي أن دعاية وأخبار القناة القبلية كانت أكبر من محتواها بكثير، فهل ستضاف هذه المحاوله الإخباريه إلي أخواتها السابقات؟، أم أن القناة خرجت على عجل لتلحق مؤتمر المناخ، وأن مسارها سيتم تداركه في الأيام القادمة؟، وهل ستؤدي نفس هذا الأداء في تغطية مؤتمر المناخ إلي العالم أجمع.
وإذا كانت هذه الإنطلاقه بهذه التقليدية فلماذا كانت الاستعانه بخبرات الأشقاء العرب في التخطيط لهذا المولود، فنحن بالتاريخ وبالجغرافيا وبالكوادر نحن الأسبق إعلاميا وإخباريا بثا وتدريبا.. فماذا حدث؟، هل تسرعنا، أم هل تعودنا علي محاولات غير مكتملة، أم هل سيتم تدارك هذه الملاحظات، أم هل سنصعد لننافس قنوات الأخبار من حولنا، أم ماذا بعد في عالم صناعة الأخبار، وسلسلة محاولاتها، وتعدد قنواتها؟، وهل من سبيل إلي صوت إخباري مصري موضوعي واحترافي وتنافسي ونحن أصحاب أول وأكبر أرشيف سياسي وإخباري في المنطقة، وأصحاب أحسن كوادر المهنة تدريسا وممارسة، ونحن أصحاب الحراك الإخباري في المنطقة، ونحن أصحاب أكبر عدد من الشبكات والقنوات والمحطات في منطقتنا، ونحن أصحاب اكبر إنفاقا علي الميديا في العالم، ونحن المنتظرون لقناة إخبارية لنا لاتقل عما حولنا.
فهل أصبحت قناة مصر الإخباريه حلما بعيد المنال؟، وهل أصبح حلمنا الإخباري كالخل الوفي والعنقاء اللذين لاوجود لهما، أم ماذا يحمل أهل صناعة الميديا وخبرائهم الإخباريين في جعبتهم في الأيام القادمه لتضع مصر موطئ قدم لائق بها في محال صناعة الأخبار وبثها بحرفية ومصداقية وشعبية ملائمة لأم الدنيا مصر .. وتحيا دوما مصر.