(المصري اليوم) تسرق فكرة (المضحكون الجدد) من (الأهرام العربي) !
كتب : محمد حبوشة
بعد أن قرأت حلقتي (المضحكون الجدد) لكل من الفنانين (أشرف عبد الباقي، ومحمد هنيدي) على الموقع الإلكتروني لصحيفة (المصري اليوم) تبادر إلى ذهني سؤال حائر: هل أضحت السرقة أمرا عاديا؟
ومصدر سؤالي ودهشتي أن محرر (المصري اليوم) كتب في مقدمة السلسلة نفس المنشورعلى صفحات الأهرام العربي عام 1998 – بتصرف طبعا – قائلا: (الشعب المصرى ضاحك بطبعه، يعشق الضحك والبهجة، يبحث دائما عن الكوميديا، ونجوم الكوميديا هم الأكثر استمرارا ورسوخا في ذاكرة ووجدان الجمهور، بداية من (نجيب الريحانى وعلى الكسار)، مرورا بإسماعيل ياسين وشكوكو، مرورا بجيل (المهندس وعوض وأمين الهنيدى)، وصولا إلى جيل المشاغبين (عادل إمام وسعيد صالح ويونس شلبى) حتى الجيل الحالى من مضحكى زمن السوشيال ميديا.
وأضاف: (كان جيل محمد هنيدى وعلاء ولى الدين وأشرف عبدالباقى وأحمد آدم ومن خرجوا من رحمهم مثل هانى رمزى ومحمد سعد وأحمد حلمى أو من يُعرفون إعلاميا باسم (المضحكون الجدد) ظاهرة لم يتغير معها شكل السينما فقط، بل تغير معها الواقع الاجتماعى لأجيال توارت وأجيال تربت ونشأت وترعرت على يد المضحكين المجدد، لذلك نناقش تلك الظاهرة ونحلل أسبابها، من خلال تناول مشوار كل بطل ونجم من جيل (المضحكين الجدد).
ولست أدري : ألم ينمو إلى علم المحرر (الحرامي) أن جيلا آخر من (المضحكون الجدد) جاء من بعدهم يستحق تسليط أضواء كاشفة عليه، مثل (علي ربيع، مصطفى خاطر ، حمدى الميرغنى ، محمد أنور ، محمد أسامة ، دينا محسن – ويزو ، عمر مصطفى متولي ، كريم عفيفي، إبرام سمير، مصطفى بسيط، محمد السيد ، بشوى طاهر، وائل العوني، إسراء عبد الفتاح، محمد عبد الرحمن) بدلا من سرقة فكرة قديمة وإعادة إنتاجها بهذه الطريقة الفجة التي أصبحت مستهلكة ولاتفيد هذا الجيل الذي سجل غالبية أعضاءه تراجعا كبيرا في مشاركاته الكوميدية، وربما نستثني منهم (أشرف عبد الباقي) الذي مازال يسجل رقما صعبا في فن الكوميديا.
نعم يبدو أن سرقة الأفكار الصحفية أصبحت أمرا عاديا جدا وفي وضح النهار، بدليل سرقة فكرة (المضحكون الجدد) من مجلة (الأهرام العربي) التي كانت عبارة عن سلسلة من الحوارات الصحفية التي أجراها زميلنا الكاتب الصحفي الكبير (محمود حسونة) عام 1998، مع مجموعة من صناع الكوميديا الشباب في مصر وعلى رأسهم (أحمد آدم، أشرف عبد الباقي، محمد هنيدي، محمد سعد، أحمد حلمى، أحمد رزق، أحمد عيد، عبلة كامل) وغيرهم – آنذاك ذاك – حيث كانوا يتحدثون للمجلة عبر تلك الحوارات عن بداياتهم وكواليس صعود نجمهم في عالم الفن الكوميدي، والصاعقة التي أصابتني أن أجدها على صفحات (المصري اليوم) قبل أسبوعين في إعادة إنتاج ما تم إنتاجه دون الإشارة إلى مصدر العنوان والفكرة، فقط يبدو التغير الوحيد أنها جاءت هذه المرة في صورة بورتريهات مستمدة مادتها من نفس الحوارات التي أجراها (حسونة) على صفحات المجلة الوليدة (1997) كنوع من الاحتفاء بشباب الكوميديا المصرية في نهاية تسعينيات القرن الماضي.
وكما هو معروف فإنه قد ظهر (المضحكون الجدد) فى السينما المصرية فى آواخر تسعينيات القرن الماضى، واكتسحوا السوق وغيروا اتجاه السينما التى كانت موجودة، وقاموا بإقصاء كبار الفنانين وإخراجهم من السوق تماما، ليس هذا فقط، وإنما أدت هيمنة الكوميديانات الرجال إلى التهميش التام للأدوار النسائية فى أفلامهم، بحيث إن إحلال أى ممثلة محل أخرى أو حتى حذف دورها لم يكن ليغير من نجاح الفيلم والإقبال الجماهيرى عليه، هذا طبعا إذا استثنينا (عبلة كامل) التى لا يستطيع أحد أن يهمشها باعتبارها على رأس (المضحكين الجدد) الذين يجيدون تجسيد أدوار كوميدية تعتمد على التلقائية والفطرية في الأداء.
لقد استغل محرر (المصري اليوم) والذي يدعى (محمود مجدي) فرصة عدم وجود هذه السلسلة من الحوارات التي كانت تندرج تحت عنوان (المضحكون الجدد) على الموقع الإلكتروني لمجلة (الأهرام العربي)، بعد أزمة اختفاء كل مواقع (إصدرات الأهرام) لسنوات ثم عودتها دون وجود أرشيفها الذي كان يحوي كنوزا من الحوارات والتحقيقيات الفنية التي كانت رائدة في الفن الصحفي في فترة التسعينيات (العصر الذهبي) للأهرام كمؤسسة رائدة في فنون الصحافة الفنية والثقافية المختلفة، وقام بإعادة تدويرها تحت نفس العنوان ضاربا عرض الحائط بحقوق الملكية الفكرية، وهنا أقدم بلاغا إلى (نقابة الصحفيين) للتحقيق في أمر هذه السرقة متكاملة الأركان مع سبق الإصرار والترصد.
أذكر عندما كنت سكرتيرا لتحرير مجلة (الأهرام العربي)، أننا كلفنا الزميل (محمود حسونة) في أحد اجتماعات (مجلس التحرير) بناء على فكرة الزميل (نصر القفاص) مدير التحرير – وقتها – بإجراء هذه الحوارات التي بدأها بـ (محمد هنيدي) بعد نجاح فيلمه (صعيدى فى الجامعة الأمريكية) الذى أكد موهبته، وفى العام نفسه وضع له قاعدة البطل الأوحد فى مسرحية (ألابندا)، ثم فيلم (همام فى أمستردام)، ثم (شورت وفانلة وكاب) والفيلمان بالمناسبة شهدا مولد نجومية أحمد السقا أيضا، ثم انطلق هنيدي بعد ذلك في أفلام (جاءنا البيان التالى، صاحب صاحبه، يا أنا يا خالتى)، ما يعنى أن تاريخ (سعيد حامد) مع (محمد هنيدى) الذي كان يستوجب مشاركته فى تكريمه باعتباره جزءا من نجاحه، ليس فقط (محمد هنيدى).
بل أيضا (أشرف عبد الباقى) الذى قدمه فى فيلم (رشة جريئة) وفيلم (على جنب يا أسطى)، ثم استمر داعما له فى مواسم (مسرح مصر)، من 2015 وحتى 2018، هذا المسرح الذى قدم جيلا كاملا من نجوم الكوميديا الذين يزينون كثيرا من الأعمال الكوميدية سواء في السينما أو المسرح أو الدرما التلفزيونية.
وكما هو معروف فإن حقوق الملكية الفكرية هى حقوق قانونية تحمي الابتكارات أو الاختراعات الصادرة عن نشاط فكري في المجالات الصناعية والعلمية والأدبية والفنية، وتضم حقوق الملكية الفكرية الأكثر شيوعا براءات الاختراع وحقوق التأليف والنشر والعلامات والأسرار التجارية، فإنني أهيب بنقابة الصحفيين ضرورة التصدي لانتهاكات حقوق الملكية من خلال ممارسات أعمال السرقة والسطو على حقوق هى موثقة بالنشر الورقي على صفحات مجلة (الأهرام العربي) التي ماتزال تصدر ولم تذهب في طي النسيان عبر صفحات التاريخ الذي يندرج تحت مسمى (التراث).
لقد آلمني جدا عدم انتباه القائمين على مجلة (الأهرام العربي) لتلك السرقة وعدم التحرك الفوري ببلاغ يوقف هذه المهزلة ردا على تلك الانتهاكات المزرية في وضح النهار، ولأني واحد من حضروا العصر الذهبي لمجلة (الأهرام العربي) في الفترة من (29 مارس 1997 – 29 مايو 2005)، أعتب على رئيس تحريرها الزميل (جمال الكشكي) ومجلس تحريره جراء هذا التفريط في حق من حقوق الملكية الفكرية، حين سمح محرر بـ (المصري اليوم) لنفسه بإعادة إنتاج جهد زملاء له، وتجاهل ذكر المصدر الذي نهب منه هذه الفكرة الرائدة في الصحافة المصرية وأعاد نشرها بنفس الأسلوب.. فهل من عاقل ينتبه إلى مثل تلك الممارسات المشينة، خاصة أن أطراف القضية مازالو على قيد الحياة أحياء يرزقون وعلى رأسهم الأستاذ (أسامة سريا) مؤسس ورئيس تحرير (الاهرام العربي) الأول.
إن تجربة (الأهرام العربي) هى نموذجا يحتاج إلى الدراسة والتأمل والتحليل، حين كانت تمثل أقصى اليسار في صحافة الأهرام التي تجنح نحو اليمين طوال الوقت خاصة في طرق القضايا الشائكة، وهى رائدة في عالمنا العربي حين كانت تمثل منتجا مصريا يصدر إلى الدول العربية، بل كانت جسر للتواصل بين أقطارنا العربية وساهمت بحرفية مطلقة في نقل هموم المواطن العربي، من خلال شبكة من المراسلين أبدعوا عبر تقاريرهم وأخبارهم وحوارتهم وتحليلاتهم السياسية والثقافية والفنية في التعبير عن المواطن العربي من المحيط إلى الخليج، لا أن تترك هكذا نهبا لمن تسول له نفسه حرية السرقة والنقل دون الإشارة إلى مصدر المعلومة والفكرة في سبيل محو ذاكرة مجلة رائدة في فنون الصحافة المصرية.