مريم فخرالدين .. هربت من نار صلاح نصر في القاهرة إلى جنة فهد بلان في لبنان
كتب : أحمد السماحي
نحيي اليوم الذكرى الثامنة لرحيل أيقونة الجمال وأميرة السينما المصرية (مريم فخر الدين) التى رحلت عن حياتنا في مثل هذا اليوم عام 2014، بعد مشوار طويل وحافل مع المجد والدموع، مع الحب والخيانة، مع الزواج والطلاق، مع الشهرة والأضواء، دخلت القرنفلة البيضاء السينما عام 1950 عن طريق صورتها المنشورة على غلاف مجلة (إيماج) الفرنسية عقب فوزها في مسابقة نظمتها المجلة التى كانت تصدر في مصر لأجمل الوجوه.
وكان جمالها الذي يشبه جمال نجمات هوليود طريقها إلى فيلمها الأول (ليلة غرام) حيث وجد فيها المخرج أحمد بدرخان صورة لبطلة فيلمه المأخوذ عن رواية (لقيطة) للكاتب محمد عبدالحليم عبدالله، صورة الفتاة الرقيقة المسكينة التى تقسو عليها الأيام وتتربص بها المحن، وتعيش حياتها الحزينة متنقلة من فاجعة لأخرى، في سلسلة من آلام تبدأ بها في ملجأ للأيتام حيث أنها طفلة ولدتها الرذيلة، كما يقول الناقد السينمائي كمال رمزي، في البورتريه الخاص عنها.
وجاء في الكتالوج الخاص بالفيلم بعض العبارات الإنشائية التى كانت تسحر جمهور بداية الخمسينات من عينة (زهرة وحيدة بين الحقول، طفلة بريئة جاءت إلى الحياة في ليلة غرام، أسماها مدير الملجأ (ليلى)، وتستقبل الحياة وحيدة، سلاحها قوة في الأخلاق، ورصيد كبير من جمال لا يقاوم .. ترى هل تنجح أم تقسو عليها الأيام؟!)
نجح فيلم (ليلة غرام) للفتاة الجديدة نجاحا كبيرا، بعدها استغل صناع الفيلم جمال وجهها وطلتها لتجسد العديد من الأفلام العاطفية، والاجتماعية التى تتميز بطلاتها بالسمو في العاطفة، هذا السمو الذي يصل بهم إلى مرحلة من الشفافية التى تدفعهم للتضحية، منها (المساكين، السماء لا تنام، نافذة على الجنة، الشك القاتل، شيطان الصحراء، وعد، رسالة غرام، عهد الهوى، رنة الخلخال، الغائبة، العروسة الصغيرة، الأرض الطيبة، هارب من الحب، لا أنام، رحلة غرامية، خالد بن الوليد، ماليش غيرك، شباب اليوم، أنا وقلبي، قلب من ذهب، حكاية حب، أرحم حبي، طاهرة، رد قلبي، الأيدي الناعمة) وغيرها من الأفلام التى عاش فيها الجمهور لحظات مليئة بالفرح وباقات الزهور، وتوالت اللحظات مع لقطات الدموع وفراق المحبين والتضحيات الهائلة التى لم نعد نراها على الشاشة المصرية الآن.
وإذا كانت (مريم فخر الدين) أجادت أدوار الحب والغرام في السينما، لكنها لم تجدها في الحياة، حيث تزوجت أربع مرات الأولى كانت من المنتج والمخرج الكبير (محمود ذوالفقار) الذي كان يكبرها بحوالي 20 عاما مما خلق بينهما نوعا من سوء التفاهم، أدى إلى الطلاق، بعدها تزوجت الدكتور (عبدالحميد الطويل) الذي ذهبت إليه لتعالج ضعف أصاب أذنيها فبدلا من أن تتلقى العلاج في أذنيها تلقت كلمات الغزل والعاطفة والإعجاب مما جعلها تعلن زواجها من (الطويل) بعد شهور قليلة من طلاقها من (محمود ذوالفقار).
لم تدم الحياة بين (الطويل والقرنفلة البيضاء) طويلا نظرا لاختلاف طباعهما وظروف العمل المختلفة لكل منهما، بعدها حاول مدير المخابرات (صلاح نصر) في منتصف الستينات مغازلتها وأعلن الحب عليها، ونظرا لعدم تجاوبها معه، بدأت تلاحظ أن كثير من المنتجين والمخرجين يبتعدون عنها ولا يرسلون إليها أعمالا جديدة، فلم تجد أمامها طريقا إلا السفر إلى بيروت للعمل هناك، وهناك وجدت ترحيبا كبيرا، وعقود أفلام في انتظارها من هذه الأفلام فيلم (فرسان الغرام) الذي شاركها بطولته مطرب الرجولة (فهد بلان)!.
تعرف (فهد على مريم) حين كانا يمثلان بطولة (فرسان الغرام) وتوطد علاقتهما أثناء ذلك وكان منتج الفيلم شأنه شأن كل المنتجين يريد أن يجعل لفيلمه ضجة تؤمن له إزدهار شباك التذاكر فخلق حكاية حب بين نجمي الفيلم، وفي البدء لم يكن لها أساس من الصحة، ثم لم يلبث (فهد) أن أقتنع بهذه الحكاية، ووجد في حكاية الحب قصة جديدة من قصص الزواج والطلاق في حياته.
وحاولت مريم أن تثنيه عن هذا الاعتقاد وأن تفهمه بصراحة ووضوح أنها أم وأن تجاربها الفاشلة في الزواج هى على نقيض تجاربه، وأنهما لن يستطيعا أن يعمرا في مثل هذا الزواج، ولكن (فهد) أصر ووجدت (مريم) نفسها تنساق إلى الزواج، ثم وجدت نفسها بالتالي تصدق مطرب الرجولة وتزوجته، لكن فترة زواجهما لم تدم طويلا وانفصلا بهدوء، وكان سبب هذا الانفصال إبنتها (إيمان) حيث كانت زميلاتها في المدرسة يسخرن منها بسبب أغنيات فهد بلان (جس الطبيب، واشرح لها، وعلى كفي) وغيرها، فكانت تعود إلى البيت وهى منهارة من البكاء وطلبت منها الطلاق منه.
وذكرت لي نجمتنا الكبيرة (مريم فخر الدين) في حوار نشر على حلقتين في مجلة (الأهرام العربي) تحت عنوان (النجوم والحب) أن (فهد بلان) كان مهذبا وخلوقا وأفضل أزواجها الأربعة، حيث تميز بالطيبة الشديدة والشهامة والكرم الشديد الذي يصل إلى حد البذخ، حيث كان أحيانا يعزم ناس على الغذاء أو العشاء دون أن يعرفهما لمجرد أنهم عبروا له عن إعجابهم به في الشارع!.