بقلم : محمد حبوشة
سلسلة من الأكاذيب والافتراءات التى تعمدت الجماعة الإرهابية نشرها فى الفترة الأخيرة بهدف زعزعة استقرار هذا البلد والنيل من وحدته، انتفضت اللجان الإلكترونية الخاصة بها وبدأت فى الترويج لهاشتاج (ضد النظام والجيش) يقف وراءه مجموعة من الحسابات الوهمية عبر مواقع التواصل الاجتماعى على رأسها (فيس بوك، وتويتر)، وذلك وفقا لما كشفت عنه أحد المواقع المتخصص فى تحليل (تويتر) من خلال القيام بعملية تتبع لحظى لعمليات المشاركة فى هذا الهاشتاج، حيث تبين أن جميع المشاركات تمت بواسطة حسابات من خارج مصر تحديدا إنجلترا وإيران وأمريكا والهند وبعض دول الخليج .
وباستبعاد هذا الكم من الحسابات المزيفة تبين الحجم الحقيقى لذيول هذا الكيان من مروجى الهاشتاج الهاربين فى الخارج، وتبين أن عدد تغريداتهم الحقيقية لم تتجاوز بضعة مئات وليس مليون تغريدة كما أشاعوا، وعلى الرغم من أن الواقعة سابقة الذكر ليست الأولى من نوعها، إلا إنها كشفت حجم التلاعب الذى يمكن أن تقوم به تلك اللجان وأتباعها لتصدر محركات البحث فيما بعرف باسم (التريند) على مواقع التواصل الاجتماعى مستخدمين فى ذلك أساليب عدة سواء بإطلاق الحسابات المزيفة أو شراء (التريند) أو حتى اللجوء لبعض الشركات لحجب وإرجاء تصدر الكيانات المنافسة أو المستهدفة.
فى 2018 صدرت نتائج دراسة أعدها ثلاثة من الباحثين فى معهد ماسوشوسيتس MIT بالولايات المتحدة الأمريكية تحت عنوان (الأخبار الكاذبة على تويتر تحظى بالنصيب الأكبر من الرواج مقارنة بالأخبار الصادقة والحقائق)، وذلك بالتعاون مع إدارة (تويتر) للإطلاع على البيانات الخاصة بحسابات المستخدمين لمعرفة اتجاهات المغردين خلال فترة الدراسة، وعلى مدار 11 عاما من 2006 وحتى 2017 تم خلالها دراسة سلوك المغردين على تويتر وردود أفعالهم تجاه بعض الأخبار الصادقة والكاذبة من خلال تتبع ما يقرب من 126 ألف قصة بعضها حقيقى والبعض الآخر مزيف روجها 3 مليون مستخدم عبر ما يزيد عن 4.5 مليون تغريدة وإعادة تغريد .
وجاء فى نتائج الرسالة أن أغلب الأخبار الزائفة والشائعات التى راجت على (تويتر) مصدرها وسبب انتشارها هم الناس أنفسهم وليس تطبيقات التغريد او إعادة التغريد كما هو متوقع، وأوضحت الدراسة أن الـ 1% الأولى فى مدى انتشار الأخبار كانت من نصيب الأخبار الزائفة حيث وصلت إلى ما يقرب من ألف و100 ألف مستخدم بينما وصلت نظيرتها الحقيقية بالكاد وبصعوبة بالغة للمستخدم، كما أشارت إلى أن الأخبار الزائفة تمتلك قدرة وفرصة أكبر على الانتشار تصل إلى 70 % مقارنة بالصادقة، بالإضافة إلى ان الشائعات لديها القدرة على الوصول فى إعادة التغريد لـ 10 – 20 مرة أسرع مقارنة بالحقائق .
الدكتور أسامة مصطفى خبير أمن معلومات، أشار إلى أن صناعة التريند متاحة لأى شخص من خلال التواصل مع شركات فى الهند تقوم بتعزيز كلمات معينة على موقع تويتر وتصديرها على كونها تريند عالمى فى منطقة معينة، ويتم ذلك مقابل تسديد قيمة مالية يتم تحويلها من خلال الدفع الالكترونى بصورة حسابات بنكية والتعامل بموجب الفيزا، وتابع خبير أمن المعلومات، أن نفس الأمر ينطبق فى سبيل إسقاط موقع أو منشور عبر صفحات السوشيال ميديا من خلال استخدام الجيوش الإلكترونية لعمل ريبورتات على المنشور بعد دفع المقابل المادى المتفق عليه.
وأكد الدكتور مصطفى خبير أمن المعلومات، أن الهاشتاج الأخير المعادى للدولة المصرية يعتبر وهمى بدليل الخطوات التى اتخذتها إدارة تويتر بحذف آلاف الحسابات الوهمية التى انكشف أمرها واستخدامها فى صناعة هذا التريند، وقال المهندس وليد حجاج خبير أمن المعلومات والمعروف إعلاميا بـ (صائد الهاكرز) إن التطور التكنولوجى فى الوقت الحالى يمكن من اختيار أى عبارة لتصبح ترند رقم واحد فى أى دولة ويتم بصورة غير شرعية وفى الخفاء، موضحا أن هناك أكثر من طريقة يمكن من خلالها استخدام مصطلح معين وجعله الترند، ومنها برامج الريتوى حيث يوجد 10 برامج مجانية تقوم بوظيفة عمل الريتويت، فضلا عن وجود نسخ من برامج مدفوعة وأخرى مجانية تقوم بعمل ريتوى لحسابات بعينها.
وأوضح حجاج، أن هناك طرق أخرى يتم اللجوء إليها فى تلك المسألة، وذلك عن طريق بعض الأشخاص الذين لديهم حسابات عديدة ومنها الوهمية ويتم تكليفها بتصدير تريند معين خلال فترة محددة وذلك بمقابل مادى يختلف على حسب المادة المطلوب تصدريها والذى يبدأ من مبلغ 5 الاف جنيه ، وتابع خبير أمن المعلومات ، أن هناك طريقة أخرى يمكن استخدامها فى تصدير تريند معين ، وتتم من خلال شخصيات غير معروفة يتم التوصل إليها عن طريق مسئولة عن شبكات (بوتنت)، وهى عبارة عن شبكة يطلق على أفرادها (زومبى) وهو شخص يقوم باختراق للأجهزة الإلكترونية عن طريق برمجيات خبيثة تتيح له التحكم واستغلال هذه الأجهزة حيث يصدر الزومبى أوامر لتنفيذ مهمة منها مثلا شن هجوم إلكترونى وتدعيم هشتاج أو تريند معين لأى هدف حتى لو كان للاضرار بمؤسسة معينة أو موقع معين لاسقاطه.
ومما سبق يتضح لنا فإن فكرة التريندات تأتى بنظام التمويل مادى، مثل نظام الإعلانات، وذلك يكون بهدف دفع تريند أو عبارة معينة أكثر من غيرها، وذلك يتم إما من خلال حسابات وهمية على المواقع المختلفة، مع وجود شركات تتقاضى أموالا طائلة من أجل صناعة تريند معين ومحدد، واتضح أيضا أن أشهر الشركات العاملة فى مجال صناعة التريندات تقع فى الهند، وتقوم بذلك من خلال حسابات وهمية ومدفوعة بهدف تعزيز تريند محدد على غيره، ولعل أن إدارة (تويتر) تقوم بحذف الحسابات الوهمية وتنقية الحسابات الرسمية بعد اكتشاف أنها حسابات لم تمثل أشخاص طبيعين، ولكن المشكلة أن هذه الشركات تقوم بإعداد حسابات أخرى بديلة تبدو أنها رسمية ولكنها غير حقيقية، ويمكن كشفها من خلال الدخول على الأكونت صاحب الهاشتاج وسيظهر الاكونت بدون أى منشورات تؤكد استخدامه.
إذن المال هو المتحكم الرئيس عند (الجماعة الإرهابية) لتصدر المشهد وتحقيق ما تطمح إليه عبر الفضاء الإلكترونى عندما فشلت فى تنفيذه على أرض الواقع ، فنجد القائمين على اللجان الإلكترونية التابعة لها ينفقون أموالا طائلة لشراء التريندات وترويج الأكاذيب وهى عملية فى غاية السهولة يمكن أن تحققها أنت نفسك مقابل بضعة الآف، وللتدليل على هذا وتأكيدا لإمكانية صناعة التريند مقابل الأموال، خاض المهندس جون طلعت عضو لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، تجربة صناعة التريند، وذلك بهدف كشف حقيقة الأمر أمام المواطنين وأن صناعة التريند أمر فى غاية السهولة ويتم من خلال دفع الأموال.
(جون طلعت أحسن نائب بالبرلمان)، كان هذا هو الهاشتاج الذى اختاره المهندس جون طلعت لتصديره ضمن قائمة التريند فى مصر فى ذلك الوقت، وتمكن من احتلال المرتبة الأولى فى قائمة التريند على مدار ساعات طويلة خلال اليوم ، ثم وصل للمرتبة الثانية بالتزامن مع مباراة بين مصر والسعودية مع نفس اليوم، والتى كانت محل اهتمام الكثير من المواطنين، وذلك من خلال التعاقد مع إحدى الشركات المتخصصة فى صناعة التريندات الوهمية مقابل دفع مبلغ ألفى جنيه فى ذلك الوقت من خلال الحصول على عدد محدد من التدوينات بنفس الهاشتاج.
ويبدو ملحوظا لي ولغيري أن صناعة التريند أصبحت مصدر دخل لكثير من الشركات التى تعمل فى هذا الأمر وعلى سبيل المثال الهند التى يتواجد بها عدد كبير من الشركات تعمل فى هذا الإطار مقابل الحصول على الأموال ، دون أن تتفهم الأهداف من التريندات ، ومن هنا ندعو جموع الشعب المصرى بعدم الانسياق وراء الدعوات الخبيثة مثل (التظاهر 11/ 11) وغيرها من الدعوات التى تهدف إلى ضرب استقرار الدول من خلال مواقع السوشيال ميديا، ومن ثم أحذر من خطورة مواقع التواصل الاجتماعى واستخدامها فى ضرب الدول أو ابتزاز مشاعر الناس بدعوى التعاطف، ومثال على تلك الترندات المزيفة أنه على مدار الأيام القليلة الماضية، فقد احتل عامل نظافة التريند عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن كسب تعاطف الجميع، بما تعرض له من طرد من داخل مطعم كشري التحرير، إذ شن عدد كبير من رواد مواقع السوشيال ميديا حملة ضد (كشري التحرير) مطالبين بإغلاق الفرع ومعاقبة العامل المتسبب في كسر خاطر عامل النظافة.
اهتم الكثير من المشاهير والفنانين بحالة (محمد) عامل النظافة الذي تعرض للطرد من أحد العاملين في كشري التحرير، إذ قام البعض بتقديم تعويض له إما بتقدم الطعام أو المبالغ المالية، إلى جانب تضامن الكثير منهم معه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن الفنان إدورد فجر مفاجأة كبيرة سببت صدمة للجميع حين اتصل به لاستضافته بمقابل مادي قيمته (1000 جنيه) لكنه فوجئ بطلبه مبلغا أكبر، ثم انتشر بعدها فيديو يؤكد كذب هذا العامل وتحايله عن طرق الترند لابتزار مشاعر المصريين، ونشر أحد مستخدمي (السوشيال ميديا): (تواصلت معاه علشان يطلع في حلقة في قناة معينة شركتي ماسكها السوشيال ميديا وقالي أنا عندي مدير أعمال وباخد فلوس علشان أطلع في أي لقاء والمكالمة معايا).
لعن الله الترند ومن اخترعه، فكم ترتكب جرائم في حق الوطن والمواطن باسمه، فقد أثارت مباردرات التعاطف مع (عامل الكشري) حالة من الجدل بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين انتقدوا أصحاب هذه المبادرات واتهموهم باستغلال واقعة هذا العامل لتصدر الترند، حيث اهتموا بالتصوير والتسجيل مع العامل خلال مساعدتهم له، كما أثارت هذه المستجدات الجديدة في الواقعة حالة أخرى من الجدل، حيث طالب البعض بضرورة محاكمة هذا العامل واتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة ضده، بعدما ثبت كذب روايته.. إنها آفة الترند المزيف الذي يقلب الحقائق ويعرف على أوتار المشاعر التي ربما يبديها بسطاء المصريين مع الحالات الإنسانية.. انتبهوا إلى صناعة أكاذيب السوشيال ميديال التي أصبحت مواقعا للتباعد الاجتماعي وليس للتواصل كما تدعي!!!