انفراد .. برلنتي عبدالحميد عملت في الصحافة قبل التمثيل
كتب : أحمد السماحي
تعتبر الفنانة برلنتي عبدالحميد واحدة من نجمات السينما المصرية، التى لا تُنسى، ليس فقط بسبب أفلامها القليلة التى قامت ببطولتها، وبرعتها في تجسيد الأدوار التى أسندت إليها، ولكن لارتباط إسمها لسنوات بالرجل الثاني في الدولة المصرية في حقبة الستينات المشير (عبدالحكيم عامر)، فهي كانت سيدة شديدة الطموح والذكاء استطاعت أن تبني نفسها من لا شيئ، بعد حصولها علي دبلوم التطريز تقدمت إلي معهد الفنون المسرحية، والتحقت بقسم النقد ولكن سرعان ما أقنعها الفنان (زكي طليمات) بأن تلتحق بقسم التمثيل في المعهد وتخرجت من المعهد العالي للتمثيل.
وبدأت العمل على المسرح وكان أول أدوارها في مسرحية (الصعلوك) وشاهدها المخرج (جياني فيرنوتشو) واختارها للعمل في أول ظهور سينمائي لها من خلال فيلم (شم النسيم – عام 1952) ثم توالت أعمالها وتألقها في السينما المصرية.
المفاجأة التى عثرنا عليها في مجلة (الفن) في فبراير عام 1951، هى كتابة (برلنتي عبدالحميد) مقال فني وهى طالبة بالمعهد العالي للتمثيل بعنوان (حرب البقاء بين المسرح والسينما)، قبل أن تبدأ مشوارها الفني في السينما، والمفاجأة تتمثل في أن عمرها لو صح ما ذكر في كل مواقع الإنترنت أنها من مواليد عام 1935، يكون عمرها وقت كتابة المقال 16 عاما فقط، والحقيقة أن النضج في الكتابة ووضوح وجهة النظر والرؤية الموجودة في المقال لا تقول أنها إبنة الـ 16 ربيعا، إلا إذا كانت عبقرية أو كانت موهوبة جدا في الكتابة، أو تاريخ ميلادها الذي روجته هى وكل المواقع الإلكترونية ليس صحيحا!.
الطريف أن ما كتبته برلنتي عام 1951 عن حال المسرح المصري وكأنها تتحدث عن الوضع الراهن، حيث تقول في المقال: لاشك أن المسرح أقدم الفنون وقد ظل سيدها المسيطر المتقدم عليها حتى ولدت السينما، فنشبت بينهما حرب قاسية لا تزال مستمرة حتى الآن، فكل من هذين الفنيين يحاول الانتصار على الآخر، ولقد رأت الجماهير في السينما فنا جديدا خصوصا وقد تغلبت على المكان المحدود الذي لا تخرج عنه المسرحية، وتعني به خشبة المسرح فالفيلم يجوب بالجماهير ويعرض عليها أماكن عديدة.
وقد انتصر المسرح على السينما في أول الأمر، أيام السينما الصامتة إذ كانت له ميزة الكلام عن السينما، لكن السينما ما لبثت أن نطقت ولونت، وهاهم يحاولون عرض الأفلام في الهواء الطلق في ضوء النهار، وبهذا تسلب المسرح آخر ماله من مميزات، ولقد استطاعت السينما أن تجذب إليها الجماهير لقدرتها على العرض – في وقت واحد – في أكثر من مكان، فهي سهلة واسعة الانتشار، فإذا أضفنا إلى هذا أن الممثل لا يرهق نفسه في السينما يوميا بقدر ما يرهقها في المسرح فهو في السينما يؤدي المشهد مرة أو مرات يختار المخرج أروعها ثم يسجل عمله تسجيلا دائما يضمن بقاءه فلا يذهب فنه بموته مثلا.
وبذلك تستمتع الأجيال المتعاقبة لجيل الفنان المعاصر بفنه، وأن ما يتغنى به المشتغلون بالمسرح من عظمة الحيوية وقدرة الممثل المسرحي على التجويد والإبداع المستمد من مشاهدته تأثير فنه في الجمهور هذا القول لا يخرج كثيرا عما قاله أصحاب الحرف اليدوية في التطور الصناعي، فهم يردون إلى العمل اليدوي الدقة والإتقان وفاتهم ما في الصناعة الحديثة من قدرة على الإنتاج الكثير بأرخص الأثمان وأيسرها.
وكما انتهى زعم الصناع اليدويين أمام التطور الصناعي، فسيخفت صوت المسرحيين وسيتهادى المسرح مالم يتحد رجاله ويشحذوا هممهم ويفكروا في رسائل جديدة مبتكرة تجذب إليه الجماهير فيستعيد مكانته ويتم إزدهاره.
برلنتي عبدالحميد
المعهد العالي للتمثيل