رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

مفاجأة .. مهرجان الموسيقى العربية يناقش أعمال الموسيقار (طلال) وينسى حلمي بكر !

جانب من ندوة الموسيقار الدكتور طلال

كتب : أحمد السماحي

 أقام أمس مؤتمر ومهرجان الموسيقى العربية في دورته الـ (31) ندوة حوارية لتقييم مشوار الموسيقار السعودي الدكتور (طلال) مع اللحن والموسيقى والأغنية العربية، وذلك بحضور 4 من كبار الخبراء الموسيقى في مصر وهم الدكتور أحمد يوسف عميد المعهد العالي للموسيقى العربية، الدكتور محمد شبانه مناقشا ومحاضرا، الأستاذ وجدي فؤاد محاضرا ومناقشا، والمايسترو الدكتور مصطفى السيد عبد الله أستاذ آلة الكمان في المعهد العالي للموسيقى العربية.

تم خلال الندوة الإشادة بهذا المبدع السعودي الكبير، وللحقيقة هو يستحق الإشادة لأنه أحد حراس المحافظة على التراث الشرقي الأصيل بأنغامه الساحرة وألحانه العذبة التى عانقت حناجر كبار المطربيين المصريين والعرب من مختلف الأجيال بداية من فنان العرب (محمد عبده) والسيدة (نجاة الصغيرة) مرورا بـ (أنغام، أصالة، كاظم الساهر، عاصي الحلاني، صابر الرباعي، لطيفة، راغب علامه، طلال مداح، أبوبكر سالم) وصولا لـ (سعد لمجرد).

لكن لدي عدة أسئلة بريئة للسادة المسئولين عن مهرجان الموسيقى العربية لماذا بدأتم هذا التقليد الجديد بالموسيقار (طلال)؟، ولما لا تبدأون مثلا بملحنيين عظماء سعوديين آخرين مثل الموسيقار الراحل (عدنان خوجة) صاحب الأغنية الشهيرة (المعازيم) التى شدا بها فنان العرب محمد عبده، كما لحن لمجموعة كبيرة أخرى من المطربيين مثل (طلال مداح، فايزة أحمد، عفاف راضي، شريفة فاضل، التونسية منيرة حمدي، صباح فخري، طلال سلامه) وغيرهم من نجوم الغناء، وخاصة أنه من خلال مراجعة أحاديثه الصحفية قبل وفاته نجد أنه كان محبطا مما يجري على الساحة الغنائية، خصوصا لجهة تكريم الصغار وتجاهل الكبار.

محمد المغيص

المغيص مكتشف عبدالمجيد عبدالله

ولماذا لم تقيموا ندوة لمناقشة أعمال الملحن السعودي الكبير(محمد المغيص) الذي سجل حضوره القوي من خلال أعماله الموسيقية التي لا يمكن أن تسقط من الذاكرة منها: (يا شوق) لطلال مداح، و(اطربي يا جدة) لطلال مداح وعبدالله رشاد، (هذه رسالة) عبادي الجوهر، (ليت الليالي) محمد عمر، و(الله ونعم بيكم) ابتسام لطفي، وغيرها من عشرات الألحان الناجحة، ويكفي أنه من قدم للساحة الغنائية المطرب (عبدالمجيد عبدالله).

صالح الشهري

الشهري منجم الألحان

وأين الندوات من المبدع الكبير الراحل منجم الألحان (صالح الشهري) الذي لحن حوالي 700 لحن، وصاحب اللحن الذي لا ينسى (يا ناس أحبه) الذي شدا به المطرب (علي عبدالستار)، و(كيف أسيبك، ورهيب، وخفيف الدم) لعبدالمجيد عبدالله، هذا غير تعاونه مع كبار المطربيين الخليجيين مثل (طلال مداح، نبيل شعيل، عبادي الجوهر، محمد البلوشي، أحمد الجميري، راشد الماجد، رابح صقر، عبدالله رشاد) وغيرهم.

عمر كدرس

الفذعمر كدرس

ولماذا لاتهتمون أيضا في ندوة لمناقشة أعمال الموسيقار (عمر كدرس) حجة الفن السعودي، والذي كاد أن يلحن لأم كلثوم، وصاحب الأغنية الشهيرة (ليلة خميس) لمحمد عبده، و(أوعى تحاسبني) لمحمد ثروت، ويعتبر ممن رسموا ملامح الأغنية السعودية الحديثة خلال نصف القرن الماضي بما قدمه من أعمال محفورة في ذاكرة عشاق الغناء مثل (يا سارية) لـ طلال مداح، (ما شفت أنا أبها) وديع الصافي، (يا فهدنا) عبدالله رشاد، (بعمري) علي عبدالكريم.

على أن الأهم من كل هذا أن (كدرس) كان على وشك الانضمام إلى قائمة الكبار الذين لحنوا لكوكب الشرق أم كلثوم التى كانت قد سمعت به، وفي إحدى زياراتها لجدة التقته وطلبت منه أن يسمعها بعض المقطوعات الموسيقية، وحينما فعل أثار إعجابها، مما دفعها لتقديم قصيدة (أقبل الليل) له كي يلحِّنها بدلاً من (السنباطي) الذي تأخر في تلحينها، وهنا قرَر (كدرس) بحماس أن يجمع كل طاقته وأحاسيسه ويضعها في لحن استثنائي يخلد اسمه إلى الأبد، لكن المفاجأة كانت أن (السنباطي) علم بالأمر فأسرع في تلحين الأغنية ليقدمها لأم كلثوم بمجرَّد عودتها، وهكذا ضاعت فرصة العمر من (كدرس) وبقي لحنه لأغنية (أقبل الليل) في الأدراج.

ناصر الصالح

العبقري بليغ حمدي الخليج

لا أريد ذكر ملحنيين سعوديين آخرين قدموا الكثير للأغنية العربية، وإذا كنتم يا مسئولي (الأوبرا) لاتريدون أمواتا وترغبون في مناقشة أعمال أحياء حتى تتسم الندوة بالسخونة المطلوبة – رغم أن هذا لم يحدث في ندوة الدكتور (طلال) للأسف نظرا لغيابه! – فهناك العبقري بليغ حمدي الخليج (ناصر الصالح) صاحب أشهر وأنجح الأغنيات الخليجية في الثلاثين سنة الماضية منها: (الأماكن، بنت النور) وغيرها لمحمد عبده، و(صدفة) ليارا، و(الثقل صنعة، ليه متضايق، باب الليل) وغيرها لأحلام، و(نايم حبيبي، أنا بخير، متغير كلامك، قول أحبك) وغيرها لنوال، هذا غير تلحينه لكل مطربي العالم العربي تقريبا!.

حلمي بكر
محمد علي سليمان

حلمي بكر ومحمد علي سليمان

والسؤال الآخر الذي يطل برأسه مستنكرا، طالما لديكم هذا الفكر وتقيمون ندوات لمناقشة ألحان كبار الموسيقيين: لماذا لم تبدأوا بعمالقة مصر الكبار (محمد عبدالوهاب، رياض السنباطي، فريد الأطرش، محمد القصبجي، محمد فوزي، أحمد صدقي، محمود الشريف، زكريا أحمد، محمد الموجي، كمال الطويل، بليغ حمدي)، وأيضا (منير مراد) الذي نحتفل هذا العام بـ 100 عام على مولده ولم تكرموه ولم تناقشوا ألحانه العبقرية!، وليس هؤلاء فقط ولكن غيرهم من المبدعين المصريين، وسؤالي ليس نوعا من الشيفونية ولا تقليل من أي مبدع عربي، لأنني مؤمن أن الإبداع لا وطن له، وكل نجوم العالم العربي ليسوا ملك بلادهم، ولكنهم ملك العرب جميعا، لكن سؤالي للاستغراب والدهشة فقط!.

عمر خيرت

وإذا كنتم لا تريدون أمواتا من المصريين أيضا وتريدون مناقشة ألحان ملحنيين موجودين حتى يسعدوا بإنجازهم الفني، فلدينا عباقرة موجودين بيننا منهم (حلمي بكر، محمد علي سليمان، عمر خيرت، فاروق وصلاح الشرنوبي، سامي الحفناوي، محمد ضياء) وغيرهم.

كلمة أخيرة :

أتمنى أن تكون أسئلتي في محلها ولا يغضب مني أحد، لأنها مجرد أسئلة بريئة كما ذكرت من قبل، ومبروك لمبدعنا الدكتور (طلال) مناقشة أعماله المتميزة التى بدأها مع مطربنا الكبير صوت الأرض طلال مداح!، ومازالت مستمرة حتى قصيدة (حلم) التى قدمها للجميلة لطيفة، ومبروك للمسئولين في دار الأوبرا على السخاء الكبير، وهو الأمر الذي انعكس على اهتمام المواقع الإلكترونية كلها بهذا الحدث الفني الذي تراه كبيرا جدا ونالها ما نالها من وراء هذا الندوة، ومن هنا نسأل: ماذا وراء تنظيم أول ندوة في مهرجان الموسيقى العربية لملحن سعودي – على قدر كفاءته – لكنه ليس الأجدر بالمناقشة في ظل وجود أساطين النغم المصري والسعودي سواء من الراحلين أو المعاصرين؟.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.