بقلم الأديب الكبير : سامي فريد
ما هى حكاية هذه المسرحية الغريبة التي دفعت نجيب الريحاني إلى تقديمها في السينما بعد أن طلبتها منه شركة (أفلام نحاس) التي يخرجها المخرج إبراهيم حلمي فرقاها جمهور السينما عام 1947 تحت اسم (أبو حلموس) من بطوله نجيب الريحاني أمام (عباس فارس وزوزو وميمي شكيب وميري منيب ومحمد الديب وحسن فايق).
الفيلم قدمه الريحاني قبل وفاته بعامين اثنين وبعد أن دعاه أنور وجدي ليلعب دور بطولة آخر أفلامه غزل البنات.
وقصه الفيلم (أبو حلموس) التي كتبها بديع خيري ونجيب الريحاني تحت اسم (لو كنت حليوة) كانت عملا هشا مليئا بالمواقف الكوميديه اللافته للنظر في ذلك الزمان، ونظرا للمواقف الكوميدية فنحن في الفيلم نعيش حياة الثلج ومواقف النهب والسرقة من نزور وقف (يلدز هانم) التركيه ليسرقها نزيه بك فتح الباب، لاحظ الاسم وما يقصد الريحاني من سرقه ناظر وقف اللص للتركه الغريبة التي استولت على كل هذا الوقف.
وتتدخل الأحداث بحبكة المبدع (بديع خيري) فناظر الوقف (عباس فارس) الحرامي يحتاج إلى لص متمكن يجيد فنون الخداع القانوني وهو (نجيب الريحاني) الذي يقع بالمصادفة في غرام ابنة ناظر الوقف الجميلة (زوزو شكيب) التي تلعب لعبتها مع شحاته أفندي الهيمان في حبها بحكايه لا يصدقها العقل لكنها تدخل على الجميع.
هكذا أراد المؤلف أن يربط بين شحاته أفندي الفقير الغلبان الذي يساعد نزيه بيك في تزوير حساباته من أجل أن يفوز بقلب (زوزو هانم شكيل)، وذلك عندما يقع ابن ناظر الوقف الشاب العبيط في حب إحدى الفتيات الكبريات لينجب منها (حلموس) هكذا لمجرد أنها تدعي أنها اختلت مع شحاته أفندي أثناء فرح إحدى قريباتها في بني سويف حيث غابت عن أسرتها خمسه أيام.
وهل تكفي خمسة أيام لادعاء علاقه غير متكافئة لا يقبلها العقل بين شحاته أفندي الدميم قبيح الوجه والمنظر والمخلص لتنتج ابنا، في خمسة أيام تتفق (زوزو) في الفيلم مع نجيب الريحاني على سبك الدور على نزيه بك لتتزوج شحاته أفندي من الفضيحة.
ولكن بديع خيري يتدارك القصه غير المعقوله بإ
دخال عنصر جديد هو مجرد ورقة نصيب يبيعها مندوب شركه اليانصيب ليكون من حظ نزيه بك فتح الباب أن تفوز إحدى الورقات بمبلغ 60,000 جنيه دفعة واحدة
ويأتي الجميع وأوراقهم التي أرغمهم عليها نزيه بك لكنها جميعا تكون أوراق خاسرة.
لكن نزيه به يتذكر أنه قد باع ورقتين هكذا بالجبر لشحاتك أفندي وتنطلق الأسرة كلها إلى شحاته افندي كالمسعورة لتتغزل في حزنه وجماله بعد أن صار يملك من اليانصيب 60,000 جنيه وكانت مبلغا كبيرا في ذلك الوقت.
ويتوقف الجميع ويبتلعون أنفاسهم وينظرون لشحاته أفندي وهو يبحث في جيوبه عن الورقه الرابحة ويخرج كل ما في جيوبه حتى المرآه الصغيره التي لا تفارقه ولا يكف هو عن النظر فيها متحسرا على دمامة وجهه وقبحه بعد أن يكون زج به وقد أرغمه أحدهم على كتابه ورقه بألف جنيه كمهر لابنته حتى يوافق الأب على زواج شحاته أفندي الدميم رديئ المظهر من ابنته ويكتب فيها شحاته أفندي أيضا أوراقا بمبلغ لبنته في الليل وشراء هدايا لكل العائله الورقه الرابحة إلى غبريال أفندي سكرتير (يلدز هانم) في صفقه تبادليه بين شحاته أفندي وبينه.
ويسرع الجميع إلى تمزيق ما معهم من إيصالات وأوراق كتبها لهم شحاته أفندي ويلقونها في وجهه المنحوس ويسرعون جميعا إلى دائره (يلدز هانم) حيث يلتقون بغبريال الأفندي الذي يفاجئه بأنه قد أعاد الورقة إلى شحاتة أفندي بعد أن أقنعه صديق له من رجال الدين بأن اللوتارية حرام، ويحاول شحاتة أفندي أن يقنعه بأن الورقه ربما تكسب مبلغا كبيرا، لكنه يصر على استرداد العشرة قروش أو البريزة ويدفع شحاتة أفندي البريزة، وهنا يصل الجميع لتهنئة سعيد الحظ أفندي لانه أصبح ممن ربحت ورقته مبلغ 60,000 جنيه، لكنه يفاجئه بانه قد أعاد الورقة إلى شحاتة أفندي وحاول أن يقنعه بها دون جدوى.
وهكذا يتحول شحاتة أفندي أو (أبو حلموس) أو الطفل مرة ثانية إلى طبقة الأثرياء وسط ظهور الجميع وهستريا الضحك بين الجماهير لهذه المفارقات.
ولكن المفارقه الكبرى كانت عند إعاده المسرحيه مرة أخرى عام 1962 بعد وفاه نجيب الريحاني بـ 13 عام وفي أثناء عصبية شحاتة أفندي وهو يفتش في جيوبه عن الورقه الرابحة فيخرج كل ما في جيوبه من أوراق وأقلام وأغراض حتى المرآه التي تنكسر في يده مع انفعاله عندما يكتشف أنه قد باعها إلى غبريال أفندي محمد شوقي، ويفاجئ الجميع بنزيف الدم المندفع من كف (عادل خيري) وكان بسبب ما أصابه من مرض السكري قد بدا عليه النحافة والتعب.
وتصرخ (ميمي شكيب ونجوى سالم) ومحمد لطفي ناظر الوقف وماري منيب التي تشير للعمال بإقفال الستائر واستدعاء طبيب بسرعه لإنقاذ (عادل خيري) ويقف جمهور المسرح وقد أفزعهم المشهد خوفا على حياه النجم الكبير عادل خيري.
ويحتار الجميع أين وكيف يسألون عن صحه عادل خيري وعن ما حدث له، لكنهم جميعا يفاجئون وهم على أبواب الخروج بالميكروفون يدعوهم إلى العودة لمواصلة المسرحية التي لم يتبقى منه سوى القليل.
ويعود (عادل خيري) ومعه باقي فريق الممثلين والجميع في حالة ذهول وتخيم على الجميع حاله من الحزن والترقب مع النجم الذي أعطاه الطبيب حقنه لوقف النزيف ثم أجرى له خياطة عاجله للجرح.
وتنتهي المسرحيه نهايه فاتره بلا روح وبعد شهور يفاجئ الجميع بوفاة عادل خيري متاثرا بما حدث ولقناعته بأن هذا العرض هو آخر عرض يلتقي فيه بالجماهير التي أحبها وأحبته، وبقى أن نعرف أن عادل خيري – يرحمه الله هو زوج بطل سباق النيل الدولي للسيدات عام 1953، وأنه أيضا ولد البطلة عبلة خيري .. رحمه الله عادل خيري الذي عشق المسرح، والذي كان يحفظ كل مسرحياته.