إبراهيم عبدالشفيع الذي أشاد (عبدالمطلب) بصوته، وظلمه بقائه في الإسكندرية! (2/ 2)
* نشأ في أسرة فقيرة جدا، ورغم فقرهم كان عنوانهم عزة النفس والرضا والقناعة واحترام الذات
* عشق محمد عبدالوهاب القديم، وتأثر بـ محمد عبدالمطلب، ورغم تأثره به لم يقلده
* محمود شركس صاحب فضل عليه واصطحبه إلى القاهرة وقدمه كمطرب في مسلسلات كبار النجوم
* أول أعماله في إذاعة القاهرة كانت خماسية (عابر سبيل) أشعار عبدالرحيم منصور، وألحان المطرب عبدالعزيز محمود، وغنى في مسلسل (أبو الفتيان) لـ عبدالفتاح مصطفي، ألحان محمود الشريف.
* الوسط الفني والإعلامي يتجاهل مشواره باستثناء الدكتور مدحت العدل الذي يسأل عنه
كتب : أحمد السماحي
ما زالنا مع مشوار المطرب والملحن الأسكندراني (إبراهيم عبدالشفيع) هذا الصوت الشعبي الجميل الذي لم يكن يغني من قبيل الشعور بالترف أو إمتاع المستمعين بل يغني بطبيعة ودقة الحرفي صاحب الدكان الشهير فى إحدى حارات مصر يركب الأقطنة للجلباب غرزة غرزة بإبرة صغيرة في اليد، أو يحفر رسوما ونقوشا دقيقة على صينية من الفضة في خان الخليلي.
عمل دءوب ومضن تصحبه لذة فائقة نابعه من حبه الشديد لهذه المعاناة الخلاقة، وإذا غنى فكأنه امتلك في صوته كل الخيوط المتصلة بمشاعر البهجة والسعادة.
في الأسبوع الماضي استعرضنا مشواره الطويل من خلال (بورتريه) نشرناه من خلاله أشهر أغنياته، ومعظم ألحانه، والمناصب الفنية التى توالاها، وهذا الأسبوع نستكمل المشوار، حيث دق (شهريار النجوم) باب المطرب والملحن الأسكندراني (إبراهيم عبدالشفيع) أحد مظاليم الفن الذي تتجاهله كل المحطات الفضائية، والإذاعات المصرية، حتى إذاعة الأسكندرية التى قدم لها الكثير من الروائع التى لا تنسى، لكن نظرا لظروفه الصحية طلب منا أن نوجه الأسئلة لابنه المعلق الرياضي (خالد عبدالشفيع) الحافظ لتاريخه فكان هذا الحوار:
* أستاذ خالد ماذا عن نشأة مطربنا وملحننا الكبير (إبراهيم عبدالشفيع)؟
** نشأ والدي في بيت ليس له علاقة بالفن، فالجد كان يعمل بشركة زجاج في الاربعينات، والجدة ربة منزل من الستات الطيبات الذين لا يعوضوا، والوالد ولد عام 1936 ونشأ في هذه الأسرة الطيبة والفقيرة جدا، لكن رغم فقرهم كان عنوانهم عزة النفس، والرضا والقناعة، واحترام الذات.
* هل الوالد هو وحيد والديه؟
** لديه ما شاء الله خمس أشقاء، وثلاث شقيقات ورحلت منهم واحدة.
* هل هو الوحيد في أسرته الذي وهبه الله نعمة الصوت الحلو؟
** كان لديه شقيق صوته جميلا، لكنه لم يحترف الغناء نظرا لصعوبة المشوار.
* بمن تأثر مطربنا إبراهيم عبدالشفيع في سنوات الصبا والشباب المبكر؟
** عشق الموسيقار الكبير (محمد عبدالوهاب)، خاصة في الأغنيات القديمة التى قدمها في الثلاثينات والأربعينات مثل (الجندول، كليوباتر، يا وابوار قولي، همسة حائرة، القمح) وغيرها، أما المطرب الذي تأثر به فهو المطرب الكبير (محمد عبدالمطلب)، ورغم تأثره به إلا أنه كان له شخصيته في غناء أغنيات (عبدالمطلب) ولم يقلده، والدليل إعجاب (أبو نور) الذي أشاد بوالدي، وعندما أعاد غناء أغنيته (يا حاسدين الناس) في فرقة الموسيقى العربية قال له : (لقد غنيت الأغنية يا إبراهيم أحسن مني)! كما كان المطرب والملحن الكبير (عبدالعزيز محمود) يحب والدي جدا.
* متى بدأ الوالد احتراف الفن؟
** في نهاية الأربعينات بدأ يكتشف جمال صوته ويغني كهاوي، وعندما تم افتتاح إذاعة الأسكندرية عام 1954، تم اعتماده كمطرب، وبعدها كملحن على يد الإذاعي الكبير(حافظ عبدالوهاب) والفنان الكبير (أحمد خميس) أحد مؤسسي إذاعة الإسكندرية.
* هل درس الوالد الموسيقي دراسة متخصصة؟
** نعم درس الموسقى بمعهد الموسيقى العرببة برمسيس، قسم الدراسات الحرة، وكان يسافر أيام الدراسة بالقطار ويعود في نهاية اليوم إلى معشوقته الإسكندرية.
* ما هي أول أغنية في مشوار إبراهيم عبدالشفيع؟
** أغنية جميلة جدا قدمها عام 1954 وعمره 18 سنة، وكانت بعنوان (يا مروح بالسلامة) كلمات محمود الحطاب، ألحان محمد الحماقي.
* من جيله من المطربين؟
** في الأسكندرية (عزت عوض الله، وبدرية السيد، واكرام)، وفي القاهرة (محرم فؤاد، وعبداللطيف التلباني، وماهر العطار، ومحمد رشدي، ومحمد العزبي).
* وماذا عن شكل المنافسة بينهم؟
** التنافس بينهم كان رائعا يرفع راية الحب دون الحقد، و كانت نفوس هؤلاء المطربين حلوة وصافية وطيبة، والدليل على صحة كلامي أن والدي لحن لهم جميعا تقريبا حيث لحن لـ (محمد رشدي، والعزبي، والعطار) وهذا يعطي للجميع طبيعة شكل المنافسة بينهم.
* ماهي الصعوبات التي صادفت (إبراهيم عبدالشفيع) في مشواره؟
**الوالد قصة كفاح ولا أقول هذا الكلام لأنه والدي، وأنا ابنه، ولكن لأنه تحدى ظروف فقره، وعمل نفسه بنفسه، ولم يسانده أحد سوي الله، والمخرج الإذاعي الكبير (محمود شركس) الذي أضاء له الطريق، وكان من أكبر المساندين والداعمين له، لهذا يدين والدي له بالفضل.
* ماذا قدم المخرج الإذاعي الشهير محمود شركس لعم إبراهيم عبدالشفيع؟
** اصطحبه معه إلى القاهرة، وجعله يعتمد كمطرب، وبعدها كملحن في إذاعة وتلفزيون القاهرة سنة 1967 علي يد الموسيقار (مدحت عاصم) مستشار الموسيقي والغناء في ذلك الوقت، وقدمه كمطرب في أول أعمال والدي الغنائية في إذاعة القاهرة وكانت خماسية (عابر سبيل) أشعار عبدالرحيم منصور، وألحان المطرب عبدالعزيز محمود، وكانت من تأليف السيد الشوربجي، وبطولة (وحيد سيف، وشفيق نور الدين) كما قدم (شركس) بابا أيضا كمطرب في مسلسل (أبو الفتيان) أشعار عبدالفتاح مصطفي ألحان الموسيقار محمود الشريف، وبطولة (محمود ياسين، ومديحة حمدي، وتوفيق الدقن، وعبدالرحيم الزرقاني)
كما جعله يشارك في برنامج (إصحي يانايم) لإذاعة البرنامج العام الذي كتبه عبده يوسف ألحان محمود مندور، وبعيدا عن (محمود شركس) وبمناسبة الحديث عن أعمال والدي الإذاعية فقد شارك كمطرب وملحن في مسلسل (أنا وعشاق الأمل) بطولة (بوسي، سمير حسني، سعد أردش، محمد الدفراوي، سلوي محمود) إخراج يوسف حجازى.
وشارك أيضا كمطرب وملحن في مسلسل (بحر الأنفوشي) تأليف محمد بشير صفار، بطولة (أنور إسماعيل، عبد الرحمن أبو زهره، مدحت مرسي، سلوي محمود) و إخراج محمود يوسف، ومسلسل (قهوة الاربعين) تأليف اللواء أنور ماضي، أشعار عبدالله أحمد عبدالله ميكي، ألحان محمد عمر، بطولة (سناء جميل، وعلي الغندور) إخراج عصام لطفي لإذاعة صوت العرب.
* قدم (إبراهيم عبدالشفيع) عشرات من الأغنيات التى يحفظها عشاق الغناء ماهي الأغنيات التى يعتز بها؟
** كثير لكنه كان يعتز جدا بالأغنيات التى أحبها الناس ورددوها ومنها (أول دخولنا الجنينة اتبسم الياسمين)، و(شى الله يامرسى)، التى امتدح فيها الإسكندرية، وتحدث عن أبرز معالمها، وأيضا كان يعتز بأغنية تتحدث عن مصر وقام بتصويرها كفيديو كليب بعنوان (يا أم البساط أخضر، يا أم التراب عنبر)، وكان لإعادته أغنية (ياحاسدين الناس) التي غناها مع فرقة الموسيقي العربية بقيادة (عبدالحليم نويره) في مصر والبلاد العرببة، معزة خاصة.
* عاصر الوالد بدايات التليفزيون المصري هل قدم له أغنيات مصورة في هذا الوقت؟
** طبعا .. حيث قدم عام 1967 أغنية بعنوان (خمرية) قام بإخراجها له مخرج المنوعات الشهير (محمد سالم).
* لحن إبراهيم عبدالشفيع ألحان كثيرة جدا لمجموعة كبيرة من أجمل الأصوات المصرية ما هو أول لحن قدمه وما هي ظروفه؟
** أول لحن كان (شال الحليوة) للمطرب الكبير(كارم محمود) حيث تصادف أنهما إشتراكا معا في حفل في الإسكندرية، وعرض الوالد اللحن على مطربنا الكبير، ونال إعجابه وقام بتسجيله، وكان هذا عام 1978، بعدها توالت ألحانه لعدد كبير من الأصوات الجميلة العذبة مثل (ماهر العطار، محمد رشدي، محمد ثروت، إيمان الطوخي، أحمد عدوية، أحمد إبراهيم) وغيرهم الكثير.
* برع عم إبراهيم في الغناء والتلحين لكن أي منهما يفضل التلحين أم الغناء؟
** الأثنين، والحقيقة أنه كمطرب كان من العيار الثقيل، وصوته في قوة وعذوبة وجمال صوت كلا من (محمد رشدي، ومحمد العزبي).
* هل وجوده في الأسكندرية وحرصه على عدم تركها حتى أن البعض أطلق عليه عاشق الأسكندرية، قلل وحد من شهرته التي يستحقها؟
** كل إنسان بيأخذ نصيبه في الحياة، لكن بلا شك أن وجوده في الأسكندرية قلل من شهرته، لأنه من المعروف أن كل الأضواء في القاهرة من صحافة وإذاعة وتليفزيون، وأعتقد أنه لو كان موجودا ومقيما في القاهرة كان الوضع اختلف جدا لكن هذه هي مشيية الله والحمد الله.
* من المطرب أو المطربة الذي كان يتمني عم إبراهيم أن يلحن له ولم يحدث هذا؟
** كان على وشك بالفعل أن يلحن للمطربة الكبيرة (ورده) لكن ظروف مرضها وقفت حائلا دون ذلك.
* هل عم إبراهيم على تواصل مع أحد من الوسط الفني الآن؟
** للأسف لأ، ولا أحد يسأل عنه إلا الدكتور والشاعر الراقي مدحت العدل، رئيس جمعية المؤلفين والملحنين، الذي جاء اليه الي الأسكندرية للاطمئنان عليه في الوقت الذي لم يزوره (هاني شاكر) عندما كان نقيبا للموسقيين ولا مرة، ولا حتى سأل عنه!
*هل حصل مطربنا وملحننا الكبير إبراهيم عبدالشفيع على حقه من التكريم؟
** الحمد الله تم تكريم الوالد من وزير الثقافة السابق الدكتور محمد صابر عرب، وأيضا من رئيس دار الأوبرا المصرية السابقة الفنانة إيناس عبد الدايم في مهرجان للموسيقي العربية بدار الأوبرا المصرية، وتم تكريمه أيضا من جمعية وفناني ومبدعي الأسكندرية، وأطلق محافظ الإسكندرية الأسبق أسامة الفولي اسم الفنان إبراهيم عبد الشفيع علي أحد شوارع بمنطقة سموحة بالاسكندرية.
* هل ورث أحد من أولاده جمال الصوت؟
** أنا صوتي حلو، ولكني لم أحب الاتجاه إلى هذا المجال، وهونصحني بعدم احتراف الغناء، لهذا اتجهت إلى التعليق الرياضي، لكني مستمع جيد، وفاهم المقامات الموسيقية، وأصول الغناء والطرب الأصيل.