بقلم الأديب الكبير : حجاج أدول
عضو مهم جدا في (حزب بلاطة) اسمه الحركي (ماهر شريف) وفي بطاقة الهوية برضة ماهر شريف، والذي سبق شعبوللة في قراره (حبطل السجاير وأكون إنسان جديد) لكن هنا يقصد (الشيشة)، أي (النارجيلة)، فهو في كل يناير يبطل (الشيشة) ثم يعود لها في مارس أو غير مارس حسب الحالة المزاجية والفلوسية. وهو بالأمارة لا يشرب السجاير ولا البيرة، فقبلوه عضوا على مضض، فهو ينسف الصورة الذهنية لأعضاء الحزب المنفلتين، قبلوه لأنه فنان رسام وهم يحتاجونه. وهو مشهور بأمر غريب مريب، فهو يحب عبد الناصر ويكره فاتن حمامة!
طب إيش جاب ده مع ده؟ وكنت دائما استفزه لينطلق في الشرح، فهو حكاء عظيم وظريف، ولأضايقه ذات ليلة على (قهوة دياب)، قلت له أن فاتن إن قامت بدور في فيلم (الزوجة الثانية) كانت ستكون أفضل بكثير، فأجاب فعلا كانت تاخد دور صلاح منصور.. طبعا مع الاعتذار لتاريخ الفنانة العظيمة فاتن حمامة والاعتذار لمحبيها وأنا منهم.
إذن هذا هو سبب رفض ماهر شريف لفاتن، إنها اعترضت على تصرفات جمال عبد الناصر، لكن شريف رغم أنه وزير التزوير فهو لم ولن يكون مؤيدا لأي تعذيب تحت أي حجة، فهو إنسان طيب حُنَيِن قوي، وقد حكى في ساعة صفاء إنه وهو في أولى إعدادي مع زميلين له أو ثلاثة كانوا في حالة غضب من السلطة، ليه؟ هو مش فاكر، لكنه فاكر أنهم ثلاثتهم أو أربعتهم ذات ليلة معا لا يجدون أي ثغرة يفشون فيها غضبهم، فإذا بعسكري شرطة يمر على مبعدة فقرروا اغتياله كرمز لكراهيتهم للسلطة!، طبعا لم ينفذوا سواء بسبب هياج ضمير يمنعهم، أو بسبب الجبن.. الله أعلم.
وهذا الفنان الغريب المدعو (ماهر شريف)، كثيرا ما احتاجه الحزب في تزوير كارنيهات دخول مهرجان السينما السكندري، وفي سنة من السنوات عضو من المسئولين عن المهرجان اتزنق في كام كارنيه، اتصل بأحد المسئولين في (حزب بلاطة)، وربما كان الرئيس المشلوح (نبيل نور الدين) وطلب منه كام كارنيه مضروبين، ولم يتكاسل المسئول السامي البلاطي عن الإنجاز، ولم يصب بالأنزحة وشمخة الأنف، لا بل سلمه العدد المطلوب من الكارنيهات المزورة، وفي وقت قياسي! وبدون أن يطلب منه أي مقابل مادي، رغم أن كل أعضاء (حزب بلاطة) يمكن أن يطلق عليهم اسم تدليل (قحطان المفلس)، فأعضاء الحزب الجاف ماديا كانوا يخشون من أي تلطيش لسمعتهم، بأنهم تلقوا فلوسا مقابل خدمات فنية سينمائية واجبة.
فـ (حزب بلاطة) من أهم القوى الثقافية الناعمة في الإسكندرية، وللعلم أنا لا استخف دمي فأضيف المخيال الخيال الخاص بي وألَخْبَطُه بما حدث واقعيا، كما فعلت وكتبت الكثير من الروايات التي يطلق عليها (الواقعية السحرية) أو (الواقعية العجائبية)، لا فواقعة الكارنيهات المضروبة حصلت بالفعل، وأيضا هذا يبين مدى الشهامة والجدعة السكندرية لدى أعضاء الحزب.
انتظروا تكملة التزوير (البلاطية) في مهرجان الفيلم بالإسكندرية…!
……………………………………………………………
* هذه المقالات مختارات من كتاب تحت الطبع بعنوان (وقائع حزب بلاطة)