بقلم الفنان التشكيلي الكبير : حسين نوح
أتابع مع الملايين أحدث مشاكل أجمل صوت سمائي في مصر عشقها المصريين والعالم، ولكن للأسف أصبحت مشاكلها الشخصية وتوابع أي حديث لها مادة خصبة للتلاسن فهي ساذجة لا تمتلك إلا صوتها فقط، وحين تتحدث تقذف بطفح ساذج جعل منها غنيمة لأصدقاء السوء والمطبلاتية والمنتفعين وأصبحت على حافة الهاوية لدرجة أن توقع لها بعض الإعلاميين أصحاب البرامج المسائيه أن تنتحر أو تنهي حياتها بماساة، لكن لم ولن تكن تلك الحالة الأولى ولا الأخيرة إنما ما يحدث هو نتاج لصدمة السونا من الساخن الفقير الساذج إلى البارد، وهوالنجاح السريع وتدفق الأموال وعدم القدرة علي اختيار الأصدقاء والمحيطين ويتسلل من هنا أصحاب القدرة علي مصمصة الشفايف والمعجبين بأي كلمة وأي لبس وأي نغمة وأي تصرف وأي آه وأي لا وأي أي.
للفنانه الساذجة أقول ذلك فقد عشت أكتر من عشرون عاماً أدير ستديو صوت كبير عمل به معظم نجوم مصر من عبد الوهاب إلى وردة إلى سميرة سعيد الي نجم شعبي نجح بشريط وبدأ بعجله بجوار الباب ثم جاء بأحدث موديل من العربات ويغيرها في كل زيارة، فليس عجيب فلنا عبرة من نجم أصبحت العربات والطائرات أكبر تعبير عن نجوميته رغم موهبته، وهنا أتذكر مقولهة أخبرني بها مستر (آرفيه مارتان) مهندس الصوت الذي حضرمع شركه (بتيب) الفرنسيه المسؤله عن الاستديو، أخبرني أن اهم شيئ في عمل الاستديو نقطتين غاية في الأهمية، أولاً: اختيار المهندس ولابد أن يكون موسيقي أي يعرف علوم الموسيقي وأن لا يعمل أكثر من ثمانية ساعات في اليوم حتي تكون أذنيه في حالة سمع جيدة، أما المعلومه الثانية وهى الخاصة بما أكتب هيىعدم وجود أحد غير الملحن والموزع بحجرة الاستماع مع المهندس، والسبب ألا يوجد أي أصدقاء أو معجبين يهللون إعجاباً بكل مقطع مما يؤثر على صلاحية العمل، وأطلقنا عليهم أصدقاء مصمصة الشفايف إعجابآً، وأحياناً وكثيراً تطبيلاً، فهى علة تواجد بعض الأصدقاء الذائفين.
لقد أحاطت النجمة الساذجة نفسها بكثير من هؤلاء واعتادت وجودهم ولم يعد للمخلصين الحقيقيين تواجد وهنا تأكيد لمقولة: (أن صديقك من أصدقك)، بمعني يكشف لك عيوبك قبل حسناتك فجمهورك دائمآ معجباً مهللاً وتسمع (الله ايه العظمة دي)، أنت الأعظم والأجمل والأشيك علي طول الوقت، وهنا أتذكر (عبد الحليم حافظ) ابن الملجأ الفقير ولكنه أحاط نفسه بمحبين واقترب من عبد الوهاب واشترك معه في صوت الفن في حراسة مجدي العمروسي المحامي المخضرم، وكان هذا ما فعله محمد عبد الوهاب حين ارتمي في بداياته رغم المعاناة بأحمد شوقي الشاعر الكبير ونبلاء الأربعينات والمفكرين.
حين تنجح عليك أن تهتم باختيار أصدقاءك فهم المحيط الذي إن لم تحسن الاختيار فقد يلوثك ويستخدمك، أنتقل لصوت اخترق عالم هوليود وانتقل من محض الفقر إلى عنان النجاح، إنها (ويتني هيوستون) الصوت السمائي بطلة الـ (بودي جارد) مع (كيفن كوستنر) نجم النجوم في هوليود، نجاح غير عادي جاء على فقر وجهل لسوداء يخاصمها الجمال ولكنه النجاح واختيار الزوج الذي حولها إلى مدمنة تترنح وينتهي بها الحال جثة بعد تناول جرعة (هيرويين)، وخسر الوسط الغنائي صوت من أعظم الأصوات في تاريخ الغناء، وهذا عكس ما فعلته (سيلين ديون) الصوت القادم من السماء أيضا فقد تزوجت من رجل أكبر منها ولكنه كان الحارس الأمين عليها وعلى فنها، وكذلك فعلت (برباربا سترايسند) والاثنتان مازالت حفلاتهم يصعب الحصول علي تذكره من زحام الجماهير.
أتذكر (مارلين مونرو) نجمه هوليود الفقيرة وأمها المكلومة والمريضة نفسيًا وكيف سلمت (مارلين) نفسها لمافيا هوليود ونار هوليود الحارقه لجسدها البديع وبموهبتها، وكيف كانت النهاية بجرعة مخدرات أو موت نتيجة علاقاتها بالرجال علي أعلى المستويات، وللأن لا أحد يجزم كيف ماتت ولكن هناك اجتهادات لا تصل للحقيقة وآخرها الفيلم السيئ فناً وقصة وإخراجآً (الشقراء )، رآيته ساذجاً مراهقاً أساء للنجمة وأساء لهوليود وأمريكا والرئيس كيندي، في وقت الأحداث النجاح والمال إن لم يحرسه العقل فالنهايات مأساوية ولدي أمثلة عاصرتها وأعرفها انتهت بقلة العقل وجنون المال والشهرة والعربات والسذاجة المهلكة ويأتي منها عدم الثقة في أحد.
وعلى سبيل المثال أموال كثيره في البنوك ولا تستطيع قراءة حساب البنك ومعظم الوقت خارج السيطره بتعاطي كل الممنوعات وحصار من موتيسكلات موكب النجاح المطبلاتية والمعجبين بكل تصرف من النجمة، ولكنها تنام وهى تشك في الجميع ولا تعرف إلا من خلال كابلات التوصيل المستفيدة من بقاء الحال كما هو عليه، وحين يأتي أحد المخلصين ولو صدفة تتبرع كتائب المستفيدين بطرده وبكل الطرق حتي يتثني لهم افتراس الضحيه الساذجه دون إزعاج.
لقد عاصرت وشاهدت كثير من أحداث من خلال وجودي بالاستديو ووحدة التصوير والإنتاج، وشاهدت مهازل تحتاج إلى كتب، فأخطر قرار يواجه الناجح هو بمن ستحيط نفسك وهكذا فعل (صلاح) حين توهج نجمة في عالم الكرة، أخذ يتعلم واختار مدير أعمال مخلص يحافظ عليه، وابتعد عن كل ما يعكر تركيزه في مشواره الناجح، وابتعد عن سهرات الهطل والمجون، ولنا في نجم كرى مصري كان محط إعجاب كل المصريين واحترف، ولكنه عاد ومعه الكيف والنساء والإدمان دون حراسه ولا مخلصين والنتيجة تبخر النجم وليس له وجود، أن تنجح ليس بالكثير ولكن أن تستمر ناجح متوازن فالثمن والفواتير قادمة لا محاله.
أتمني أن تستفيق النجمة فصوتها يستحق وأدعوا لها من كل قلبي أن تعبر تلك المحنة، وعليها أن تحيط نفسها بحقائق مخلصين.. أمنية أرجو أن تتحقق.