بقلم الأديب الكبير : سامي فريد
هو ابن قنصل النمسا في الأسكندريه عاش حياة أبناء القناصل المرفهة.. المدرسة خاصه والمسكن غاية في الرقي.
الأم إيطاليه والأب ألماني وكل شيء من حوله يمضي رغدا بلا مشاكل حتى بدأت المشاكل، وكان لابد أن النمسا تنقل قنصلها لتنقله إلى بلد آخر ليعمل فيها قنصلا وكانت فرنسا.
ورفضت الأم السفر لأنها كانت قد عشقت الأسكندريه وجوها وبحرها وناسها ولكن الوالد أو الزوج كان لابد أن يسافر وطلبت منه الطلاق وأن ينالها ابنها (ستيفان) أو (ستيفانو).
لكن الأم لم تستطع تدبير حياتها هى وابنها الذي بدأ يكبر ففكر في السفر إلى فرنسا ليبحث عن والده الذي لم يقل أين كان مكانه كقنصل لبلده وفي أي بلد، لكنه سافر للبحث عنه واضطر لقبول أي عمل من أجل أن يدبر تكاليف حياته، وقد ساعدته في ذلك اللغات التي كان يتكلمها من الإيطاليه عن أمه والألمانيه عن أبيه والإنجليزيه تلقاها في المدرسه الفرنسية، ثم ولا ننسى مظهره الأرستقراطي في ملبسه ونظام حياته أما لغته أو لكنته فكانت مزيجا من كل هذا.
وكان أن عمل في مزرعه للتين الشوكي في أحد أقاليم فرنسا الزراعيه ليكتسب من المشاركه في بيعه ما يسد الرمق ويحفظ عليه مظهره الأرستقراطي لكنه فكر.
ولماذا لا أسافر إلى ألمانيا أو إلى النمسا نفسها لاسأل عنه أين هو؟!
وفي المانيا بدأت بشائر سعده أو مستقبله عندما التقى ذات يوم بمصري كان يدرس فن التمثيل في ألمانيا وهو (سراج عبد الوهاب منير) الذي عرفناه فيما بعد باسم (سراج منير).
وصارت صداقه بين (سراج منير وستيفان روستي) السكندري المولود في الأسكندريه الذي تعلق بصاحبه الذي دعاه إلى الدراسه فن التمثيل ربما يجد لنفسه عملا في السينما بما يعرفه من لغات.
لكن الأمر لم يكن بسيطا فهو لا يجيد التمثيل ولا يستقر على لغة واحدة، وعند انتهاء دراسه سراج منير للتمثيل في ألمانيا مع ستيفان روستي قرر العوده معه إلى مصر، وفي مصر بحث عن أمه فوجدها قد تزوجت إيطالي من أبناء جنسها لتواصل حياتها.
وبدأت المشاكل بين الشاب العائد من ألمانيا وبين زوج الأم الإيطالي ليقرر (ستيفان) السفر مع صديقه المصري إلى القاهرة حيث كانت السينما قد بدأت عملها محدودا وبطيئا في البداية كفن جديد راح يزاحم فن المسرح، ولم يجد سراج منير سوى أن يحاول أن يقحم صاحبه الخواجه في أي عمل في السينما قد يقبله، المهم هو أنهم يقبلون لكن محاولات سراج منير كلها باءت بالفشل.
فماذا يمكن أن يفعل (ستيفان) في السينما ولا شبه أي دور له قد يلعبه في السينما مع الكهنة الخواجاتي وعدم وجود أي مساحه لمثل هذه الأدوار في السينما الناشئه وقت ذلك.
وفكر (ستيفان) فاقترح على صاحبه المصري أن يقدمه للعمل كمساعد في الإخراج وأن يروج له كخبرة ودراسة أجنبية يمكن أن تساعدهم في عملهم حتى استطاع ستيفان بمظهره الأىستقراطي وترفعه أن يقنع الجميع بقبول مخاطر أن يبدأ هو بنفسه الإخراج، وقد كان فأخرج لفريد الأطرش فيلما كان كل أمل فريد الأطرش أن ينسى هذه التجربة الفاشلة، كما أخرج فيلم آخر فاشلا لعزيزة أمير التي غرتها لكنته الأجنبيه ولغته التي يجيدها.
ويذكر (ستيفان) وهو يحكي لصديقه سراج منير ذلك المقلب الصبياني الذي أوقع مدرس الرياضيات في المدرسة عندما أرسل فراش الفصل ليشتري له علبة من سمك السردين المحفوظ ليتناول غذائه بين الحصص، لكن ما حدث بعد ذلك أوحى إليه أنه يمكن أن يؤدي هذا النوع من الشر الضاحك في السينما كمساعد للبطل أو أحد معاونيه الذين يريدون له الحيل والمكائد ولو بأدوار بسيطه في السينما، وأعجبت الفكره بعض السينمائيين فاستغلوا وسامة وأرستقراطيهة مظهر (ستيفان روستي) الذي يكمل الحكايه لصديقه سراج منير، فيقول: إن ما زاد الطين بله في ذلك اليوم هو وجود مفتش إنجليزي دخل الفصل ولم يشعر به (ستيفان) يرفع درج المكتب فيجد ستيفان غارقا في أكل (السردين) فيسأله كيف دخل هذا الشيء إلى الفصل، ويشير ستيفان روسي بدون تفكير إلى المدرس المنحوس، فيقول لقد استأذنت من الأستاذ الكريم فسامحه.
وتكون النتيجه هى أن ينقل المدرس إلى إحدى المدارس البعيده في الدلتا، من هنا جاءت فكرة أن يلعب (ستيفان) أدوار الشر خفيفه الظل، ونذكر منها على سبيل المثال دوره في فيلم (سيدة القصر) مع (عمر الشريف وفاتن حمامه وفردوس محمد) عندما يطلب منها بكل الأدب أن تسمح له بهذه الرقصه فيقول.
تسمحي لي يا هانم بالرقصه دي؟
وترد فردوس محمد بدون اكتراث.
وماله يا اخويا ما ترقص على كيفك هو حد حاشك.
وتواتيه الفرصه لعمل الإفيه الضاحك فيقول لفردوس محمد المندهشه.
طب بعد إذنك هاروح أتحزم وأجي لك ليضحك الجمهور.
ودوره أمام (فاتن حمامة) في أحد الأفلام عندما تقبل فاتن العمل في المطبخ لكن ستيفان روستي يلاحقها بالغواية فيقول:
مش حرام والنبي اليدين اللي زي القشطه تغسل الأطباق والكوبايات؟
لكن فاتن عندما تجد أن نجمة الكباريه (عقيله راتب) تحتاج إلى مبلغ كبير لإجراء جراحة عاجلة لاستئناف حياتها تذهب فاتن إلى الخواجة (بولو) اسم ستيفان روستي وتعلن أنها قبلت أن تدخل الى الصاله تجلس الزبائن مقابل 100 جنيه في اليوم.
ولا يصدق ستيفان روستي فيقول:
وهتشربي ايه مع الزبائن في الصاله ينسون؟
وترد فاتن لا هاشرب كونياك بس هات الـ 100 جنيه.
ويرد ستيفان قائلا وابتسامه خبيثه تملا وجهه: وما له الكونياك مشروب الفتاه المهذبة.
وفي فيلم (سمارة) عندما يسأله محمد توفيق: انت تعرف كيف يطلق النار من المسدس فيقوم ستيفان روسي بتعليمه ذلك لكن الطلقة الأولى تصيب ستيفان روستي وتقتله فيلتفت إلى محمد توفيق ويقول أشهر إفييه في تاريخ السينما المصرية: نشنت يا فالح اسفوخس على اللي مسكه لك.
وفي فيلم (سيدة القصر) أيضا يخفي في جيبه إيراد المزرعة الذي تسلمه من عمر الحريري الذي يقول لعمر الشريف أنه قد اعطاه لعزيز بيك (ستيفان روستي) الذي يقول:
آه الفلوس معي شايلها لك بس اسالني ليه عشان أقدمها لك هديه يوم عيد ميلادك، وهكذا فتح سيفان روسي بمظهره وشياكته وأرستقراطية خفه دمه ميدانا جديدا للشرير سينمائيا من نوع لا تكرهه رغم شره!
أما أغرب ما حدث لاستيفان هو عندما خرج من بيته في الزمالك ليفاجئ بالبواب يساله أن كان ذاهبا للكنيسه مثل الآخرين فيساله في استفهام:
ليه هو مين مات
ويرد البواب بيقولوا فنان كبير مات وجنازته النهارده ويسرع (ستيفان) إلى الكنيسه ليجد (ميمي شكيب ونجوى سالم) على باب الكنيسه تستقبلن المعزين فيسألهما هو مين مات؟، لكنه يفاجئ بهما تصرخان وتسقطان مخشيا عليهما ويندهش ستيفان للموقف الغريب ويدخل إلى الكنيسه ليشارك في العزاء، لكنه كلما سأل أحد عن شخصيه الميت يفاجئ بالجميع ينظرون في وجهه ويصرخون، والغريب هو أنه بعد اسبوع من هذه الحكايه مات ستيفان روسي يوم 15 مايو عام 1964.