بقلم الإعلامي : علي عبد الرحمن
منذ أن أطلق السيد الرئيس دعوته للحوار الوطني في (إفطار بيت العائلة) في شهر رمضان الماضي، أي منذ خمسة أشهر، وبعد أن ملأت دعوات الترحيب به واقتراحات الموضوعات التي يمكن أن تعرض عليه وكذا الشخصيات التي يمكن أن تحضر جلساته، ثم توارت أخباره حتي جاء خبر تعيين الأستاذ (ضياء رشوان) أمينا عاما للحوار الوطني، ثم اختيار مجلس الأمناء، ومن قبلها تكليف الأكاديمية الوطنية للتدريب باستضافة جلساته.
ورغم عدم الخوض في استقلالية هذه الشخصيات أو تمثيلها للطيف السياسي المصري ظلت أخباره ومداولاته همسا داخل قاعاته، رغم انه يفترض أن تبث كل فعاليات الحوار وتجهيزاته واختيار أمينه ومجلس أمنائه وتحديد محاوره ولجانه ومقرري اللجان تبث علي الرأي العام مباشرة، نظرا لأهمية الحوار وأهمية أشخاصه وأهمية موضوعاته وتلهف الرأي العام علي متابعة أخباره وحرصه على نجاحه والوصول لخارطة طريق وطنية للمرحلة القادمة، وكما تمني البعض أن تكون من مخرجات الحوار الوطني أجندة للعمل الوطني المستقبلي متفق عليها وليس من وجهة نظر طرف واحد سواء الحكومه أو الشعب.
وبعد صمت وهمس وانقطاع أخباره عادت أخبار الحوار إلي الظهور ثانية لتعلن أنه تم تحديد ثلاث محاور أساسيه هى المحور السياسي ويتفرع منه 4 لجان، ثم المحور الاقتصادي ويتفرع منه 8 لجان، وأخيرا المحور المجتمعي ويتفرع منه 7 لجان، أي ان للحوار 19 لجنة ومقرر، والسؤال: ماهي الموضوعات التي تم إدراجها في كل لجنة؟، وهل هذه الموضوعات من أولويات الشعب أم الحكومة؟، ومن هم مقرري هذه اللجان؟، وعلى أي أساس تم اختيارهم؟، وهل هم مستقلون أم ذوي إنتماءات حزبية؟، ومن هى الشخصيات المدعوة لكل محور ولجنة؟.
وبناءا على ماذا يتم الاختيار؟، وهل الدعوات ستمثل كل الطيف السياسي المصري؟، وهل ستذاع الجلسات مباشرة علي أهل مصر؟، وما مدى الحرية المتاحة في الجلسات؟، وماهى الموضوعات المستبعدة من لجان الحوار؟، وما هو تمثيل الحكومة والأحزاب والنخب؟، وهل تمت مراعاة كل ذلك؟، بل وهل سيكون الحوار حوارا مجتمعيا حقا؟، أم شرح ودفاع عن سياسات الحكومة، أم عرض لاهم نقاط العمل الوطني مستقبلا وتحديد أولويات الوطن وأهله؟، أم هو صراع بين مؤيدي الحكومه والمختلفين معها؟، أم ماهى أسس وقواعد التمثيل والمناقشه والسماع والتوصيات والتنفيذ لها في مدخلات ومخرجات هذا الحوار الوطني الهام؟.
وهل لايحق للشعب أن يعرف موضوعات كل لجنة؟، ومن هم المتحدثون فيها؟، وكيف يتم التصويت وصياغة التوصيات، وبعد رفع التوصيات للسيد الرئيس.. ماذا بعدها من تنفيذ ومتابعه وتقييم، وهذا كل هذه اللجان شملت ضمن موضوعات لجانها أن نتوصل لأجندة للعمل الوطني المستقبلي متفق عليها وعلى أولوياتها وأهميتها لمصر وأهلها؟، وهل ضمت موضوعات لجانه موضوع دمج الأحزاب الـ 104 الكرتونية، ومعظمها عباره عن لافتة علي شقه إيجار، وبرنامج متكرر ومتشابه؟، ألا يخص أهل المحور السياسي مسألة دمج الأحزاب المتشابهة في ثلاث منابر (اليمين والوسط واليسار)؟، لعل دمجها يدفع بها الي الشارع المصري، فنري حراكا حزبيا، ورأيا آخر، وتواجدا بين الجماهير في مبادرات أو تثقيف او نشاط جماهيري حزبي مفيد.
وهل ضم المحور السياسي مسألة تعديل الدستور والحياة الحزبية والحقوق والحريات للبشر في بر مصر؟، أم هل ضمت لجان المحور الاقتصادي الثمانيه ملفات غلاء المعيشه وارتفاع الأسعار وقلة الدخول، وتسعير الخدمات العامة والسيطرة علي الارتفاع المستمر في كل شئ؟، وهل ستضم لجان المحور المجتمعي ملفات جودة التعليم ومحتواه، وملف صحة البشر وتفعيل التأمين عليها، وملف المهمشين في أطراف الوادي، وملف خطوة وسائل التباعد الاجتماعي علي فكر وقيم المجتمع؟، وهل تطرقت أي لجنة إلى ظبط أداء الأجهزه وتقليل صراعاتها وتدخلاتها في سير العمل وحياة البشر؟، وهل انشغل أحد بملف قوي مصر الناعمة وروافد ثقافتها ومحاور هويتها وآليات الانتماء إليها؟، بل وهل خطر على بال أي من لجان الحوار مسألة ترهل إعلامنا وقلة إنتاجنا وعدم جودة محتوانا وعدم قدرته علي المنافسه؟
وهل سيضع الحوار سماتا لجمهوريتنا الجديدة وطرقا للتحول الرقمي ومواصفات لجيل الجمهورية الجديدة؟، وهل يمكن أن نعتبر هذا الحوار بمثابة لما للشمل، واتفاقا على أجندة وطنية وخارطة طريق، وتغليبا لملفات جماهيرية هامة على ملفات إنشائية وعمرانية؟، وهل سنخرج منه لنسترد مصادر قوة مصر الناعمة، وعودة الريادة لإعلامها بمحتوى تنافسي جاد وبمهنيه تقضي علي الشائعات وتوحد الجماهير حول وسائل إعلامها؟
عندها ستجد أهل مصر صفا مترابطا، لديه رؤيه مستقبليه واضحه ومتفق عليها نحو بكره أفضل ووطن أغلى ونخب وطنية مخلصة ونظام وحكومة تتشاور مع أهلها ومواطنيها لنعمل كلنا ضمن خطة وطنية واضحة، وعندها نهتف جميعا ونحن نعمل بحب (تحيا مصر) .. حوارا ومحاورا ولجانا وموضوعات ومقرريين وشخصيات ونقاشات واتفاقات وتوصيات، وتنفيذات تصلح كثيرا من أمزجة المصريين وتقضي على الشائعات والتوترات في بلد مستقر آمن بفضل الله وحراسته للمحروسة مصر وأهلها الطيبين، وتحيا دوما مصر.