في ذكراه الثانية نكشف سر عدم تعاون محمود ياسين مع يوسف شاهين !
* درس الحقوق في جامعة القاهرة ليكون بالقرب من مسارح مصر
* أول أدواره على خشبة المسرح كانت في شهر أكتوبر الذي رحل فيه أيضا!
* مسرحية الندم كانت أول عمل له عام 1963
* بعد أزمة (يوسف شاهين) قرر عدم التعاون معه حتى لو أعطاه كنوز الدنيا.
كتب : أحمد السماحي
كثافة الحضور والكاريزما التى تحققها بعض الشخصيات الفنية الرائعة أمثال (يوسف وهبي، زكي رستم، محمود المليجي، محمود مرسي، أحمد زكي) وغيرهم تفرض عليك ألا تستشهد بأي عمل من أعمالهم عندما تكتب تقريرا بسيطا عن واحد من هؤلاء العمالقة، لأنك بماذا ستشهد؟!، إن مجرد التوقف عند عمل بعينه من أعمالهم سيكون فيه شبهة الإهانة لهم لأن هذا العمل أو ذاك ربما لا يكون شيئا مذكورا بالنسبة لمسيرة الواحد منهم أو لبحوره الغريقة، ولماذا تستشهد إذا كان حضور الشخص طاغيا وشاملا؟!.
ومن نجومنا الذين كانت لهم شخصية وحضور وكاريزما وموهبة النجم الكبير (محمود ياسين) الذي رحل عنا في مثل هذه الأيام وبالتحديد يوم 14 أكتوبرعام 2020، والذي عشق التمثيل بعد تردده مع شقيقة على دور العرض في مدينة (بورسعيد) وتأثره بأفلام الفنان الكبير (يوسف وهبي) الدرامية المليئة بالأحداث، بعدها وهو في المدرسة الثانوية بدأ يمارس التمثيل بالفعل من خلال الأنشطة المدرسية مع زميله الطالب – والمخرج الشهير فيما بعد – سمير العصفوري، وبعد سماعه لتصفيق الجمهور عشق التمثيل أكثر وقرار أن يكون مستقبله!.
ولأنه من أسرة متدينة ومحافظة تحايل على الأمر وقرر بعد إنتهاء دراسته الثانوية النزول إلى القاهرة للدراسة بكلية (الحقوق)، وحقيقة الأمر أنه نزل إلى القاهرة ليكون بالقرب من مسارح مصر التى قرأ وسمع عنها، وهو في السنة الجامعية الثالثة قرأ إعلان عن طلب المسرح القومي لممثلين جدد، واشترط الإعلان أن يكون المتقدمون إلى هذا الامتحان من خريجي الجامعات، ورغم أنه كان في السنة الثالثة، إلا أنه تقدم وكذب على لجنة الامتحان، وصدقوه وعين بالفعل في المسرح القومي في شهر أكتوبر عام 1963، وكانت أول أعماله مسرحية (الندم) حيث قدم دورا بسيطا في المسرحية التى أخرجها سعد أردش.
بعدها توالت أدواره المسرحية، وبعد عدة سنوات حفر فيها في الصخر وتنقل بين العديد من الأدوار الصغيرة استطاع في نهاية الستينات أن يثبت وجوده ويلفت نظر وانتباه اثنين من أكبر نجوم الإخراج في مصر هما (حسين كمال، ويوسف شاهين) اللذين أعجبا به، وقررا أن يكون نجمهما القادم بسرعة الصاروخ، وسعد النجم الشاب بهذا الإعجاب لكن كان ينتظره أكبر مطب أو أزمة يمكن أن تمر بنجم جديد، حيث قرر أحدهما أن يدمر مستقبله ويبعده تماما عن الفن، ماذا حدث تعالوا بنا نترك نجمنا الكبير (محمود ياسين) يحكي لنا الحكاية كما ذكرها لي في أحد حوارتنا التى أجريتها معه أثناء سفرنا إلى الجزائر لحضور الدورة الأولى لمهرجان (وهران) السينمائي.
يقول محمود ياسين: الذي حدث هو أن المخرج حسين كمال كان قد رشحني لدور البطولة في فيلمه الجديد (نحن لا نزرع الشوك) وطبعا كانت هذه فرصة كبيرة أن أمثل أمام معبودة الجماهير (شادية)، وأثناء ذلك وقع معي المخرج الكبير يوسف شاهين عقد آخر لتمثيل دور البطولة في فيلمه (الاختيار) مع سعاد حسني، بعد اعتذار عبدالحليم حافظ!.
واشترط علي أن ألغي العقد الذي وقعته مع حسين كمال، ولا أمثل في فيلم (نحن لا نزرع الشوك)، ولأن دوري في (الاختيار) كان جميلا وقويا، ولأنني لم أكن يومها على شيئ من الخبرة في الأمور السينمائية، فقد ذهبت إلى حسين كمال واعتذرت له عن عدم إستطاعتي التمثيل في فيلمه، ووافق حسين على مضض، ورجعت إلى (يوسف شاهين) أزف له الخبر، ففوجئت به يقول لي بسخرية: هل جننت كيف وأنت الممثل الجديد تعتذر عن عدم تمثيل دور البطولة في فيلم لحسين كمال؟!، فقلت له: ألم تطلب مني أنت أن أنسحب من الفيلم لأكون بطلا في فيلمك؟!
فكان جوابه : لقد تسرعت في تنفيذ ما طلبته منك! وأنا ألغيت عقدك معي، وأسندت دور البطولة في فيلمي إلى ممثل آخر سوف يتفرغ له.
ويضيف فارس الرومانسية في السينما المصرية: وجدت نفسي في مأزق، بل إني أصبت بصدمة قاسية، وأي صدمة أقسى من أن تجئ إلي فرصة للتمثيل مع نجمتين كبيرتين هما (شادية وسعاد حسني) وفجأة أفقد هذه الفرصة، وأجد نفسي انطلق مجددا من نقطة الصفر.
وحدثت لي أزمة كبيرة لمدة أسبوع وزارني الاكتئاب ووسط هذه العتمة النفسية وأنا في دوامة القلق الشديد، فجأة إتصل بي المخرج حسين كمال وقال لي أنه فكر فيما قلته له، وإنه يرفض إلغاء عقدي معه، ويصر على أن أمثل دور البطولة في فيلمه (نحن لا نزرع الشوك)، فقلت بيني وبين نفسي وأنا لا أصدق ما اسمعه: فرجك يارب يا ما أنت كريم يارب، ووافقت طبعا لأنني كنت مصرا أكثر منه على أن أمثل في هذا الفيلم بل إني لم أصدق أن الفرصة قد عادت إلى بعد الخطأ الذي وقعت فيه بأن أترك العصفور الذي في يدي لأجري وراء عصفور على الشجرة.