رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمد شعير يكتب : كشف الغطاء عن محمد رمضان

بقلم : محمد شعير

بما أنك تقرأ هذه السطور الآن، فأنت في الأغلب الأعم لست سوى واحد من اثنين؛ إما محب للفنان (محمد رمضان) عاشق لتجربته مهما قال وفعل، أو كاره له تعتبر أنه رمزٌ لسوءات ونقائص المجتمع. هكذا الناس في الأغلب، ولا منزلة بين المنزلتين.

بشكل شخصي، أعرف كثيرين على الجانبين؛ المحبين والكارهين، وللعلم؛ فهم ليسوا نمطيين (مؤطرين)، بمعني أنه ليس كل المحبين من أبناء الطبقات الشعبية أو العشوائية الفقيرة، إنما قد تجد شبابا واعيا من الطبقات الغنية يقولون إنهم معجبون بإصراره وتحديه ونجاحه، وفي المقابل، ليس كل الكارهين من المثقفين الواعين المتعلمين، إنما قد تجد بعضهم يكتب (مُنظِّرا) ضد رمضان وما يمثله رمضان، بكتابات عميقة فخيمة، لا يخلو سطر فيها من أخطاء الإملاء.

أين المشكلة إذًا؟!.. تلك هى المشكلة، بل الأزمة المعضلة. المشكلة هى (الجماهير) وسلوكها.

لماذا لا يبتعد عن الجدل ويتفرغ لموهبته

تصر (الجماهير) على أن تقطع الطريق حتى آخره. الطريق رسمه منذ 125 عاما المفكر الفرنسي الشهير (جوستاف لوبون) في كتابه المرشد (سيكولوجية الجماهير)، موضحا أن (الجماهير) تنفعل ولا تعقل، تتأثر بالشعارات ولا تفكر، وبرغم أن الرجل كان يقصد توعية البشر حتى لا يقعوا في فخ السلطات، ولعبة التأثير والتأثر، إلا أن ما حدث هو العكس. السلطات عبر العصور هى من استغلت كلام (لوبون) واستخدمته لتفهم نفسية الجماهير وتعرف كيف تتلاعب بها، أما الجماهير ذاتها فلم تستفد من الكتاب بالطبع، وكيف تستفيد؟!. الجماهير لا تعقل، وهي أيضا لا تقرأ.

لكنها – الجماهير – برغم كل هذا، تقلق، وتؤثر، لذا فالكل يحسب حسابها، ويسعى لاجتذابها، والتأثير فيها.

ما كل هذا الكلام الكبير في معرض الحديث عن (واحد زي محمد رمضان؟!)، أسمع الآن همسك أيها المثقف المتأفف الكبير، والحق أنني لا ألتفت إليك أو تأففك. كما لا ألتفت أيضا إلى مشاعر (ألتراس محبي رمضان) الذين ربما يطوون السطور الآن بحثا عن كلام مفهوم، يُشتمُّ منه رائحة التمجيد والدفاع عن (البطل الهُمام) فينطلقون في الحال إلى (اللايك والشير).

لا يعنيني هذا أو ذاك، إنما أتجه فقط إلى العقلاء، أقصد العقلاء المُحتَملين، المتحمِّلين.

الآن، تم الإعلان عن إلغاء حفل محمد رمضان في الإسكندرية، وهو الحفل الذي كان مقررا له يوم السابع من أكتوبر، وسبقته أزمة كبرى، كانت (الجماهير) كما العادة دوما هى وقودها.. عفوا.. ربما نسيت أن أقول..

الجماهير أيضا قابلة دوما للاشتعال، جاهزة، وفي الحال، دون أن تساءل نفسها أبدا عن مصدر اللهب الذي أشعلها، أقصد المصدر الحقيقي الخفي، لا الشعارات هنا أو هناك.

الأزمة التي سبقت الحفل تمثلت في حملة على (فيسبوك) أعلنت أن الإسكندرية لا ترحب بمحمد رمضان!، وانتشرت الحملة كالنار في الهشيم، تلقفت كرة اللهب (جماهير)، دون أن يعرف أحد من وراء الحملة بالتحديد. وفي المقابل، وبذات التحدي في الاتجاه الآخر، قرر رمضان أن ينزل إلى الشارع، في الإسكندرية، ليرى بنفسه إن كانت لا ترحب به بالفعل أم لا!. وقد رأى؛ وجد ما سيلاقيه أي فنان ينزل إلى (جماهير) من ترحيب وابتسامات وتصوير ومصافحات، حتى إن كان بعض هؤلاء يدمن حبوب (شجاعة الخفاء)، فيسب ويلعن – من خلف شاشة – على الفيسبوك هذا الفنان أو ذاك.

قام بارتداء عشرة أزياء مختلفة في حفله الأخير بالعلمين

تلك هى المسألة.. والمعضلة.. من يملك التحدث باسم الجماهير؟!

لكن المسألة الأهم، ليست في وجود (جماهير) ترحب بمحمد رمضان و(جماهير) لا ترحب، إنما السؤال الذي لا تحب الجماهير كلها – من المحبين أو الكارهين – طرحه هو: لماذا؟!.. أو.. لماذا الآن؟!.

لا شيء يجري اعتباطا، ومحمد رمضان كان حتى وقت قريب للغاية، وبالتحديد يوم 26 أغسطس الماضي، يشعل أجواء مدينة (العلمين الجديدة) بالغناء في حفل كبير، وسط الكبار، ومع الكبار. يومها قام بارتداء عشرة أزياء مختلفة؛ زي جديد مع كل أغنية، وبالطبع كشفت الأزياء كالمعتاد عن صدره العاري، كما كشفت كلمات أغانيه عن الصورة التي يحب دوما تقديمها، بأنه (نمبر 1)!

سواء كنت تحب هذا أو تكرهه، فالسؤال هو: ما الجديد في هذا؟!. والأهم هو: ما الجديد الذي حدث خلال أقل من شهر ونصف الشهر ليتم السماح بوضع رمضان في (ركن) كهذا؟!، هل تقرر كشف الغطاء عن محمد رمضان؟!.. لماذا؟.. ولماذا الآن؟!.

حملة، وإلغاء حفلة، وبينهما مقالات على مواقع بعينها ضد رمضان وتجربته، كأنه ظهر بالأمس فقط، ثم.. كلمات كتبها هو على صفحته بعد إلغاء الحفل، وتعمدت بعض المواقع حذف الجزء الأول منها أو تجاهلها بالكامل. كتب: (عندك سُلطة تلغي حفلتي.. عندك سُلطة تهد.. بس ماعندكش ع الأرض محبتي.. ولا عندك عزوة بجد).

مشاعر (ألتراس محبي رمضان) متطرفة في أحيان كثيرة

ما الذي يعنيه هذا؟!.. الشائعات متداولة، وقد يعرف الإجابة – التي لا أعرفها حقا – متابعون مختصون قريبون من المشهد، لكن هذا لا يعنيني. ما يعنيني هو السؤال: هل يمكن أن تسأل (الجماهير) مثل هذه الأسئلة أم أنها معنية فقط بالانسياق والانجرار والانحياز (مع أو ضد) فحسب؟!، هل يمكن أن تكشف (الجماهير) الغطاء عن عقولها؟!.

لو فعلَتْها (الجماهير) مرة واحدة لفهمتْ، لعرفت، والمعرفة كنز، بعدها فليبنِ كلٌّ انحيازه لرأيٍ في المسألة، لا بأس، بل لابد.

ها هو المقال قد شارف على الانتهاء، وأنا – في نظرك غالبا – لم أكشف الغطاء، لم أظهر لك موقفي الشخصي من محمد رمضان. إن كان يهم؛ فإنني أرى الشاب موهوبا بحق، لكنني حزين على كثير من سلوكه الشخصي وتصريحاته، وعندما يُذكر محمد رمضان فإنني على الفور أتذكر (محمدا) آخر، هو محمد صلاح، ألا تتشابه معاناة البدايات؟!، ولكن لماذا يتصاعد الجدل وتتعثر الخطوات في مسار أحدهما بينما تتغلب المحبة والتقدير على العقبات في طريق الآخر؟!.

لا أحب النصح، وليس جديدا أن يطالب أحدٌ محمد رمضان بالاستعانة بمستشار نفسي وسلوكي، كي يبتعد عن الجدل ويتفرغ لموهبته، فالحكاية صناعة وعلم وليست (فتونة وعافية وذراع)، لكن المهم والأهم على الإطلاق هو وجود من يغذي ويدفع نحو الانضباط لأجل النجاح والانطلاق، وليس من يقرر استغلال الحالة كما هى، استغلالا لجماهيريتها، واستفادة منها، قبل أن يقرر كشف الغطاء، ربما لفترة، تعود بعدها الأوضاع إلى الاستقرار، لسبب خفي أيضا، وبين هذا وذاك، تظل الجماهير حائرة، تائهة، منقادة، منحازة، عاجزة حتى عن طرح الأسئلة الصحيحة، دون انتظار الإجابات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.