إذاعة BBC .. السكوت عن الكلام غير المباح في زمن ازدهار الرايو !
كتب : محمد حبوشة
بعد 84 عاما من العمل الإذاعي الذي يوصف بالمصداقية انطفأت سمعة إذاعة الـ (بي بي سي) في عز ازدهار (الراديو)، وهو ما يأتي في إطار خطة لإعادة هيكلة المحطة، حيث أعلنت هيئة الإذاعة البريطانية أنها ستلغي مئات الوظائف عبر الخدمة العالمية مع إغلاق المحطات الإذاعية، وأعلنت الهيئة في بيان لها إنه سيتم إلغاء 382 وظيفة بموجب المخطط المدروس، وإغلاق راديو (بي بي سي عربي) وراديو (بي بي سي الفارسي)، وقالت (إن التضخم المرتفع والتكاليف المرتفعة وتسوية رسوم الترخيص النقدية الثابتة أدت إلى خيارات صعبة عبر هيئة الإذاعة البريطانية)، وأضافت إن خدمات (بي بي سي) الدولية بحاجة إلى توفير 28.5 مليون جنيه إسترليني كجزء من المدخرات السنوية الأوسع البالغة 500 مليون جنيه إسترليني كجزء من محاولتها لجعل الشركة رائدة رقمية.
وقالت مديرة خدمة بي بي سي العالمية، ليليان لاندور: لم يكن دور (بي بي سي) أكثر أهمية في جميع أنحاء العالم من أي وقت مضى كما هي اليوم، وأضافت أن الشبكة حظيت بثقة مئات الملايين من الأشخاص للحصول على أخبار عادلة ونزيهة، خاصة في البلدان التي تعاني من نقص في المعروض، وتابعت: (تتغير الطريقة التي يصل بها الجمهور إلى الأخبار والمحتوى، ويتزايد التحدي المتمثل في الوصول إلى الناس في جميع أنحاء العالم، وإشراكهم بجودة الصحافة الموثوقة).
ونحن مع قول (لاندور) حول أن دور (بي بي سي) أكثر أهمية في جميع أنحاء العالم من أي وقت مضى كما هي اليوم، لأنها شبكة مغرضة أصبحت لا تتصف بالمصداقية التي كانت معروفة بها إلى حد ما قبل (أحداث الربيع العربي) حين انحازت للجماعة الإرهابية، ومثلت الذراع الإعلامي القوي، ومن ثم أصبحت الشبكة لاتحظى بثقة مئات الملايين من الأشخاص للحصول على أخبار عادلة ونزيهة، كما أن الطريقة الملتوية التي يصل بها الجمهور إلى الأخبار والمحتوى عبر (بي بي سي) جعلت العزوف عن تلقي أخبارها بمثابة التحدي المتمثل في الوصول إلى الناس في جميع أنحاء العالم، وإشراكهم بجودة الصحافة الموثوقة على حد زعمها.
وعلى الرغم من حزني الشديد على زملاء تم الاستغناء عن خدماتهم في ظل تلك الظروف الصعبة والقاسية علينا جميعا، إلا أنني لست مع المشاركة في سرادق العزاء الذي أقامه البعض على مواقع التواصل الاجتماعي حوال افتقادهم لإذاعة كان لها ماض عريق قبل أن تتحول إلى بوق يدعم الإرهاب في العالم العربي تحديدا مع تفجر ثورات وهمية كان ومازال هدفها تفكيك دول العالم العربي وتقسيم المقسم لخدمة أغراض غربية فشلت في معاركها العسكرية في السيطرة المباشرة، فلجأت إلى حروب الجيل الرابع والخامس التي اتخذت من (بي بي سي) رأس حربة في اختلاق الأكاذيب وإطلاق الشائعات التي أصبحت آفة هذه الإذاعة التي كانت عريقة قبل أن تنزلق في تلك البركة الآسنة.
تاريخ طويل من الإساءات لـ (بي بي سي) يعود للرئيس الراحل جمال عبد من خلال معالجتها السياسية المنحازه إلى الخمسينيات فدائما ما اعتادت الحيد عن الشكل غير الصحيح فى معالجتها الإخبارية، وهو ما جعل المصريين يصفونها (بعدو الشعب) حيث وثقت مكتبة عبد الناصر التاريخية فيديو يرد فيه الزعيم الراحل على إهانات هيئة الإذاعة البريطانية المتكررة لشخصه وللشعب المصرى والوطن، وذلك عندما قال فى إحدى خطبه المسجلة نصا: (لما تطلع الإذاعة أو التليفزيون البريطانى البى بى سى، وتقول جمال عبدالناصر كلب، مثلا)، نقول لهم: (أنتم ولاد ستين كلب)، حيث قال نصا فى إحدى خطاباته: (بتقولوا عليا انا كلب طيب انتوا اللى ولاد ستين كلب.. وهنشتمكم ونشتم الملك بتاعكم كمان)
وفى خضم العدوان الثلاثى الذى شاركت فيه بريطانيا ضد مصر مع فرنسا وإسرائيل، استخدمت لندن وسائل إعلامها وكان على رأسها شبكة بى بى سى، لتحرض ضد مصر، وتشوه صورة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، بعد أن وجه للدول المشاركة فى العدوان ضربة كبرى وأجبرهم على الانسحاب، ولم يكن دعم القناة البريطانية بشكل كامل لجماعة الإخوان الارهابية ونشر معلومات غير دقيقة وكاذبة، عن حقيقة الأوضاع فى مصر، مفاجئا فالهجوم على مصر وإدعاء الأكاذيب عليها نهج ليس بجديد عليها.
وفى خلال ثورة 25 يناير و30 يونيو، فلا ينسى ما تداولته (البى بى سى) بفيديو عن أشخاص بـ”زى الجيش المصرى يقتلون أفرادا فى سيناء”، والذى ظهر فيه أشخاص بملابس بالجيش المصرى فى سيناء يقتلون أربعة مواطنين، إضافة إلى الأكذوبة التى رددتها بشأن طلب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب سرا من الرئيس عبد الفتاح السيسى المساعدة فى تسوية قضية الناشطة (آية حجازى)، وعلى مدار الأعوام الماضية، وقعت الكثير من الإدعاءات التى توالت فيها شبكة البى بى سى قول الزور عن مصر وشعبها، ومن بين هذا السجل كان الإدعاء بنشر فيلم وثائقى فى فبراير 2018 بعنوان (سحق المعارضة فى مصر)، أعدته المراسلة البريطانية (أورلا جويرين) زوجة مايكل جورجى، المدير السابق لمكتب (رويترز) بالقاهرة عام 2015، المطلوب من جهات التحقيقات المصرية، بشأن تقرير مفبرك أعده فى قضية الشاب الإيطالى ريجينى.
وادعت المراسلة فى تقريرها المزعوم تعرض الفتيات للتعذيب والاغتصاب داخل السجون المصرية، واختفائهن قسريا، وقدمت (زبيدة) نموذجا، إضافة إلى الفيلم الذى لا ينسى لها عن جنود الأمن المركزى والمعروف بـ (موت فى الخدمة) والذى تحدث عن معاناة مزعومة لجنود الأمن المركزى، كما عمدت بى بى سى خلال هذه الأيام العمل على دعم تنظيم الجماعة بشكل واضح ومتعمد فى كافة تغطياتها وكانت البداية بعنوان التقرير الذى تعمد وصف دعوة أحد مذيعى قنوات الإخوان على حسابه بتويتر، بأنها حملة، مضفيا عليها ما ليس فيها فى الواقع المصرى، والترويج لهذه الدعوة الزائفة التى لا صدى لها فى مصر بالقول فى عنوان التقرير بأنها (تجدد دعوتها)، وكأنها قد حدثت بالفعل قبل هذا، حتى أطلق عليها المصريون (هيئة الإشاعة البريطانية).
وبثت (بى بى سى) ضمن التقرير 3 فيديوهات مدتها أكثر من 6 دقائق، لاثنين من مذيعى فضائيتين تابعتين لجماعة الإخوان الإرهابية تبثان من تركيا، زعما فيه – كذبا – أن هناك مظاهرات تجتاح مدنا وقرى مصرية استجابة لدعوة أحدهما، ولم يطرح التقرير أى تساؤلات ضرورية من الناحية المهنية حول صحة ما بثته هذه الفيديوهات الإخوانية من مظاهرات مزعومة ولا التواريخ الحقيقية لها، كما استعانت بى بى سى بأحد العناصر الإخوانية للعمل لديها، وهو (إسلام جاويش) والمحكوم عليه بالسجن 5 سنوات فى مصر.
ولم تكن الهيئة العامة للاستعلامات ببعيدة عن تلك الأكاذيب والافتراءت والشائعة التي دأبت عليها البي بي سي، ففى أكتوبر 2017، وجه ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات خطابا لمؤسسة (بى بى سي) بشأن تغطيتهما لحادث (اشتباكات الواحات)، وتم تسليمهما لمديرى مكتبيهما فى القاهرة، ولا ينسى ما أصدرته الهيئة العامة للاستعلامات من بيان ردت فيه على أكاذيب وادعاءات بشأن الأوضاع السياسية والاجتماعية فى مصر، وأوضاع السجون وحقوق الإنسان وغيرها فى 24 فبراير 2018، كما أصدرت الهيئة بيانا آخر فى نهاية مارس الماضى أكدت فيها أنها بذلت طوال ما يزيد على عام كامل جهوداً حثيثة وجادة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بى بى سي)، سواء عبر مكتبها بالقاهرة أو مركزها الرئيسى بلندن، من أجل التوصل لالتزامها فى تغطياتها للشئون المصرية بالموضوعية والحياد والقواعد المهنية الإعلامية المستقر عليها دولياً، بل والقواعد المهنية التى تدعى (بى بى سى) أنها تلزم نفسها بها، وقد أسفرت هذه الجهود عن التزام (بى بى سى) لعدة أشهر فقط بهذه المعايير فى تغطياتها للأوضاع المصرية.
ويبدو ملحوظا أم مصر ليست وحدها المستهدفة من حملات الأكاذيب، بل إن شبكة بى بى سى اعتادت اتخاذ سياسة معادية ضد الدول العربية كلها وليس مصر فحسب، وذلك باعتبار أن منطقة الخليج العربى هى منطقة استراتيجيه وهامه وتخدم مطامعها فى الثروات الطبيعية مثل الغاز والبترول، فدائما ما تتحدث عن حقوق الإنسان فى السعودية بشكل معادى بجانب الدور البريطانى فى اليمن والتى قدرت من خلال تغطياتها الإعلامية على الإحباط من محاولات الحل السياسى، وأيضا معالجتها للأحداث فى العراق وسوريا حيث أثبتت تقارير أن مراسلى البى بى سى فبركوا تحقيقات تخص الوضع فى هذه الدول مما أجج الصراع.
الواقع ياسادة أن (بي بي سي) منذ الخمسينيات وهى أحد الأذرع الأساسية فى محاربة تحرر مصر من الاستعمار الإنجليزى وظلت تحارب الدولة المصرية وصولا إلى نكسة 1967، والمصريين كانوا يلقبونها بإذاعة العدو وبعد طرد الإخوان من مصر بواسطة جمال بعبد الناصر وقاموا بلجوء سياسيى اتجهوا إلى لندن وتبنت (بى بى سى) رعاية مصالحهم السياسيه، ولعله يبدو ملحوظا أنه بعد 30 يونيو كانت أحد أهم المنصات الإعلاميه فى الهجوم على مصر والتى استخدمها الإخوان خارجيا، وذلك لخدمة أهدافها تخص اكتشافات الغاز ومدى وجودها فى منطقة الخليج العربى، وواصلت إعلان العداء للشعب وللدولة الآن باستضافة وتوظيف عناصر من تنظيم الإخوان تعمل ضد الأمن القومى المصرى.
سياسيات (بى بى سى) كما يبدو لي من خلال المتابعة أنها تعكس سياسة الملكة المتحدة وتوجهاتها، فعلى مدار تاريخها هناك تعمد مقصود فى تغطية مصر بشكل غير دقيق وغير صادق وغير موضوعى، والذى تحول لتطبيل إعلامى والذى يعد مخالفة لمعاييرها لما تدعى اتباعه، وتاريخها يشهد بذلك فالصورة شديدة السلبيه والظلامية، تغطية البى بى سى مهما ادعت الحيادية غير صحيحة، وهى تعكس توجهات المملكة المتحدة واستراتيجياتها فى العلاقات الدوليه، وهناك ضغوط عليها تظهر فى معالجتها لدول الخليج والحرب فى اليمن والعراق.
(أكذب.. ثم أكذب.. حتى يصدقك الناس).. هذه هى الجملة الأكثر تأكيدا لما كانت تخطط له و تصنعه هيئة الإذاعة البريطانية (بى بي سى) منذ عشرات السنوات من خلال بث تقارير ومواد مفبركة ومزورة وإذاعتها وبثها على الشعوب العربية والمجتمع الدولي برمته، ما يعد معه خطيئة لا يمكن أن تغتفر في حق شعوب العالم الذى وثق في تلك الهيئة واعتبروها أحد أهم المدارس الإخبارية، إلا أنها تمارس سياسة (دس السم فى العسل) والمتتبع لهذه الإذاعة البريطانية سوف يلحظ تجاوزت خلال الفترة السابقة كل حدود حرية الرأي والتعبير، وكذا الاختلاف السياسي، الأمر الذي دعا العديد من الشخصيات الحقوقية المصرية برفع دعاوى قضائية لمحاصرة الشائعات والتقارير المفبركة التي تبثها يوما بعد يوم فى محاولة بائسة لتأجيج وتهييج الرأي العام في الداخل والمجتمع الدولي ضد الدولة المصرية.
وأخير: لا ينبغي للعقلاء من الشعب المصري الانضمام لسرداق العزاء الذي أقامته الكتائب الإخوانية طوال الساعات الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي متناسين أن الأزمات التي مرت بها الدولة المصرية منذ القدم كشفت عن الوجه القبيح لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، أن هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) نمت وترعرعت فى الأساس على الكذب والتضليل خاصة حول كذبة الاختفاء القسري التى تفضح دائما حالة الافتراء والمؤامرات الخسيسة ضد مصر وشعبها منذ يونيو 2013 وحتى الآن، والتي تعتمد علي ترويج أكاذيب حول حالة الحقوق والحريات بالداخل المصري، وهى التي تدعي دائما أنها مدرسة السياسة والثقافة والفكر والرقي في الأداء!، فلا ردها المولى عز وجل ولا جعل لها وجودا بعد اليوم.