مفاجأة نكشفها بعد 52 عاما من رحيل الزعيم الخالد : موفق بهجت : جمال عبدالناصر حذف اسمه من ملحمتي الوطنية (العقارب)
كتب : أحمد السماحي
لم يحزن الشعب المصري على موت رئيس مثلما حزن على فراق الزعيم (جمال عبد الناصر)، ولم ير الشعب المصري جنازة مهيبة مثل جنازة (أبوخالد) التي حضرها ما بين أربعة وستة ملايين شخص، في هذا اليوم توقف فيه قلب القاهرة عن النبض، وخرجت الجماهير من كل حدب وصوب ترفع صور الزعيم الخالد الذكر وكأنها تتحدي الموت، وتدفقت المواكب من كل المحافظات متشحة بالسواد حزنا علي الرحيل الكبير، وكانت بمثابة (مناحة) عظيمة في كل ربوع مصر حضرها كثير من رؤساء الدول الأجنبية والعربية، ونزل المصريون في الشوارع متشحين بملابس الحداد وكأن شعور كل مواطن أنه فقد أبوه أو أخوه أوقريبا له أو جارا عزيزا عليه، بينما صراخ النساء المنتحبات يسمع في شوارع مصر كلها.
اليوم وبعد 52 عاما من رحيل الزعيم (جمال عبدالناصر) يفجر المطرب السوري الكبير(موفق بهجت) مفاجأة من العيار الثقيل خاصة بملحمته الغنائية (العقارب) التى كانت أول عمل يقوم به بعد استقراره في القاهرة عام 1970 حيث قدم هذا العمل مع مجموعة كبيرة من نجوم مصر تتقدمهم سيدة المسرح العربي (سميحة أيوب، وصلاح ذوالفقار، وصلاح قابيل، ومحمود ياسين، وعايدة الشاعر).
عن هذا العمل الذي لا يعرفه أحد يقول مطربنا السوري الكبير موفق بهجت: (العقارب) ملحمة غنائية وطنية كانت من إنتاج إذاعة صوت العرب، وأذيعت مرة واحدة أو مرتين على ما أذكر في بداية عام 1970 وتوقفت الإذاعة عن إذاعتها نظرا لمرور مصر بالعديد من الأزمات كانت أهمها رحيل معشوق الجماهير المصرية والعربية الزعيم (جمال عبدالناصر) الذي طلب حذف اسمه من هذه الملحمة عندما عرضها عليه رئيس الإذاعة المصرية، حيث كان في الملحمة بيت يقول: (هذا عبدالناصر منكم كونوا مثله، إن الشعلة ليست تطفئ إن غذاها لهب المبدأ)، يومها طلب الزعيم حذف اسمه واستبداله باسم (عبدالباقي) دليل على البقاء والصمود.
وصرح صاحب (رحتم بالسلامة): كانت الملحمة التى أعدها وأخرجها (نذير عقيل)، وألقى مقدمتها بصوت جميل النجم (محمود ياسين)، تدور حول أم لديها إرادة قوية وعقيدة إيمانية وعسكرية راسخة تضرب هى وأولادها الفدائيين الثلاثة أروع الأمثلة فى التحدى والفداء، والإصرار على المقاومة فى أسوأ الظروف التى مرت عليهم فى أعقاب الهزيمة المرة فى يونيو 1967.
حيث يقوم الفدائيين الثلاثة بوضع لغم في مقر إسرائيلي به عدد كبير من الإسرائليين، لكن يشاء حظهم التعس أن يأتي أحد القادة الإسرائليين المهمين ويمنع خروجهم في الوقت الذي ضبطوا عقارب الساعة على توقيت معين، فقرروا أن يضحوا بأنفسهم ليبقوا مصابيح تضيء الطريق لأجيال لاحقة، ويرحوا بعد أن سطروا أسماءهم من نور فى تاريخ الفدائيين.
ويضيف موفق بهجت: لعبت دور الأم السيدة سميحة أيوب ولعبت أنا وصلاح ذوالفقار وصلاح قابيل أدوار أبنائها، وكتب أشعار هذه الملحمة الشاعر السوري (أحمد قنوع)، ولحنها الموسيقار (حلمي بكر)، وكانت مليئة بالكورال والمجاميع، والغناء (الرستيف) الذي يؤديه نجوم التمثيل، المشاركين في الملحمة، وشاركت المطربة (عايدة الشاعر) بالغناء، ومن الأبيات التى أتذكرها في هذه الملحمة:
يا أبناء المأساة كنتم دوما أوفى أمة
شمسا هزمت شبح الظلمة
أيديكم تجتاح الأزمة، مهما اشتدت تلك الأزمة
سيروا صفا نحو القمة، إن الأمة ليست أمة
إما كانت فكرا، قلبا، روحا، عقلا
تسعى دوما أن تصعد يوما للقمة
هذا عبدالناصر منكم كونوا مثله
إن الشعلة ليست تطفئ إن غذاها لهب المبدأ
الموت الموت على الطرقات
وجموع الشعب على الطرقات
ولصوص الأرض على الطرقات
يا مستعمر هدد، إنذر، إنسف، دمر
أرضي، عرضي لا أهجرها وسأحررها شبرا شبرا
يا مستعمر هدد، إنذر
فيها سأبقي مهما أشقى، قلبي مسامر دق في تربتها
لن تقلعني ريحا عصفت في تربتها
الكورال: مرحبا بالموت أهلا مرحبا
ووداعا لحياة ليس نحياها كريمة.
ويقول صاحب رائعة (أنا وهالطريق): هذه الملحمة كان من المقرر أن يتم تصويرها للتليفزيون المصري، وتحمس لإخراجها المخرج (محمد فاضل)، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن حيث رحل الزعيم جمال عبدالناصر، وانقلبت الأوضاع رأسا على عقب! ولم يتم تصويرها وتاهت مع الأيام والسنين.
والآن وبعد أن انتهى مطربنا السوري الكبير (موفق بهجت) من كلامه هل نطمع أن تفرج إذاعة (صوت العرب) عن هذه الدرة الغنائية الرائعة التى قام ببطولتها وغنائها مجموعة من كبار نجومنا ولا يعلم أحد عنها شيئا رغم أهميتها القصوى؟!