خالد الصاوي يودع مبنى ماسبيرو قبل بيعه في مسلسل (أعمل ايه ؟)
كتب : محمد حبوشة
يبدو أن السيناريست (محمد الحناوي) استشعر في الأمر خطر مع إرهصات بيع مبنى ماسبير، فأراد أن يوثق لحال المبنى العريق في مسلسله الحالي (أعمل ايه؟) وكأنه لسان حاله يحار في الأمر بطرح سؤال كبير على لسان النجم الكبير خالد الصاوي: (أعمل ايه بعد بيع ماسبيرو) وهو يتجول لآخر مرة في المبنى العريق بعد إيقافة عن العمل كمهندس صوت أفنى عمره في دهاليز استديوهات ماسبيرو، كما ظهر في مشهد وداعه وهو يتفقد الطرقات سارحا بخياله بين ماض قضاه هنا حيث قام بترميم أكثر من 1200 شريط لمشاهير الغناء وأبرزهم المطرب الراحل (محمد فوزي) الذي جلبه جده (الفولاني) للغناء في الأذاعة قبل عقود ماضية.
في مشهده بالغ التأثير في الحلقة الرابعة جلس المهندس(عبد الله الفولاني/ خالد الصاوي) أمام (مديره الجديد) يتحدث بعذوبة عن ذكرياته الحلوة وعلاقات الحب والصداقة التي جمعت بينه وبين المذعين والمخرجين الذين زاملهم في (ماسبيرو)، وكيف كان يشيع بينهم جوا من الفرفشة التي تسري عليهم في زحمة ضغوطات العمل، وكيف أنه يعمل مع شباب يطلقون عليه (بابا عبد الله)، بينما يسخر منه مديره قائلا: ياسلام فرفشة !!!، ولكنه يحاول إفهامه أن هؤلاء الشباب بحاجة إلى جدار يستندون إليه كي يخفف عنهم الهموم، وفي حديث ذو شجون حول ذكرياته حول ماسبيرو الذي سيفتقده كثيرا يقول (عبد الله الفولاني) لمديره المتأفف لحديثه: بس أقول لسيادتك بصراحة يعني: (كل اللي أنا قدمته في مشواري الطويل في الإذاعة كوم واللي أنا حاقدمه كوم تاني.. حأقدم هدية يافندم للإذاعة قصاد اللي أخدناه .. موهبة تحلف بيها العمر كله) .. حيث يقم له أوراق ابنته لتوسط المدير الجديد لتعينها بالإذاعة، وكأن لسان حاله يقول أن الواسطة هى الطريق نحو الالتحاق بماسبيرو، تماما كما كان يحدث طوال الوقت.
وفي إشارة إلى دور الرواد الأوائل في ماسبيرو ذهب (عبد الله الفولاني) إلى الحديث عن (النوستالجيا) التي كانت تسكن ماسبير، حيث كان جده يعمل بالشئون القانونية، لكنه كان سميع من الطراز الخطير، فعلى حد قوله: (يروح كده ويرجع معاه مطرب جديد.. يروح كده ويرجع معاه مطربة روعة)، فيرد مديره بسخرية (ايه الحلاوة دي) بينما (عبد الله) يسترسل قائلا (أقولك بقى على الكبيرة قوي .. الجامدة هه): (جدي الله يرحمه هو جاب الأستاذ الكبير محمد فوزي من بلده من طنطا وقدمه للإذاعة المصرية)، ومن جانبه يسخر مديره قائلا: (محمد فوزي .. دا جدك ده المفرض نعمله تمثال في مدخل ماسبيرو، علشان كل اللي داخل واللي خارج يضربله تعظيم سلام)، ثم يباغته بسؤال: وحضرتك بقى اكتشفت مين بعد (تامر حسني وويجز)؟، فيرد : شادية .. (شادية عبد الله الفولاني) بنتي.. ثم يستخرج أوراق تعين ابنته مردفا: بنتي دي الإذاعة بتجري في دمها.
وكأن المدير يأصل لفكرة (الكوسة) التي سادت ماسيبرو لزمن طويل قائلا : قصد حضرتك (الكوسة) هى اللي بتجري في دمها، وفجأة يكتشف (عبد الله الفولاني) أن المدير يجاريه في الحديث و(يأخذه على قد عقله)، حيث يصدمه قائلا : (اللي حسبته لقيته ياشيخ المهندسين .. حضرتك عمال تتحنجل على المخرجين والمذيعات تنكش في ده وتفرفش في ده وتعمل علاقات شخصية علشان يطلبوك بالإسم وكل يوم تتنطط في برنامج وتلعب في جدول التوزيع لحسابك وتقبض قد مرتبك عشر مرات)، ويرد عليه (عبد الله) وكأنه يشخص لآخر مرة أمراض ماسبيرو: (أنا لوكنت باجري ورا الفلوس كنت اشتغلت بره زي ولادي في الحفلات في الشوارع وغيره ودي فلوسها أكتر)، لكن المدير يصل لقمة الانفعال معبرا عن حالة التذمر التي سادت ماسبير سنوات، قائلا : (وتجري في الشوراع ليه: حد يسب تكية جده .. تقعد وتأنتخ وتشغل عيالك كلهم معاك، على جثتي لابنتك حتخطي عتبة ماسبير برجليها ولا انته تقعد في مكتبك يوم واحد، وايه رأيك حاصدر قرار بمنع إذاعة محمد فوزي في الإذاعة علشان خاطر جدك) في إشارة لتعنت مديري ماسبيرو مع الموظفين وذاك مرض آخر شكل ظاهرة سلبية طوال 62 سنة من عمر ماسبيرو العريق.
وفي تلك الأجواء المشحونة بالغضب يتصل رئيس الإذاعة بمدير قطاع الهندسة الإذاعية ليكلف المهندس (عبد الله الفولاني) بالتوجه لستديو 13 فورا، وبعدل محاولات الجدل بين المدير ورئيس الإذاعة التي باءت الفشل عن إثنائه عن قراره يخضع في النهاية لطلبه حيث يكلف (عبد الله) للتوجه لستديو 13 بعد أن كان أوقفه عن العمل شهرين وتحويله للتحقيق في وقائع الفساد التي يراها المديرلايمكن السكوت عليها بعد الآن، ويصل (عبد الله) منهكا ليمارس عمل الهندسة الإذاعية لبرنامج (فتش عن المرأة والذي يستضيف غريمته المحامية الشهير والمرشحة لمجلس النواب (أشجان رستم/ نيهال عنبر) ثم يغفو (عبد الله) قليلا ولا يخرج فاصلا لتظل أشجان مستمرة في حديثها الذين يهين المرأة، وتعترف أيضا بإجرائها عمليات تجميل لتصبح فضيحة مدوية على الهواء، ما يتسبب في في أيقاف (المهندس عبد الله) من عمله على أثر شكوة أشجان بتعمده تشويه صورتها.
يخرج عبد الله مودعا مبنى ماسبيرو بخطى وئيدة منكس الرأس بينما يتلو أحدهم قرار فصله قائلا: (قرار إداري رقم 13 الصادر من السيد المهندس رئيس قطاع الهندسة الإذاعية، أولا: إحالة المهندس (عبد الله إبراهيم الفولاني) للتحقيق الفوري عما ارتكبه من إهمال جسيم في العمل، وما صدر منه برعونة واستهتار شديد أدى إلى إحداث إذاعية كبيرة وفضيحة مهنية على الهواء، ثانيا : وقفه عن العمل مؤقتا ومنع إصدار تصريح بدخوله مبنى الإذاعة والتلفزيون نهائيا لحين انتهاء التحقيقات، مع توصية الإدارة القانونية باستجعال إحالة الملف كاملا إلى النيابة الإدارية لإعمال شئونها قبل المذكور.
وبهذا المشهد فيما يبدو أن كاتب السيناريو أراد أن يلخص أمراض ماسبيرو العضال ويوثق لآخر مرة حال (ماسبيرو) الذي أدي به إلى البيع والتخلص من جثته التي ظلت لسنوات طويلة محنطة في ثلاجة موت الإعلام المصري بدعوى الريادة والتراث والتاريخ العريق!.