فؤاد المهندس .. شغفه وولعه بالمسرح كان سببا في شفائه من أزمة قلبية حادة !
* (مستر أكس) الذي لا يموت، والذي سرقه أحمد فهمي!
كان بين الفنانيين زمان علاقة أقرب إلى الأخوة الصادقة، يعيشون طوال أيام التصوير علاقات صداقة بريئة، وزمالة محترمة، بعيدة عن المصالح الضيقة، والمنافع المؤقتة، والشوائب المكدرة، علاقة قائمة على الثقة والمودة والبساطة، أساسها الصدق وفروعها الكلمة الطيبة وإحسان الظن والألفة، لهذا كانوا يجتمعون دائما فى بداية أي فيلم أونهايته ليأخذون مع بعضهم صورة تذكارية أو (سيلفي) بلغتنا الآن.
كتب : أحمد السماحي
يعتبر شهر سبتمبر هو شهر نجم الكوميديا الكبير (فؤاد المهندس) بامتياز، حيث ولد ورحل فيه (6 سبتمبر عام 1924 – 16 سبتمبر عام 2006)، ورغم رحيله منذ 16 عاما إلا أن أعماله مازالت حاضرة في الأذهان بقوة، والدليل أنه يتم سرقتها وتقديمها بصورة جديدة، حيث أوشك النجم (أحمد فهمي) حاليا على الانتهاء من تصوير فيلم جديد بعنوان (مستر إكس) قصة أمانى التونسي، وفكرة محمد سويلم وفادى أبو السعود، إخراج أحمد عبد الوهاب، وتدور أحداثه في إطار كوميدي رومانسي.
و(مستر أكس) هى الشخصية الشهيرة جدا التى قدمها (فؤاد المهندس) من خلال فيلمي (أخطر رجل في العالم) و(عودة أخطر رجل في العالم)، ربما يكون فيلم النجم الشاب (أحمد فهمي) مختلفا تماما عن ما قدمه (المهندس)، لكن يكفي إنه استحضر شخصية معروفة ومرتبطة بالراحل (فؤاد المهندس) وعالقة في ذاكرة محبي الفن السابع.
هذا الأسبوع في باب (سيلفي نجوم زمان) ننشر لنجم الكوميديا الراحل (فؤاد المهندس) صورة طريفة تجمعه برفيقة دربه ومشواره النجمة الكبيرة (شويكار)، وصديقهما نجم الكوميديا الجميل (محمد عوض)، أثناء اشتراكهم في مسرحية واحدة، بعد 3 سنوات أمضاها هذا الثلاثي في مناقشات واستقر رأيهم على المشاركة في مسرحية واحدة، بعد أن كانت المشكلة الأولى والأخيرة التي استغرق البحث عن حل لها هو العثور على مسرحية يتساوى فيها أدوار الثلاثة.
وخلال الأعوام من (1969 إلى 1972) دخل أكثر من مخرج في تجربة مع (فؤاد المهندس ومحمد عوض وشويكار) لإخراج العمل الفني إلى حيز الوجود، آخر المخرجين الذين هرب
وا من العمل مع الكوميدين الثلاثة (حسين كمال)!.
وإذا كانت موهبة فؤاد المهندس الكوميدية استثناء إبداعيا، فالدويتو بينه وبين شويكار هو من أنجح نماذج الثنائيات الفنية فى تاريخ الفن المصرى، وهناك حالة من التناغم الاستثنائى بين الاثنين أمام الكاميرا وخلف ميكروفون الإذاعة، وفوق خشبة المسرح، وكان كل منهما يؤثر بوهَج موهبته فى الآخر، وهذا يفسر كثيرا هذا العدد الكبير من الأعمال التى شاركا فيهما معا، وفيه تركيز على علاقة الحب التى تحدث رغم التنافر بين شخصيتيهما، هى الهانم، السيدة الأرستقراطية المدللة، وهو الموظف الغلبان الذى يقع فى غرامها، وعلى هذه التيمة قدما معا عشرات الأعمال، منها بالطبع مسرحيات (أنا فين وانتى فين)، و(أنا وهو وهى)، وأفلام من نوعية (العتبة جزاز، الراجل ده حيجننى، شنبو فى المصيدة، إنت اللى قتلت بابايا) وغيرهم.
وكانت كلمات (المهندس) فى برنامجه (كلمتين وبس) بمثابة بحث دقيق عن أبسط مشكلات المواطن المصري في كل صباح، ومن هنا كان دفتر أحوال الشارع المصري فى تفاصيله الدقيقة، فى منتصف الخمسينات حضر إلى القاهرة المخرج العالمي (هيتشكوك) وأقام بفندق (شبرد) وعرف نجمنا بالخبر فذهب للقائه وسأله (هيتشكوك): من أنت؟! فأجاب فنان مصري وأريد نصيحة منك، فسأله وما هو مجالك، فقال: المسرح، فقال له ملك الرعب: أهم شيئ فى المسرح أو السينما أو التليفزيون هو (النص)، رد عليه نجمنا والأمر الثاني قال: (النص) أنه أهم شيئ فى كل الوسائط الفنية.
هذه النصيحة وضعها (فؤاد المهندس) نصب عينيه على مدى مشواره فكان لا يقدم عملا فنيا إلا ومعه ورقا رائعا خاصة في المسرح الذي يعتبره أحب المجالات إلى قلبه، لهذا أصبح الزعيم الحقيقي لجمهورية الكوميديا العربية، وأحد عملاقة الكوميديا فى مصر، وأقدر من تربع على عرش المسرح الكوميدي، ويعد اسمه مدرسة فى الدقة والإلتزام الفني والأخلاقي.
في فترة الستينات والسبعينات كان أحد مفردات الترفيه لدى الأسرة العربية، حيث يلتف حوله كل المصرين في شهر رمضان كل عام ليسعدوا بتحفة (فؤاد المهندس وشويكار) الإذاعية الجديدة من خلال مسلسلات رمضان التى قدمها مع شريكة عمره وحبه وفنه (شويكار)، وكان النجاح صديقهما ينتقل معهما من مجال إلى آخر، وبعد انفصاله عن رفيقة المشوار الفني، كان ينتظره ملايين الأطفال يوميا من خلال فوازيره الرمضانية (عمو فؤاد)، التى كانت تطهر نفوسنا العاطشة لفنه الجميل.
ربما لايعرف الكثيرين أن شغف وولع (فؤاد المهندس) بالمسرح كان سببا في شفائه من أزمة قلبية حادة، فأثناء تقديمه لبروفات مسرحيته (إنها حقا عائلة محترمة) أصيب بأزمة قلبية، ونصحه الأطباء بعدم إكمال البروفات لكنه رفض ذلك تماما، وعند خروجه من المستشفى زاره وزير الصحة وقتها (إبراهيم بدران) وأكد على ضرورة الراحة، ققال له: إنه يشعر بالراحة على خشبة المسرح، وكان يتابعه فى البروفات طبيبان من معهد القلب، ووضعوا له (كاسيت) بجوار القلب لمدة 24 ساعة، وبعد أربعة أيام من العرض فوجئ بهم يبلغونه أن الجلطة اختفت تماما، وقد تأكدوا يومها أن السر فى المسرح!.
رحم الله (أيقونة الكوميديا) فؤاد المهندس الذي نحيي غدا ذكراه السادسة عشر.