بقلم الإعلامي : علي عبد الرحمن
تعد مصر من أكثر بلدان العالم ثراءا بالمقومات الحضارية العريقة والحديثة التي قل أن تجدها في بقاع كثيرة تحت الشمس، فهى مهد حضارات العالم ومشرق شمس معرفته وأرض الرسالات ومسرى الرسل، وهى كما كانت قبلة التعليم والتطبيب والمعرفة ومع ذلك فقد تفوقت دول أقل ثراءا منها في عالم السياحة والسفر والاستثمار، ولست أدري هل تقوم مكاتبنا الدبلوماسية في الخارج بدورها في التسويق لمصر سياحيا واستثماريا وتعليما وعلاجا وتسوقا أم لا!.
وهل مازالت هيئة الإستعلامات بعد أن تقلصت أعداد مكاتبها في الخارج تقوم بدورها السابق في إصدار وتوزيع المطبوعات والخرائط والصور بشكل رقمي عن كل جديد في مصر أم توقفت؟!، وهل مازالت وزارة السياحة لها وفود تسويقية تجوب العالم أم لا؟!، بل وهل مكاتب هيئات تنشيط السياحة الداخلية مازالت تبذل جهودا لتنشيط السياحة الداخلية وتنتج مطبوعات وأفلاما تروج لمصر أم لا؟!، وهل غرفة صناعة السياحة والمنشآت السياحية والاتحاد المصري للغرف التجارية ومنها غرفة السياحة،هل لها دور فاعل في هذا المضمار أم لا؟!، وكل مدارسنا مازالت تروج لمصرنا لدى صغارنا أم لا؟!، وهل جامعاتنا وأنديتنا وأحزابنا تروج لبلدنا لدي كبارنا أم لا؟!، وهل مازال إعلامنا غير مقتنع بحاجة مصرنا لقناة سياحية جاهزة منذ سنوات ولم تر النور في حين أنه لدينا مئات القنوات عن الطبخ والدجل والملاسنات وكل بضعة أيام نري قنوات وشبكات جديدة ولانري حتى حديثا مطمئنا عن قناة السياحة أو برامج سياحية أو مسابقات سياحية؟!.
وإذا كان المؤتمر الدولي للمناخ والذي تستضيفه مصر في نوفمبر القادم بمدينة شرم الشيخ قد أثار شهية أهل الإعلام في إطلاق قنوات إخباريه!، ألم يكن أجدي أن نطلق قناة إخباريه وأخرى سياحية؟، وهل أعدت وزارة السياحه برامجا وأفلاما لهذه المناسبة؟، وهل قام إعلامنا بحصر كل الأفلام والبرامج والأغاني السياحية لوضعها على خرائط البث قبل وأثناء جلسات المؤتمر؟، والغريب أنه هناك عشرات الطلبات من رجال أعمال مصر لإطلاق قنوات إعلامية متخصصة ليس فيها طلب واحد لقناة سياحية أو شبه سياحية ولا حتي وزارة السياحة ولا اتحاد الغرف ولا غرفة صناعة السياحه ولا أهل الفندقة والمنتجعات فكروا في تقديم طلب لإطلاق هذه القناة.
والأمر يبدوا غريبا فلا أهل السياحة يرغبون في تنشيط السياحة ولا أهل التربية والتعليم والجامعات والأندية والشباب مهمومون بالسياحه ولا أفندية إعلامنا شغوفين بأمور السياحه وشئونها، فلا تنشيط خارجي ولا ترويج داخلي، وأخيرا قرأت عن أن وزارة السياحة اوكلت لشركة علاقات عامه دوليه مهمة وضع استراتيجيه لتنشيط السياحة في مصر، وهذا أمر أغرب، فهل هؤلاء الأجانب أدري بمكونات مجتمعنا ومعالمه وخصوصية عاداته وتقاليده؟، وهل هم أدري بمفردات تسويق مصر عصريا أم هل تظل صورة مصر دوليا محصورة بين صورتي الفتاه البدوية وخلفها الجمل!!!
ألم يعد مناسبا أن نطلق قناة أو مبادرة أو حملة تحت شعار(اكتشف بلدك داخليا) وتحت شعار (Discover Egypt)خارجيا، أما أن الآوان لتجميع جهود الدبلوماسية والاستعلامات والسياحة والتعليم والإعلام والأحزاب والشباب والثقافه لتنشيط سياحة مصر خارجيا وداخليا؟، وكفى أن شبابنا يخطأ في أسماء معالم ومدن ورواد بلده!، هل من الصعوبة تشكيل لجنة عليا من هؤلاء المختصين بشئون السياحة وعالمها؟، وهل تمويل هؤلاء مشاركة في تدشين هذه الحملة أمرا مستحيلا، أم هل المطلوب من قائدنا أن يناشد الخارج والداخل لزيارة مصر!.
ياساده فقدنا جزءا من قوتنا الناعمه عندما تراجعنا في عالم الإعلام والفن والتلاوة والآن نتراجع في جذب من حولنا للتعلم هنا وللعلاج هنا وللتسوق هنا وللتصوير هنا فماذا ننتظر؟، انشروا خريطة استثماريه لمصر وسهلوا الإجراءات فعلا وليس كلاما، سوقوا للتعليم هنا كما كنا، ادعوا للتعافي في مصر، أطلقوا مشروعا قوميا لدعم السياحة الصحية والعلاجية والبيئية ونحن نستضيف العالم في مؤتمر المناخ، استغلوا المناسبة لتقديم مصر بقوماتها كما تستحق.
أين الغيرة المهنيه؟، وأين الحس الوطني؟، وأين التفكير للوطن؟، وأين الترويج للوطن؟، أم هل نخسر كل فتره ملفا من ملفات قوتنا الناعمة؟، فبعد الدراما والغناء والمسرح والإعلام والتلاوة وأماكن التصوير المفتوحة والتعليم هنا والعلاج هنا والتنزه هنا والتسوق هنا، فماذا ننتظر بعد تسارع الدول من حولنا لملئ فراغ غياب مصر عن هذه الملفات !!!
المسألة ليست فزورة ولا معضلة، افعلوا مايجب وقدموا ما نجد ونافسوا من حولنا وراعوا سحب البساط من تحتنا، فلتكن لنا قناة سياحية، ولنطلق المبادرات الداخليه وليعد من حولنا يدرس عندنا ولتأتي الناس للعلاج عندنا، ولندشن مشروعا وقانونا للسياحة الصحية، ولنسعي جاهدين لعمل (براند) جديد لمصر غير الجمل والفتاة، لدينا كثيرا من تراث الإنسانيه وكثيرا من معالمنا الحديثة المبهرة، وليكن لدينا تعليما وعلاجا ونقاهة وترفيها وتسوقا واستثمارا وسهولة إجراءات وحملات ترويج وجولات تسويق لمصرنا.
إنها (أم الدنيا) الجميلة من لم يرها لم ير شيئا، وكفانا تقصيرا في حق الوطن وأهله، ولتحيا دوما مصر أجمل بقاع الأرض، ساحرة الأوطان وأجملها المحروسة دوما بإذن ربها، وتحيا مصر.