بقلم الإعلامية الكبيرة : هدى العجيمي
يواصل الفنان المخرج (زكي طليمات) تذكر مسيرة حياته وجهوده من أجل تأصيل رسالة المسرح ألمصري والاهتمام بكل عناصر نجاحه ومن أهمها إنشاء معهد التمثيل الذي عصفت به العواصف الحكومية فاغلق ونقل (زكي طليمات) إلى الأوبرا المصرية كأول سكرتيرلها قبل (شكري راغب).
يقول (زكي طليمات) في هذا الشأن: لم أستطع عمل جرد لمقتنيات دار الأوبرا كلما فكرت في فتح أحد الدواليب قالوا (لا)، ويقولون إن المحتويات تابعة للسرايا الملكية لذلك أطلقوا عليها اسم (الأوبرا الملكية، بدأت أعيد النظر في تفكيري وأهدافى فوجدت أن لب المشكلة هو فى جمهور المسرح، فقلت إنه لابد من وجود الجمهور قبل دور التمثيل، لاحظت أن الجمهور انصرف عن المسرح الجمهور يريد أن ياكل طعاما مصريا بدلا من أن يشاهد المسرح، أي أن المسرح لم يصبح مثل العيش عند الجمهور فلماذا لا نعمل على إيجاد الجمهور لأن إيجاد الجمهور هو أهم من كل شيئ اخر.
فكرت كثيرا في الأمر وهو محاولة إنشاء مسرح مدرسي وتصبح المدرسة وسيلة لنشر التمثيل وتعريف الطالب بالتمثيل والمسرح، ويصبح التمثيل نشاطا من أنشطة المدرسة مثل (الرياضة والتعليم)، وفى عام 1937 قدمت طلب إنشاء المسرح المدرسي في جميع المدارس الثانوية والفنية ما عدا الابتدائي لكن لم أستطع أن أعممه علي كل المدارس، بل أصبح في مدارس القاهرة فقط، المساعدون معي وزعتهم علي المدارس كل واحد منهم ثلاثة مدارس في الأسبوع لم يكفي العدد لكي أرسلهم إلى الأقاليم وبهذا أفاد المسرح المدرسي، لكنه للأسف كان تحت رحمة الناظر، أي ناظر المدرسة، وكنت على صلة بهم، كنت أذهب وأقابل الناظر وأحاول أن أقنعه بأهمية نشاط التمثيل بالنسبة للطالب وبالنسبة للفن.
وبدأ جمهور المسرح يكبر وأصبح هناك وعى فني لكن إغلاق معهد التمثيل كان صعبا جدا فعندما تغيرت الوزا ة أغلق معهد التمثيل وقامت معركة كلامية بين أنصارالمعهد وأنصار الجمود، لكن كان من حسن حظي أن أحد أصدقائي من أعضاء حزب الوفد كان من أنصار عودة المعهد، وهو الدكتور (محمد صلاح الدين) فأنا مدين لهذا الشاب الذي أصبح وزيرا للخارجية، وكان مقتنعا بدور المسرح وأهميته، وقام بإقناع المسئولين بوجهة نظره فعاد المسرح أحسن مما كان وأصبحت هناك حركة مسرحية صادقة، وأنا شخصيا مدين بنجاحى إليه فلولاه لم أكن أستطيع أن أيسر أموري .
معهد التمثيل عاد أحسن مما كان قسم تخريج الممثلين وقسم لمن يخدمون المسرح بأقلامهم، أي الناقد والمؤىف، وسارت الدراسة على أحسن وجه، وفي عام 1948 تخرج الفوج الأول من الممثلين وكانوا من أحسن الناس وهم يعملون حتي الآن مثل (صلاح منصور، فريد شوقي، حمدي غيث، نبيل الألفى، عمر الحريري، عمرعفيفي، شكري سرحان صلاح سرحان نعيمة وصفى، سناء جميل، فاتن حمامة، سميحة أيوب، ملك الجمل) وغيرهم، ولابد أن أذكر تلميذي (سعيد أبو بكر) أحسن من قدم موليير على المسرح المصرى، و(عبد الرحيم الزرقانى) الممثل الرصين، و عبد المنعم إبراهيم وعدلي كاسب)، ثم تتابعت أفواج الخريجين عاما بعد عام وأصبحت هناك حركة
مسرحية واسعة ورأيت أولادي يخرجون إلى الحياة الفنية ويعملون في وسط حركة مسرحية نشطة.
وجدت قبولا من الجمهور المحب للمسرح، لكن بعد دخولهم الفرقة القومية مع القدامي قامت الحرب بين الجديد والقديم وكانت معركة عنيفة جدا، فالفرقة المصرية للموسيقى والتمثيل من مهامها أن تقدم الرواية الغنائية ولذلك انتشر الخريجون في كل الفرق المسرحية، وأيضا المسرح المدرسي اكتسب عناصرجديدة، ولكنني لم أحقق شيء في المسرح الشعبي، قالوا هذا تابع لوزارة الشئون الاجتماعية.
وأنا عملت وحدتين مسرح نقالي تنتقل بين كل المديريات في الأقاليم لكن عدم وجودالناحية المالية كان هو العقبة في تنفيذ ذلك المشروع، المهم أصبحت أسماء الممثلين تنتشرفي الإعلانات، الأسبق للقدامي والجديد ليس لهم الحظ في الدعاية، والحل هو أنني وجدت من الخير أن أنشئ فرقة جديدة لخريجى المعهد فأنشات فرقة المسرح المصري الحديث عام 1950 من خريجى وخريجات معهد التمثيل فقط، وقدمنا روائع المترجمات العالمية (البخيل لموليير) وغيرها و(شكسبير وإبسن) وغيرهم، وكل ممثل يتولي البطولة في رواية منهم ثم جاءت الثورة عام 1952 وفرح بها كل مصري يرحب بالخلاص من الاحتلال الإنجليزي والسرايا فأعدت نظر في دراسة الحالة المسرحية.
وحدثت أشياء كثيرة في الوسط المسرحي بعد ذلك ونشأ سوء تفاهم، حدث بعده أن قدمت استقالتي من كل شيء!!!