بقلم الإعلامي : علي عبد الرحمن
يعد التنوع في الإعلام أمرا حتميا طبقا لدور الإعلام ووظيفته وطبقا للعدالة الإعلاميه التي تتيح لكل فئه من المجتمع فرصة التعبير عنهم طبقا لتصنيف العمر والنوع والمكان والوظيفة، ومن هذا التنوع المطلوب جاء فن وضع خرائط البث التي توضح التوقيت والمضمون والمدة طبقا لدراسات واستطلاعات تحدد أفضل أوقات المشاهدة لدى كل شريحة.
ولأن وسائل إعلامنا لا تعر هذا التنوع اهتماما ولا يسكن بالها مفهوم العدالة الإعلامية وهى تسير وفق هوى القائمين عليها بتخبط ودون أدني تخطيط أو رؤي مستقبلية، ومن مظاهر الإعلام الغائب إعلام الهوية وإعلام التربية والتنشئة وإعلام التكنولوجيا والتطور وإعلام أطراف الوطن وإعلام الفئات الخاصة وإعلام صحيح الدين وإعلام الأسرة وإعلام بعث الأمل وإعلام دعم الإستثمار وإعلام المغتربين، وأهم الغائبين عن خرائط البث هو إعلام الشباب الذين هم ضمير الأمة والمشاركون في صنع حاضرها والمسئولون عن كل مستقبلها والذين يشكلون قرابة نصف المجتمع أي ما يربو علي 50 مليون شاب وفتاة.
فكما تقوقع إعلامنا في استديوهاته وتمركز في قلب العاصمة أغفل كثيرا ذلك القطاع من شباب أهل مصر ضمير الأمة وقادة المستقبل، ولقد غاب عن إعلامنا المنهمك في أمور الطبخ والدجل والملاسنات وحواديت أهل الفن والرياضة غاب عنه ذلك المحتوي الداعم للتنشئه وأصول التربية دعما لدور الأسرة والمدرسة والمؤسسات الدينية، وغاب عنه ذلك المحتوي الداعم للانتماء وترسيخ الهوية ومحتوي التثقيف الذي أفرز غيابه تسطيحا ضارا بشبابنا الذي لايعرف حتي أسماء محافظات أو مدن مصر أو حتي رموزها وقادتها، وغاب أيضا محتوي التنوير والاعتدال مما خلف تطرفا وإلحادا بين شباب الأمة.
وافتقد الإعلام محتوي القدوة الذي يحتاجه شبابنا اليوم، أضف إلى ذلك غياب طرح هموم الشباب ومشاكل التوظيف وفرص العمل ومحتوي يعالج رغبة الشباب في الهجرة وأيضا أحلام الثراء السريع لدي الكثير منهم، وأغفل الإعلام شباب الأقاليم وأطراف الوطن وهمش الإعلام الشباب النابه المبتكر الرائد صاحب المبادرة، وأصبح الإعلام يلهث خلف من يغني أو يرقص أو يلعب أو يرتكب جرما.
ولما غابت أمور الشباب عن وسائل إعلام وطنه توجه الشباب إلى العالم الافتراضي وإلي فضاء الإنترنت الفسيح الذي ملأ عقول الشباب بأفكار الثراء السريع والهجرة وضعف الولاء وترهل روافد الهوية، ويتماشي مع سلوك إعلامنا غياب دور الأسرة والمدرسة ورجال الدين ورواد المجتمع، مما جعل شباب اليوم حائرا بين أفكاره وتمرده وأحيانا انعزاله ورفضه للواقع مما يدفعه إما إلى الانعزال والتوحد أو إلى التطرف أو الإلحاد أو أن يصبح فارغا رافضا متمردا.
والسؤال كيف غاب محتوي الشباب عن خرائط البث، وكيف غابت قناة شبابية متخصصة في عالم الشباب ومايحتاجه؟، بل وكيف غاب دور من يوجه الإعلام ويرده إلي صوابه، وإلي متي يغيب إعلام الشباب عن محتوانا الإعلامي؟، ألا يعلم أهل الإعلام خطورة ما وصلت إليه ثقافات ومعارف وولاءات ورفض الشباب لكل هذا التسطيح والترفيه وفقط؟، ألم تسعي وسيله لتقديم أفكار للعمل وفرص العمل، أو افكار لدعم الهوية والانتماء أو أفكار لتبادل الخبرات مع شباب العالم كما يفعل منتدي الشباب الدولي في معظم دوراته؟، ألم يقدم مساحة بث لمن فكر وابتكر ولمن طور وانتج أو للأدباء الشبان أو أصحاب المواهب من غير الغناء والطرب؟.
لماذا لم يعقد الإعلام ندوات ومواجهات حول تدني ثقافات شباب اليوم، وهموم شباب اليوم وآمال شباب اليوم وتحديات شباب اليوم؟، ولم يقدما حتى تنويها أو فيلما قصيرا حول أصحاب القدوة والتصرف، وحتي نماذجنا الشابة الفريدة أغفلها الإعلام وسط انهماكه في سفاسف الأمور والمسطح منها، بل ساهم الإعلام بغيبوبتة هذه في مضاعفة مشاكل التثقيف والتنوير والتشغيل والقدوة والولاء وغيره، ونحن الآن نعاني من غياب محتوي داعم متخصص للشباب، فهل نصف المجتمع لايستحق وسيلة متخصصة له أو أكثر حتي نطمئن عليه حاضره ومستقبله؟.
إننا بحاجة إلي خطة قوميه لإعلام وطن، وبحاجه لخرائط تحقق مفهوم التنوع الإعلامي والعدالة الإعلامية، نحن بح صوتنا من هذا المنبر مناداة بخطة قومية لإعلام الوطن وخطة قومية لإنتاج إعلامي واع، وخطة قومية لتدريب إعلامي عصري، وخطة قومية لاحتكاك وابتعاث لتبادل الخبرات، بل ونطمح إلى لجنة قومية لقياس جودة ماقبل البث، وهذه ليست بدعة بل طبقتها الصين منذ أن قررت أن تسود العالم، وطلباتنا ليست معجزه وإعلامنا ليس بهين ووطننا يحتاج ذلك ، وأهلنا منتظرون.
فهل يعود ضمير الإعلام إلى محتوي ضمير الأمة؟، وهل يصغي إلينا راشد، وهل نرى محتوا إعلاما متنوعا ينافس ويقنع ويدعم مسيرة الوطن وأهله.. إنها همسة في أذن القائمين عليه.. همس الحوار الوطني الذي قلت أخباره داخل قاعاته المغلقة، ونحن ننتظر ماذا سيقدم لمصرنا اليوم وغدا.. وفقنا الله لصواب الأمر ورشد الإعلام.. وتحيا دوما مصر المحروسه بفضل الله والسلام.