بقلم : محمود حسونة
النجوم ليسوا سواسية، والأحكام العامة عنهم فيها خلط للحابل بالنابل، فكل منهم حالة خاصة، ولو تتبعنا مسيرة عدد منهم لوجدنا اختلافاً كبيراً في الميول والاتجاهات والسلوكيات والاختيارات، بل أن العمل الفني الواحد الذي يجمع أكثر من نجم أو نجمة يكون لكل واحد منهم طعم خاص وأسلوب مختلف عن شركائه.
البعض حقق نجومية بالموهبة الحقيقية والاختيارات الهادفة، والبعض حقق نجومية بالملامح الشكلية، والبعض حقق نجومية بالخروج عن المألوف وإحداث صدمات للناس، وهناك من حقق نجومية بالاستغراق في الابتذال ونشر قيم البلطجه والعنف، وفي النهاية نراهم جميعهم نجوماً وعندما نصدر أحكاماً نجمعهم في سلة واحدة، رغم أن الفروق بينهم شاسعة والقيم عندهم متناقضة والأساليب لديهم مختلفة.
لكل نجم أو نجمة طعم ومذاق، بعضهم يحافظ على نجوميته بالحرص الدائم على تقديم الهادف والحفاظ على العهد والوعد مع جمهوره، والبعض الآخر يرى أن البقاء في قلب دائرة الضوء يكفيه الكثير من الشائعات والقليل من الفن، وفئة تكتفي بالتواجد شبه اليومي على مواقع التواصل، وفئة خاصة من النجمات تحافظ على مكانتها بالاستعراض اليومي على مواقع التواصل الاجتماعي للأزياء والإكسسوارات والأحذية والحقائب والسيارات ولا مانع من الطائرات الخاصة إن وجدت، وكل مقتنياتها وما تستعرضه لا بد أن يكون لماركات عالمية وباهظ الثمن للتأكيد على تميزها عن غيرها، وكلنا نعلم أن هذه الأمور بقدر ما تستفز أناساً بقدر ما ينشغل بها وبتفاصيلها آخرون، ويتخذون من هذه النجمة النموذج ويعلقون بكثير من المدح وقليل من الانتقاد عليها وعلى ما تستعرضه بشكل يومي، وبالتالي تظل في مركز دائرة الضوء، وكلما شعرت أن الناس يمكن أن ينصرفوا عنها فاجأتهم بما يتجاوز مجرد صورة وأطلعتهم على جانب خفي من حياتها ومواقفها ليتجدد حولها الجدل وتستعيد مكانها في مركز دائرة الضوء ومكانتها على خريطة النجومية.
كل نجمة (أو نجم) تدير نجوميتها بطريقتها الخاصة، مثل من تعتمد الابداع والتجدد أسلوباً، وهناك من تعتمد المظاهر وإثارة الجدل أسلوباً، بجانب أساليب أخرى مختلفة.
وخلال الأيام الماضية شغلت الناس نجمتان لا تتشابهان في شيء ولا يجمع بينهما سوى مسمى (نجمة)، الأولى هى (ياسمين صبري) التي استطاعت أن تحافظ على نجوميتها بلا تمثيل ولا إبداع ولا تعب قلب خلال الفترة الماضية، والثانية هى نيللي كريم التي لا تملك سلاحاً للحفاظ على نجوميتها سوى التعبير عن هموم النساء وتقديم نموذج على الأقل كل عام لسيدة قهرتها الظروف وأوجعها المجتمع.
في الماضي، كان اهتمام الاعلام بالفنان مرتبط بجديده الفني أو بحدث مهم في حياته، أما اليوم فقد أصبح الفنان هو الذي يدير إعلامه عبر مواقع التواصل الاجتماعي الذي تنقل عنه الصحف والشاشات، والفنانة (ياسمين صبري) تجيد استغلال التواصل الاجتماعي لاستدامة نجوميتها، فعلى المستوى الفني لم تقدم جديداً منذ أكثر من عامين، وكان آخر أعمالها المسلسل الهش (فرصة ثانية)، والذي عرض في رمضان قبل قبل قبل الماضي، وتعرضت بسببه للكثير من الانتقادات نتيجة جمود أدائها وافتقارها للقدرة على التلون والتعبير عن الانفعالات وتنويعها حسب المواقف الدرامية، ورغم ذلك فما زالت صانعة للحدث ومتمركزة داخل دائرة الضوء بأخبار الزواج والطلاق وبالصور والفيديوهات التي تنشرها بشكل شبه يومي وهى تستعرض فيها مقتنياتها وشياكتها وجمالها.
خبر طلاق (ياسمين) من (أحمد أبو هشيمة) وشائعات العودة واللاعودة استحوذت على مساحات كبيرة من صفحات التواصل الاجتماعي وللأسف صفحات صحف ومواقع النميمة والشائعات، وكان الختام بإطلالتها من خلال حوار إليكتروني مع جمهورها لتعلن بلغة لا تخلو من التعالي على باقي الفنانات أنها ليس لديها صداقات في الوسط الفني وأن الجميع زملاء لها. ورداً على سؤال: (ليه حياتك غامضة؟).. أجابت: (لأنها حياتي تخصني أنا.. ليه تكون في العلن؟)، وهى إجابة تثير الجدل حول مفهوم الخصوصية عند فنانة تأخذ جمهورها معها أينما ذهبت، وتطلعهم يوماً بعد يوم على ما تحويه دواليب فساتينها وخزائن إكسسوارتها وجزامات أحذيتها.
نعم في حياتها غموض يشغل الذين يعانون فراغاً في حياتهم ويزيد المنشغلين بتفاصيلها انشغالاً ويرسم هالة من الإثارة حولها، ولو لم تعتمد الغموض نمطاً في حياتها لوضعت حداً للتكهنات المثارة حول مستقبل علاقتها بطليقها وإذا كان حبل الود بينهما موصولاً أم مقطوعاً وإذا كانت لديهما نوايا للعودة أم لا.
لا يمكن إنكار ذكاء (ياسمين صبري) الذي جعلها في مركز الأضواء رغم انقطاعها عن التمثيل، ولا يمكن إنكار جمالها الذي يشغل الكثير من المعجبين، ولا يمكن إنكار شياكتها التي تشغل النسوة، كما لا يمكن إنكار أن لديها مؤهلات نجمة المجتمع، ولكنها في المقابل تفتقد موهبة نجمات التمثيل.
من جهة أخرى، انقسم الناس حول النجمة (نيللي كريم) بسبب صورة لها مع زوجها بفستان طويل ملون وحذاء رياضي، دون أية مساحيق تجميل، واضعة نظارة طبية شفافة، مما أظهر ملامح وجهها، وهو ما أثار تساؤلات حول عمرها بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
(نيللي كريم) لا تتجمل ولكنها تبدع وتمتع جمهورها بما تقدمه سنوياً من أعمال تثير جدلاً وتحتل المراكز الأولى في استطلاعات الرأي، ابتداء من مسلسل (ذات) وانتهاءً بمسلسل (فاتن أمل حربي) ومروراً بـ (سجن النسا، تحت السيطرة، سقوط حر، لأعلى سعر، اختفاء، بـ 100 وش، ضد الكسر).. وكلها من علامات الجودة في الدراما المصرية، وجعلت نيللي تتربع على عرش التمثيل النسائي، ولأنها فنانة لا تنشغل بالشكل بل بالمضمون، فقد ظهرت في الكثير من مشاهد وحلقات مسلسلاتها منذ 2013 وحتى 2022 بدون ماكياج ولا أي مساحيق، ولم يكن التجمل هدفاً لها بقدر ما كان الوصول إلى عمق الشخصيات التي تجسدها والتعبير عن ملامح معاناتهم بصدق.
(ياسمين) فنانة تستمد نجوميتها من التجمل وعرض الأزياء والتواجد على السوشيال ميديا، و(نيللي) فنانة تستمد نجوميتها من الصدق الفني وجمال الإبداع، ومن المؤكد أن كل منهما تختلف عن الأخرى حتى لو جمع بينهما مفهوم النجومية.