بقلم الإعلامية الكبيرة : هدى العجيمي
يقول الفنان الكبير المخرج (زكي طليمات) وهو يتحدث عن جانب من حياته المسرحية ويلقى المضوء على جهوده في إنشاء معهد للتمثيل.. أمضيت سنة حافلة بالانفعالات والمناقشات الخاصة باشتراك العنصر النسائي في التمثيل علي المسرح ودفاعى عن رأيي في ضرورة إشراك الفتاة في العرض المسرحي، وكان من ملامح ذلك العام الجهود التي بذلها الدكتور طه حسين في دروس وحصص الإلقاء وكان يحضر امتحانات الطلبة في نهاية السنة، ومن ذكرياتي عن هذه الفترة أنه كان عندي طالب لديه صوت واضح جدا ولديه طبقات جيدة في الصوت ولكنه عندما يبدأ التمثيل ويندمج فيه يحتقن وجهه ويتلعثم وهذا من أمراض التنفس، وهذا جعلنا ندرس الوضع التنفسي عند الممثلين كيف يتنفس الممثل وهو يؤدي دوره علي المسرح.
فهو لابد أن يستغل أسفل الرئتين لكي تستوعب أكبر كمية من الهواء لأن أول تدريب في فن الإلقاء هو التنفس ولابد للممثل أن يتنفس من قاع الرئتين وهذا ما نصحت به الشاب الذي يحتقن، وجهته عندما يبدأ التمثيل وحذرته من أنه إذا لم يتدرب على تمرينات التنفس سوف يكون هذا خطرا عليه وعلى حياته.
وعن فن الإلقاء أيضا شارك الفنان (جورج أبيض) وكان يدرس فن الإلقاء وهو رجل عريق في رومانسيته واشتهر بالصوت الجميل العميق الذي تستريح إليه الأذن، وكان له حضور مميز علي خشبة المسرح إلا أن أداءه كان يتسم بالرومانسية وهو مذهب معروف يعلي العاطفة على العقل كما يعلي القيم الجمالية، وأنا شخصيا نشأت ممثلا رومانسيا لكن بعد سفري إلى أوروبا تطورت بعض الشيء وسرت في مرحلة أخري وهى شيء اسمه (الإيحائية)، وهو مذهب يجنح الي التجميل وإضفاء شيىء من الجمال على النص المسرحي وهو مذهب يجمع بين الرومانسية والواقعيىة وقد اسميته (الإيحائية)، وكان (عزيز عيد) مغرق في واقعيته و(عبد الرحمن رشدي) مغرق في رومانسيته. وانتهي العام الأول بانتصاراته وهزائمه وفي نهاية العام كانت هناك حفلة للتكريم نتج عنها قرار بأن أسافر في بعثة صيفية لأطلع على ماهو جديد في فن التمثيل، وفكرت ساعتها أن أحضر مدرس للرقص التوقيعى أو الإيقاعي وهو الشيىء الذي وجدته جديدا في معاهد التمثيل في الخارج لأن الرقص إحساس وعلي الممثل أن يفهم دوره أولا ثم يحس بدوره بقدر إحساسه وتعمقه فيه، وأنا أجد أن الرقص هو الذي يجعل الإنسان يحس بدوره التمثيلى، ويجعل الجسم ينطلق على سجيته ولكن من غير قوالب.
سافر معي الممثل أحمد علام وعندما عدنا وجدنا أن معهد التمثيل قد أغلق لأن الوزير عين سفيرا في بلجيكا جاء بدلا منه وزير آخر، ذهبت لكي أقابل الوزير الجديد وقلت له إنكم أخطأتم لأنكم تخلطون ما بين الرقص الإيقاعي هذا والرقص الآخر الذي يثير الشهوات!، الصحافة ساندتني وهاجمت الوزير هجوما شرسا وأطلقت عليه اسم (وزير التقاليد)، وكان صاحب الاسم هذا هو الصحفي الكبير (محمد التابعي)، وكنت استدعي كل يوم للتحقيق معي واستمرت المعركة لفتر ة طويلة، فتراجع عن رأيه وأمر أن تنشأ دراسة في معهد آخر يسمي معهد الدراسات التمثيلية، واقترح أن تكون قاعة المحاضرات منقسمة قسمين البنات في ناحية والرجال في ناحية أخرى، أي نفصل بين البنات والرجال في قاعة الدرس.
وبعد وقت قصير ألغيت قاعة المحاضرات لأنني لم أوافق على أن أعلم التمثيل للشاب في سنتين بينما في أوروبا يتعلم الشاب في أربع سنوات، نقلوني إلى دار الأوبرا المصرية وكنت أول سكرتير مصري تولي هذا المنصب قبل شكري راغب كان هذا عام 1932 و1933 وكنت موظفا في مصلحة الفنون الجميلة.