بقلم : بهاء الدين يوسف
قضية ارتداء الفنانات للحجاب واعتزالهن أو عدم ارتدائه مع الاستمرار في العمل الفني، أو حتى ارتداء الحجاب ثم خلعه، تعد من أكثر القضايا الجدلية والشائكة في الأوساط الفنية المصرية وربما العربية بشكل عام، وذلك منذ بداية ظاهرة تحجب بعض الفنانات في تسعينيات القرن الماضي، ولا أظن أن هناك حدث أو شخص يستطيع أن يحسم الجدل أو يزيل الأشواك عن القضية في المدى المنظور.
عن نفسي لست في موقع الحكم على نوايا أي فنانة ارتدت الحجاب أو لم ترتديه أو خلعته بعد ارتدائه لقناعتي الشخصية بأن أحدا من البشر لا يملك حساب إنسان على أفعاله، لكن أعتقد أن من حقي كمتابع ومشاهد أحيانا القول بأن ما تفعله بعض الفنانات غير مقبول وغير لطيف ويسيء ليس لهن فقط ولكن لفكرة الحجاب ذاتها، وبالتالي يجب أن يكون لديهن اختيار حاسم بين أرباح الدنيا ممثلة في الشهرة والمال والنجومية وبين ربح الآخرة والالتزام بأخلاق الحجاب مثلما فعلت الراحلتان (شادية ومديحة كامل) رحمهما الله، وعدم المكوث طويلا في منطقة عين في الجنة وعين في النار.
ما دفعني للكتابة في الموضوع تصريحات قرأتها للفنانة المعتزلة (ميار الببلاوي) تضمنت دفاعا عن نفسها من تصريحات حول المطربة (شيرين) انتقدت فيها بدانتها وعدم اهتمامها بنفسها، الأمر حتى الآن عادي ويحدث لكن ما أدهشني أن الفنانة المعتزلة التي تقدم برنامجا دينيا أجرت مداخلة تليفزيونية قالت فيها أن الشيخ الذي تستضيفه في برنامجها قال لها أن ما فعلته يعتبر غيبة مما جعلها تنهار على الهواء وتعلن أنها تنوي عمل عمرة للاستغفار عما فعلته، وهى تصريحات تكشف سذاجة الفنانة أو مكرها لأن أي طفل في السادسة من عمره لا يحتاج لشيخ يقول له إن ما حدث غير مقبول دينيا أيا كان تصنيفه سواء كان غيبة أو تشهير …إلخ.
الملفت أنني بمجرد أن كتبت اسم الفنانة على جوجل وجدت مئات الأخبار عنها وكلها تقود إلى نتيجة واحدة أنها من مدمني الشهرة والتواجد النشط على مواقع التواصل الاجتماعي بأخبار ليست لها علاقة للأسف بالدين الذي تقدم عنه برنامجا تتقاضى عليه أجر كبير ، ولكن من عينة مرض ابنها أو سرقة شقتها او كلام عن أزواجها الأربعة.
مثل هذا السلوك في اعتقادي لا تتوقف سلبياته عند اتهام البعض للفنانة أو غيرها ممن يرتكبن نفس السلوك بانعدام الصدق مع النفس، ولكنه قد يدفع العديد من الفتيات الصغيرات للكفر بفكرة الحجاب من الأساس طالما أنه لا يغير من سلوك من ترتديه أو يحسنه، فضلا بالطبع عن إنه يعطي فرصة مثالية لكل من يريدون الهجوم على الحجاب ومن يرتدينه.
أذكر أنني كنت أول من واجه الداعية (عمر عبد الكافي) في بداية انتشار الظاهرة والإشارة إليه بأنه (عراب) حجاب الفنانات، وكان ذلك في خريف عام 1992، ووقتها قال نفى الداعية خلال الحوار المطول الذي نشر في أكثر من جريدة مصرية وعربية صحة ما أشيع عن أنه يعمل كوسيط بين بعض الأثرياء العرب والفنانات المعتزلات ويدفع لهن مبالغ مقابل الاعتزال.ك
ما قلت في سطور سابقة لست قاضيا وليس معي توكيل من الله عز وجل لأحكم على الفنانات وصدق نواياهن، لكنني اتمنى ألا يكون ارتداء الحجاب أو خلعه لأغراض دنيوية مثل إثارة الاهتمام أو الحصول على دور أو الخوف من افتقاد الدخل المادي، كما آمل أن تبتعد بعضهن عن الإتيان بتبريرات ساذجة مثلما قالت السيدة (سهير رمزي) عندما خلعت الحجاب بعد سنوات طويلة من ارتدائه أنها شعرت بأن الأهم من تغطية الرأس هو الأخلاق، وهو شعور متأخر جدا.