بقلم : محمد حبوشة
معاناة كبيرة وحالة من الفوضي يضج بها الشارع المصري، فقد أصبح ضربا من ضروب المستحيل أن تسير آمنا على حياتك أو حياة أهلك حين تصحبهم في مشوار صغير فلا أحد يحترم الطريق، فحين تسير في الحارة اليمنى يداهمك تاكسي أبيض أو ميكروباص أو سيارة نصف نقل أو موتوسيكل بالكلاكسات أو الأنوار في محاولة للتجاوز، ناهيك عن (التوك توك) الذي أصبح شبحا يهددك بالسير عكس الاتجاه تارة أو يزاحمك رغما عنك، وكأننا نعيش حالة من الحرب التي لارابط ولا ضابط لها، رغم أنه كل مدة يتم إصدار قانون مرور جديد وتغليظ العقوبات، لكن للأسف لا يتم التطبيق، ويبقى حال الفوضى المرورية على ما هو عليه، بل ربما أسوأ!، ومن القواعد الأساسية المهمة الموجودة فى جميع هذه القوانين، والتى لا تطبق حتى الآن: البطىء والنقل والأتوبيس يسير فى الحارة اليمنى، وترك الحارة فى أقصى اليسار للتجاوز (للأسف نحن نظام إنجليزى، الحارة اليمنى سريعة واليسرى بطيئة)!، ناهيكعن أننا (نحن عادى نسير عكس الاتجاه، حتى فى طرق الخدمات).
وبالنسبة لأولوية المرور فى التقاطعات المختلفة، تكون أولوية المرور فى الميدان للقادم من اليسار، أى الموجود فى الميدان (عندنا ما حدش عارف أو فاهم، إلا القليل )!!، باختصار، الموضوع لا يحتاج إلى إصدار قوانين جديدة، بل على أجهزة المرور أن تفهم الناس هذه القواعد وتصر على تطبيقها، وفى هذا الإطار، أقترح – كبداية – أن يحدد المرور منطقة/ مناطق تشمل جميع أنواع الطرق والتقاطعات كعينة يعلن عنها ويتواجد بها أفراد شرطة المرور بكثافة، على أساس البدء بالتوعية مدة معينة، ثم تطبيق الغرامات، إلى أن يعتاد الناس، ثم تتوسع فى مناطق التطبيق بالتدريج!، وأعتقد أن الموضوع يستحق منكم تبنى حملة لتنظيم المرور بدلا من الفوضى الحالية ويسانده بالمتابعة الدقيقة الإعلام الذي يعيش في غيبوبة بعيدا عن نبض الشارع، (لأننا لسنا أقل من دول أخرى كثيرة أقل منا حضارة، لكنها أكثر منا نظاما).
كثيرون منا نحن المواطنين ندق ليل نهار على أوتار (هرج ومرج) الطرق وعشوائية المرور وحال الشوارع والميادين المصرية، التي تركت نهبا لفوضى عارمة (غير خلاقة)، إن (قيادة السيارة تحتاج إلى حد أدنى من الصحة النفسية والحالة المزاجية المعقولة، حتى القيادة في أكثر المدن هدوءا ونظاما تحتاج قدرات من السائق للتعامل مع المواقف والانفعالات المختلفة التي يتعرض لها على الطريق، وهذا يتطلب تركيزا كليا وقدرة على ضبط النفس والانفعال والتعامل مع مسببات القلق والتوتر والتصرف العقلاني حال حدوث شيء غير متوقع).
وبالتأكيد هناك العديد من العوامل التي تؤثر سلبا على القيادة مثل الإجهاد وقلة النوم والتوتر والتفكير، التوتر على الطريق عارم، وتطبيق القانون غائب، وتقاذف الاتهامات وإنكار المسؤوليات والتمسك بالحجج والأعذار طاغ، طغيان العامل البشري باعتباره العامل رقم واحد في أوضاع المرور الكارثية وحال الطرق المأسوية يعكس الكثير ويحكي ما لا يمكن حكيه في سياقات مغايرة، لقد اختلط الحابل بالنابل في الشارع مصر في العقود الأخيرة، حيث غياب المحاسبة والمراقبة من جانب وسائل إعلامنا المختلفة، واعتبار التسيب والفوضى حرية شخصية، وتداخل مفاهيم اعتبار الفقر ذريعة للفوضى والاعتداء على حقوق الآخرين بما في ذلك حق الطريق،
تقييم حال الشارع المصري ومركباته لا يكتمل دون الإلمام بجزيئاته، أعوام ما بعد أحداث 25 يناير 2011، وفترات عدم الاستقرار وغيبوبة منظومة تطبيق القوانين المستمرة أدت إلى مشهد أقرب ما يكون إلى الهزل، عربة (كارو) يجرها حمار على طريق سريع تجاورها سيارة فارهة، وبينهما (توك توك) غير مرخص يسابق (تروسيكل) يحمل لوحة أرقام ألمانية، وفي المقدمة سيارة منتهية الصلاحية منذ عقدين تكاد تطير من فرط السرعة ولا تحمل لوحات رقمية، بينما سيدة على حمار تعبر الطريق وتتحدث في هاتفها المحمول، حتى أن تهشم أجزاء من السيارات السائرة في الشوارع المصرية لم يعد أمرا يثير التعجب، بل ما يثير التعجب هو أن يحافظ صاحب السيارة عليها دون خدوش أو تهشمات لفترة تزيد على شهر أو شهرين في أحسن الأحوال.
يعانى المصريون منذ فترة طويلة من فوضى المرور فالسيارات وغيرها من وسائل النقل والانتقال المختلفة تخرق إشارات المرور فى الشوارع ولا تكترث بالإشارات الحمراء ويؤدى ذلك يوميا إلى حالات من الاصطدام المروع ما يسقط معه العديد من الضحايا والجرحى وتلفيات السيارات وغيرها من وسائل النقل، ولا يوجد حاليا عدد كاف من أفراد الشرطة فى مفارق الطرق ولا فى الطرق العادية، ولم يكترث أحد حتى الآن للفوضى المرورية اليومية التى تقوم خلالها السيارات مع سيارات النقل والأتوبيس وغيرها من وسائل الانتقال الميكانيكية أو الكهربائية بإهدار قواعد إشارة المرور والتسلل بسرعة واستهتار رغم إشارة المرور الحمراء.
وقد أصبحت الطرق حاليا خالية من إشارات المرور ومن جنود المرور دون أن يتدخل أحد من الدولة أو من المنظمات والأجهزة الشعبية المختصة بالتدخل لوقف النزيف اليومى من مصابى وجرحى المرور، ولذلك فإن الأمر أصبح يقتضى تشكيل لجنة عليا برئاسة وزير الداخلية وعضوية ممثلين عن أجهزة الأمن والمنظمات العاملة والأهلية للإدارة والإشراف على سلامة وأمن المرور فى الشوارع وخاصة فى القاهرة، ويتعين أيضا أن تقوم هذه اللجنة بالنظر فى قانون المرور لتشديد العقوبات على قائدى السيارات ووسائل النقل التى لا تلتزم بقواعد المرور ولدراسة اللجنة حالة المرور وحاجة الأمن والسلامة للسيارات ووسائل النقل الأخرى وخاصة النقل الثقيل مثل الترام والسكك الحديدية التى تخترق الشوارع نهارا وليلا وخاصة بالقاهرة وغيرها من المدن الكبيرة.
ولا بد أن تعيد اللجنة النظر فى مواد قانون وجرائم المرور سواء بالغرامات او العقوبات المقيدة للحرية، كما يجب أن يفرض القانون توفير كل الأدوات والأجهزة اللازمة لتنظيم وصيانة وسلامة المرور مثل تركيب الإشارات الضوئية وعلامات المرور وتوفير أفراد من المرور لرقابة وتنظيم الحركة فى الشوارع وخاصة فى القاهرة وغيرها من المدن الكبرى، ويجب أن تكون العقوبات رادعة وخاصة فى حالة العمد أو الإهمال الجسيم وحالة إصابة أو قتل ضحايا حوادث المرور، كذلك فإنه يتعين أن يخصص التليفزيون والراديو ساعة على الأقل أسبوعيا لعرض حالة المرور وجرائمه ومخالفاته والنصائح المرورية التى تكفل الأمن والسلامة والسرعة لوسائل النقل والانتقال المختلفة.
هذه رسالة أوجهها لسيادة اللواء محمود توفيق وزير الداخلية للتوجيه بمتابعة هذا الأمر الحيوي في شوارع القاهرة والجيزة للتقليل من الازدحام الخانق، أيضا رسالة لمحافظ القاهرة للتوجيه بالتدخل للاهتمام بإزالة الاشغالات في بعض أحياء القاهرة تشمل المحلات والمقاهي وبعض العقارات الذين يضعون الأحجار والحواجز لمنع انتظار أي سيارات، مع وجود السيارات المهمله منذ سنوات التي من الممكن أن تستغل في وضع عبوات ناسفة في أي عمل إرهابي دون رقابة من جانب الأحياء، وبالطبع إذا تمت حملة من الأحياء صباحية يعود الحال كما هو عليه بعد ساعات قليلة في المساء لعدم المتابعة.
ياوزير الداخلية: التكاتك ظاهرة غير حضارية انتشرت فى مصر بشكل كبير منذ أكثر من عشر سنوات وعددها يصل إلى أكثر من ثلاثة ملايين، ومن ثم أصبحت شبحا يهدد المارة وساقي الملاكي، وأثارت حالة من الجدل فى الشارع المصرى ما بين المطالبة بتقنينه أو إلغائه، حيث تسير هذه المركبة ذات الثلاث عجلات بكل حرية وبدون أى اهتمام لما حولها من سيارات أو بشر، كما تسير عكس الاتجاه بسبب التهور والاندفاع فى السرعة، فأغلب سائقى التكاتك يتعاطون الممنوعات والمخدرات ويمارسون المهنة بدون شهادة تؤهلهم لقيادتها ولا رخصة تثبت صلاحيتهم فى قيادتها ولا أخلاق عند كثير من سائقيها، إن هذه (التكاتك) تسببت فى أزمات كثيرة للمواطنين فى الطرقات، حيث تسير فى الشوارع بطريقة عشوائية وتشغل الكاسيت بأعلى الأصوات فتصدر ضجيجا مزعجا.
أصبحت (التكاتك) هذه الأيام بمثابة شبح مخيف يهدد حياة المواطنين، خاصة النساء والفتيات، وذلك بسبب ارتفاع معدل الجرائم التى ترتكب عن طريق (التوك توك) مثل السرقة والقتل والاغتصاب والتحرش الجنسى وترويج المخدرات، والسبب الرئيسى فى ذلك عدم ترخيص هذه (التكاتك) أو وضع قوانين تنظم سيرها، إن الطريق الوحيد لمواجهة خطر هذه (التكاتك) هو الأسلوب العلمى من خلال تنظيم عملها وتقنينها ووجود لائحة تشريعية لائقة تنظم العمل وتقيم العلاقة بين السائقين والعملاء على أسس واضحة تحدد فيها المسئولية وتكون العلاقة فى اطار منظم يحترمه الجميع، وإننا نطالب الحكومة بإجراءات ضرورية للتقنين هذه المركبة ومنها:
- منع قيادة الأطفال الأقل من 18 سنة .
- عدم سير التكاتك فى الشوارع الرئيسية والمناطق الراقية
- تحديد الأماكن التى يحق لهم السير فيها ولو تم الخروج عليها يتم محاسبتهم بشكل صارم.
- أن يضع قانون المرور آليات محددة لترخيص التكاتك وتقنين أوضاعها وترخيصها.
- تطبيق العقوبات الصارمة على من يمتنع عن الترخيص.
- وضع لوحات معدنية على المركبات بشكل قانونى حتى يتمكن المواطن عن طريق هذه الأرقام من معرفة شخصية صاحب التوك توك إذا ماوقعت حادثة أو جريمة.
- سحب التكاتك المخالفة بدون ترخيص.
إن هذا النظام يجعل (التكاتك) فى خدمة المواطنين ويسهم فى تسهيل حركة المرور ويخدم المناطق التى يصعب فيها مرور السيارات، فترشيد أداء هذه (التكاتك) يؤدى إلى إنجاز مصالح المواطنين ويخفيف العبء عن وسائل المواصلات الأخرى.
والآن لابد للحكومة بأن تكون جادة في طرحها للأزمة وإيجاد حلا توافقيا لهذه المشكلة وجزءا أصيلا من القضاء على جمهورية الـ (توك توك)، بعد أن أصبح حاليا مصدرا رئيسيا للجريمة في مصر؛ حيث يكون عنصرا رئيسيا في ارتكاب الجرائم دون القدرة على الوصول إليه؛ لأنه غير مرخص وغير معلوم الهوية، والكارثة أن (التوك توك) أصبح الآن يسير على الطرق السريعة والصحراوية والمحاور الرئيسية، هذه حقيقة وواقع لا مفر منه حاليا في ظل حالة الفوضى الحالية، رغم أن الطرق السريعة الزراعية والصحراوية والمحاور الكبرى هى طرق لا تتقاطع فيها إشارات مرور ولا شوارع ولا طرق داخلية تعوق حركتها وانسيابها المروري، بل هى كما هو معروف من اسمها طرق سريعة، سواء كانت زراعية أو صحراوية، من الصعب أن تتوقف فيها حركة السيارات إلا للضرورة القصوى، وتستوعب هذه النوعية من الطرق حركة المواصلات بكافة أنواعها من سيارات ملاكي وأجرة بين المحافظات، وسيارات وشاحنات النقل والمعدات الثقيلة داخل الدولة.
وأخيرا يلزمنا حملات إعلامية حقيقية تهتم برصد حال الشارع المصري بدلا من عبث ملاحقة النجوم والترند وغيرها من تفاهات تخاصم وظيفة الإعلام الحقيقية في التوعية والإرشاد والتثقيف والحث على التنمية.