ذكاء ياسر جلال حتما سينقذه من الفخ الذي ينتظره !
كتب : أحمد السماحي
بعد أدائه القوي لشخصية الرئيس (عبدالفتاح السيسي) في الملحمة الوطنية (الاختيار3) ينزع النجم الموهوب (ياسر جلال) ثياب الرئاسة، ويرتدي ثياب الملوك في شهر رمضان القادم 2023 من خلال تجسيده لشخصية الملك (شهريار) هذا البطل الأسطوري الذي خرج من بين صفحات كتاب (ألف ليلة وليلة) وصال وجال في الليالي وفي العالم أيضا، حيث قدمت أعمالا فنية لا تعد ولا تحصى في كل العالم، في كل المجالات الفنية كالمسرح والموسيقي والسينما والإذاعة عن هذا الملك الذي بهرنا جميعا وتغاضينا عن موبقاته!.
والميزة التى يتمتع بها (شهريار) أنه رغم الجرائم الكبرى التى ارتكابها من قتل واغتصاب وديكتاتورية وأنانية، إلا أنه الوحيد من بين شخصيات كثيرة شريرة في الأدب المصري والعربي والعالمي، الذي لم يكرهه أحد، بل الكل أحب (شهريار) والبعض اتخذه رمزاً من رموز الرجولة والفحولة، وصار أيضاً من جانب آخر نموذجاً لفارس أحلام البنات والنساء، وكثير من الجنس اللطيف يشعرن بالتعاطف معه يجوز لأنه كان وسيما وجميلا، أو لأنه كان رد فعل ولم يقتل كل النساء الذين قتلهم إلا بعد خيانة زوجته له، أويجوز لأنهن شعرن بأنهن رجل ساذج ضحكت عليه (شهر زاد) بمجموعة حكايات وقصص كان يسمعها ويسرح فيها كالأطفال!.
ولأنني مفتون بـ (ياسر جلال) كممثل موهوب من خلال تقديمه جزئيات مذهلة في بعض مشاهد من أعماله تكشف وتبرهن على مدى الحرفية العالية التى أصبح يتمتع بها نجمنا الكبير المتألق، وهذه الجزئيات البسيطة في حركة جسد، أو لمعة عينيه، أو صمته الموحش أحيانا، ترضي طموحي كمتفرج وتحترم عقلي ووجداني وتجربتي في الحياة، لهذا أتفرج عليه بشغف حقيقي، ولقد سعدت باختياره لشخصية (شهريار) لتجسيدها في شهر رمضان القادم.
وأعتبر ما فعله قمة الذكاء، لأكثر من سبب، أولا: الدخول في الشخصية والخروج منها تمرين ذهني في غاية الخطورة والصعوبة، ولابد أن يدرك الفنان هذا الأمر لهذا كان من الصعب أن ينتقل (ياسر) من شخصية مهمة وكبيرة وصعبة جدا مثل شخصية الرئيس (عبدالفتاح السيسي) التى جسدها في (الاختيار3) إلى تجسيد شخصية محملة بأفكار ورسائل كضابط أو مهندس أو دكتور أو موظف أو حتى رجل بسيط، لأن الجمهور في الشارع المصري كان سيقارن بين أدائه لأي شخصية سيجسدها، وشخصيته التى جسدها في (الاختيار3) وبهذا كان سيقع على (ياسر) ظلما شديدا!.
أما اختياره أن يذهب إلى الأساطير فهذه فكرة شيطانية حيث سيعيش الجمهور مع الحكايات والقصص الوردية المسلية لـ (الليالي)، وينسى بعد حلقات قليلة ما قدمه (ياسر) من قبل من خلال الذاكرة الوقتية والعالم الوجداني (الخيال والذهن والمشاعر)، وهذا ما فعله من قبل نجوم عالميين من الوزن الثقيل مثل (أنتوني هوبكنز) بعد تأديته لشخصية الرئيس الأميركي (نيكسون)، وأيضا (ميريل ستريب) بعد تجسيدها شخصية رئيسة الوزراء البريطانية (مارجريت تاتشر)، و(أحمد زكي) بعد أدائه لشخصيتي الرئيس (جمال عبدالناصر والسادات)، حيث جسد كل واحد من هؤلاء العباقرة الثلاثة بعد تجسيدهم المبهر للشخصيات التى قاموا بها شخصيات بسيطة لا تحتاج إلى إرهاق الجهاز العصبي، حيث قدم أحمد زكي مثلا (ستاكوزا، ونزوة، وأبوالدهب).
لكن لحظة ليس تجسيد شخصية (شهريار) في 2023 بهذه السهولة، فالشخصية فخ لمن يجسدها، فالذي كان يقبله الجمهور بالأمس عندما انبهر بمجموعة كبيرة من النجوم الذين قاموا بأداء هذا الدور بداية من مبدعنا الكبير (عبدالرحيم الزرقاني) أشهر (شهريار) إذاعي عرفته مصر، والذي ردد كلمات بسيطة حفظتها الذاكرة المصرية (إسمك إذن شهر زاد)! لن يقبله من (ياسر جلال)، كما أن الحيل والخدع التى قدمها المخرج (عبدالعزيز السكري) في الثمانينات للنجم (حسين فهمي) أشهر (شهريار تليفزيوني)، أو التى قدمها المخرج (فهمي عبدالحميد)، غير مقبولة الآن في ظل التكنولوجيا المرعبة وثورة الجرافيك.
وبالتالي حتى يحقق مسلسل (ألف ليلة وليلة) للنجم (ياسر جلال) النجاح الجماهيري الضخم لابد من توفر صورة مبهرة، وكتابة ذكية، وإخراج عالمي، لأن شخصيات (ألف ليلة وليلة) تحمل كثير من الأبعاد على كافة المستويات، كما أنها خلبت عقول الأجيال في الشرق والغرب قرونا طوالا، وكما قال الدكتور (طه حسين) في مقدمة رسالة الدكتورة (سهير القلماوي) عن ألف ليلة وليلة : (الذي نظر الشرق إليها على أنها متعة ولهو وتسلية، نظر إليها الغرب على أنها متعة ولهو وتسلية، ولكن مليئة بالموضوعات صالحة للبحث المنتج والدرس الخصب).
وأخير ظني أن ياسر جلال حتما سينجح في تقديم شخصية شريهار وسيذهب بها إلى آفاق أخرى من الأبهار الذي اعتاده في أعماله الدرامية .. قلوبنا مع ياسر أو شهريار الدراما الرمضانية 2023.