بقلم الأديب الكبير : سامي فريد
كان لقاءها الأول مع نجيب الريحاني صدفة عندما قدمها بديع خيري هى وشقيقاتها للفنان لنجيب الريحاني، وكان يلعب دوره في مسرحيه (كشكش بيه) أو (أبو الكشاكش) العمده القروي الذي يذهب العاصمه بنسائها وملاهيها وبعقله وماله.
نظر (أبو الكشاكش) نجيب الريحاني إلى البنتين الصغيرتين وقال موجها كلامه إلى رفيق عمره بديع خيري:
ايه ده يا سي بديع؟، هو احنا فتحنا حضانة ولا مدرسه ابتدائي.. ولا احنا فاتحين مسرح؟!
ورد بديع خيري:
أهم يلعبوا دور أطفال في (كشكش بيه)!
فقال نجيب يحسم الأمر:
يفتح الله يا بديع.. معلش.. سامحني!
ومرت الحكايه.. ولكن بعد سنوات قدمهما بديع خيري مرة أخرى قائلا وهو يزكيهما للعمل مع الأستاذ نجيب:
البنت دي – وأشار إلى ميري – لها تجربه كبيرة في المسرح.. دي اشتغلت مع (فرقه رمسيس) وفرقه (فاطمة رشدي) وقبلهم اشتغلت مع سليم عطا الله..
سلم نجيب الريحاني أمره إلى الله وبدأ باختبار (ميري) ليصفق لها على خفة دمها وأدائها الطبيعي فقبلها في مسرحه منذ عام 1933 حتى عام 1962 ورغمه الخلاف الشديد الذي وقع بينها، في السنة مع عادل خيري فقد استمرت تعمل بالفرقه حتى عشقتها وعاشت عمرها لها.
أما موقف الأم (أسماء) فقد اعترضت على عمل (ميري) بالمسرح قائلة: إن بنت سليم حبيب نصر الله لا يمكن أن تعمل بالمسرح.. ورغم ذلك فقد أصرت (ميري سليم حبيب نصر الله) اللبنانيه في العمل بالمسرح حتى وقعت في حب منولوجست أسمر خفيف الروح فتزوجته رغم معارضة أمها.
كان المونولوجست الذي وقعت (ماري) في حبه هو (فوزي منيب) والذي تسمت باسمه بعد ذلك فاصبحت ميري منيب بعد ان تزوجته بعد ان كانت ميري سليم.
لكن الأم تعترض بشدة قائلة: إن عقد الزواج باطل وتساءلت (ماري) وهى أن زواجها بمن تحب أصبح في مهب الريح.. تسألها لماذا يا أمي فترد الأم قائلة: إن أحد شهود عقد الزواج مسيحي وتصر على كتابه عقد زواج جديد بشهود جديدة بحيث يكون الزواج شرعيا وبمؤخر صداق وقيمته ألف جنيه.
ولكن أيضا لم يكتب لماري منيب أن تكون سعيدة، ورغم زواجها بحبيب القلب الذي طلقها ليهرب مع راقصة بإحدى الفرق هربت هى أيضا مع موسيقى بالفرقة وتركت (فوزي منيب) ينعي سوء حظه وما فعله مع (ماري سليم) التي أحبته.
أصيبت (ماري سليم) بالانهيار العصبي بعد أن طلقها (فوزي منيب) واستمرت مريضه فترة حتى تماسكت لتعود للعمل من جديد، ثم حدثت المفاجأة عندما التقت ماري بفوزي منيب أثناء عودتها من المسرح في روض الفرج مسافة سائرة على قدميها إلى بيتها في شبرا – 4 شارع بركات، ووقف أمامها فوزي منيب يحكي لها ويبكي على ما أصابه، وقد حدث له ما حدث لها يوم طلقها وهرب مع الراقصه وسألها ودموعها تسيل ماذا يفعل؟
تشعر بالشفقه على الرجل الذي أحبته وخانها وها هو يقف أمامها ذليلا يبكي: سلم أمرك لله يا فوزي كما سلمت أنا أمري لله.. ولم تقل له بالطبع إنها دعت عليه في ظلام الليل أثناء مرضها، وقد رفعت وجهها للسماء تطلب من الله أن يرد لفوزي منيب ما رأته هي بعد أن طلقها وأن يحرق الله قلبه كما حرقه هو قلبها، وقد استجاب الله لدعائها..
من فوزي منيب أنجبت ماري سليم ولدين هم (فؤاد منيب وبديع منيب)، ثم توفيت شقيقتها (أليس) تارك لها ولدا وبنتا، فلم يكن أمام ماري إلا أن تتزوج زوج أختها الحاج (عبد السلام فهي)، الذي تصفه فتقول: إنه كان أكثر من عرفت من البشر طيبة وحنان قلب وتقوى الله.. وكانت دائما تقول بأن الأربعة وأولاد شقيقتها (أليس) أن الجميع أولادها، لكن سعادتها بحياتها مع الحاج عبد السلام فهمي لم تستمر فقد مات الرجل وتركها مع أربع أبناء تعتبرهم جميعا أبنائها..
وكان جارها (نعوم) وهو لبناني مثلها هاجر إلى مصر وعاش فيها هو أول من اقترح أن تعمل الشقيقتان (ماري وأليس) في المسرح لظروف الفقر الشديد والذي تعيش فيه الأسرة، وتقول (ماري) عن جارها ناعوم هو أول من فتح عينيها إلى المسرح، وهو أيضا الشاهد المسيحي الذي من أجله أصرت أمها (أسماء) أن تعيد كتابه العقد لأن أحد الشهود مسيحي.
لكن الذي لا يعرفه أحد أن (بشارة وكيم) الممثل المعروف كان من عشاق خفه دم (ماري منيب)، وقد تقدم لخطبتها لكن ذلك حدث في قمة حبها لفوزي منيب الذي تزوجته ورفضت عرض (بشاره وكيم) الذي تقبل الأمر بروح رياضية مسلما أمره لله..
ومن المسرح إلى السينما أدوار الحماة خفيفه الظل التي لا يمكن لأم أو لابنها أو لحماة أن تكرهها فكانت الحماة لإسماعيل ياسين والحماة ليوسف فخر الدين، وكانت حماه فؤاد المهندس ولا يمكن لعشاق فنها أن ينسوا لها أدوارها في مسرحية (إلا خمسة) أو (لو كنت حليوة) وغيرها.. أو أدوارها مع عبد الفتاح القصري أو مع نجيب الريحاني نفسه في السينما.
أما أكبر فرحة دخلت قلبها في حياتها فكانت يوم أن صافحت يدها يد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وهو يقوم بتكريمها فيمنحها جائزه الدولة، وعن هذه اللحظة تقول (ماري منيب) أنها أسعد لحظات حياتها وهى ترى وتسمع وتضع يدها في يد زعيم العالم كله كما قالت..
أما آخر أفلامها – يرحمها الله – فكان أمام أحمد مظهر وعادل إمام ويوسف فخر الدين في فيلم (لصوص لكن ظرفاء)، والمشهد الذي تقف فيه في شرفة شقتها تضحك ضحكتها التي أحبها جمهورها.