بقلم الإعلامي : علي عبد الرحمن
هذا العنوان ليس قدحا في قطاع الإعلام ولا في لاعبيه الأساسيين، ولكنه بحثا عن نسب الإعلام وشجرة عائلته، وهذا إجراء يتم عندما تختلط الأنساب أو تتعدد صلات النسب ويختفي موجه الإعلام ومروضه، نقول هذا بعد سنوات طوال من ثورتي أهل مصر سعيا وراء تغيير جاد وعدالة اجتماعيه تنشد عدالة الفرص وعدالة توزيع الثروات والعدالة الإعلامية أيضا، والتي تضمن حقوق متساويه لطوائف الشعب في الظهور والتعبير عن وجهات نظرهم، وتضمن أيضا حقوق المناطق في تغطية همومها وآمالها مثل المنطقة المركزيه بالعاصمة، حيث يتقوقع الإعلام ناسيا بقاع الوطن وأطرافه أشخاصا ومواقع.
ولما كانت المواثيق الدولية وتعديلاتها تنص على حتمية الحق في المعرفة والحق في التعبير فيما يسمي أكاديميا بالتنوع الإعلامي في الموضوعات والأماكن والأشخاص، والذي يطلق عليه سياسيا مفهوم العدالة الإعلامية، ولما كان إعلامنا بشقيه الرسمي وشبه الرسمي متخبطا بدون رؤي أو خطط أو سياسات جعلت محتواه سطحيا غير قادر علي الإقناع أو المنافسة أو ملاحقة إنجازات الوطن وطموحات أهله مما أفقده ثقة أهله وأفقدنا ريادة وقدرة علي منافسة من حولنا.
ومع تشابه النوافذ الإعلامية وتشابه المحتويات وغياب موضوعات كثيرة عن عمليات الإنتاج والبث، وغياب شرائح مجتمعية عن الظهور وقصر ذلك علي أهل الفن والرياضة والطبخ والشعوذة، ومع تمركز الإعلام في قلب العاصمة فقط متناسيا ضواحي العاصمة وبقية بقاع مصر وأطراف وطننا، ومع ضعف وهزلية المحتوي أمام مايقدم من حولنا من شبكات وقنوات وليدة لدول شقيقه حديثة العهد بالوجود السياسي المنظم المستقل، ومع تفوق الشاشات من حولنا ومع اختفاء الإنتاج البرامجي الضخم من محتوانا الإعلامي، ومع اختفاء محتوي ثقافي عصري ومحتوي ديني معاصر ومحتوي يدعم التكنولوجيا وخرائط الاستثمار وفنون الابتكار وأهل الريف والزراعة والبادية، ومحتوي ينشط السياحه مما اضطر وزارة السياحة ومجلس الوزراء إلى اللجوء لبيوت خبره ومسوقين عالميين لوضع استراتيجيات لتنشيط السياحة تكلف ملايين الجنيهات في ظل هذه الظروف الاقتصاديه الصعبه، وكان من الممكن أن يوفرها الإعلام لو خرج ببرامجه وأغانيه ودراماه إلى أماكننا السياحيه القديمه والحديثه وصور وعرض ودعم تنشيط السياحة بها لو قدم برنامجا كبيرا للمسابقات علي شواطئ مصر ومن داخل معالمها ومدنها الجديدة العصرية لكان افضل لنا من جلب مسوقين دوليين لتنشيط السياحة في بلد السياحة مصرنا الجميلة، ولو قدم محتوي دينيا عصريا لكفانا وضع استراتيجيات لمكافحة التطرف كما تفعل الآن دار الإفتاء وغيرها من مؤسساتنا الدينية.
ومع غياب الدراما الدينية والتاريخية توجه الكثير منا لهذه النوعيه من الدراما التركية والسورية والإيرانية وغيرها، ولقد بح صوت الخبراء وذوي الشأن من المناداة بخطة قومية لإعلامنا تشمل أهدافا تتم ترجمتها لإنتاج برامجي وفني ودرامي ووثائقي متنوع، والمطالبه بخطة قوميه لإنتاجاتنا الإعلاميه تشمل نوعيات الإنتاج المتنوعه ومدد تنفيذها وأماكن تصويرها ووقت بثها طبقا لحاجة الوطن وأهله، وكم طالبنا بصحوة تجاه سحب بساط الريادة من تحت أقدامنا، وطالبنا بخطط وأهداف لكل شبكة قنوات العام منها والمتخصص وأن نلغي التشابه في المحتوى والتكرار في المضامين.
وكم طالبنا بهوية وشعار وخطط وأهداف لإعلامنا الرسمي القومي منه والإقليمي، العام منه والمتخصص، المرئي منه والمسموع، التقليدي منه والرقمي وكذلك الإعلام شبه الرسمي، ولكن لاجديد لدى أهل الميديا وخاصته، وكم طالبنا بعودة التدريب العصري لكوادر الإعلام وعودة البعثات وتبادل الخبرات لكوادره، وطالبنا بصناعة أحداث وملتقيات ومهرجانات وأسواق ومعارض تحرك الراكد في سوق الإعلام، ولكن لا أحد يسمع سوى صوته وصوت خاصته من حوله، وكما طالبنا بتطوير مدن الإنتاج لدينا أسوة بالمدن من حولنا في دبي وفي الأردن وفي مايتم إنشائه حاليا بالسعودية والكويت وعجمان.
ولكم طالبنا بتطوير مناطق التصوير المفتوحة جذبا لمنتجي العالم كما تفعل المغرب في مواقعها المفتوحه التي تدر عليها مليارات الدولارات سنويا، حتي أن الأعمال الفرعونية تصور عندها لاعندنا، وكم طالبنا بتطوير إنتاجنا الإخباري والوثائقي ليصبح مقنعا ومهنيا ومنافسا، ولكم طالبنا بإعلام مصر لأفريقيا دعما لدورنا وقضايانا وإعلاما للخارج دعما لأبنائنا وصورتنا، وإعلاما داخليا ينقل حراك الوطن إلي آفاق التنميه ويشرح ويوضح ويقنع ويريح أهل مصر من تساؤلات بلا إجابه، وطالبنا بإعلام تعليمي يقضي على السناتر ودروسها الخصوصيه التي تلتهم 40 مليار جنيه سنويا، وإعلاما تعليميا مهنيا يدعم توجه الدولة للتعليم الفني المعاصر.
وطالبنا بإعلام يعظم دور أهل القري ويدفعهم للزراعة والإنتاح بدلا من التهام الرقعة الزراعية في البناء، وطالبنا بإعلام ملتحم يعرض هموم المواطن ويمثل حلقة الوصل مع المسئولين وإعلام لذوي القدرات وأهل البوادي وسكان أطراف مصرنا، وطالبنا بدور فاعل في المحتوي والتدريب والبعثات وإلغاء التشابه وسد النواقص في نوعيات الإنتاج وتفعيل العدالة الإعلامية، كل ذلك من مهام المجلس الإعلي لتنظيم الإعلام ولجانه، وطالبنا بخطط إنتاجيه ومحتوي متنوع وإصلاح بيئة العمل وذلك من مهام الهيئة الوطنية للإعلام، وطالبنا بملتقي إعلامي دولي لتبادل الخبرات وهذا مسئولية الجميع، ومع كل هذه المطالبات ومع تفوق من حولنا ومع عدم رضا كل الأطراف قيادة وحكومة ونوابا وخبراءا ومواطنين عن أداء الإعلام وعن ضعف محتواه وتشابه نوافذه وغياب التنوع الاعلامي فيه.
ومع ضخامة مايتم إنفاقه، ومع تكرار التغييرات في القيادات، ومع عدم مهنية البعض منهم ومع تعدد الشعارات التي يطلقها أهل الإعلام عن التغيير والتطوير والتنوع والمنافسة، كل هذه التحديات وكل هذه المطالبات وكل هذه الأصوات التي بحت غيرة وحرصا علي إعلام وطنهم ولا جديد تحت شمس الإعلام ولا في جنباته، ويستمر العبث والتشابه والتكرار وضعف المحتوي وغياب محتويات مهمة وغياب القدرة علي التجويد والمنافسة، والكل ينفض يده من مسئولية الإعلام، فالمجلس الأعلي يقول أنه جهة منظمة فقط والهيئات تطالب بإرادة قوميه للتغيير، والاعلام شبه الرسمي يستحوذ وفقط والخبراء فقدوا الأمل في إعلام عصري متنوع، والمجتمع المدني ناقم على إعلام غير مسئول، وأهلنا يستعجبون من الفجوة بين مايشغلهم ومحتوي الاعلام السطحي والكل يشتكي وقطار الإعلام يترنح ولا ندري بأي المحطات يتوقف ومن أيها ينطلق.
ولذا فإننا نتساءل؟ نخاطب من في قضايا الإعلام؟ ولمن نشتكي إعلامنا؟، ولمن نقدم أفكارنا؟، ومن هو المسئول عن خطط الإعلام وسياساته، ومن يعيد الاعلام إلى رشده ومن يصلح حال الإعلام وأهله، إنه أبو الإعلام المطاع وأمه صاحبة النصيحه، فمن هو أو من هم أهل الإعلام ومن أبوه ومن أمه؟، سؤال من أهل مصر ومن أجل مصر وأهلها محتوا وتنافسا ورياده!!!!
وتحيا دوما مصر، ويحيا صوتها الداعم لطموحها وخططها ومستقلبها المشرق القادم بفضل الله وحراسته للمحروسة دوما مصر، والسلام.