المخرج حسن رمزي ابن وزير الأوقاف الذي كان له دور في تجميل وجه مصر (1/2)
* كان من بين زملائه في المرحلة الثانوية (فتحي رضوان) رئيس الحزب الوطني، ووزير الإرشاد القومي السابق
* بدأ ميل (حسن رمزي) إلى الفن وهو طالب ثانوي حيث أحب الحياة الفنية عن طريق عمه الأديب والكاتب (إبراهيم بك رمزي)
* كان (إسماعيل باشا) الذي وصل إلى منصب وزير الأوقاف رجلا عاقلا وترك الحرية لابنه (حسن) ليعمل ما يريده بعد أن يتخرج من كلية الهندسة
* أنجز حسن رمزي العديد من المشروعات التى جمل بها وجه القاهرة، كمشروعات إعادة تخطيط مداخل القاهرة وإنشاء مدن وأحياء الأوقاف
* دخل السينما من باب الكومبارس عن طريق مكتب الريجسير (قاسم وجدي) وتولى 13 منصبا
* كرس (حسن رمزي) حياته في سبيل صناعة السينما ونصب نفسه محاميا للدفاع عنها
كتب : أحمد السماحي
هو واحد من أهم مظاليم الفن الذي قدم للسينما الكثير والكثير كمنتج ومخرج وممثل وكاتب ومدافع عنها، ولا يذكره أحد بالسلب ولا بالإيجاب ولا تخصص أي برامج في الإذاعة والتليفزيون والفضائيات للحديث عن حياته أو أفلامه الكثيرة، ولم يكرم هذا المناضل الفني في أي مهرجان سينمائي من المهرجانات الكثيرة الموجودة لدينا التى كرمت كل من هب ودب!.
من أهم أفلامه التى أخرجها (خاتم سليمان، أميرة الجزيرة، ما كانش عالبال، المعلم بلبل، بشرة خير، انتصار الحب، أحلام الربيع، الهاربة، معا إلى الأبد، الليالي الدافئة، ملكة الليل، العاطفة والجسد، أبدا لن أعود، إمرأتان، الرداء الأبيض).
ومن أهم أفلامه ككاتب (المخربون، جريمة في الحي الهادئ، المرأة الأخرى)، هذا فضلا عن كتابته لسيناريو وحوار كثير من الأفلام التى قام بإخراجها.
لقد كرس (حسن رمزي) حياته في سبيل تلك الصناعة ونصب نفسه محاميا للدفاع عنها والعمل على النهوض بها وحل مشاكلها المعقدة على مدى ثلاثين عاما منذ انتخب رئيسا لغرفة صناعة السينما في عام 1947، وظل يشغل هذا المنصب بالانتخاب بالإجماع من زملائه السينمائيين إلى أن وافته المنية في مساء يوم السبت 19 فبراير عام 1977 عن 65 عاما فقط.
اقترن اسم الفنان (حسن رمزي) بالسينما كاتبا ومخرجا ومنتجا ورئيسا لغرفة صناعة السينما ولاتحاد المنتجين وعضوا في لجنة السينما بالمجلس الأعلى للفنون والأداب، وكادت شهرته كسينمائي أن تطغى على شهرته كمهندس تخطيط كان له دور هام في تجميل وجه مدينة القاهرة على مدى ما يقرب من ربع قرن.
ابن الوزير
ولد حسن رمزي في عائلة ميسورة فوالده هو (إسماعيل باشا رمزي) الذي كان يحمل الليسانس في الحقوق ثم عين محافظا للقاهرة وتنقل بعد ذلك في نفس المنصب في عدة محافظات، لهذا تلقى (حسن رمزي) دراسته الثانوية في مدرسة أسيوط وكان من بين زملائه في الدراسة (فتحي رضوان) رئيس الحزب الوطني، ووزير الإرشاد القومي السابق.
كواليس المسرح
بدأ ميل (حسن رمزي) إلى الفن وهو طالب ثانوي حيث أحب الحياة الفنية عن طريق عمه الأديب والكاتب (إبراهيم بك رمزي) الذي كان أديبا ومؤلفا مسرحيا، وكان أيضا صديقا حميما للموسيقار الراحل الشيخ (سيد درويش) ولعمالقة المسرح الكبار مثل (يوسف وهبي، جورج أبيض، نجيب الريحاني)، وكان العم يصطحب ابن شقيقه الصبي (حسن رمزي) إلى ما وراء كواليس المسرح، وكان (حسن) يتفرج على الممثلين وهم يعملون المكياج ويركبون الذقون والشنبات، وبسبب هذه الزيارات عشق الصبي الفن وأصبح رئيس فريق التمثيل بالمدرسة، وعندما التحق بكلية الهندسة عام 1930 أنشأ جمعية التصوير الفوتغرافي بجانب ممارسة هوايته في التمثيل المسرحي مع فرق الهواة التى كان يقدم فيها بعض مسرحيات عمه الكاتب المسرحي والسينمائي (إبراهيم رمزي).
كورنيش النيل
كان (إسماعيل باشا) الذي وصل إلى منصب وزير الأوقاف رجلا عاقلا وترك الحرية لابنه (حسن) ليعمل ما يريده بعد أن يتخرج من كلية الهندسة، وبالفعل بعد تخرجه من الكلية تدرج في عدة مناصب حكومية إلى أن وصل إلى رتبة وكيل وزارة ثم نائبا لوزير الإسكان، وكان هو مفتش عام تخطيط القاهرة الكبرى وكل ما نفذ في القاهرة من شوارع كبيرة ومناطق سكنية منذ 75 عاما كان من تخطيط (حسن رمزي) مثل (كورنيش النيل) الذي قيل عام 1954 أن عصا البغدادي السحرية هى التى نفذته وكانوا يشيرون بذلك إلى السيد (عبداللطيف البغدادي) الذي كان وزيرا للأعمار في تلك السنة.
كما أنجز حسن رمزي العديد من المشروعات التى جمل بها وجه القاهرة كمشروعات إعادة تخطيط مداخل القاهرة وإنشاء مدن وأحياء الأوقاف ومدينة نصر والمقطم وتلال زينهم ونفق العباسية وتشيد كوبري الجامعة ونقل تمثال نهضة مصر من ميدان رمسيس إلى ميدان الجامعة.
دخل السينما من باب الكومبارس
رغم عمله في التخطيط لكنه لم ينس حبه للسينما، وكان طموحا إلى أن يصبح نجما سينمائيا لامعا، لأنه لم تكن تنقصه مظاهر الوجاهة الاجتماعية بجانب مواصفات الفتي الأول الوسيم، وعمل على تحقيق حلمه فدخل السينما من باب الكومبارس عن طريق مكتب الريجسير (قاسم وجدي) وقام بأدوار بسيطة أقرب إلى الكومبارس الصامت أو الذي يقول كلمات معدودة من هذه الأفلام (عاصفة على الريف) إخراج أحمد بدرخان (ممنوع الحب) إخراج محمد كريم، و(مصنع الزوجات) إخراج نيازي مصطفى، و(أحب الغلط) إخراج حسين فوزي.
شركة النصر وخفايا الدنيا
علم (حسن رمزي) أنه لن يتقدم في السينما إذا ظل يلعب الأدوار الصغيرة التى يلعبها، وعندما لم يجد أحد يتيح له أدوار البطولة لذلك رأى أن يتيحها لنفسه فأسس شركته السينمائية (أفلام النصر) عام 1942 برأسمال جمعه من زملائه المهندسين، وقام بدور الفتى الأول أمام النجمة المسرحية في ذلك الوقت (سامية فهمي) في أول إنتاج للشركة بعنوان (خفايا الدنيا) من إخراج إبراهيم لاما، وكان هذا الدور هو الأول والأخير إذ توقف بعد ذلك عن التمثيل ليتفرغ للإنتاج والتأليف ثم الإخراج.
غرفة صناعة السينما
في بداية الخمسينات كان هناك صراع حاد بين خمس فئات تتألف منها الصناعة السينمائية وهى فئات (شركات انتاج الأفلام وشركات التوزيع وأصحاب دور العرض السينمائي وأصحاب الاستديوهات وأصحاب معامل الطبع والتحميض).
وحتى يضع حدا للصراع فقد خطرت له فكرة انشاء تجمع لهذه الفئات ليتم التفاهم والتعاون بينها في اطاره، وفعلا وفي عام 1952 أنشأ (حسن رمزي) غرفة لصناعة السينما التى ضمت جميع العاملين في حقول الإنتاج والتوزيع والعرض السينمائي، وقد توقفت هذه الغرفة عن العمل في بداية الستينات ثم عادت من جديد في أول السبعينات.
اتحاد السينمائيين
أنشأ (حسن رمزي) تجمعا كان اسمه (اتحاد السينمائيين) وكان هو رئيسه، وكان تجمعا ضخما يضم جميع الممثلين والمخرجين والمؤلفين وكتاب السيناريو من أعضاء هذا الأتحاد (فاتن حمامه، شادية، عمر الشريف، أحمد رمزي، أحمد مظهر، تحية كاريوكا، كمال الشناوي)، ومن الكتاب (طه حسين، توفيق الحكيم، نجيب محفوظ، يوسف السباعي، إحسان عبدالقدوس، يوسف أدريس).
وانتج هذا الاتحاد ستة أفلام فقط، وتوقف بعدها عن العمل لسببين أولهما: أن رأسمالها كان يدفعه شخص واحد فقد هو (حسن رمزي)، ثانيا: الخسارة التى حققتها هذه الأفلام فرغم نجاحها من الناحية الفنية وحصولها على عدة جوائز منها مثلا (لن أبكي أبدا) بطولة فاتن حمامة وزكي رستم وفاخر فاخر، (شمس لا تغيب) بطولة كمال الشناوي وزبيدة ثروت، لكن هذه الأفلام الستة حققت خسائر، فضلا على أن كثيرين من المنتجين أخذوا يحاربون شركة (إتحاد السينمائيين) خوفا على مصالحهم، ولأنها كان يمكن أن تتحول إلى شركة تحتكر جميع النجوم مثل شركة (يونايتد ارتيست) في هوليود.
13 منصبا ومركزا
في عام 1956 كان (حسن رمزي) يتولى ثلاثة عشر مركزا قياديا في عالم السينما وأيضا في الدولة منها الآتي: مفتش عام تخطيط القاهرة، مدير عام مصلحة التنظيم، وكيل أول في وزارة الأسكان، نائب وزير الأسكان، رئيس غرفة صناعة السينما، رئيس صندوق دعم السينما، رئيس اتحاد المنتجين السينمائيين، رئيس اتحاد موزعي الأفلام، رئيس مجلس إدارة شركة اتحاد السينمائيين، رئيس اتحاد كتاب السيناريو والحوار، رئيس اتحاد المخرجين السينمائيين، رئيس مجلس إدارة شركة أفلام النصر، مدير عام شركة أفلام النصر.
الاستقالة من الحكومة
ظل (حسن رمزي) يعمل ويجمع بين كل هذه الوظائف حتى عام 1958 عندما خيره وزير الأسكان بين أن يبقى في الحكومة ويتخلي عن أعماله الخاصة ومناصبه في الهيئات السينمائية وبين أن يبقى في هذه الأعمال والهيئات ويقدم استقالته من الحكومة، ولأنه كان عاشقا للسينما فقد اختار أن يترك وظيفته الحكومية بعد خدمة استمرت ثلاثة وعشرين عاما، وقد خرج يومها بلا تعويض ولا مكافأة ولا معاش!.