بقلم : علي عبد الرحمن
تسعي مصر منذ سنوات إلى تطوير البني التحتية والأساسية اللازمه لعصر التحول الرقمي ودخول الجمهورية الجديدة التي ينشدها السيد الرئيس وبرنامجه الانتخابي المنفذ، وإذا جنبنا حكمي السيد اللواء محمد نحيب وسنة حكم الإخوان لقصر المدة وتضارب الأراء وتشتت القوي الوطنية، رغم كثرة المتغيرات والأحداث، واعتبرنا أن جمهورياتنا بالترتيب هى الأولي مع (عبد الناصر)، والثانيه مع (السادات) والثالثة مع (مبارك)، فإن جمهوريتنا الجديدة هى الجمهوريه الرابعه مع (السيسي) ومع تحفظنا علي رفع شعار الجمهورية الجديدة علي الشاشات الفضائية وكأنها عمل يذاع لاحقا، دون تمهيد أو شرح لمفهوم الجمهورية الجديدة ومواصفاتها وملامح مواطنيها ودورهم، وكثيرا من الأمور ذات الصله بالجمهورية الجديدة التي كان من الممكن تصورها وتجسيدها في فيلم قصير واضح يستخدم فنون الميديا الحديثه ويحمل اسم (الجمهورية الجديدة .. الملامح والمواصفات) ليضع المواطن حيث ينبغي ويضع حدا لهذا الشعار المرفوع دون توضيح!!!
ولقد سعت حكومات مصرية سابقة إلي تهيئة البنية المصريه لمشارف عصر التحول الرقمي من دخول الإنترنت ونشأة شركاته وتحديث منظومة الهواتف المحمولة وإدخال خدمات الإنترنت في التعليم والخدمات ومجالات أخرى، ولاننكر دخول الحواسب والإنترنت بيوت مصريه كثيرة وأيضا التقدم في عالم الهواتف الذكيه والاتصالات وتطبيقاتها وتعدد مدارس وأكاديميات وكليات الحاسب ونظم المعلومات، حتي دخول عصر التحول الرقمي والذكاء الإصطناعي وتدشين عصر الجمهورية الجديدة.
ومؤخرا، ولظرف جائحة كورونا أقدمت كثير من الوزارات والهيئات علي إدخال خدمات رقمية إلكترونية كالمرور والضرائب والأحوال المدنية والمدارس والجامعات والجمارك والشهر العقاري وغيرهم كثيرون، وهذا شئ جميل يحقق راحة للمواطن وتوفيرا لوقته وماله وتعظيما لحسن توظيف التكنولوجيا ومسايرة للتقدم التقني في كل دول العالم.
ولكن هذا التحول وهذه الخدمات يلزمهما بنية تحتية عصرية للإنترنت وقوته وتسعير ملائم لخدمات هذه التقنيات وتجميع أو تصنيع أجهزة الحواسب والوسائط وتوفيرها بسعر ملائم، وأهم من ذلك محو الأمية المعلوماتيه لدي الكثيرين من أهلنا وشعبنا، بل الموجودة أصلا لدي كثير من قيادات وكوادر الجهاز الإداري للدولة من مقدمي الخدمات الإلكترونية ووسطاء تقديم هذه الخدمات، بل ولابد من إرسال ثقافة التعلم والتنشئه الرقميه للبراعم والنشئ ليكونوا هم أهل التقنية في أيامهم المستقبليه القادمة، وأهلا لعصر التحول الرقمي ومواطنا ملائما لجمهوريتنا الجديدة وحملة لراية الوطن في تقدمه وسعيه للحاق بركب التطور التقني الحاصل في عالمنا الحالي، ولذا وأمام هذه التحديات والإصرار على دخول عصر التحول الرقمي والجمهورية الجديدة فقد بادرت كثير من الوزارات والهيئات إلي إنتاج تنويهات عديدة تحث المواطنين على ضرورة التعامل الرقمي والتمتع بسهولة الخدمات الرقمية، ودفعت هذه الجهات أموالا للإعلام نظير بثها ونشرها ولقد أقدم الإعلام علي بث وتكرار هذه التنويهات لدعم مسيرة التحول الرقمي والتعامل الإلكتروني في كل نواحي الحياة وصولا للتعاملات اليومية في البيع والشراء،من اجل دولة رقميه،ومواطن ديجيتال،وخدمات أون لاين،
ولما كانت نسبة الأمية أصلا كبيره في بلادنا، ولما كان التسرب من التعليم كبير أيضا، ولما كان عزوف الأسر علي تعليم أولادهم وإدخالهم سوق العمل بالمخالفة للأعراف والقوانين، إضافة إلي إنتشار الأمية المعلوماتية فإنني أقترح على أولي الأمر من هنا من موقعنا هذا (مبادرة لمحو الأمية المعلوماتية) لسهولة دخولنا جميعا عصر التحول الرقمي، هذه المبادرة تطلقها الدولة متمثلة في وزارات الاتصالات،والتربية والتعليم، والتعليم العالي، والشباب، والثقافة، والادارة المحلية، ويشارك فيها المؤسسات الدينية والحزبية والأندية وقادة الرأي.
وتدور هذه المبادرة حول استغلال المدارس في فترة الصيف ومراكز الشباب وبيوت الثقافة والمساجد والكنائس ومقار الاحزاب والأندية، وذلك لاستقبال المواطنين المراد محو أميتهم المعلوماتية وكذا تزويد هذه الأماكن بأجهزة الحاسب وتطبيقاتها وليقم بالتدريب شبابنا الجامعيون إما لخدمة عامه تلزمهم لدخول سوق العمل بعد التخرج أو مقابل أجر زهيد لقاء هذا العمل الوطني، ولتكن ميزانية المبادرة من أرباح شركات الإتصالات،ومن مخصصات وزارة الإتصالات،والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات ومصنعي ووكلاء الحواسب والوسائط ومقدمي الخدمات سواء الإنترنت أو الخدمات الرقمية، وقد تجد دعما دوليا من الجهات ذات الصله بمحو الأمية المعلوماتية ودخول عصر التحول الرقمي.
وهذا أمر يمكن تدبيره كتمويل للمبادرة، ولتشرف وزارة الاتصالات والجهاز القومي بالتنسيق مع الجامعات التي بها كليات حواسب ونظم معلومات علي برامج التدريب، ويمكن لها إعطاء المتدرب شهاده تفيد بأنه تم تدريبه معلوماتيا، أو تم محو أميته المعلوماتية أو صالح للتحول الرقمي أو مؤهل للجمهورية الجديدة او يمكنه التعامل رقميا، عندها يدعم الإعلام ونواب الشعب ونخبه وقادته هذه المبادرة، وبعدها تدخل مصر عصر الخدمات الرقمية بمواطنين يعرفون التعامل الرقمي وبجيل جديد تم تنشئته على معدات وتطبيقات وثقافة التحول الرقمي والخدمات الرقمية، وعندها تتسع دائرة التنوير والتثقيف والمشاركة والتمتع بهذا السيل من الخدمات الرقمية، وتكون لجهود الهيئات والوزارات وتنويهاتها وجهود البث نتائج إيجابية، وهذه المبادرة فرصة ليطلقها الحوار الوطني الدائر التحضير له حاليا وتدعمه كافة وزارات وهيئات ونواب ونخب وقادة رأي المحروسة دوما مصر.
وليكن عنوان مقالنا هذا (مبادرة التحول الرقمي ومحو الأميه المعلوماتية) وكلها أفكار للوطن تدشينا لفكرتنا المنشورة هنا كنتيجة متوقعة من جلسات (الحوار الوطني)، وهى (أفكار للوطن أو بنك الأفكار الوطني) الذي يضع فيه كل ذي فكر فكرته من أجل مصر ومستقبلها وأحلامها وتطلعات أهلها.. وتحيا دوما مصر غنية بمحبيها.