بقلم الأديب الكبير : سامي فريد
البراءة.. ملاك السينما المصرية (مريم فخر الدين) قررت وهى ترى أنوار الشاشة الفضية تنحسر عنها أن تسافر إلى بيروت، وقالت لنفسها تقنعها: ولم لا؟ .. فريد شوقي بكل تاريخه سافر إلى لبنان، وإسماعيل يس بماله من شعبية وحب الجماهير.. وغيرهم.. فهذا هو فريد الأطرش يقضي فترة في القاهرة وأخرى في لبنان، وكذلك صديقه ورفيق مشوار حياته عبدالسلام النابلسي وغيرهم وغيرهم من نجوم ونجمات السينما والمسرح، فلماذا لا أسافر انا أيضا فربما يصادفني هناك مشوار من العمل أو على الأقل أقضي أياما أروح فيها عن نفسي بعد هذا المشوار الطويل من الأفلام الجميلة، وهى كثير مثل: (رد قلبي وحكاية حب ولقاء في الغروب والأيدي الناعمة.. وغيرها وغيرها).
هكذا راحت نجمتنا المحبوبة (ملاك السينما المصرية) تفتش في أدراج مكتبها ودواليبها بل والكومودينو إلى جوار الفراش عن أي بقايا فلوس (فكة) تكون قد وضعتها ونسيتها لتجمع منها ثمن تذكرة الطائرة إلى بيروت.
وبالفعل وجدت مريم ما يقرب من نصف ألف من العملة المصرية.. إضافة الي احدى حقائبها المنسية لتجد فيها بضع عشرات من الدولارات.
وحجزت مريم في طائرة مصر للطيران المسافرة إلى بيروت.. وحرصت على ألا تاخذ معها في رحلتها الي بيروت سوي حقيبتين إحداهما كبيرة تضع فيها ملابسها.. وصغيرة تحملها علي كتفها لتضع فيها أدواتها للماكياج.
وفي الموعد المحدد كانت مريم فخر الدين في مطار القاهرة لتستقل الطائرة المسافرة إلى بيروت، وفي مطار بيروت الدولي استقبلتها موجات من الترحيب وكذلك في صالة الوصول وهى تنتظر حقيبة ملابسها.
أمام باب المطار الخارجي وقفت مريم تنتظر أي سيارة أجرة لتحملها إلى الفندق.. ولم تمضي سوي دقائق قليلة حتى توقفت أمامها سيارة الأجرة وكان سائقها يكاد يطير من الفرحة وهو يرحب بالست مريم.
ثم يستدير حول السيارة ليفتح لها الباب وما يزال فيضان ترحيباته لا يتوقف.. سألته من فضلك فين بينزلوا الفنانين المصريين؟
قال بثفة العارف المتاكد:
كلهم ستي تكرم عينك بينزلوا بفندق (………..)
قالت: خدني على هناك على طول.
تكرم عينك ست مريم.
قبل أن تهبط أمام الفندق سالته:
كام الأجرة من فضلك؟
قال السائق وقد أخذته نوبة من الشهامة العربية:
ياعيب الشوم يا ستي.. حضرتك ضيفتنا.. والله ما يصير.. ماحدا بلبنان بيسوي ها الشغلة.
شكرته مريم ونزلت من السيارة داخلة إلى بهو الفندق وعبارات الترحيب تتطاير من حولها حتى راها موظف الاستقبال فاندفع تاركا مكانة خارجا إليها يرحب بها.
أهلين ست مريم.. شرفتي بيروت وكل لبنان تؤمريني.
قالت مريم:
عاوزة غرفة أو سويت يكون بيطل على منظر جميل في لبنان والجبل وكده.
عيني ستي.. موجود.. بالطابق الرابع ممكن؟
ممكن.. ثم أشار إلى أحد العمال بالفندق ليحمل حقيبة الهانم إلى الدور الرابع.
في الجناح الذي أقامت فيه مريم جلست تستريح قليلا لتبدل ملابسها من أجل غفوة قصيرة ثم ترى بعدها ماذا يمكن أن يحدث وقد دق جرس الهاتف.. كان موظف الاستقبال يخبرها أن الوجيه فلان بك لما علم بوصولوها الي لبنان ينتظر نزولها أويصعد هو إليها.. وقالت مريم على الفور:
أنا نازلة حالا.
عند نهاية السلم النازل من الأسانسير وجدته ينتظرها فاردا ذراعيه مرحبا لم تكن تعرفه حيث قال لها حال استقبلها:
صدقيني ياهانم تكرم عيونك أنا كنت مسافر للقاهرة من شانك.. ومن شان نتكلم سوا أنا وحضرتك في الشغل.
لم تفهم مريم لكنها سارت معه إلى حيث جلسا فقال لها:
الحمد لله حضرتك شرفتي.. مو بيقولوا قلب المؤمن دليله.. ووجدتها مريم فرصة لتفتح معه عددا من الموضوعات، قالت:
أنا يا هو يا سيدي جيت.. خير؟!
قال الرجل:
رح نسوي هون شي فيلمين مع حضرتك والأخ المطرب فهد بلان.. قالت تستوضح الاسم:
مين؟ حضرتك قلت مين؟
قال:
فهد بلان ستي.. مطرب سوري نجح وعمل جماهير والناس حاباه ففكرنا نسوي معه ومع حضرتك فيلم أو تنتين.. وبعدين.
قالم مريم:
ولكن أنا ما اعرفوش ما تشرفتش بيه!
قال الرجل:
هلا حالا يصير التعارف .. الليلة.. حضرتك طبعا كتير معروفة.. وهو إن شاء الله بيصير معك نجم ومعروف.. الليلة رح يجي هو ع السهرة ويصير على أنا التعارف .. رح بأكلمك أنا تنزلينا من غرفتك وأعرفكم ببعض.
وصعدت مريم الي غرفتها تفكر في هذا (البلان) الذي لا تعرف وجلست في فراشها تنتظر رنين التليفون الذي سيخبرها بوصول نجم الليلة حتى ليقوم الوجيه الأمثل منتج الفيلم بتعريفها ببعضهما، وأوصى في الحال بالتقاط بعض الصور الفوتوغرافية معا من أجمل أعمال الدعاية الفنية التي ستنشر في الجرايد تمهيدا للفيلم.
وفي الحفل فوجئت مريم بينما وهى ترقص مع فهد بلان به يميل نحوها ويهس في أذنها: تتزوجيني يا ست مريم؟، لا تندهشي أنا من زمن بافكر فيكي وما باعرف ليه حكيت ها الكلام!
وفوجئت مريم في صباح اليوم التالي بصندوق من هدايا الوجيه يحمله إليها عامل الغرف فسالته عن مصدره فقال إنه لا يعرف أما الذي يعرفه فهو أن الصندوق من السوق الحرة بالفندق، فأفمرت بحمله ليذهب به أمامها إلى السوق الحرة لتستبدله بما تحتاجه من لحوم ودواجن وخضر وفاكهة وعصائر ومربات حتى الشيكولاتة والمخبوزات ليتبقى لها بعد كل هذا زجاتين من الويسكي حملها العامل مع ما اشترته إلى غرفتها.
والغريب أنها التقت في طريق عودتها إلى غرفتها بكل من الفنان (فؤاد المهندس والفنانة شويكار) وعفرت منها أنهما يقيمان في الطابق الثالث، واتفق الجميع على اللقاء وقد أخبرتهما ان عندها الان من الخضر وللحوم والفاكهة والعصائر الشيء الكثير.
من غرفتها اتصلت مريم بموظف الاستقبال تساله أن يوصلها بمنتج الفيلم على غرفتها.. دقائق وكان المنتج معها على التليفون، فقال له بدون تردد (كنت بتقول أنك ستحضر لعندي في القاهرة وأنا التي حضرت إليكم فمن يدفع ثمن تذكرة الطائرة؟ قال الرجل على الفور: تكرم عينك .. نحنا طبعا.. أضافت وحساب غرفة الفندق؟ قال الرجل وهايدي طبعا ما فيها كلام.
قالت: والعربون.. مقدمة الفيلم ما فيش مصاري؟، قال الرجل إي يا عيب الشوم في طبعا.. كام يكفيكي يا ست مريم؟ قالت : 5 آلاف – ستة آلالف ليرة مثلا.
ورد الرجل على الفور خمستاشر ألف ليرة وحالا رح يكون الشيك عندك.
وتكررت صناديق الويسكي وتكرر استبدالها حتى كانت ليلة عزومة فهد بلان وهو يحب الأكل المصري، وكانت شويكار قد اتفقت مع طباخ بالفندق وسفرجي أيضا لتدبير كل شيء، وبدأ تصوير الفيلمين اللذين لا تذكر (مريم فخر الدين) أيا منهما ولا ما هى قصته، إنما كان كل المهم هو ما استلمته مقابل عقدي الفيلمين.. ثم هو الأهم اأها عادت من لبنان مع زوج قالت عنه إنه كان طيبا وحنونا يحبها اسمه (فهد بلان) ليبدأ من القاهرة عددا من الحفلات الناجحة.