بقلم : بهاء الدين يوسف
للدموع في التراث الإنساني قصص وأساطير كثيرة وممتدة عبر أغلب شعوب العالم، ما بين دموع التماسيح التي يستدل بها على البكاء المفتعل، وقد جاءت تسميتها من اليونانيين القدماء الذين اكتشفوا أن التماسيح تبكي ليس لأنها حزينة، ولكن لوجود جفن ثالث لديها يتطلب إفراز كم كبير من الدموع لترطيب جفونها الثلاثة.
وهناك دموع الشمس وهو وصف استخدمه أبناء حضارة الأزتيك في المكسيك لوصف الذهب الذي لم يكونوا قد عرفوا له اسما بعد، كما أننا في مصر نتداول جملة جاءت في أحد أفلام الستينات (امسحي دموعك يا امال) وترد آمال: (موش انا يا ماما).
سنتوقف هنا قليلا عند دموع المطربة (آمال ماهر) التي جمعت الحسنيين بامتلاك صوت قوي ووجه جميل كانا يكفلان لها تصدر ساحة الغناء النسائية بكل أريحية في غياب المنافسة الحقيقية لانشغال (أنغام) بحياتها الخاصة، وانفراد (شيرين) بالساحة مع العديد من الملاحظات على ذكائها الإعلامي المحدود، وبحسب متابعتي المتواضعة لم تحظ أي من المطربات الأخريات الرعاية الرسمية التي حظيت بها (آمال ماهر) وجعلتها الصوت النسائي الرسمي في مختلف الاحتفالات والمناسبات الوطنية الهامة التي يحضرها كبار الشخصيات السياسية والرسمية بالدولة، كما حظيت برعاية كبار الموسيقيين في مصر وعلى رأسهم الراحل (عمار الشريعي).
لكن بدلا من أن تنشغل (آمال ماهر) بفنها وتطوير قدراتها وتوسيع انتشارها الفني اكتفت بأربعة ألبومات فقط منذ صدور ألبومها الأول (اسألني أنا) عام 2006، وتأجل إصدار الألبومات الثلاثة التالية أكثر من مرة قبل أن تصدر، وكان ألبومها الأخير (أصل الاحساس) عام 2019، وشيئا فشيئا انتقلت أخبار المطربة الموهوبة من صفحة الفن كما ينبغي لها أن تكون إلى صفحات الشائعات والنميمة خصوصا بعد زواجها من (تركي آل الشيخ) رئيس هيئة الترفيه السعودية ثم انفصالهما، وما صاحب تلك الفترة من نميمة وشائعات حول تعذيب المستشار السعودي لها لمنعها من الحصول على الطلاق، واستعانته بعلاقاته مع مسؤولين كبار في الدولة لمنعها من الغناء، ثم أخيرا ما تردد عن اختفائها القسري في ظروف غامضة وسط شائعات عن دور لـ (آل الشيخ) في هذا الاختفاء قبل أن تظهر في فيديو ثم عبر مداخلات مع عدة برامج وصولا إلى حفل العلمين الذي تحييه خلال الأيام المقبلة.
مع التسليم بأننا نعيش في عصر الاستنتاجات في غياب المعلومات الموثوقة، فأن رأيي المتواضع أن المذنب في كل ما حدث لـ (آمال ماهر) هى المطربة نفسها، التي انشغلت بكل شيء بعيدا عن فنها وساهمت بقوة في انطفاء توهجها الفني، ولما لا أن تكون كل الترهات التي تتردد عنها من وقت لآخر دعاية مدبرة من شركة الانتاج أو من وكلائها الفنيين لإعادتها الى صدارة المشهد الفني من جديد بعد أن تراجعت خطوات واسعة بسبب سلوكياتها غير المفهومة، سواء زواجها الأول من الملحن (محمد ضياء الدين) الذي لم يستمر سوى عام واحد أو زواجها الثاني الصاخب، أو إعلان اعتزالها الفني عام 2021 دون أن تقدم مبررات للاعتزال والاكتفاء بكلمات مبهمة تحتمل كل التأويلات، ثم عودتها إلى الغناء وأيضا دون مبررات.
في النهاية ليس من حقي الحكم على ما تفعله المطربة الموهوبة خصوصا في غياب المعلومات الموثقة والموثوقة عما تفعله، لكنني أجزم وهذا من حقي أن كل الصخب الذي حدث في الأسابيع الماضية حول اختفائها ثم عودتها ثم قرار (تركي آل الشيخ) غير المؤكد بسحب استثماراته والانسحاب من مصر جعل من حفلها المنتظر في العلمين حدث سيحرص الكثيرون على حضوره رغم ارتفاع أسعار التذاكر، للاطمئنان على نجمتهم المحاطة بالمؤامرات والتي انتصرت على الظروف المعاكسة من أجل فنها.