الرائد المسرحي نبيل الألفي .. عاشق الكتابة الذي شغله الإخراج المسرحي (1/3)
كتب : أحمد السماحي
يعتبر المخرج المسرحي الكبير نبيل الألفي واحدا من رواد الجيل الثاني للمسرح المصري، عشق المسرح وأخلص له، لهذا لم يحظ بنجومية كبيرة مثل كثير من أبناء جيله من نجوم السينما، بحكم أن نجومية المسرح قاصرة على أهله وناسه وبعض العاشقين له من الجمهور العادي.
في بداية حياتي الصحفية تعرفت على بلدياتي المخرج المسرحي الكبير (نبيل الألفي) وكنت أحدثه من وقت لآخر في التليفونواستمتع بثقافته الموسوعية، وكان من حين لآخر يحثني على مشاهدة بعض العروض المسرحية التى يرى أنها جديرة بالمشاهدة، وأحيانا كان يصطحبني لمشاهدة هذه العروض.
هذا الأسبوع في باب (نجوم لكن أدباء) سنتوقف معه كمؤلف لكتاب شهير في عالم المسرح هو (من عالم المسرح)، لكن قبل الدخول إلى هذا العالم لابد أن نتوقف عند بطاقة شخصية لهذا الرائد المسرحي، لنعرف الأجيال الجديدة من هو نبيل الألفي؟!
الميلاد والدراسة
ولد عامر محمود الألفي (نبيل الألفي) – كما يقول المخرج المسرحي صبحي يوسف في دراسة عنه – في الخامس من مايو عام 1926، بقرية (سنهوا)، مركز منيا القمح، محافظة الشرقية، وحصل على دبلوم المعهد العالي لفن التمثيل العربي عام 1947، كما حصل على دبلوم في دراسات فن المسرح (1948 – 1951)، وكان عضو المسرح القومي (1947)، ومدرسا للتمثيل والإخراج في المعهد العالي للفنون المسرحية منذ عام 1953، ومديرا للمسرح القومي (1961 – 1962)، ومؤسسا ومديرا لـ (مسرح الحكيم) (1963).
مناصب تولاها
يضيف (صبحي يوسف): عمل (الألفي) عميدا للمعهد العالي للفنون المسرحية (1966 – 1967)، والأمين العام للمركز المصري للهيئة العامة للمسرح (1969-1981)، ورئيسا للمركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية (1980-1981)، وكان أستاذا غير متفرغ بالمعهد العالي للفنون المسرحية (1984- 1988)، وكان أستاذًا بأكاديمية الفنون الجميلة بجامعة بغداد (1977- 1979)، وخبيرا بالمسرح بدولة قطر (1982- 1984).
سيجارة وكاس مع داليدا
قام (الألفي) بتجسيد العديد من الأدوار في السينما والمسرح، ما بين (1951- 1963)، ومثل بالسينما المصرية في الخمسينيات في عدة أفلام منها (سيجارة وكاس) مع داليدا، (حرام عليك) مع إسماعيل ياسين، (غلطة العمر) مع محمود ذوالفقار، (جسر الخالدين) مع سميرة أحمد، (سر إمرأة) مع هدى سلطان، (المهرج الكبير) مع يوسف وهبي، (أمنت بالله) مع عزيزة أمير، (اليتيمتين) مع فاتن حمامه، وغيرها من الأفلام.
220 مسرحية عالمية ومحلية
أخرج (الألفي) نحو مائتين وعشرين عرضا مسرحيا لكثير من الفرق المحلية والعربية، وإذاعة البرنامج الثاني، وعروض الصوت والضوء بالمواقع الأثرية، من المسرحيات التي أخرجها على سبيل المثال لا الحصر: (دموع إبليس، قهوة الملوك، الزوج الحائر، تانجو، ثورة الزنج، شقة للإيجار، شذوذ، المأخوذة، دونجوان، قصة مدينتين، ماكبث، إيزيس، أهل الكهف، بيجماليون، الأميرة تنتظر، شمشون ودليلة، لعبة السلطان) وغيرها.
إبداع من نوع آخر
اليوم لن نتحدث عن إبداعه وتفرده في عالم المسرح، ولكننا سنكشف الستار عن إبداع جديد لا يعلمه البعض، وهو عمله في كمؤلف لبعض الكتب منها ترجمته مع شوقي خميس لمسرحية (محاكمة الإنسان في حديقة الحيوان) تأليف فيركور، ومراجعته وتقديمه رائعة (دون جوان) تأليف موليير، ترجمة إدوار ميخائيل، ومراجعة فتوح نشاطي.
من عالم المسرح تجارب ودراسات
هذا الأسبوع سنتوقف عند كتابه الممتع (من عالم المسرح .. تجارب ودراسات) الذي صدر عام 1960، وأهداه إلى أستاذه (زكي طليمات) وكتب قائلا : (تحية لسنوات عديدة من العمل المتواصل في خدمة الفن المسرحي).
نغمة دخول
يبدأ الكتاب بمقدمة تحت عنوان (نغمة دخول) يقول في بعض منها: قد لا يجد المشتغل بالإخراج والتمثيل المسرحي فسحة من الوقت ليمارس الكتابة، لأنه قد يجد نفسه مطالبا كذلك بأن يعمل خارج نطاق فرقته المسرحية في الإذاعة مثلا، أو في مجال التدريس بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وأنا واحد من أولئك الذين تنطبق عليهم هذه الحالة، قد لا أجد متنفسا من الوقت يتيح لي أن أكتب، لأنني فوق هذا وذاك – عندما أزاول نشاطي كمخرج أو ممثل أو مدرس – أشعر أمام نفسي أنني مطالب أيضا بتجويد وتقوية لونين من الإخلاص والثقة، إخلاصي للفن الذي أحببته واتخذته طريقا لحياتي، وثقة أنصار المسرح في إنتاجي وفي إخلاصي لهذا الإنتاج.
خيانة المسرح
لهذا لم يعد في مقدوري أن أخون المسرح، ولم يعد في مقدوري أن أخون ثقة أولئك الذين تعودوا أن يلمسوا مني الصدق والجدية فيما أقوم به من محاولات، من هنا كان إحساسي بمسئولية موقعي يتضخم مع كل مهمة آخذها على عاتقي، ومن هنا كان استغراقي في عملي يحول بيني وبين الكتابة، بالرغم من أنني مغرم بها هى أيضا وكثيرا ما تنتابني رغبة ملحة في أن أعبر عن بعض ما يتفاعل به قلبي وعقلي عن طريق القلم.
ولكن يبدو لي أنه من نعم نفس هذا الإخلاص وتلك الثقة وذلك الحنين إلى الكتابة الذي كان ينتابني بين الحين والحين أنني كنت أجد نفسي أحيانا مدفوعا بخليط من ذلك كله إلى أن أختلس من وقتي نصيبا للكتابة، كنت أجد نفسي في غمار حركة البحث ونشاط الإنتاج مدفوعا في غير تعمد إلى الكتابة عن المسرح، تارة لإبداء رأيي في بعض مشاكله أو قضاياه، وأخرى للدفاع عن مؤلف أحترم إنتاجه أو عن مسرحية أحببتها، وثالثة لإلقاء حديث إذاعي أو للتنبيه إلى أهمية تجربة جديدة.
وفصول هذا الكتاب ليست في الواقع سوى بعض محاولات الكتابة المتباينة المسالك التى كنت أجد نفسي مدفوعا إلى أن أجتزئ لها نصيبا من وقتي وأنا أضرب في طريقي، بعضها سبق نشره وبعضها لم تكن الفرصة قد سنحت لنشره بعد، وسيجد القارئ غالبا في الهوامش ما يشير إلى المناسبة أو الظروف التى قيل فيها هذا الرأي أو كتب ذلك الموضوع.
فصول الكتاب
يتضمن الكتاب أربعة فصول هى (تمهيد في قسمات من وجه مسرحنا المعاصر، النقد والنقاد، تجربة دموع إبليس، المعركة في طريق إيزيس)، الفصل الثاني قصة القلق والباحثون عن زهرة الخلود، الفصل الثالث (حديث الإعداد المسرحي للقصة الطويلة، ملامح الفن والحياة في زقاق المدق)، الفصل الرابع (امتدادات مع المحاولات الجديدة في كتابة المسرحية، مسرحية عن إفجينيا، ومسرحية عن الزمن، والمحاولات التى تطير بعيدا)، وأخيرا نغمة الخروج.
……………………………………………………
في الأسبوع القادم ندخل إلى عالم نبيل الألفي الكاتب.