بقلم الفنان التشكيلي الكبير : حسين نوح
تابعت بشغف زيارة الرئيس (جو بايدن) إلى المنطقة وزيارته لإسرائيل ثم لقاءه بزعماء المنطقة في جدة بالمملكة العربية السعودية الشقيقة وتابع معي معظم المهتمين بالسياسة والثقافة والحالمون أن يعم السلام وتختفي الصراعات ومشاهد القتل والدمار، وأعتقد أن تلك الزيارة واهتمامي بها جعلني حين حاولت التخلص مما يدور في عقلي من تحليلات ولقاءات للمحللين والمتخصصين في شئون الشرق الأوسط وكذلك مردود الزيارة على الشعب الأمريكي وجهابذة التحليل هنا وهناك، ثم أيضاً ردود الأفعال الكثيرة على (شبكات التباعد) كما أطلق عليها ثم كتائب العارفين وفرق المتخصصين، وتنبؤات البعض واختلاط المدرك بالحالم بالواعي بالجاهل بالمشتاق والمدعي وأصبحت أتابع علي الشبكات هرتلة طيبة فيظهر الخبراء ومنهم المتحذلقون ويصبح لدينا محلل وخبير وعالم لكل مواطن.
كانت الساعة قد اقتربت من الثانية بعد منتصف الليل واتجهت إلى السرير كي أنام، ولكن عبثاً فالأفكار والأحداث تتلاطم في رأسي وقرب أذان الفجر استسلمت للنوم، وجاء الحلم، ولعل السبب أنني ومنذ فترة أتحدث عن الإنسان وأرى أن أزمة ما يحدث على سطح المشهد يفتقد إلى الإنسانية، وتجاوزت وقلت أن العجينة البشرية أصاب البعض منها عطب وأردد ذلك في صالون الأوبرا، وانتقل إلى أكثر من صالون ثقافي وأردد نفس المقولة وأتحدث عن ماذا يحدث، وتماديت في خيالي الحالم أني موجود وسط اجتماع القادة فى جدة بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، أردد أحلامي وليس على النائم والحالم حرج.
واعتدلت نائماً حالما وأمام الجميع متدفقآً قائلاً: السادة معالي الملوك والرؤساء أصحاب الجلالة والفخامة والسمو مرحبا بكم وبالضيف الكريم سيادة رئيس الولايات المتحدة الامريكية الرئيس (جو بايدن) مرحباً بك وبضيوفك في الشرق الأوسط أرض الأنبياء وأرض التاريخ وفجر الضمير، تمر البشرية على العموم ومنطقتنا العربية علي الخصوص بتحديات كثيرة من حروب وتغيرات في المناخ وأوبئة وأطماع وأزمات وعداءات طائفية، هل آن لنا أن نتوجه بكل الحواس إلى أنات البشر في فلسطين وسوريا واليمن والعراق وأوكرانيا؟، هل لنا أن نتوقف ونأخذ نفسا عميقا ونحقق حلم كل رجال التنوير بإعمال العقل وتنوير ظلام منظومة أخذ الحق بالدم والدمار؟، كيف بالله عليكم وباسم أي دين وأي عقل؟، أناشدكم إنهاء أنات البشر تحت أي مسمي واستغلال الخيرات في السيطرة علي الخارج عن إرادتنا من تحولات المناخ وظهور الميكروبات والقضاء علي أي تلوث أخلاقي أو عدواني لا إنساني، واذكركم فلم تغير الأسماك في المحيطات ولا الحيوانات في الغابات لافتقادها العقل وهو ما تميز به بني الانسان، فالتطوير والتجويد عمل إنساني بحراسة العقل.
فنحن نستطيع أن نحمي البيئة ونحمي البشرية من أداء الإنسان المتطرف أحيانا، انه القادر على التغيير لرفاهية الإنسانيه والعيش في سلام، وأري ذلك في الانطلاق إلى مناطق أكثر رحابة منذ أن وضع رواد الفضاء أقدامهم على القمر واستمتعنا بكل رفاهية التقدم والحداثة، وأصبحنا نلتقي بعضنا البعض بالصوت والصورة منطلقين عابرين للقارات والمحيطات، وأحدثكم أنتم صفوة الرجال المختارين والعظماء وقد اختارتكم الشعوب لتمثيلها والحفاظ على أرواحها وأرواح أبنائها أطفالاً ونساءً وشيوخاً.
أطلب إليكم راجيا متمنياً مراجعة ويلات الحروب ومعاناة البشر والأطفال والنساء، كيف بالله عليكم وبعد أن أصبحت حقوق الحيوانات في الغابات وتقام لها المحميات وتتحرك قوافل من الشرطه لإنقاذ روح لحيوان ثم نشاهد ما يحدث في أوكرانيا واليمن وفلسطين، ما هذا؟، وأتذكر هنا من رائعة ليو تولستوي (الحرب والسلام) مقولة وهى من أهم وأعظم ما كتب عن الحرب بشكل واقعي، وهى الإنسان بطبعه بربرى دموي وإن أردت تحقيق السلام في الأرض فعليك أن تغير دماء الناس إلى ماء، وهذا لن يحدث) ويعتقد الكثيرون وأنا منهم أن الرجل الكاتب العظيم موجود بذاته في أحداث الحرب والسلام.
هل لو استرجعنا ومثالي من من شاهد وقرأ عن فظائع الحرب أن يطالبكم جميعآً بمراجعة ماذا حدث وعلى سبيل المثال في الحرب العالميه الأولي ثم الثانيه وحرب 56 وحرب 67 وحرب 73، وما حدث في العراق واليمن وليبيا وسوريا ومعاناة البشر بشكل فعلاً لا إنساني، ولا يصح ولا يجوز أننا لم نتعظ ونتعلم من ويلات الحروب وبشاعة نتائجها، الكل يعرف بماذا يرتبط اسم (أدولف هتلر) وأيضاً (موسيليني)، ونقرأ عن (نيرون) وحرق روما، التاريخ يسجل وسجل كثير من أفلام صورت من غور الأحداث وباطن بشائع الحرب ونتائجها من جوع ودمار.
هل لكم أن تراجعوا كم متحف وكم من آثار وكم من معامل وكنائس وثروات وتحف وتاريخ يدمر لبعض الدول وتسرق محتويات المتاحف كما حدث في الحرب العالمية الثانية، ثم كم القتلى وكم الأمهات التي فقدت فلذات كبدها، إنها بشاعة وجب أن تتوقف لأنها بربرية لا إنسانية، علينا أن نلفظها ونآسف عنها، وليسجل لكم التاريخ أنكم وقفتم ضد ظلم الإنسان وقتل الإنسان لأخيه الإنسان.
لقد أصبحنا جميعا على الهواء نشاهد الأحداث لحظة بلحظة، وما يحدث في أوكرانيا خير دليل نعرف وأعرف أن ذلك ضد كثير من مصالح البعض من شخوص وأحياناً دول فتجارة السلاح تأتي بكثير من الأموال، ولعل القادر الكريم حين يرسل لنا (كورونا أو تسونامي أو زلازل) أو أي وباء آخر إنما ليذكرنا أن تلك الأموال يجب أن تصرف على إنقاذ البشريه من القادم من القدر وليتنا نستفيق ونمنع شهوة صناعة القدر بتدمير دول وقتل أبرياء ومشاهد لم أعد أستطيع أن أشاهدها بعد أصبحت رأسي بيضاء بحكم السنين ومتابعة الأحداث مندهشاً، أنها دعوة أن يكون الاجتماع القادم هو نتاج توافق لعقلاء ومفكري وحكماء العالم ان يعملوا علي صياغة قانون دولي نافذ علي كل الدول وتفعيل قرارات الشرعيه الدوليه ووضع أسس لتنفيذ تلك القرارات حتي يتثني للعالم أن يبتعد عن كوارث وأحداث بربرية نشاهدها وقد اعتاد البعض عليها.
وأعتقد أن التاريخ سيحاسب الجميع ويظهر عورات تصرفات البعض، ولنا في مهازل نتاج الحرب العالمية الثانية ومعظم الحروب السابقة عبرة من أحداث وتصرفات تفتقد إلى الأداء الإنساني، أرجو أن يكون القادم لمصلحة الحياة حق لكل طفل، ولنجعل غايتنا هى أن نعيش جميعاً في سلام ومحبه ينعم أطفالنا بحياة دون دماء وهلاك، فلتكن كل قدراتنا موجهة لغدر الطبيعه من مناخ وكوارث وأوبئة، أرض الله واسعة مليئه بالخيرات، معظمنا يعيش على جزء صغير من مساحات شاسعة فلنتعاون معاً لصناعة الخير والرفاهية، نحن بني الإنسان المميز بالعقل الذي جعلنا نحن المصريين نفتخر بتجليات التاريخ المصري القديم ووصايا الفراعنة التي خرجت منها معظم قيم الانسانية، مثل (لا تلوث ماء النهر لا تشعل نار لا تستطيع أن تطفئها، ولا تقتل ولا تزني ولا تآخذ مال اليتيم)، وبقيت كل تلك القيم محفورة في الوجدان المصري ولكن يتجاهلها البعض أحياناً.
انقذو الأرض التي تتسع الجميع فنحن جميعاً إلى زوال ولم يبق إلا ما نحققه من إفادة للبشرية وأولادنا، دعونا نعمل لإعمال البناء لا الفناء، الأرض أرض الله ونحن جميعاً ضيوفا، اجعلو ذكرانا على الأرض خيراً بلا دماء وانظروا للحياة بيقين، إننا جميعاً لم نقدم رجاءا أو طلبا بالحضور، ولن نقدم طلبا بالانصراف، انطلقوا وانشرو الخير في الأرض فكل من عليها فان ويبق وجه ذي الجلال والإكرام، لكم مني كامل الاحترام والتقدير كمواطن مهموم بالأمن والسلام والإنسانية فلننطلق إفق أكثر رحابة لينتشر الخير والأمان لسعادة الإنسان والسلام.
انسلت الشمس من بين ستائر غرفة النوم وأستيقظ من حلمي أردد: اللهم اجعله خير.. كفانا قتل وتدمير لبعضنا البعض .. استفقت من الحلم.