بقلم : الإعلامية الكبيرة : هدى العجيمي
في عرض وسرد تاريخي سريع تعرفنا على نشأة السينما المصرية منذ انشاء (ستوديو مصر) الذي أنشأه الاقتصادي المصري الوطني (طلعت حرب)، وتسلسل إنتاج الأفلام الأولي وكيفية اختيار موضوعاتها وأبطالها من الممثلين، وذلك من وجهة نظر واحدة وفنان واحد هو المخرج (نيازي مصطفي)، وهناك مجموعة أخرى من الفنانين أولهم المخرج المؤرخ (أحمد كامل مرسي) الذي حدثنا عن تاريخ إنتاج الأفلام السينمائية بشكل شامل.
فإذا عدنا إلى ذكريات (نيازي مصطفي) نجد أننا وصلنا معه إلى عام 1963 عندما قدم فيلم (آخر فرصة)، بطولة فريد شوقي، وكان هناك برنامج درامي إذاعي شهير عن (رابعة العدوية) أخذ حظا كبيرا من النجاح الجماهيري، ولأن فيه أغاني (أم كلثوم) بصوتها فكرنا نقدمه في السينما أيضا، واخترنا الممثلة الجديدة نبيلة عبيد التي لم تكن وجها جديدا تماما لكننا اعتبرناها جديدة، وكانت صالحة جدا للدور خصوصا في مراحله الأولي، وكان لا بد أن تغني (نبيلة عبيد) بصوت أم كلثوم، فنجحنا في ذلك وفي عمل الدوبلاج والمونتاج.
أما (سعاد حسنى) فقد اخترناها بعد فيلم (حسن نعيمة) وعملنا لها سلسلة من الأفلام أثبتت كفاءتها، وقد ساعدها علي ذلك قبول طبيعي عندما تظهر علي الشاشة ولديها حس فنى متميز جدا، كل هذا ساعدها على أن تكون من نجمات السينما العربية على المستوي الجماهيري وعلى المستوي الفني الرفيع، وتصبح نجمة الشباك الأولي، وكان فيلم (الساحرة الصغيرة) من نصيبها، وكان لهذا الفيلم حكاية طريفة، فالسيناريو الذي عرض على – يقول نيازي مصطفى – كان عنيفا، حيث كان عبارة عن قتل وخيانة ودموع ولم يعجبني، وكان قد كتبه (محمود إسماعيل)، وكانت سوف تمثله سعاد حسني وهى لطيفة ودمها خفيف فقلت لحلمي رفلة: أنا سوف أغير السيناريو فقال لي: أنت حر.
اخترت (عبد الحي أديب) لكتابه الفيلم و(السيد بدير) لكتابة الحوار، وصورنا الفيلم بالسيناريو الجديد ونجحت فيه (سعاد حسني) نجاحا منقطع النظير، واستمر التعاون مع (سعاد حسنى) في عدة أفلام أخري، منها (العريس يصل غدا، وأم وثلاثة بنات) ومثلت فيهما (مديحة يسري وعماد حمدي وأحمد رمزي)، وكانت (مديحة يسري) متزوجة من (محمد فوزي)، وبعد ذلك مثلت (سعاد حسني) مع (فريد شوقي) فيلم (لعبة الحب والجواز)، ثم انتقلنا إلى إنتاج الفيلم الوطني وقدمنا قصة من عام 1919، وانتقلنا إلى موضوع آخر وهو مستوحي من جهود الثورة التي أرادت أن تغزو الصحراء في الوادي الجديد لاستخراج المياه الجوفية واستغلال المساحات العريضة في هذه المناطق.
فكرت أن أعمل فيلم عن هذه الظاهرة الجديدة وقد كتبت الفيلم السيدة أمينة الصاوي باسم (كنوز) اتصور كله في الواحات الداخلة بطولة (كوكا وكمال الشناوي وعماد حمدي) وأصرت (نبيلة عبيد) على أن تصحبنا وكانت متزوجة من (عاطف سالم)، وكان الفيلم يمثل رأي الدولة في القضاء على الاحتكار والمتحكمين فى الرزق.
وقبل هذا كنا أنتجنا فيلما بنفس المعني والمضمون عن السمك واحتكار التجار للمصايد وإذلالهم للصيادين الصغار والفيلم اسمه (أبوحديد) في عام 1966، وكانت سياسة مصر تتجه ناحية الشرق ففكرنا في عمل فيلم (جناب السفير)، وهو عبارة عن فيلم كوميدي بطولة (فؤاد المهندس)، وهو يقوم بدور فراش في إحدى السفارات ومعه (سعاد حسني) ويحتشد الفيلم بالمواقف الفكاهية، وفيه يسافر السفير لبعض الوقت، ويظل كل من (فؤاد المهندس وسعاد حسني) في السفارة فتحدث مواقف فكاهية نتيجة سوء التفاهم، عندما يقوم فؤاد المهندس بدور السفير ويقابل ممثلي المعسكر الشرقى والمعسكر الغربي، وتحدث مواقف طريفة وفكاهية في تلك المقابلات، وبالطبع اخترنا أسماء أخري بدلا من المعسكر الغربي أو الشرقي.
ومن العلامات أيضا فيلم ( 30 يوم في السجن)، وهى قصة كانت في مسرحية مشهورة، وصور الفيلم عام 1967 وعرض 1968، وكان من بطولة (فريد شوقي)، وقد أخدنا من المسرحية التيمة الأساسية لكن الموضوع تغير تماما وفيه تفاصيل أخرى تساند فكرة الكوميديا التي ننشدها وذهبنا الي داخل السجن لتصوير الأحداث، وفيلم (صغيرة علي الحب) لسعاد حسني وفيلم (أخطر رجل في العالم) لفؤاد المهندس وكان هذا الفيلم يعتمد على الحركة والصورة وقد صادف نجاحا كبيرا جدا، وقد آثار هذا الفيلم قضية مهمة وهى أن الناس تقول: يجب على المخرج أن يتخصص في نوع من أنواع العمل، واحد للكوميديا، وواحد للحركة وواحد للفيلم العاطفي، كل واحد يشتهر حسب مواهبه الكامنة لكنني كنت أختلف معهم.
وفي هذا الراي أجد أنني أخرجت جميع أنواع الأفلام أغلبها نجح نجاحا جماهيريا وهذا هو حال المخرج المتمكن من حرفته وكذلك الإعداد والتنفيذ، إلى جانب التوفيق من عند الله سبحانه وتعالي.