رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

حسين نوح يكتب : هل من صحوة فنية وإعلامية ؟!

بقلم الفنان التشكيلي الكبير : حسين نوح

يعرف جيلي قيمة الفنون والإبداع والإعلام في تنمية الوعي والانتماء، فالفنون خصوصاً السينما والدراما أكبر وسيلة لتوصيل قيم الانتماء وعلي سبيل المثال لا الحصر أفلام مثل في (بيتنا رجل ورد قلبي وغروب وشروق والقاهرة 30 والأرض) وكثير من أعمال أدبية مثل (الأم لمكسيم چوركي، والحرب والسلام ليو تولستوي،  وذهب مع الريح عن رواية الكاتبه الامريكية مارغريت ميتشل)، وأغان شهيرة مثل (وطني حبيبي الوطن الأكبر وباسم الله، وعلي الربابة، ويا بيوت السويس، ومدد مدد وبلادي بلادي)، إنها الفنون ثم الفنون والإعلام ولكن الآن ونحن في أشد الحالة لتكريس قيم الانتماء والوعي.

في بيتنا رجل

يزعجني أن يسيطر علي كثير مما نشاهده كثير من فنون التسلية الساذجة ومسابقات الاستخفاف ومذيعات الجمال وبرامج ملء الهواء التي تسيطر علي الكثير مما يعرض علي الهواء، وعند الهرب إلى الفيس بوك وشبكات التباعد الاجتماعي فقط يصاب أمثالي بفزع وحزن لا مهرب منه إلا بكتاب أو عمل سينمائي قديم لاغتسل عقلاً مما يحدث في كثير من البرامج والأعمال الطيبة، ثم أطالع الأخبار في معظم القنوات المصرية والعالمية وأشاهد ما يحدث في العالم حولنا، وأخبار عن عودة كورونا في أثواب جديدة ومعارك وقتل ونساء تشرد وأطفال تجري علي الحدود.

العجيب ومحض العجب أن مصر تنطلق و يعمل محبيها وأجد أخبار تفرحني كثيراً رغم ما يحدث في العالم، نحن في أمان وإجازات ومحاولات من الدولة مشكورة لظبط الإعاشة للمواطنين، ولكن ما زالت شبكات التباعد عليها بقايا (كتائب الخرفان) وبعض أهالي الهاربين ينعقون كالغربان، نعم الغربان الكارهين في كل الأماكن والمصالح، ويحزنني ان الدولة تسبق الفنون وتسبق الإبداع وأحلامه فالناس تشكو وفقط، تنظر إلى مالم تقدمه الدولة ولاتنظر لما نقدمه نحن كأفراد، وما يزعجني بشكل شخصي ما يقدم من فنون فبالرغم من مجهودات الدولة والثقافة على الخصوص إلا أن غالبية الأعمال وخصوصاً التليفزيونية محتاجة إلى إعادة نظر، فأين الأعمال التي تكرس للانتماء والاحترام وتقدم قدوة للشباب فمعظم ما يقدم هو انتصار الفهلوة وأخذ الحق بالسنج والبلطجة وثراء تجار الممنوعات والخيانات والسرقات، والنتيجة ما يحدث علي سطح الواقع المصري من حوادث وسرقات ودماء وكأننا نعيش في الغرب السينمائي الأمريكي.

جدارية العار في مترو الأنفاق

هالني ما حدث في محطه كلية البنات للمترو، والعجيب أن أجد أن الجدارية المسروقة دون حياء من أحد الفنانين الروس قد تم طباعتها علي بانر وتم لصقه علي السيراميك أي بعد مصاريف وضع السيراميك يتم اخفاءها ببانر بلاستك عجيب!، ولماذا لم يركب على بانوه أو على مصيص؟!، ولكنها السبوبة والتوزيع، ثم وتفتق عقل صاحب الفكرة المسروقة وأندهش مع جموع المصريين فلماذا لم يأخذ وبلا مقابل من ملايين الرسومات الفرعونية التي يعرف قدرها العالم وكل المصريين،  وإن لما يرتضي بالرسومات الفرعونية لماذا لا يأخذ من أعمال (محمود سعيد أو راغب عياد أو صلاح طاهر أو بيكار أو سيف وادهم وانلي)، مصر مليئة بالعظماء، وإن لم يرتضي لماذا لا يأخذ من مشاريع التفوق في كليات الفنون.. أسئلة محيرة ولا تجد إجابة؟!.

من شارك في تلك المهذله التي تعرض اسم مصر للقيل والقال لا يدرك ولا يستوعب الفاعل الساذج أن متحف اللوفر في باريس وهو من أهم المتاحف في العالم لا يوجد زحام يفوق زحام الجزء الكبير والمخصص للفنون المصرية القديمة، ولكنه الجهل والاستخفاف والاسترزاق بأي ثمن وإن كان بتاريخ لدولة عرفت الإبداع وتعرف عليه العالم من فنون القدماء المصريين العظما،٠ كيف لايشرف علي تلك الاختيارات متخصص في الفنون وتاريخها وكم من دكاترة وعلماء متخصصون، ولكنا نترك للمهندس والمقاول والسارق القادر وبكل الأساليب على تنفيذ مهاذل الجشع والسبوبة.

سناء منصور

أتابع ما يحدث وما يقدم في كثير من القنوات وأصاب بدهشة من المسئول عن اختيار تلك النوعية بداية من الموضوعات التي تشجع علي العنف والسرقة والبطولات الساذجة المرضية فقط لكبرياء بعض نجوم الصدف والسذج وأصبح لدينا نجم لكل مواطن وامتهنت الكلمة، وبالمثل أتذكر مذيعات زمن الوعي بدور الإعلام (صفيه المهندس وهمت مصطفي ليلي رستم وأماني ناشد وسهير الأتربي وسناء منصور)، وفي الاذاعه برامج بمذيعات تخاطب وتشجع علي التفكير ونشر الوعي، من أين جاءت مذيعات العدسات الزرقاء والجمال الساذج واجلس يا سيدي بجانبي لتستمع إلى أعجب الأسئلة من جميلة الشكل قبيحة الموضوع، أسئلة حمقاء من نوعية عندك كام عربية ومن أين تآتي بملابسك؟، ويتخلل ذلك ضحكات ساذجة يعقبها إجابات تمرض امثالي وتزيد من ضغطي دمي.

من أين تأتي تلك النماذج وهل إجازت تلك النوعية من جميلات الشكل والمظهر لجان كما كان يحدث في الماضي؟، وأتساءل: هل ممكن أن ترضي بذلك الجحيم الساذج العظيمة (سناء منصور وإيناس جوهر)؟، وأذكركم فقط بالأسماء: (أبلة فضيلة، محمد محمود شعبان، صفية المهندس، آمال فهمي )، ثم يندهش جمهور شبكات التباعد حين يجد أخبار تلك النوعية من مذيعات الواسطه خريجات ورش تصنيع التجميل تتصدر صفحات أخبار الحوادث وفقط تمصمص الشفايف امتعاضاً وتعتلي الوجوه الدهشة من المذيعة والضحية، وتتم مطاردة الطيبين في العربات وعلى الكباري، ونهاجم ببرامج جمع المكالمات للسذج واستمع واطلبنا وهطل متبادل والكوبري واقف وأغنيات ساذجة وأسئلة أكثر سذاجة وتسالي على الطريق، والنتيجة تكريس الهطل وتستمع إلى نوعيات من الاسئله تصيبني بدهشه مما وصل إليه حال الإذاعة والبديعة المستنيرة (إيناس جوهر) بخفة دمها وصوتها السمائي من خلال إذاعة الشرق الأوسط، وهي تقول: (غمض عنيك وامشي بخفه ودلع.. الدنيا هي الشابة وانت الجدع).

إيناس جوهر

أندهش أن يكون تطور أداء المذيعة القديرة ومع كل الحداثه التي نعيشها هو مايحدث معي ومع البعض من برامج إذاعة برامج التسطيح العقلي على كباري المحروسة نستمع لخفة دم كثير منها لزج لزوجة حر الصيف، رغم انف التكييف، ويتخلل ذلك مداخلات من طيبين ولكن يبقي الهدف وهو عدد المداخلات التليفونية، وهى سبب بقاء منظومة الهطل لكثير من برامج تقلد أيقونه الإذاعة (إيناس جوهر)، بالظبط مثل ما يحدث ونراه فبعد أحمد مظهر الفارس وزميل الزعيم عبد الناصر وعمر الشريف زميل الدراسة في كلية فيكتوريا مع الملك حسين، والآن نجوم الأكشن وكائنات السنج ومطاردات العربات الممجوج.

ما يحدث يا سيدي في الواقع من تلاسن علي شبكات التباعد معظمه منتج لكثير مما يقدم من أعمال على الشاشات وكثير من هطل يصاحبنا على الطرق والكباري، نجوم سذج بعضهم لم يقرأ كتاباً وأعتقد لا يعرف حتي (يوسف إدريس) ومحتوي ما يقدمه وأمثاله من (نجيب محفوظ ويحي حقي)، وحتي العظماء (طه حسين وتوفيق الحكيم وثروت أباظة).

المحزن أن لدينا كتاب عظماء وفنانين مبدعين وقمم كثيرة، ولكن الأزمة أن كثرة السذاجة تطرد العقلاء ويتوه العمل الجيد، ولكن ما زال لدي ثقة في وجود مبدعين حقائق فمصر بخير، فقط مطلوب فرز واختيار لتظهر الحقائق الفنية على سطح المشهد الفني وتختفي طحالب السبوبة والسرقات والمقاولات الفنية، فمصر تاريخ طويل من إبداع في كل مناحي الفنون، ومصر تنطلق وتستحق.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.