بقلم : محمد شمروخ
ماذا عن صور التلسكوب الفضائي (جيمس ويب) التى شغلت فضائيات العالم بعد استعدادات أتمت ربع القرن وتكاليف جاوزت العشرة مليارات دولار؟!
ماذا تعنى هذه الصور بالنسبة لمستقبل الإنسانية؟!
ما هى دلالاتها المستقبلية عن محاولة الإنسان الدؤوب في مطاردة سر الكون؟!
وأسئلة أخرى لا حصر لها.
لكن بعد كل هذه الاكتشافات مازال هناك سؤال عن جدوى الاكتشافات الفضائية:
ماذا تريد الإنسانية من الفضاء؟!
وثمة سؤال مكمل: هل مازال اسم الفضاء مناسبا لكل هذا الملاء الكونى العظيم؟!
لست بالسذاجة التى يمكن أن تجرفنى الأفكار كي أجيب أو أحاول أن أجيب أو أفكر في محاولة للإجابة، لكن يمكن أقف برهة من الزمن متأملا الصفين الواقفين يتجادلان عند كل فرصة أو حدث صغر أم كبر طال أم قصر!
لكن أحيانا تكون السذاجة مقصودة، حتى لا يسمع أحد همهمات الضحك من أناس ظنوا أن التلسكوب ذلك المدعو (جيمس ويب)، سوف يلتقط التوقيع الإلهى على شهادة ميلاد الكون، بينما ينتظر الصف الآخر أن تأتى الشهادة بدون توقيع!.
لكن دعنا من هؤلاء أو أولئك ولنمارس الدور التمثيلي في التظاهر بالحياد والذي يكتمل به مثلث السذاجة!
لكن أريد أن أمعن في التجريد حول دافع هذه الاستكشافات الفضائية التى بدأت منذ أقل من قرن من الزمان كمحاولات تطبيقية عما تم بثه عن صورة الكون منذ أن اتخذ علم الفلك الشكل الحديث للعلوم بعد ارتباطه بالعلوم الرياضية الفيزيائية بعيدا عن الاستخدامات القديمة للفلك، حيث كانت (شهوة معرفة الطالع) هى الدافع الأساسي للعلوم وظل هذا الدافع هو المسيطر حتى مع بدايات انتشار الاتجاهات العلمية الصارمة القائمة على الملاحظة والتسجيل والتحليل واستخلاص القوانين بدون أي هدف غيبى.
وبغض النظر أن كبار رموز المنهج العلمى الفلكى منذ (كوبرنيكس، وتيكو براهى، وجاليليو، وحتى نيوتن)، كانت مهمة التنجيم الأساسية هى استشراف المستقبل وكان هذا جزءا مهما من أبحاثهم ومحاولتهم الاستكشافية، إلا أن التحولات الجذرية على طرق التعامل مع الكون وتحول العلو الكونى، من سماء إلى فضاء، حتى أنه لم يعد هناك عالم أعلى وعالم أسفل وكانت النتيجة أنه قد وصلنا إلى كون (لاغائى) يسير بدون هدف ولا غاية، ورغم أن أيا من (كوبرنيكس أو جاليليو أو نيوتن)، لم يكونوا من الملحدين المنكرين للإله الخالق إلا أن موات الإلحاد في العصر الحديث اتخذت من نتائج أبحاثهم مبتدآت لتكوين قاعدة إلحادية عملاقة انتهت بتكوين (عقائد) إنكارية تحولت فيها المبتدأت إلى أسس راسخة، عضدها فيما بعد علماء فيزياء وفلك واجتماع وفلسفة حتى صار الإلحاد هو الصفة الأقرب إلى العلم!
ولكن هل هذا حقيقة؟!
وهل من ضروريات العلم أن يتسم بالصمم أو أن يكون جافا باردا؟!
أبدا، فتقدم العلوم المادية على نفس المنهج المادى انتهى بقوانين علمية تجعل من مبدأ عبثية الوجود الكونى مجرد عبث !
ثم إن ها هو عمدة الفيزياء الكونية (ألبرت آينشتاين) يطلق كلمته العميقة (الشيء الوحيد اللامفهوم في الكون هو أنه مفهوم !)
وهؤلاء زملاء آينشتاين من الملحدين يسخرون من إيمانه حتى يشبهونه بإيمان العجائز وأنه (عالم الفيزياء الوحيد الذي يعلم ما في نفس الرب !).
ويتطور علم الفيزياء الكونية ويجعل من الحتمية التى يستند إليها المنهج العلمى مجرد هباء لا يستقيم مع جدية الكون!
لكن علماء الفيزياء رغم التغيرات الجوهرية التي أحدثوها في بنية المناهج العلمية لم تشبع سغب الروح حتى مع علماء الفيزياء الذين أعلنوا إيمانهم وأصدروا كتبا حول ذلك.
لماذا؟!
لأن الكثيرين يريدون أن يأسروا العلم ويخضعوه عنوة لمفاهيمهم.
باختصار عملية الكفر والإيمان عملية لن تجد لها فائدة مع العلم.
لماذا؟!
لأننا لو تعمقنا أكثر في مفهوم العلم عند البعض إذن وجدناه قد تحول هو الآخر، إلى مفهوم مطلق يتناقض مع رفض التسليم بالمطلق لأن هذا التسليم بالمطلق هو أساس الإيمان الغيبى
فما هو العلم إذن؟!
– أجب .. أبن.. أفصح
ولماذا الإصرار على تقديمه على أنه كيان واع يسمع ويبصر ويعقل؟!
دعونا نختم المقال بسؤال عبثى لا يستقيم مع ما سبق:
هل العلم يسمع ويبصر ويعقل أو يدرى عنك شيئا؟!