في ذكرى كمال الطويل: نكشف ليلة غني مع عبدالحليم حافظ ككورس وراء أم كلثوم !
كتب : أحمد السماحي
نحيي اليوم الذكرى التاسعة عشر للموسيقار المجدد (كمال الطويل) الذي رحل عن حياتنا يوم 9 يوليو عام 2003، كمال الطويل هذا البحر المتلاطم بالنغم الشجي الرائع، والزاخر بالأصالة الخلاقة القادرة على منحنا السعادة والنشوة، ما يميز ألحانه الخصوبة اللحنية التى تجعل اللحن قادرا على الصمود والتحدي مهما مر عليه من زمن، فهذا المبدع النادر كان قادرا ببساطة وسحر أن يشجيك ويمتعك بألحانه المتمردة سابقة عصرها.
في حوار طويل مع الكاتب الصحفي (محمد الدسوقي) نشر في مجلة (فن) تحدث (الطويل) عن علاقته بالملحنيين الذين سبقوه، وبأبناء عصره، وتوقف ليلة غني مع (عبدالحليم حافظ) ككورس وراء أم كلثوم، تعالوا نعود إلى عام 1994 لنعرف ما صرح به موسيقارنا المجدد الذي قال : (لم أحارب من أحد ولم أجد معاناة في إثبات وجودي اللحني، لأنني حين بدأت كنت أعمل بالإذاعة، والذين سبقوني كانوا يعملون في الإذاعة أيضا، وكنت من أشد المعجبين بالزملاء العظماء (محمد عبدالوهاب، محمد القصبجي، رياض السنباطي، محمود الشريف، أحمد صدقي، محمد فوزي).
ومن جانبهم كانوا يعاملونني بمنتهى الود والحب، ولم تشب العلاقات بيننا شائبة في يوم من الأيام، لدرجة أنني فوجئت ذات يوم بالأستاذ رياض السنباطي يلتقيني ويقول لي : (شوف بقى يا كمال، ابني أحمد السنباطي بيغني وأريدك تلحن له لحنا أو عدة ألحان) فقلت له: يا خبر أبيض استاذنا الكبير رياض السنباطي يطلب مني طلبا كهذا مؤكد أن هذا (هزار) لا يمكن أن تكون بتتكلم جد؟، فقال السنباطي: (لا والله يا كمال باتكلم جد جدا لأنك شاب وروحك شابة وألحانك شابة وأنت أقدر مني على فهم هؤلاء الشبان الصغار والتجاوب معهم أكثر مني)، ووافقت السنباطي على طلبه لكني لم ألحن لأحمد السنباطي لأسباب خاصة بي!
ولقد تعاملت مع الأجيال التالية من الملحنيين لجيلي بكل الحب والود فالمسألة لم تكن حربا بل كانت حبا كبيرا، فما زلت أذكر السيدة أم كلثوم حين شدت بلحن صديقي (بليغ حمدي) الأول (حب إيه) كلمات عبدالوهاب محمد، يومها غنيت معها كورس أنا وعبدالحليم حافظ فى إحدى السهرات، والحكاية ببساطة بعد انتهاء حفل أم كلثوم الذي شدت فيه بأغنيتها الجديدة (حب ايه) كنا ضيوفا لدى الدكتور الكبير الأستاذ (زكي سويدان) وكنا مجموعة خاصة جدا من الأصدقاء، وحضرت الست أم كلثوم تلك الليلة، وكان الصديق الفنان أنور منسي موجودا، وبلباقة وذكاء دعا الدكتور (زكي) أنور للعزف على الكمان.
وبدأنا أنا وعبدالحليم حافظ نطالب ونلح على أم كلثوم بغناء (حب إيه) نريدها أن تغني، وهى لا تريد أن تغني، استعصى عليها الموقف أولا تريد أن تغني، المهم أنه ليس لها مزاج، وعلى الفور عزف (أنور) وأنا وعبدالحليم غنينا (حب إيه) وبالطبع لم أكن أعرف غير المذهب فقط، وقام عبدالحليم بالمهمة فقد كان حافظا للأغنية (صم)، من بعيد سمعت أم كلثوم الغناء والجلجلة والعزف الجميل وكلمات الله الله، فكانت تأتي وتنظر إلينا من الباب ثم ترجع من حيث جاءت، ثم فوجئنا بها تدخل وتقول جملتها الشهيرة (يا باي!) وأشاحت بيدها وابتسمت.
وبدأت تغني، وبعد لحظات كانت آخر (سلطنة) ونحن وراءها أنا وعبدالحليم نردد معها ما تشدو به، وغنت الأغنية كاملة، وكان يوما من أجمل ما يمكن ولا يمكن نسيانه على الإطلاق وسعدت أني غنيت كورس وراء أم كلثوم في لحن صديقي بليغ حمدي الأول.