كتب محمد حبوشة
من المفترض أنه قد أسدل أمس الأربعاء الستار عن القضية التى أثارت ضجة كبيرة فى مختلف أرجاء مصر، حيث قضت محكمة جنايات المنصورة بجلستها المنعقدة، بالإعدام شنقا لقاتل الطالبة نيرة أشرف أمام جامعة المنصورة، وذلك بعد إحالة أوراقه للمفتى بجلسة الأسبوع الماضى وأخذ الرأى الشرعى لفضيلة مفتي الجمهورية،
وقال المستشار بهاء الدين المرى رئيس المحكمة، فى نص القرار مايلي: (بعد مطالعة أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات، وما دار بشأنها من جلسات المحاكمة العلنية والسرية، وبعد سماع أقوال المتهم وطلبات النيابة العامة، وبعد أخذ رأي فضيلة مفتى الجمهورية، الذي انتهي فيه إلي أن القتل بسكين موجب للقصاص شرعا، وأن الثابت فى الدعوى أن الجرم المسند إلي المتهم قد ثبت وتأيد شرعا فى حقه وذلك من إقراره الصحيح الثابت بالاوراق، وبالمعاينة التصويرية وبمقتضي القرائن القاطعة، فكان جزاؤه الإعدام قصاصا لقتله المجنى عليها (نيرة أشرف أحمد عبد القادر) جزاءا وفاقا، وامتثالا لقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص فى القتلي)، وقوله (ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب لعلكم تتقون).
وأضاف قاضي المحاكمة فى نص قراراه: (لذلك حكمت المحكمة حضوريا بإجماع الآراء بمعاقبة – محمد عادل محمد إسماعيل عوض الله – بالإعدام، ومصادرة السلاح الأبيض المضبوط وألزمته المصاريف الجنائية، وفى الدعوى المدنية بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة بلا مصاريف، رفعت الجلسة)، وعقب صدور قرار المحكمة أعربت أسرة نيرة أشرف عن سعادتهم الغامرة فور صدور الحكم بإعدام قاتل ابنتهم، مؤكدين أن الحكم انتصارا لدولة القانون وبرد نيران قلوبهم، كما استقبل قاتل فتاة المنصورة الطالبة نيرة أشرف الحكم عليه بالإعدام بصدمة شديدة، حيث ظهرت ملامح الخوف والقلق على وجهه فور النطق بالحكم، كما رحلت الأجهزة الأمنية المتهم (محمد عادل) قاتل نيرة أشرف طالبة جامعة المنصورة إلى محبسه بعد قرار محكمة جنايات المنصورة القاضى بإجماع الآراء بالإعدام شنقا.
كل ما مضى يبدو طبيعيا جدا بالاستناد إلى القانون والمنطق والشرع وغيره من أمور العقل، لكن هنالك سيناريوهات أخرى ظهرت خلال الأيام الماضية على صفحات السوشيال ميديا وبعض الفضائيات المغرضة التي تتبني فكرة اثبات عكس الأدلة لإيجاد البراءة لقاتل مع سبق الإصرار والترصد أمام العيان في الشارع، ولست أدري من وراء هذه الآراء الغريبة على مجتمعنا التي تأتي على عكس الحقيقة الدينية (من قتل يقتل)، وكأن هناك أيد خفية تلعب من خلف ستار تصب في خانة براءة القاتل أو تخفيف الحكم إلى السجن بدلا من الإعدام تمهيدا للجوء المتهم لمحكمة النقض، وهذا حق واجب له، حيث تودع المحكمة حيثيات حكمها خلال 30 يوما من صدور الحكم، ويبدأ دفاع المتهم دراسة حيثيات القضية، بعد إيداعها من قبل هيئة المحكمة، ومن ثم يعد دفاع المتهم مذكرة للطعن على الحكم أمام محكمة النقض، ويتقدم دفاع المتهم بمذكرة للطعن على الحكم وفى هذه الحالة تصدر محكمة النقض الحكم إما بقبول الطعن أو رفض الطعن وتأييد الحكم.
دفعت كثير من صفحات السوشيال وبعض الفضائيات والميديا ومتعاطفين من اليونان – هذا أمر مثير للدهشة والعجب – خلال اليومين الماضيين لقبول المحامي الشهير الذي اعتزل المهنة قبل شهور (فريد الديب) قيادة فريق الدفاع عن القاتل وهلل كثير من جمهور السوشيال ميديا أمس بقبوله الدفاع عن محمد عادل، حتى أن آراء متطرفة من جانب شخصيات دينية مجهولة ظلت تنفخ في النار متحدية إرادة المحكمة ومطالبة ببراءة (محمد عادل) أو على الأقل تخفيف الحكم إلى السجن لأن (نيرة) على حد جهلهم وفقدان ضمائرهم الخربة (كانت متبرجة أو استدرجته وسخرت منه أكثر من مرة)، وربما بحسب سيناريوهات هابطة من فرط خيالهم المريض أنها هى من أغرته ثم صدمته بالرفض، وهى آراء أو تكهنات تجافي حقيقة جرم هذا القاتل الذي اعترف بجريمته، كما أنها تخالف العقل والمنطق، فما ذنب تلك الفتاة المشرقة على الحياة أن يتعقبها شاب أهوج فاقد للعقل لينهى حياتها بتلك الطريقة البشعة ثم يحاول البعض تبرئته!.
ويبدو لي من المشهد الإعلامي الحالي (الفضائيات والسوشيال ميديا) أن هناك من يحاول لي عنق الحقيقة ويتلاعب بالعدالة في محاولة لزعزعة ثقة الناس في القضاء المصري النزيه من ناحية ومن ناحية أخرى يقسم المجتمع إلى فريقين (مؤيد، ومعارض) في ظل التشويش الذي تحدثه الميديا، مع أن الأمر لايحتمل القسمة في قضية واضحة المعالم ومتكاملة الأركان في وقوع جريمة قتل في وضح النهار ومع سبق الإصرار والترصد، ومن ثم وجب إعدام المتهم كي يشفي غليل أهل الضحية الذين أطلقوا الزغاريد والابتهاج، فور الحكم الأول على قاتل فتاة المنصورة بالإعدام، حيث سادت حالة من الفرح بمحيط المحكمة خاصة من أقارب المجني عليها الذين حضروا من المحلة للمنصورة منذ الصباح الباكر، وسادت حالة من الفرحة والسعادة الكبيرة بين أسرة الطالبة نيرة أشرف عقب صدور قرار محكمة جنايات المنصورة بجلستها المنعقدة اليوم، بالإعدام شنقا لقاتل الطالبة نيرة أشرف أمام جامعة المنصورة.
مشهد دخول الأهالى المتواجدين أمام مقر المحكمة، وهم فى حالة من الفرحة بإطلاق الزغاريد والتهليل للعدالة فى القضاء المصرى بإصدار الحكم بصورة سريعة لمعاقبة المتهم بقتل الطالبة نيرة أشرف أثلج صدور الجميع من طوائف المجتمتع الذين عبروا عن سعادتهم بهذا الحكم الناجز فى حق القاتل ليكون عبره لكافة من يخططون لتلك الجرائم الشنيعة التى ترعب الجميع فى الشوارع حول مصر، ومن هنا على وسائل الإعلام والسوشيال ميديا مراعاة عدم افساد فرحة الأهالي الذين ارتاحوا إلى حد ما بهذا الحكم الناجز والسريع، وهذا يستدعي غلق الملف تماما، وعدم الدفع من جانب بعض المحامين بأنه مريض نفسي وفاقد للإدراك، أو أنه تعاطى مخدر أفقده السيطرة على نفسه فكل هذا مجرد وهم في ظل اعترافاته الكاملة وهو ما يؤكد سلامته النفسية حينما أقبل على ارتكاب الجريمة.
وعلى حد محامي (نيرة) الذي وجه رسالة لكل من تعاطف مؤخرا مع المتهم القاتل، مؤكدا أن القضية مغلقة منذ البداية وأدلتها واضحة كوضوح الشمس وموثقة بالكاميرات بجانب اعترافات المتهم و26 شاهدا فى القضية وشهدوا الجريمة بيانا، متسائلا: (مين يتعاطف مع قاتل فى قضية زي دي؟)، وأضاف المحامي، أن المحكمة والنيابة لم تتركان ثغرة ولا فرصة لدخول مطعن أو منفذ إلى الحكم، حيث إنه كان يعتقد منذ البداية أن الحكم سيخرج مسببا تسبيبا كاملا، فهو حكم مغلق لن يجد أحد فيه ثغرة من قبل أي محامى يحاول الدفاع عن المتهم القاتل، مؤكدا أنه يتناقش من أجل دم نيرة فهو ذبحها أمام الجميع فى الشارع، مشددا على أن الجريمة مكتملة الأركان ويتوفر فيها كل عناصر الصرف المشدد من سبق وإصرار وترصد واقتران القتل بجنحة حيازة سلاح وبها كثير من أدلة الثبوت وموثقة بالكاميرات، فالعالم باكمله شاهد القاتل يذبح الفتاة ويتخلص منها.
وفي النهاية أعيد السؤال الحائر الذي طرحته في البداية: من وراء الدفع بفريد الديب وغيره من المتعاطفين لتبرئة القاتل الذي قال إنه يحبها؟، فلا الحب بـ (العافية) ولا الزواج بالعافية.. ولا القرب بالإكراه.. ولا المودة بالملاحقة.. لماذا كان يريد هذا القاتل أن يجبرها على الارتباط به.. كان يريد هذا وهددها بالذبح.. خافت المسكينة وارتعشت.. ولكنها قالت بينها وبين نفسها (لن يفعلها).. قالت إنه مجرد تهديد ليس إلا.. لم تكن تتوقع ما حدث!.. وكأنها لسان حالها يريد أن يقول لنا الآن: هل عرفتم السبب؟.. قتلنى لأننى لا أريد حبه ولا قربه ولا تودده.. قتلنى لأننى قلت (لا.. ابعد عنى).. الرحمة والمغفرة لروح فتاة المنصورة (نيرة)، وتبا ألف مرة لمشايخ الغفلة ورواد السوشيال ميديا الأغبياء الذين ينقادون كالأغنام وراء أفكار رجعية أو خبيثة تخالف العقل والقانون والمنطق وقبل كل شيئ تخالف صحيح الدين.