بقلم المخرج المسرحي الكبير : عصام السيد
بعد تشريفى باختيارى مقررا للجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة فى دورة 2022/ 2024 اجتمع السيد الأستاذ الدكتور هشام عزمى أمين عام المجلس بمقررى اللجان، و دار الحوار حول الدور المنوط بتلك اللجان و التى هى مجرد لجان استشارية فقط ، مما يحد من حركتها و يضعف تأثيرها ، و كان رأى السيد الأمين العام أن المجلس يجب أن يلعب دور المجالس القومية المتخصصة سابقا فى دراسة معوقات كل نشاط ثقافى و التخطيط لتنفيذ الأهداف العامة لخطة الحكومة المصرية للتنمية المستدامة 2030 ، و عليه فعلى كل لجنة ضرورة تبنى مشروعين قوميين فى تخصص كل منها تعمل عليهما اللجنة طوال عامى الدورة
و قد اختارت لجنة المسرح فى اجتماعها الأول الموضوعين التاليين :
الأول : إصدار تقرير حال عن المسرح المصرى يرصد مشاكله و معوقاته من خلال مناقشة المختصين و المسئولين و عقد موائد مستديرة فى المواقع المختلفة ( مسرح القطاع العام / المسرح الإقليمى / المسرح الجامعى / المسرح المستقل / المسرح الكنسى / المسرح العمالى / مسارح الهواة ) ، على أن يصدر هذا التقرير تباعا و يرفع إلى الجهات و الوزارت المشاركة فى العملية الإنتاجية المسرحية لمحاولة حل تلك المشكلات ليكون بمثابة خارطة طريق تشخص الحال كبداية للعلاج .
الثاني : وضع استراتيجيه للمسرح المدرسى لتنفيذ أهداف رؤية مصر 2030 يكون بمثابة دستور للمسرح المدرسى فى جميع مراحله ( ابتدائى – اعدادى – ثانوى ) استكمالا لجهود سابقة ، كما ستتعاون لجنة المسرح من خلال هذا المشروع مع لجان: الطفل و الدراسات الاجتماعية و النفسية لكى تصدر تقريرا علميا صحيحا .
و قد حرصت اللجنة على التأكيد أن دورها هو دعم وتطوير الحركة المسرحية ، و اتفقت على أنها ليست جهة وصاية على الجهات التنفيذية و لا تزاحمها فى مسئولياتها، بل هى ( بيت خبرة ) يساعد تلك الجهات على التخطيط ، و يساهم فى مناقشة المشكلات و وضع تصورات لحلول مقترحة ، و بذا تتكامل مع تلك الجهات و لا تتعارض معها .
و من خلال تلك الخطة عقدت اللجنة مائدة مستديرة حول المسرح الإقليمى على مدار ثلاثة أيام ما بين 14 و16 يونيو 2022 تخللتها 6 جلسات، لمناقشة واقع الحال واستشراف المستقبل بحثا عن تحقيق المأمول فى ذلك الجزء المهم من المشهد المسرحى المصرى للوصول إلى صيغة تضمن استغلال كافة إمكاناته وموارده من أجل ثقافة أفضل وأوسع وأشمل، تصل إلى كافة مستحقيها وتحفظ حقوق كافة ممارسيها، من أجل تدعيم قوانا الناعمة بكل مستوياتها.
و لم يكن هدفنا من المائدة أن ندين أحداً، أو نبكى الظروف، أو نسعى لتمجيد الماضى وإنما أردنا استكشاف واقع الحال واقتراح طريق نحو الأفضل – قابل للتنفيذ ويراعى ظروف الدولة – لذا حرصنا خلال الجلسات على عدم الغرق فى التفاصيل – ففيها يكمن الشيطان كما يقولون – والابتعاد عن أى مشكلات شخصية أو لها طابع فردى.
ورأس هذه الموائد الدكتور أحمد مجاهد رئيس قسم الدراما والنقد المسرحى بكلية الآداب جامعة عين شمس ورئيس هيئة قصور الثقافة الأسبق، وبأمانة سر أعضاء لجنة المسرح المخرج أحمد طه المشرف الفنى لمشروع ابدأ حلمك بالثقافة الجماهيرية، ومهندس الديكور محمد جابر مدير الإدارة العامة للمسرح بالهيئة. وشارك فيها مجموعة من الفنانين المتعاملين مع مسرح الأقاليم من كافة الأجيال ومسئولين سابقين وحاليين، إلى جانب مجموعة من المسرحيين والنقاد والمثقفين المهتمين بالموضوع.
و قد اختارت لجنة المسرح صيغة الموائد المستديرة لعدة أسباب :
إنها صيغة مفتوحة لمشاركة كل من يحب ويرغب، ولا تقتصر على مجموعة محددة مثل صيغة المؤتمر.
إنها تتيح للكل التقدم بأوراق مكتوبة أو مشاريع تخص الموضوع نفسه.
تسمح بحرية النقاش داخل كل جلسة مع الالتزام بموضوع الجلسة فقط.
و تم اختيار توقيت عقد المهرجان الختامى لمسرح الثقافة الجماهيرية لضمان تواجد أكبر عدد ممكن من الناشطين المسرحيين فى القاهرة، بالإضافة إلى أن إدارة المسرح بهيئة قصور الثقافة قد قامت مشكورة بتحمل إقامة عدد 10 من فنانى الأقاليم من غير المشاركين فى المهرجان، لضمان التواجد الفاعل لكل الأجيال وكل الأقاليم الستة. ولكننا فى الوقت نفسه أكدنا على رفضنا لمبدأ المحاصصة والتمثيل لكل مجموعة ، فالهم واحد ومشترك ، على الرغم من الاختلاف الطفيف فى التفاصيل، ولذا فتحنا باب المشاركة للجميع .
و لكن للاسف بمجرد الإعلان عن المائدة بدأ الهجوم ، تارة بسبب عدم توجيه دعوة خاصة للبعض على الرغم من نشرنا فى كل الأخبار وعلى صفحات التواصل أن الدعوة عامة. أو تارة أخرى بسبب تواجد أسماء بعض المثقفين أو الإعلاميين فى الجلسة الافتتاحية ، الذين دعتهم اللجنة ليكونوا صوتا لمسرح لا يلقى الاهتمام الكافى إعلاميا.
بل إن الهجوم قد طال عنوان المائدة ( المسرح الاقليمى ) و اعتبره البعض تعاليا برغم أنه مصطلح متعارف عليه يشمل ( كل نشاط مسرحى يتم خارج العاصمة و يقوم به أبناء المحافظات الاخرى ) ، و البعض أصر على استخدام مصطلح ( مسرح الثقافة الجماهيرية ) برغم أن اللجنة كانت تود مناقشة المسرح الإقليمى بكافة مكوناته ( أى كل ما ينتمى إلى النشاط المسرحى فى الأقاليم، بما فيها الفرق الحرة وفرق الهواة والمسرح الكنسى والجامعى فى الأقاليم) ، ولكن الاتجاه الذى ساد فى الجلسات – منذ اللحظة الأولى – كان اقتصار مناقشة واقع الحال فى النشاط المسرحي الذى تقوم بها الهيئة العامة لقصور الثقافة، بصفته الجزء الأكبر والاهم من نشاط المسرح الإقليمى.
و لكن أغرب أسباب الهجوم و أعجبها ، كان الاعتراض على قيام لجنة المسرح بمناقشة أمر مسرح الثقافة الجماهيرية ، و أن يتم ذلك داخل المجلس الأعلى للثقافة ، و التأكيد على أن مسرح الثقافة الجماهيرية يجب أن يناقش داخلها فقط ، و كأننا نعيش فى جزر معزولة أو كأن لجنة المسرح عليها أن تناقش أموره كافة ماعدا الثقافة الجماهيرية . و لم نعرف إلى ماذا يهدف أصحاب تلك الهجمات : هل نجلس منتظرين حلولا من السماء ؟ أم يضايقهم أن يبذل أحد جهدا من أجل الارتقاء ؟
و برغم أن هذه المائدة قد سبقتها عدة جلسات عقدتها إدارة المسرح بهيئة قصور الثقافة فى مواقع مختلفة، بناء على توصية من لجنة المسرح ، وقد انتهت تلك الجلسات إلى دراسة متكاملة ستُضَم إلى التقرير التفصيلى الختامى إلى جانب أوراق قدمها بعض المشاركين ، إلا أن لجنة المسرح قد فتحت الباب لتلقى أى أوراق أو مقترحات يقدمها من لم تواتهم الفرصة للاشتراك فى المائدة ، على أن يتم إصدار النسخة الكاملة لـ (بيان حال مسرح الثقافة الجماهيرية) بعد عودة نشاط المجلس الأعلى للثقافة فى أكتوبر القادم بإذن الله . و يضم هذا البيان وقائع كل جلسة، والمناقشات التى تمت بها و المشروعات والأوراق التى تلقتها اللجنة، والتى تستهدف تقويم العمل بمسرح الثقافة الجماهيرية، و التوصيات السابقة التى صدرت عن فعاليات مشابهة ، الى جانب توصيات المائدة التى تمت . و فى نفس الوقت فإن لجنة المسرح تعلم أن ماقدمته من جهد ليس نهاية المشوار و لا هو القول الفصل ، و أن جهدها هو مجرد خطوة فى طريق مزيد من الازدهار لمسرح الثقافة الجماهيرية ، و تعلم أن خطوتها تلك مجرد حجر فى الماء الراكد و تتمنى أن يكون لها أجران لا أجر واحد .