بقلم : محمد شمروخ
أولا: شيرين عبد الوهاب وزوجها!
ثانيا: ياسمين عبد العزيز وزوجها بإضافة ضلع ثالث هو شقيقها!
وثالثا: آمال ماهر وقصة مختلفة، اختفاء غامض وظهور مفاجئ!
ورابعا وخامسا و….. !
وأخيرا: مالنا احنا ومال القصص المكشوفة دى كلها؟!
فلقد سئمنا من هذه الدعايات المفقوسة وأصبح أسلوب الشركات المتخصصة في مجال الدعاية من باب المعلوم بالضرورة، فالجمهور لم يعد بهذه السذاجة ليصدق هذه الأفلام القصيرة وإن تفاعل معها فليس إلا نوعا من مجاراة الجنون!
لكن مجاراة الجنون هى أيضا نوع محقق من الجنون!.
وحتى باستبعاد نظرية الخداع الدعائي ولنعتبر أن قصص شيرين وياسمين وآمال، قصصاً حقيقية بنسبة 100% فما لنا ولهذه التفاصيل في حياة الفنانين والفنانات؟!
لكن اسمح لى: ده مالنا ومالنا ومالنا، فتحن المقصودين أساسا بهذا الهوس!
ألا ترى معى أن هذه التصرفات تسهم في رسم صورة أكثر سطحية لشخصية الفنان؟!
فلو راجعت كل الترندات الماضية التى أحدثت زخما في حياة من أثاروها من الفنانين أو الفنانات سواء هؤلاء الثلاث بملحقاتهم، أم من غيرهم، ستجد أن هناك عمدية في استنفار الجمهور ليصبح النجم حديث الساعة ولكن مع كل ذل، قبل أن تبلغ عقرب الدقائق ربع مسافة الدائرة، تجد حدثا آخر وهكذا دواليك في دوامة هوس وجنون متعمدة نشترك فيها بمنتهى الوعي!
وفيما يبدو أن هوس الحضور البارز والمنافسة على الترند، قد جعل من الأمر لعبة من ألعاب الجنون اللطيف، يلعبها البعض في أوقات فراغهم كنوع من التسلية، ولكن ثبت أن هذا لم يعد كافيا لتحقيق هدف الاحتفاظ بأكبر قدر ممكن من دائرة الساعة، فلابد كل مرة من احاديث وأحداث أكثر إثارة توغل أكثر في عمق نهر الحياة المضطربة تياراته على السطح وفي الأعماق.
فلن يكفى أن تعلن (شيرين) أنها انفصلت عن زوجها، بل لابد من وضع قليل من الفلفل بحديث مع عمرو اديب مثلا، لتعلن بهوس متعمد (باحبووو) أو تقوم بحلق شعرها نمرة واحد أو تجد النجمة الاستعراضية (ياسمين عبد العزيز) تكتب جملة غامضة توحي بأن حدثا ما قد وقع في حياتها الزوجية وربما لا تحتاج لكتابة حرف، فيكفى فقط أن تلغى متابعتها لحساب زوجها على إنستجرام حتى تندلع حرائق التخمينات.. ثم.. لا شيء!
أو يخرج علينا فجأة من يسأل عن مصير آمال ماهر، لتظهر مجددا بعد أن صارت حديث الكمباوند والحى والكفر والنجع والعزبة، ثم تحيي حفلا تقلب به الدنيا، ثم تعود مجددا إلى المخبأ مرة أخرى، ليخرج علينا من يتحدث عن اختفاء قسىرى وغموض مصير وتترك الجميع يصرخون بحثا عنها حتى….!
حتى إذا ما التهبت الأحداث، عادت (سندريلا) فجأة إلى قصر الأمير الذي ما زال يحتضن فردة الحذاء! ثم….!
وإلى ترند آخر وحدث آخر، ولكن الأمر لا يجب أن يقف عند هذا الحد، إذ أن الهوس لا يصاب به هؤلاء وحدهم، فهناك قطاع عريض من الجمهور يشارك في هذه المهازل فتراهم يصعدون بالمناقشات والتساؤلات والافتراضات إلى عمق بعيد في رحلة الجنون!
فلا تصبح المصيبة في نجم أو نجمة، بل تصير إلى هذا العدد الذي لا بأس به من الجمهور الذي يتفاعل بمشاعر متضاربة، فهو يهتم ويهمل، يؤكد ويشكك، يدافع ويهاجم، في نفس الوقت، وبنفس الحجج، ويتخذ مواقف متباينة إلى حد التناقض!
ولكن كل هذا يعطى عدة فرص لاستكشاف ما أصاب العقلية الجمعية للجماهير، فهم أنفسهم الذين يشككون وينخدعون وهم أيضًا الذين (يفقسون) الحكاية من أولها، لكن مع ذلك تجدهم هم أنفسهم أيضاً الذين يشعلونها في بوستات تويتات وفيديوهات يبثونها مباشرة على مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت في زمن لم تعد تفرق فيه بين الكاتب والقارئ والإعلامي والمشاهد والمحلل والمحلل له!
لكن مع كل ذلك، فالجميع يدرك أننا جميعاً نلعب لعبة سخيفة لا طائل وراءها ولا غرض لها غير إبراز حقيقة بأن العقليات قد أصبحت أكثر تفاهة وسفها.
لماذا؟!
ليس لدى إجابة محددة لكن يمكن أن ما يحدث كل حين على الساحات الافتراضية، يعطى فرصة أكثر لعلماء النفس والاجتماع والأنثربولوجيا وأطباء الأمراض النفسية والعصبية، أن يدرسوا أكثر تلك الطفرات التى تحدثها رغبة الحضور في نفس النجم عندما يريد جذب الأضواء أكثر.
وهل هم يحتاجون إلى شهرة أكثر؟!
نعم هنا يمكننى الإجابة، فالنجوم هم دائماً الأشد احتياجا لمثل هذا الزخم، قم إن إهمال شأن البعض منهم ولو لفترات قصيرة، قد يصيبهم بحالات من التوتر ويمكنك أن تجرب ذلك بنفسك في حال أي لقاء بالمصادفة مع نجم من النجوم، لاسيما عالم الفن من جرب وتمثيل وخلافه، فلو لم تعرفه ستجده غالبا ما يصاب بإحباط شديد قد يؤدى لأن يترك المكان على الفور أو يحدث أى فعل من شأنه جذب الانتباه، وعموما هذا ليس عيبا شدا في مهنة قائمة أساسا على القدرة على جذب الانتباه بالأداء، وهو ما يمكن احتماله لدرجة معينة وهناك كثير من الفنانين تمكنوا باقتدار من تجاوز هذه المرحلة، لكن البعض منهم لا يستطيعون تصور ألا يكونوا حديث الساعة وكل ساعة وعلى مدار الساعة.
غير أن الآثار الاجتماعية المنعكسة عن هذه التصرفات تبدو خطيرة ونتيجتها الطبيعية هى زيادة مساحة التسطح ونشر ثقافة التفاهة التى طالما عانينا ونعانى وسنعانى منها، ولقد شهدنا بأعيننا وسمعنا بآذاننا ولمسنا بأيدينا ماذا فعلت هذه الثقافة، فإن نتاج هذه التفاهات يشكلون أرضيات خصبة لزرع الأفكار الشاذة بكل تطرفات الشذوذ التى نراها في المجتمع حولنا، تطرف دينى أو تطرف لا دينى، ستعاد على أسسه صياغة عقول كثير من الشباب ، فترى دعوات الإرهاب باسم الدين وتبرير الجرائم باسم الحب ودعاوى الشذوذ باسم الحرية!
نعم الأمر خطير، ليس مجرد تويتة أو بوست أو فيديو أو دعوة أو دعاية متفق عليها أو اعتباطية حقيقية أو مصنعة، لكن مل ذلك ليس سوى عرض لمرض مستفحل في أعماق نفسية المثيرين والمثيرات لجدل يصادف هوى أعداد غفيرة من جماهىر من أعداد لا تقل خطرا في تفكيرها المريض عن مثيرى هذا الجدل!.
هل تجد في الأمر مبالغة؟!
إن لم تجدها فأرجو منك أن تراجع الأحداث وتربط بين ما تراه من جنون فردى وانعكاسه على ما يمكن أن نطلق عليه جنون جماعي يمكن أن يذكرك بالمسرحية القصيرة والعبقرية للأديب الكبير الراحل توفيق الحكيم (نهر الجنون)، وهو النهر الذي شرب منه أهل المملكة جميعاً، فأصيبوا بالجنون إلا الملك ووزيره ولكنهما أمام موجات الجنون العاتية التى أصابت الشعب وبسبب شعورهما بالوحدة في مملكة صار كل رعاياها مجانين بعد أن شربوا من النهر، لم يجدا بدا من أن يشربا، ليصبح الجنون هو الذي يحكم الجميع باختيار آخر عاقلين في المملكة الجنون اختيارا واعيا وهما بكامل قواهما العقلية!