كتب : أحمد السماحي
نحيي هذه الأيام الذكرى العشرين لرحيل المطرب الكبير (محرم فؤاد) الذي رحل عن حياتنا يوم 27 يونيو عام 2002، وقبل أن نتوقف مع باب (غلاف ألبوم) لابد أن نتحدث عن صوت محرم فؤاد الذي هو صوت الرجولة المصرية وعنفوان الطبيعة، صوت يفتح وعيك على الحياة وعلى جمال الخلق وبهجة الدنيا، ظهر صوت محرم في عصر ملئ بالتحديات وكأنما كانت هذه التحديات هى نفسها أسباب تفرده التى مكنته من أن يفرض نفسه وحضوره بقوة وتميز من أول إطلاله له من خلال فيلم (حسن ونعيمة) وغنائه لأغنيتين من أشهر ما غنى حتى الآن وهما (الحلوة داير شباكها، ورمش عينه).
بهاتين الأغنيتين تعرف الجمهور المصري على صوت (محرم فؤاد) الذي يجمع بين الحزن النبيل والفرح المحفوف بالمخاطر، ففي صوته حزن العاشق المتلذذ بحزنه والممعن فيه وفيه صوت المحب المقبل على الحياة لكنه يتوجس الحيطة والحذر من هذه الحياة لهذا تجده يوما سعيدا ويوما حزينا.
ولقد أسعدني الحظ بالاقتراب من مطربنا الكبير (محرم فؤاد) وأشهد بحكم صداقتنا التى يعلمها كل المحيطين بي أنه كان طيبا جدا وراقيا وفنانا حقيقيا لكنه لا يعرف طريق المجاملات ولا النفاق، فكان صريحا لحد التجريح خاصة فيما يتعلق بالفن حيث كان يدلي بآراء تأخذ من جماهيريته وتتهمه بالغرور، لكنه أبدا لم يكن مغرورا لكنه كان غيورا على الغناء المصري ويحب من يعتلي خشبة المسرح أن يكون فنانا حقيقيا وليس شبه مغني.
هذا الأسبوع نتوقف عند ألبومه المتميز (سلامات) الذي يتضمن أربع أغنيات هي (سلامات يا حبايب) كلمات مرسي جميل عزيز، ألحان الموسيقار بليغ حمدي، (قالوا الحب عذاب) كلمات السيد زيادة، ألحان محرم فؤاد، (قربي مني عيونك، وع المينا) كلمات الشاعر مأمون الشناوي، وألحان المبدع محمود الشريف.
ولقد توقفت عند هذا الألبوم تحديدا لأنه يحمل أغنيتين من أجمل ما كتب الشاعر الرقيق (مأمون الشناوي) الذي نحيي أيضا ذكرى رحيله يوم 27 يونيو، والذي رحل عام 1994، وأيضا لأن في هذا الألبوم أغنية (سلامات يا حبايب) التى كانت أول أغنية وطنية يغنيها (محرم فؤاد) على المسرح بعد عودته من سنوات الغربة والهجرة بعيدا عن مصر، ولقد ذكر لي الصديق (مجدي العطار) شقيق مطربنا الكبير (ماهر العطار) أن (محرم) غنى هذه الأغنية وهو يبكي على المسرح نظرا لإحساسه الشديد بكلماتها وعشقه لمصر التى حرم منها نتيجة وشاية كاذبة عند الرئيس (جمال عبدالناصر) جعلته يعيش غريبا عن بلده حوالي خمس سنوات.
وعندما قابلته أم كلثوم في لبنان وسألته عن سر ابتعاده عن مصر قال لها: إنها وشاية كاذبة أبعدته عن بلده الحبيب فوعدته بحل المشكلة بمجرد رجوعها إلى مصر وبالفعل حلت المشكلة، وفي أول حفل جماهيري غنى أغنية (سلامات)، وبعد انتهائه من غنائها انهار في البكاء وخرج من المسرح وبعد هدوئه رجع مرة أخرى للمسرح ليستكمل باقي فقرته الغنائية.
تقول كلمات أغنية (سلامات يا حبايب) التى أبكت محرم فؤاد :
سلامات يا حبايب.. يا حبايب سلامات
سلامات.. سلامات يا بلدي.. سلامات يا حضن بلدي
سلامات يا أهل بلدي.. يا حبايب سلامات
عديت بحر الليالي.. ونزلت 100 مدينة
لقيت الشوق لبلدي سابقني في كل مينا
سافرت بلاد بعاد.. وبلاد غير البلاد
وقلبي هو هو مش قادر على البعاد
ياغربة دوبيني يا إما ترجعيني
وتروحيني بلدي أنام في حضن بلدي
وأقول لأهل بلدي:
سلامات.. سلامات يا بلدي.. سلامات يا حضن بلدي
صورة بلدي وحبايبي مرسومة جوه مواويل
مواويل تحت شجرة توت في ضلاية
سواقي تدور تخلي الشمس ورداية
وصبية تملى زلعتها وبتقول شيلها ويايا
مُشتاق يا أحباب مُشتاق وتعبت من الأشواق
الله يجازيكي ياغربة الله يجازيك يا فراق
خدتني من أهلي وناسي وسقتيني
كاسي القاسي المُر اللي ماينداق
ياغربة دوبيني يا إما ترجعيني
وتروحيني بلدي أنام في حضن بلدي
وأقول لأهل بلدي:
سلامات.. سلامات يا بلدي.. سلامات يا حضن بلدي
وحشاني مصر.. أم القناطر والنخيل والنيل وأحلى الذكريات
أم الأغاني الحلوة لليل والقمر والنسمه وخدود البنات
بلدي وسمارها على جبيني بيصحي الشوق ويصحيني
ولاغير ميتها بترويني، ولا غير نسمتها بتحييني
يا أحلى ليله بيضا يا صحبة ورد بيضا
يا شمعة فرح بيضا وغنوة حب بيضا
قلبي حمامه بيضا بترفرف ع الحبايب وبتحضن الحبايب
وتقول سلامات يا بلدي.. سلامات ياحضن بلدي
سلامات ياأهل بلدي… ياحبايب سلامات.