بقلم : محمد حبوشة
تابعت عن كثب ما قامت به (كتائب الإخوان) في قضية الشائعات التي أطلقوها على مدار الأيام القليلة الماضية، ولا حظت انجراف كثير من جمهور السوشيال ميديا وغيرهم من الكتاب الصحفيين والفضائيات الذين راحوا بسذاجة وعدم فهم ينفخون في نار مستعرة لامبرر لها حول مسألة اختفاء المطربة المطربة صاحبة الحنجرة الذهبية (آمال ماهر)، وكأنهم حققوا صيدا ثمينا مع أن القضية بتفاصيلها التي رحوا يتشدون بها حدثت قبل سنتين تقريبا، ووقتها لم ينطق أي منهم من قريب أوبعيد حول الأحداث التي وقعت للمطربة الجميلة، وأذكر أننا هنا كانت لنا وقفة جسور أرغمت (تركي آل شيخ) على استرداد كافة إنتاجها الفني على (اليوتيوب) وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي.
وقتها واجهنا المدعو (تركي آل شيخ) بالوقائع والمستندات التي صدمته وألجمته، ولم يصدر أية بيانات سواء من جانب نقابة الموسيقين أو من جانب من تسلحوا بالعصبية والحمق دون فهم في حملة الشائعات الأخيرة، وكأنهم فجأة تذكروا أن (آمال ماهر) مواطنة مصرية ينبغي الدفاع عنها ورفع الظلم والضيم عنها في الأيام القلائل الماضية، ولم يدركوا أنه فرية كتائب الإخوان وكارهي مصر بهدف ضرب (إسفين) في محاولة لإفساد زيارة ولي العهد السعودي الأمير (محمد بن سلمان) لمصر في وقت حساس تحاول فيه الدبلوماسية المصرية لعب دور جديد – باعتبارها الشقيقة الكبرى – في تقريب وجهات النظر بين الأشقاء العرب، ولقد ذهبت الكتائب والفضائيات الإخوانية في لعب دور الشيطان بإقحام السياسة في الفن والعكس.
لم يدرك الغافلون من جمهور السوشيال ميديا والكتاب والفضائيات المغيبون أنها فتنة أرداتها كتاب الإخوان بخبث اعتاوا عليه من خلال لجان يطلق عليها (ميليشيات) جميعها تتشكل على الشبكة العنكبوتية، تهاجم وتشوه أشخاصا بعينهم، وكذلك تزيف الحقائق وتعمل على نشر الشائعات، أيضا وظيفتها الدفاع عن بعض الكيانات الإرهابية والعناصر الاخوانية ومهاجمة الدولة وتشويه كل انجاز يتم تحقيقه على أرض الواقع، من خلال حملات منظمة تستخدم عدة وسائل إلكترونية لنشر أفكارهم وهدم بعض الأفكار والمعتقدات، بل واستقطاب عدد كبير من الشباب لإقناعهم بأفكار الإرهاب والتطرف.
والواقع أن تلك الكتائب الإلكترونية بدأت فى الإنتشار بشكل واسع بعد ثورة 25 يناير مباشرة من خلال جماعة الإخوان المسلمين، فقد بدأت تظهر بشكل لافت مع الاستفتاء على التعديلات الدستورية بمارس 2011، والتى أجريت خلال حكم المجلس العسكري، كذلك ظهر صراع وجدل كبيرعبر مواقع التواصل الاجتماعى بين جبهة مؤيدة للثورة وأخرى معارضة لها، ليتفرعوا مرة أخرى إلى مناصرى الإخوان والسلفيين ومعارضين لهم ومؤيدين للتيار المدنى.
وفي هذا الصدد أكد إسلام الكتاتنى، أحد المنشقين عن جماعة الاخوان المسلمين، أن عمل الكتائب الإلكترونية لم يتوقف عند استفتاء 19 مارس فقط، بل استمر من بعده لتحقيق هدف الجماعة للوصول إلى الحكم وكسب تأييد الشعب وتحريضهم ضد المرشح الرئاسى الآخر الفريق أحمد شفيق، وروى الكتاتنى بداية الكتائب الالكترونية على يد (خيرت الشاطر)، القيادى الإخوانى، حيث أنه أرجع تاريخ الكتائب الإلكترونية إلى عام 1990 لامتلاكه شركة (سلسبيل) وهى شركة تعمل فى مجال الإلكترونيات، وأضاف: أن الشاطر استغل مهارته فى الكمبيوتر من أجل إعداد خطة للوصول للحكم من حينها، وقد تم تحرير قضية كبرى عرفتها مصر عام 1992 وسميت بنفس اسم الشركة (سلسبيل).
ومعروف لكافة الغافلين أن الذي أسسها المهندس (خيرت الشاطر ورجل الأعمال حسن مالك) للعمل فى مجال الحاسبات ونظم المعلومات وقد داهمتها قوات الأمن واستولت على كافة الأجهزة والأقراص بها وقد نسبت إليها أجهزة الأمن إعداد خطة جماعة الإخوان المسلمين التى عرفت وقتها بخطة (التمكين) للوصول للحكم وخدمة أغراض الجماعة سيطرتها على قطاعات عديدة مهمة فى الدولة المصرية، ومعروف أيضا أن 25 يناير كانت بداية حقيقية بالفعل للكتائب الإلكترونية سبقها بعض الأفعال التى كانت تدل على استغلالهم الإنترنت لتحقيق مصالحهم، وخير مثال على ذلك أنه قبل يناير استغل الإخوان فكرة المواقع الالكترونية فى 2010 حيث تم تأسيس وقتها الجمعية الوطنية للتغيير والتى أسسها (الدكتور محمد البرادعى) وكتب فيها 7 مطالب للتغيير ونشروها على الموقع الخاص بهم وحصلوا على 200 ألف توقيع، فى حين إنه عندما نشر نفس المطالب موقع الإخوان حصلوا على 700 ألف توقيع وهو أكثر من ثلاثة أضعاف العدد الذى صوت للوطنية للتغير، وربما هذا دليل على قدرتهم على الحشد وكذلك التعامل مع الإلكترونيات.
ولعل أبرز الكيانات التى تستغل تلك الكتائب صفحات الإخوان أبرزها قبل ثورة 30 يونيو، وصفحات (حزب الحرية والعدالة) وصفحة (نبض الإخوان) وصفحات (قناة الجزيرة)، أما حاليا فمعظم اللجان تدار من الخارج بتركيا وقطر، ونجحت بالفعل قوات الأمن الإلكترونى المصرى فى إغلاق معظم الصفحات الإخوانية والمحرضة داخليا مع تحسن أجواء العلاقات (المصرية – التركية – القطرية)، فلم يصبح أمامهم الآن سوى القنوات الإعلامية التى تبث من تركيا ولندن مثل (مكملين، الشرق، وطن، العربي الجديد) بإعلامييهم المعروفين أما الكتائب فقد قل دورها بشكل ملحوظ في الفترة الآخيرة حتى جاءت لهم قضية (آمال ماهر) لينشطوا من جديد.
واللافت للنظر في قضية (آمال ماهر) مؤخرا، أن هذه الكتائب لا يقتصر دورها على نشر الأخبار المغلوطة أو الموجهة فقط، لكنها أيضا تمتلك قراصنة تعتمد اختراق صفحات مشاهير يعادونها لابتزازهم من أجل نشر ما يؤيدهم، وتعتمد أيضا فى نسب صفحات بأسمائهم لنشر ما يرغبون فيه بالزيف والتزوير تحت شعار (الغاية تبرر الوسيلة)، وظني أن إعلام تلك الكتائب لابد أن يقابله إعلام قوى يرد ويفند ما تقوم بنشره وترويجه بهدف زعزعة استقرار الدولة وتشويه صور الحقائق بالادعاء، وأن الإعلام لابد أن يعمل على توعية الجمهور للتصدى لمثل تلك الأخبار والشائعات التى يتفنن البعض فى ترويجها لتحقيق أهداف بعيدة كل البعد عن مصلحة مصر.
ياسادة إن مفهوم الكتائب الالكترونية هى عبارة عن مجموعات منظمة تقوم بمهام معينة تتكون من مجموعات مختلفة منها مجموعة تختص بالسوشيال ميديا، ومجموعة خاصة بالصحافة، ومجموعة تختص بنشر الأخبار، وأخرى تختص بإنشاء جروبات على السوشيال ميديا وغيرها من المجموعات، هدفها الأول والأخير نشر الأخبار المكذوبة أو المغلوطة، وهناك خبراء اتصالات أكدوا أنها تتحرك فى مساحات واسعة، في محاولة كسب جميع الأزمات التى يمر بها الاخوان عبر التأثير على الرأى العام الداخلى والدولى، ومن ثم يجب تدريب الصحفيين والإعلاميين على أن يتعاملوا بمنطلق دقة الخبر وليس السرعة فى نشره والاعتماد على مصادر المعلومة لكى تكون موثقة عند القاريء، تماما كما حدث مع شائعات اختفاء (آمال ماهر) ثم التصعيد في قضية وقوع نوع من الظلم والغبن عليها، بينما هى تقضي إجازة في الساحل الشمالي سوف تستأنف بعد نشاطها الفني بعد غياب ليس طويلا.
لابد لنا أن نرفع التوعية لدى المواطن لكى يتم المقارنة بين الخبر السليم وغير السليم، وستتم التوعية عن طريق نوعية الأدوات التى يقوموا باستخدامها، ويجب عليهم أن يقوموا بتقييم المحتوى بشكل جيد وليس بشكل عشوائى كما يتم، وأخيرا الطرق السليمة للتعامل مع التكنولوجيا وذلك مع وجود حرية لتداول المعلومات، خاصة أن الكتائب الإلكترونية تعتبر أحد أخطر عيوب السوشيال ميديا والتى شهدت أوج ازدهارها مع الربيع العربى الذى شهدته المنطقة العربية اعتبارا من 2011.
ومن أجل كل مامضى ينبغي أن يكون لوسائل الإعلام المصرية دورا هاما فيما يخص الكتائب الالكترونية، فلابد من أن تدرك أن كل ما يظهر على السوشيال ميديا لايعكس الحقيقة بذاتها ولكنها تعكس وجهات نظر مصطنعة أو مختلفة لذلك يجب التعامل معها بحرص وحذر، ويجب على وسائل الإعلام أن تتحرى من وجود هذه اللجان، وأن تكشف للرأى العام طرق عملها وأن يقوموا بتوعية الجمهور فيم يخص الكتائب الإلكترونية، فلاشك أن لتلك الشائعات التى تقوم بنشرها الكتائب تأثير سلبى ومدمر للمجتمع، فهى تسعى دائما لإثارة الفتن بين الشعب المصرى وذلك بالتصدى لتلك الشائعات بروح إيجابية بطريقة غير مبالغ فيها لكى يصدقها المجتمع، والفعل الآخر وهو الأهم الرد السريع على الشائعات وتكذيبها، ويجب عدم تركها بدون رد لأن المجتمع يتفاعل معها وتنتشر بطريقة سريعة.
وأخيرا يلزمنا في سبيل التصدي لهذه الكتائب بناء إعلام وطنى قوى مؤهل للرد على الشائعات أولا بأول، وقول الحقائق لتكذيب تلك الأخبار، وذلك لاستعادة مصداقية الإعلام، إلى جانب أنه يجب على الإعلام كشف المواقع الإلكترونية لتلك الكتائب لكى يتم معرفتها وتجنب معرفة الأخبار من عليها أو تصديق أى خبر يتم نشره من اتجاهها، وتوعية المجتمع بما تقوم به تلك الكتائب بدلا من السير في ركبها بغباء ونفخ النار في شائعات تقوم بنشرها من خلال حسابات وهمية تستدرج المواطن والإعلام وتوقعهم على جناح السذاجة في شرك المؤامرة التي صنعها التنظيم الإرهابي وصدقها الجمهور والكتاب والأعلاميون البلهاء دونما أدني إدراك لوجه الحقيقة.