بقلم الدكتور: طارق عرابي
من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر!
يُحكى عن نبي الله (عيسى) عليه السلام أنه رأى غِلظة وقسوة شديدتين من قومه تجاه امرأة ارتكبت الفاحشة ، وكانوا يمارسون الكبرياء عليها أثناء رغبتهم في رجمها وكأنهم ملائكة طاهرون لم يرتكب أحدهم خطأً قط ، وعندما دعوه ليشاركهم في رجمها أعرض عن رغبتهم وقال لهم : (من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر) ، فما كان منهم إلا أن تراجعوا وصاروا يتساءلون فيما بينهم (من منا بلا خطيئة؟! ومن منا لا ينعم إلا بستر الله؟!)
أفلا شققت عن قلبه؟!
عندما أخبر (أسامة بن زيد) رضي الله عنه ، وعن أبيه ، نبينا المصطفى (محمد) صلى الله عليه وسلم أنه قتل رجلاً من المشركين بعدما نطق الشهادة ، رد عليه رسولنا كريم الخلق قائلاً: (أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله؟!) ، وجاء تبرير أسامة بن زيد لذلك أن الرجل قالها خوفاً من أن يقتله وليس إيماناً من قلبه ، فجاء رد المصطفى صلى الله عليه وسلم جلياً ومباشراً ليعلمنا الكثير: (أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟!) ، وهناك حكاياتٌ أخرى كثيرة تعلمنا ألا نتعجل في الحكم على الناس ، وألا نأخذ الأمور بظاهرها أو بما قد يبدو لنا منها ، وتؤكد لنا أن الله لا يرضى أن نغوص في حياة الناس الخاصة ولا أن نخوض في أعراضهم .
ونتاجاً لما سبق ذكره ، لدي رسالتان بسيطتان ، إحداهما لجمهور الفن ، والأخرى للفنان.
ولأن عنوان هذا الموضوع يحمل اسم النجمة الراحلة (مارلين مونرو) فإن رسالتي لجمهور الفن ستتضمن جزءً صغيراً مما سبق وأن كتبته في مقدمة موضوعٍ سابقٍ عن هذه النجمة العالمية بعنوان (مارلين مونرو .. جمال وإثارة تطفئهما الدموع!) ، وكان هذا هو نص جزء من مستهل وصفي لحياة النجمة مارلين مونرو:
المُشاهد هو واحدٌ من البشر ، والبشر يختلفون باختلاف فكرهم وثقافاتهم ومفاهيمهم وميولهم الحسية (لغة الجسد وأعضائه) واللا حسية (لغة الروح والوجدان) ، ولكي أوضح ما أقصده دعونا نتخيل ماذا يمكن أن يحدث لو أن هناك (غزالة) فائقة الجمال تقف فوق تلةٍ خضراء والمشهد بكامله لا ينطق إلا بالجمال ، في هذه الحالة يمكننا أن نرى غزالاً يُطالعها بشغف ويكتفي بمتعة النظر إلى جمالها وجمال المشهد من حولها، ويمكننا أن نرى غزالاً آخر يتودد إليها لأنه وقع في غرامها ، وربما نرى غزالاً ثالثاً لا يرى فيها إلا أنوثتها المثيرة ، وبالتأكيد يمكننا أن نرى أسداً أو ذئباً لا يرى فيها سوى لحمها المُغري ، ولكن من النادر جداً أن نرى غزالاً يقتربُ منها رويداً ويقرأ حزناً عميقاً في وجدانها فتذرف عيناه دموعاً (على دموعها الخفية التي لم تذرفها بعد) ، وما كان هذا الغزال ليفعل ذلك لولا أنه ذهب إلى ما وراء جمال تلك الغزالة وغاص في وجدانها فأحس آلامها وحزنها ومعاناتها في الشعور بالوحدة التي لم يقوَ جمالها ولا كثرة المحيطين بها على مداواتها ، فجمالها قد يجذب الجميع إليها ويسعدهم لكنه في ذات الوقت قد يكون آداةً تُمَزقُ وجدانها بلا رحمة . هكذا أرى حياة الممثلة والمغنية وعارضة الأزياء – النجمة الأسطورية (مارلين مونرو) التي لازالت سيرة حياتها وموتها تقبل كثيراً من الجدل والتكهنات.
لذا فإنني أناشدك أيها الجمهور الواعي ألا تقف عند حدود ابتسامة ساحرة لنجم أو نجمة فوق سجادة الأوسكار الحمراء ، وأتمنى ألا تمعن النظر في رفاهية أحد النجوم التي تطالعها بالكلمة أوالصورة على وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر أي وسيلة أخرى عندما تدركك المعرفة عن تفاصيل قصره الفخم أو سياراته الفارهة أو ممتلكاته التي لا تُحصى ، فالفنان مهما علت نجوميته وعظمت ثروته هو في الأصل إنسانٌ مثلك ، لديه أوجاعه المخفية وراء ابتسامة يطل بها علينا ، والدليل أن من بينهم من ضاق بحياته فأنهاها بطريقة أو بأخرى ، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر ، الممثلة (لوسي جوردون Lucy Gordon) المشهورة بفيلم Spiderman 3 التي كانت في عطلة بباريس مع حبيبها قبل الاحتفال بعيد ميلادها التاسع والعشرين بيومين ، وإذا بحبيبها المصور السينمائي يستيقظ في الصباح ويجدها قد انتحرت شنقاً ، وهاهي الممثلة البوليودية الصغيرة (جيا خان Jiah Khan) التي كانت قد بدأت مشوار نجوميتها وقامت بدور البطولة أمام النجم الهندي العالمي (أميتاب باتشان) في فيلم بعنوان nishabd عام 2007 ، انتحرت شنقاً عام 2013 وعمرها 25 عاماً .
أيها الجمهور الراقي ، نحن نعترف جميعاً بأنك صاحب الحق الأول والأخير في تقييم الفنان ، وحتى يصبح تقييمك له قمة في العدل عليك أن تجعله تقييماً محصوراً في إجابة سؤالٍ واحدٍ فقط : (ماذا قدم هذا الفنان لي وللناس؟!) ، ولا تشغل بالك بحياته الخاصة ولا تعتمد في تقييمك له على ما نُشر عنه من إشاعات (صادقةً كانت أم كاذبة) ، بل ارتقي أيها الجمهور النبيل ولا تقبل إلا أن تكون عادلاً في تقييمك لاختياراته الفنية وجودة آدائه ومدى نفعه للناس.
وأما عن رسالتي البسيطة لكل فنان ، نجماً كان أو وجهاً جديداً في بداية المشوار فإنها تتلخص في أنك إن أردت أن تعيش بين الناس إلى يوم قيام الساعة فاعلم أن اختياراتك وأعمالك هما سر خلودك إلى الأبد (أو موتك المبكر وأنت على قيد الحياة) ، فلا تزهو ولا تختال بشهرتك أو نجوميتك ولو للحظة ، ولكي تهزم فيك النفس الأمارة بالسوء وتحرمها من هذا الاختيال المريض أنصحك بألا تتوقف عن سؤال نفسك في كل عملٍ تقوم به (هل أقدم للناس ما ينفعهم ويثري حياتهم الفكرية والإنسانية؟! هل ما أقدمه للناس هو مُنْتَجٌ لا تنتهي صلاحيته؟!) ، وبالطبع لابد وأن تكون إجابتك على هذين السؤالين حاضرة وحاسمة قبل قبولك أو دخولك لأي عملٍ جديد.
(آنا دي أرماس) بين كوبا وأسبانيا وهوليوود!
وُلدت (آنا دي آرماس) Ana de Armas في أبريل من عام 1988 في العاصمة الكوبية (هافانا) . درست فن التمثيل بمدرسة المسرح الوطني في هافانا National Theatre School of Havana . قدمت أول فيلم لها (ناطق بالأسبانية) وهي طالبة في السادسة عشر من عمرها ، بعنوان Una rosa de Francia عام 2006 .
انتقلت (آنا) بعد ذلك من كوبا إلى أسبانيا وشاركت هناك في بعض الأعمال التليفزيونية والسينمائية ، وكان من أشهر الأعمال الدرامية التي شاركت فيها خلال تلك الفترة مسلسل أسباني بعنوان El internado ، وفي عام 2014 قررت الانتقال إلى مدينة الأحلام السينمائية – هوليوود.
في عام 2015 شاركت (آنا) النجم (كيانو ريفز) بطولة فيلم Knock Knock ، ثم عادت لتشاركه مرة أخرى بطولة فيلم Exposed عام 2016 .
وكان عام 2016 هو بداية تثبيت أقدام (آنا دي أرماس) في هوليوود ، حيث قدمت بنفس العام فيلمين آخرين بعد فيلم Exposed كان أولهما فيلم Hands of Stone مع النجم الكبير (روبرت دي نيرو) ، ثم فيلم War Dogs الذي جسدت فيه شخصية (إيز) زوجة (ديفيد – الممثل مايلز تيلر) صديق وشريك تاجر السلاح الفاسد (إيفريم – الممثل جونا هِل) ، وهو فيلم مبني على أحداث حقيقية لشابين تاجرين للأسلحة في وقت الحرب (الكاذبة والفاسدة الحجة) لأمريكا وبريطانيا على العراق عام 2003 .
في عام 2017 قدمت (دي أرماس) عملين للسينما كان أنجحهما فيلم Blade Runner 2049 مع النجم الكبير (هاريسون فورد) والنجم (رايان جوسلنج) .
وكان خيط بداية الشهرة العالمية الأوفر للنجمة الصاعدة (آنا دي آرماس) قد صار متيناً مع النجم العالمي (دانيال كريج – الشهير بشخصية جيمس بوند) حيث شاركته عام 2019 ، ومع نجوم كبار آخرين في فيلم بعنوان Knives Out ، ثم شاركته مرة أخرى عام 2021 في بطولة فيلم جيمس بوند العالمي No Time to Die الذي حصد من شباك التذاكر 775 مليون دولار.
آنا دي أرماس – مارلين مونرو 2022
انتهت (آنا دي أرماس) هذا العام 2022 من تصوير 4 أفلام سينمائية ، وتستعد حالياً للدخول في فيلم جديد بعنوان Ballerina مع المنتج والمخرج والكاتب الأمريكي (لين وايزمان) .
كان أول تلك الأعمال لعام 2022 هو فيلم Deep Water مع النجم (بِن أفليك) ، وقد تم عرضه في الولايات المتحدة في مارس من هذا العام 2022 ، وتجسد فيه (آنا دي أرماس) شخصية (ميليندا) الزوجة الحسناء للرجل الثري (فِك Vic – الممثل بِن أفليك) الذي يضطر لقبول دخولها في علاقات غرامية مع أكثر من رجلٍ غيره لمجرد تجنب الطلاق منها ، وعندما يختفي عشاقها واحداً تلو الآخر تحوم الشكوك حول زوجها ويصبح هو المتهم المسئول عن تلك الاختفاءات .
وانتهت (آنا) من تصوير فيلم الأكشن المثير The Gray Man مع النجم (كريس إيفنز) والنجم (رايان جوسلنج) ، والذي تحدد موعد أول عرض له بدور العرض بأمريكا يوم 22 من الشهر القادم (يوليه 2022) .
ثم أنهت (آنا دي أرماس) فيلمين آخرين ، أحدهما مع النجم (كريس إيفنز) والنجم الحائز على جائزة الأوسكار (إدريان برودي) بعنوان Ghosted ، وحتى الآن لم يتقرر موعد طرحه بدور العرض السينمائي . أما العمل الآخر الذي انتهت (آنا) من تصويره وتحدد أول موعد لعرضه بالسينمات الأمريكية يوم 23 سبتمبر من العام الحالي 2022 ، والذي بدأ الترويج له على منصة الشركة المنتجة (نتفلكس) هو فيلم بعنوان Blonde والذي تجسد فيه (آنا) شخصية (نورما جين – وهو الإسم الحقيقي للنجمة الأسطورية مارلين مونرو) .
وما يضع تجسيد (آنا) لشخصية (مارلين مونرو) في تحدٍ صعب هو أن حوالي 18 ممثلة قد سبقتها في تجسيد شخصية هذه النجمة العالمية في 19 عمل ، حيث بدأتها الممثلة (ميستي رو Misty Rowe) عام 1976 بفيلم Goodbye, Norma Jean ثم قدمت نفس الممثلة شخصية (مارلين) مرة أخرى عام 1989 في فيلم آخر بعنوان Goodnight, Sweet Marilyn .
وكان من بين النجمات اللاتي جسدن شخصية (مارلين مونرو) ، النجمة (أشلي جوود Ashly Judd) في فيلم بعنوان Norma Jean & Marilyn عام 1996 ، والنجمة (أوما ثورمان Uma Thurman) في مسلسل تلفزيوني بعنوان Smash الذي بدأ عام 2012 وانتهى في 2013 .
أما الممثلة (كيلي جارنر Kelli Garner) فكانت آخر من جسدت شخصية (مارلين مونرو) عام 2015 في مسلسل تلفزيوني مع النجمة الكبيرة (سوزان ساراندون) بعنوان The Secret Life of Marilyn Monroe .