بقلم : علي عبد الرحمن
(والله لو حبيتي غيري لأقتلك وأموت بعدك)، هذا مطلع أغنيه لماجد المهندس تذاع في كل الوسائل الإعلامية وغيرها أغنيات كثيره تربط الحياه بالحب وإلا ترفع الموت شعارا، وتحولت عواطفنا إلي تهديدا بل وتنفيذا للقتل بدلا من أن تكون عواطف سمحة تتمني السعادة لمن تحب معها أو بعيدا عنها، ولقد أصبح العنف في الشارع جهارا نهارا، وأصبح عنف المصريين غريب علي وطننا.
فهل هناك دوافع لهذه الظاهرة أم هل هناك قصور في العقاب شجع علي ارتكاب الجرائم؟، فبعد ان كان مجتمعنا هادئا ودودا متسامحا أصبح في ظاهرة غير ذلك، فبعد حادثة ذبح (فتاة المنصورة)، ومن قبلها ذبح أسرة الريف الأوربي بسبب الحب أيضا، وقبلها فتاة الإسماعيلية، وقبلهم مئات من جرائم الذبح والسم والقتل بسبب الحب والعشق وماشابههما، والغريب هنا أنه حب بالعافيه وعشق تحت التهديد ومشاعر داخل طرف واحد والمقابل قتل ودمار للطرف الثاني، والأكثر غرابة أن العنف أصبح في البيوت والمدارس والشوارع والأندية والمزارع وفي كل مكان.
ورغم أن العنف أصبح ظاهرة ورغم كثرة مؤسساتنا المسئولة عن التربية، ورغم كثرة الجهات المنوطه بهذه الظاهرة وكثرة المراكز البحثية اجتماعية أو قانونيه أو تربوية المكلفة بالدراسة والعلاج إلا أن الظاهرة مستمرة، ومايغذيها عبر وسائل الإعلام والتواصل وإنتاجها الغنائي والدرامي مازال مستمرا ،وأيضا غياب دور الأسرة والمدرسة والنادي والأحزاب والمؤسسات الدينية ووسائل الإعلام، ومازال العنف أيضا مستمرا.
فهل هذا نتاج غياب دور الأب المنهمك في كسب لقمة العيش، أم غياب دور الأم المشغوله بشئون البيت أو انشغال كليهما بوسائل التباعد الاجتماعي وغياب دور المدرسة حيث لم تعد هناك مدارس وحصص، ولكن هناك سناتر ودروس خصوصية، وغياب دور الأنديه في رفع رسوم الإشتراك وإقامة أنشطه تدر دخلا إضافيا، وهناك دور الأحزاب حيث لا أحزاب ولا دور تثقيفي، وغياب دور القادة حيث لاقادة إلا في الدعوة للتطرف والتشدد، وغياب دور المؤسسات الدينية في سفاسف الأمور وظاهر الأشياء، وغياب جهات الرصد والتحليل والإستنباط والتوجيه، وغياب دور مراكز البحث الاجتماعي والتربوي.
والطامة الكبري هى انخراط الإعلام في متابعة وتغطية أخبار الجرائم والقتل وترديد البرامج لقصص الترصد والقتل وتشجيع الغناء للانتقام والترصد، وتعظيم الدراما لصور البلطجة والفتونة وشراسة الانتقام، وأصبح معتاد القتل بطلا شعبيا في دراما الوقت الحاضر علاوة على الفضاء (السيبراني) الذي نشر وسهل كل طرق القتل والانتقام والتفجير، كل ذلك رغم وجود تشريعات تجرم ذلك ونقابات تمنع ذلك، ومجالس وهيئات تراقب ذلك، ومصنفات فنية تري هذه الأعمال قبل أن يراها المشاهد.
فلماذ لم تمنع من الأصل؟، ولماذا لم تقم هذه الجهات بدورها؟، ومن سيربي النشئ ومتي تعود حصص التربية الدينيه للمدارس، ومتى تعتمد وزارة التربيه السلوك والتربيو كمادة دراسية؟، ومتي يفسح الإعلام لخبراء التربية لتعليم النشئ السلوك القويم؟، ومتي نري قناة للطفل أو الدين أو التربية أو السلوكيات القويمة حتي نري جيلا سليما لايتخذ العنف سبيلا، عندها سيختفي العنف من حياتنا، لأن زرعنا غير القويم حصاده العنف.
رحم الله كل من مات غدرا وكل الأموات، وأراحنا الله من كل متسبب في تشبث أبنائنا بالعنف، وهدى الله الكل للقيام بدوره الوطني في التنشئة والقدوة السليمة، وحمي الله مصرنا وأهلها من عنف المغيبين .. وتحيا دوما مصرنا بألف خير وخير.