بقلم الإعلامية الكبيرة : هدى العجيمي
بعد أن عرض فيلم (مصنع الزوجات) ولم يصادفه النجاح يعترف (نيازي مصطفي) بعدم التوفيق وأن الفيلم الذي عرض أمامه في دور العرض نجح نجاحا منقطع النظير هو فيلم (ليلة ممطرة) مما جعله يشعر بالقلق ويفكر كيف يسترد ثقة الجمهور، فيقول: لاحظت أن الأفلام التي تشبه أفلام الكاوبوي والتي يصنعها (بدر لاما وإبراهيم لاما) أحبها الجمهور جدا وأقبل عليها بالرغم من سذاجة الفكرة ورداءتها فنيا، وكانت هناك ندوة لمناقشة أحوال السينما شارك فيها (كمال سليم وأحمد كامل مرسي والأديب محمود تيمور) الذي اقترح عمل فيلم يجمع بين الإثارة والموضوعية فعرضت عليهم قصة (ناعسة).
وهو فيلم من البادية يحكي قصة فتاة محافظة متمسكة بالتقاليد وافق (محمود تيمور) على الفكرة على أن ينتجها (ستوديو مصر)، ودفع لي 400 جنيها، كتب السيناريو لهذا الفيلم بلغة أهل البادية شخص لم يكن له بديل وهو (محمود بيرم التونسي)، وكان قد لجأ إلى مصر وأقام فيها فذهبت إليه في منزله بحي السيدة زينب وأخبرته أنني مخرج سينمائي وأريد منه أن يشا ركني في كتابة سيناريو وحوار الفيلم البدوي ودفعت له الأجر من جيبي، فكتب (بيرم التونسي) الحوار الرائع العظيم لأنه كان قد طاف بعدد من البلدان قبل أن يستقر في مصر فكان يعرف لهجات تلك البلاد ويجيدها كلها.
جلس مع (كوكا وبدر لاما) البطل الشجيع وقام بتحفيظهم اللهجة البدوية لمدة ثلاثة أشهر لدرجة أن كوكا أتقنتها تماما، وبدأنا في تصوير الفيلم بعد التصوير يومين فقط سقط (بدر لاما) مريضا لم يستطع تكملة الفيلم، و اتضح أن عنده تضخم في القلب وأصبح ممنوعا من ركوب الخيل والحركة، أسقط في يدي فماذا أفعل؟، لكن لأنني درست السينما جيدا ودراسة أكاديمية استطعت التصرف وحل المشكلة فأحضرت بديلا لـ (بدر لاما) شابا في طوله وحجمه تقريبا، وكنا لأول مرة نستخدم كلمة بديل.
استعنت بالشيخ (علي الجابري) من فرقة بديعة مصابني من مجموعة الأكروبات وقاموا بعمل جميع الحركات العنيفة المطلوبة في الفيلم، وابتكرت طريقة أخرى أخفي فيها وجه (بدر لاما) فلم يظهر إلا ملثم ووضع كوفية علي وجهه، ثم سقطت أيضا (كوكا) مريضة ونقلت إلى المستشفي لعمل عملية جراحية خطيرة فتعطل تصوير الفيلم في أثناء ذلك استطعت أن أقنع (بدر لاما) بأن أكمل المشاهد بوجهه فقط وأنا بعد ذلك استخدم المونتاج لأكمل بقية الحركات والمشاهد وأنا كنت أستخدم المونتاج باجادة تامة فنجحت في ذلك.
وفي النهاية نجح هذا الفيلم نجاحا ساحقا ونال إعجاب الجمهور رغم أنه في الأيام الأولي للعرض لم يقبل عليه إلا نفر قليل، لكن بعد عدة أيام زاد الإقبال عليه وكان اسم الفيلم (رابحة)، ومن ناحية أخري نجح الفيلم في البلاد العربية نجاحا كبيرا وذلك في شمال أفريقيا والعراق وسوريا ولبنان، ولم أكن أتوقع هذا النجاح، وقد أحدث الفيلم ثورة اجتماعية عام 1942 وكانت السيدات لا تخرج من بيوتهن لكن نجاح الفيلم جعل السيدات تخرج لمشاهدة الفيلم وسماع الألحان الجميلة الشيقة التي وضعها (محمد الكحلاوي)، وكانت من أحلي الألحان التي وضعها مطرب شاب ناشئ عرفنا به بيرم التونسي، وكان يقوم في الفيلم بدور (حادي القبيلة)، وأعطيته حوارا هو عبارة عن كلمة واحدة فقط لكنني أرجع إليه الفضل في نجاح فيلم (رابحة).