كتب : محمد حبوشة
هاجم الإعلامي والنائب البرلماني مصطفى بكري، مقالا للكاتب الصحفي عماد الدين أديب الذي تحدث خلاله حول توقعاته بحدوث حالة من عدم الاستقرار في مصر بسبب العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وقال (بكري) خلال برنامج (حقائق وأسرار)، المذاع على قناة (صدى البلد): (أعاتب على زميلنا الكاتب الصحفي عماد الدين أديب، بعد رصده سيناريوهات سوداء قادمة، وحديثه عن عدم الاستقرار والفوضى)، متسائلا: (ماذا يعني هذا الكلام، وفي مصلحة من نشر هذه التوقعات غير المنطقية، الكلام ده غير صحيح، خلي ثقتنا في بلدنا قوية، هو مفيش بلد وشعب وجيش؟، إحنا في 67 بكل البلاوي تحملوا الأزمة ووقفوا مع جمال عبد الناصر لثقتهم فيه).
وأضاف بكري: (الشعب عنده ثقة في السيسي، فيه ناس ساعات بتزعل لكن وقت الجد لا، لو الرئيس السيسي قال همشي الشعب هيخرج يقوله ابقى لأنك صادق، فيه وزراء المفروض يمشوا آه، فيه محافظين مشوفناش وشهم آه، لكن إحنا عندنا زعيم وطني أنجز في 8 سنوات ما لم ينجز في 40 سنة، لدينا قائد لا ينام، يحل مشكلات 100 مليون، وتابع بكري: لا أنكر إن فيه مشكلات وأولها مشكلة البناء اللي رئيس الوزراء مش عايز يرد علينا لغاية دلوقتي، والله فيه مقاول بيشتغل سائق توك توك، (بقول لرئيس الوزراء حضرتك بطيء في القرارات ولازم تتحرك).
كان عماد أديب قد لعب دور الثعلب الذي خرج في ثياب الواعظين، والمعرف عنه الفذلكة والدفع بآراء تبدو في ظاهرها جيدة، لكن باطنها يحمل سما زعافا، ومن هنا حاول من خلالها أن يلعب لعبته المفضلة في إثبات فهمه للأوضاع السياسية المصرية ليقدمها قربانا لإثبات ولائه وانتمائه لساكن القصر الملكي الجديد في إحدى دول النفط عل وعسى أن يسعين به كما استعان به سابقيه، لذا دفع أكاذيبه بأسلوب ملتو ومتوقع من رجل باع مصر وشعبها عند المنعطف الأول وهرب خارجها في فضيحة مالية معروفة، قائلا في مقال له يوم 14 يونيو الماضي: قد يكون مستقبل العلاقات المصرية – الخليجية أحد ضحايا فاتورة الحرب الروسية – الأوكرانية، هناك 25 مليار دولار أميركي زادت بين ليلة وضحاها على الموازنة المصرية الطموحة بسبب ارتفاع فاتورة الطاقة ومشتقّاتها والحبوب والغلال والسلع التموينيّة الأساسية.
وفي مزايدة رخيصة تدل على تزيده الواضح في إثبات الولاء، قال: زادت فاتورة مصر الشهرية في استيراد الطاقة بـ 700 مليون دولار بعدما ارتفع سعر برميل النفط من 70 إلى 119 دولاراً، وقد يتعدّى 150 دولاراً في حال زيادة الطلب في أوروبا وزيادة طلب المصانع، لست أدري لماذا ربط ذلك قائلا:تُعتبر مصر المستهلك الأوّل في العالم للقمح، حيث إنّها تستورد سنويّاً ما يزيد على 12 مليون طن.
وذهب بخياله الواهي وكأنه طبيب سياسي جراح يحمل مشرطا حادا لبتر واستئصال الورم الخبيث قائلا: نتيجة الحصار البحري المفروض على أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا ارتفع سعر طن القمح ما يزيد على 80 في المئة من قيمته التقديرية، هذا الوضع الطارئ، الذي يأتي عقب الفاتورة الصحية والاجتماعية الباهظة، التي تحمّلتها مصر بشجاعة خلال العامين الماضيين لمواجهة آثار فيروس كورونا، شكّل ضغطاً متزايداً على العملة المحلّية مقابل الدولار الأميركي، وهو ما أدّى إلى خفض الجنيه المصري مقابل الدولار بما لا يقلّ عن 20 في المئة، الأمر الذي ألقى بآثاره على كلّ أسعار السلع والخامات الأساسية والوسيطة لبلد يستورد أكثر من ثلثَيْ احتياجاته من الخارج.
وفي تناقض واضح ومريب يعكس قصورا في التفكير المنطقي وينم عن نواياه الخبيثة في الرياء قال: يحدث ذلك في ظلّ نظام رعاية اجتماعية توفّره الدولة لأكثر من 65 مليون بطاقة تموين مدعومة لغير القادرين، تشكّل أكثر من ربع موازنة الدولة.. باختصار هذا وضع استثنائي لا يُطاق ولا يمكن لاقتصاد مثل الاقتصاد المصري أن يتحمّل تبعاته ولا تكلفته.
ولأنه ينتهج مبدأ الناسك الأعظم الذي يوهم مريديه بقدرته المستنيرة على الكلام المباح وغير المباح، قال كلاما غريبا ومريبا مؤداه: موقف القيادة المصرية يشعر صنّاع القرار في القاهرة بظلم شديد بنتيجة هذا الوضع المأزوم لأنّه لم يأتِ نتيجة سوء إدارة الحكومة أو فساد في المنظومة أو خطأ في التوجّهات الاستراتيجية الاقتصادية أو خلل في السياسة النقدية، بل جاء نتيجة أزمتين هما الكورونا والحرب الروسية – الأوكرانية، وهما أزمتان هبطتا من السماء على رأس البشرية.
وتشدق بكلام ينم عن خبث نواياه قائلا: تقارير صندوق النقد الدولي والمؤسّسات الماليّة الدولية خلال السنوات الثلاث الماضية كانت كلّها إيجابية، بل أشادت بأسلوب الالتزام الصارم للحكومات المصرية المتعاقبة بـ (روشتّة) الصندوق، إلى حدّ جعل دفعات المساعدات والقروض لا تتوقّف عن إمداد الاقتصاد المصري الملتزم بدقّة بإجراءات الإصلاح المطلوبة.
وفي تنظير غامض حمال أوجه يقول: أزمة الاقتصاد المصري الآن هي في تدبير الموارد اللازمة لتغطية الزيادات الضخمة التي طرأت على الطاقة والغذاء، هذا لا يمكن أن يتمّ بالدرجة الأولى إلا بحقن العملات الصعبة في جسد الاقتصاد المصري.
وبادعاء واضح لغرض في نفس يعقوب الذي يسعى تقربا من القصر الملكي الجديد يدعي: يؤكّد خبير ماليّ مصري أنّ (أسلوب الدعم الكريم من الأشقّاء العرب عبر ودائع دولارية في البنك المركزي المصري هو بمنزلة حلّ مسكّن للآلام، لكنّ الحلّ الجذري يكمن في توفير شحنات من الطاقة بأسعار مقبولة وبتسهيلات في الدفع مع فترة سماح، ويكمن أيضاً في دخول استثمارات خليجية في الاقتصاد المصري وتخفيف العبء عن كاهل الحكومة التي تحارب بسيفين في آن واحد:
* الأوّل تحارب به الفقر والحاجات الاجتماعية الملحّة.
* والثاني هو سيف البناء والإصلاح المتوسّط والطويل المدى الذي يتركّز في البنية التحتية والمشروعات العملاقة ذات التوظيف الكثيف العمالة.
في المقام الأوّل تنتظر القاهرة من أشقّائها في الخليج ألّا تُترك وحدها في مجابهة هذه الأزمة الاستثنائية الضاغطة التي لا تهدّد الاقتصاد المصري فحسب، بل تهدّد صلة الاستقرار السياسي في البلاد على أساس أنّ رضاء المواطنين، أيّ مواطنين، مرتبط بقدر عظيم بمدى توافر ضرورات المعيشة بيسر وسهولة.
وقال الخبير (عماد الدين أديب) الذي يناضل من الخارج بعد هروبه الكبير من سداد ديونه المليونية: فاتورة الزيادة البالغة 25 مليار دولار، أي ربع أكثر من تريليون جنيه مصري، هى تحدٍّ قاسٍ وجدّيّ لا يتحمّل التأجيل أو المزاح في تلبيته الفوريّة، وأضاف صاحب الوزن الثقيل: الصمود حتّى 2023: أن هذا يعني في المقام الثاني يستطيع الاقتصاد المصري أن يدبّر أموره حتى الربع الأخير من عام 2022 بفضل تحرّكات ذكية وراعية تمّت أخيراً، لكن تبدأ الضغوط والتحدّيات القاسية بترك آثارها على البلاد والعباد في الربع الأول من 2023، يحدث هذا والضغط شديد لتلبية هذه الأكلاف الإضافية في حين تلتزم الدولة أمام المواطنين منذ سنوات بعاصمة إدارية جديدة و12 محافظة مصرية ومشروعات زراعية وصناعية في كلّ المجالات لفتح أبواب الرزق.
ويقول الفحل الثمين الذي تربي في بيت (التويجري) – كما نعرف وندرك من خلال سيرته الذاتية المعتادة على النفاق – : يحدث ذلك فيما يكبر حلم المصريين بعلاج أفضل وتعليم أكثر جودة، ويحدث ذلك وشعب مصر بحاجة إلى 60 ألف فصل دراسي كلّ عام، وبحاجة إلى مليون و700 ألف سرير في المستشفيات وجسور تحتية لا تقلّ كلفتها عن 12 مليار دولار سنوياً، فاتورة الإصلاح في البنية التحتية، إضافة إلى فاتورة دعم السلع والخدمات العلمية والصحية لـ 104 ملايين مصري، هى عبء ومسؤولية أكبر من قدرة أيّ اقتصاد في المنطقة على تحمّلهما.
ويبدو لي أنه يعمل بأجندة ملونة بألوان قوس قزح (المثلية) على طريقة (نيتفلكس)، حيث يقول كلاما يردده كثيرون ممن يكنون العداء لمصر وعلى رأسهم الجماعة الإرهابية كما يبدو واضحا في قنواتهم الكريهة ليل نهار في لي عنق الحقيقة الدامغة: يبقى احتمالان في هذا الشأن:
* الأوّل أن يتمّ تدبير موارد من الدولارات الطازجة لتنعش الاقتصاد المصري لمواجهة هذه الفاتورة المستجدّة عن طريق مشروع دعم عربي – دولي منظّم ومحسوب بدقّة، وبرعاية مؤسّسات ماليّة دولية. هذا هو الاحتمال الآمن.
* الاحتمال الثاني هو، لا قدَّر الله، السيناريو القائم على استفحال الأزمة والضغط الشديد على حالة الاستقرار السياسي والاجتماعي في مصر. وهو احتمال كارثيّ يفتح أبواب جهنّم ليس على الأوضاع في مصر وحدها، لكن على أربعة محاور:
1- سوف يصبّ لمصلحة الدول غير العربية الشرق أوسطية، أي لمصلحة إيران وتركيا وإسرائيل.
2- سوف يؤدّي إلى حالة من عدم الاستقرار في مصر تعيد حالة الفوضى التي صاحبت سابقاً أحداث كانون الثاني 2011، وساعتئذٍ لا أحد سيتمكّن من توقّع ردود فعل القوى الشعبية الداخلية.
3- سيبدأ كابوس النزوح البرّي الكبير عبر الحدود مع ليبيا وفلسطين والسودان.
4- سيبدأ سيناريو كابوس الهجرة بالملايين عبر البحر المتوسط إلى أوروبا، وعبر البحر الأحمر إلى دول الخليج.
وأنهى (أديب) الذي يجيد لعبة التغذي على الأكل من كتف غيره كلامه في خروج واضح عن المنطق والعقل بقوله: ترك الحالة المصرية كما هي من دون تدخّل اقتصادي وماليّ عاجل لمواجهة فاتورة الحرب الروسية -الأوكرانية هي كارثة بكلّ المقاييس.
ولك الله يا مصر.
عندئذ ينتهي كلام (عماد الدين أديب)، الذي لم يسأل نفسه سؤالا منطقيا : كيف يمكن أن تتعرض مصر لهذا السيناريو الأسود في ظل قيادة حكيمة من جانب الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أنقذ البلاد من سيناريو الإخوان الأسود قبل تسع سنوات، ولايألوا جهدا في السهر على هموم مصر والمصريين؟ وهو في هذا يتناسى تماما حقيقة أن هناك من يعرف طريقة تفكيره ويستطيع أن يكشف ألاعيبه في الرياء الرخيص التي يرمي إليه.
ومن ثم أقول له ألم يلفت نظرك أيها (الأديب) ذو العقل فاقد الرجاحة، تلك الشهادات الدولية من جانب أكبر مؤسسات اقتصادية في العالم في تقاريرها التي تشيد بتحسن الأداء الاقتصادي في ظل جائحة كورونا، ومواجهة الإرهاب وغيرها من ضغوط اقتصادية لا تتحملها سوى دولة قوية ذات تاريخ عريق مرت بأزمات مشابهة، لكن إرادة المولى عز وجل تكتب لها النجاح كل مرة في اجتيار أعتى الأزمات منذ عهد الفراعنة وحتى الآن .. أرجوك أن تكف عن مثل تلك الترهات إذا ما كانت ما تزال تجرى في عرقك دماء مصرية خالصة !!!.