بقلم : محمد حبوشة
في الحقيقة، الموسيقى ليست كاللغة بالمعنى المفهوم، أي إنها لا تحمل أية دلالات (Semantics)، وعلى الرغم من ذلك فإننا نستجيب لها كأداة تواصل، لكن ليس لأنها صوت فقط، فنحن نسمع أصوات الضرب والاحتكاك طوال اليوم ولا يلحقنا ذات الأثر، ربما لهذا السبب تصور (فريدريك نيتشه)، الفيلسوف الألماني الأشهر، في كتابه (مولد التراجيديا)، أن الموسيقى هى شرط ترانسندالي سابق للغة، كذلك ربطها بما تعنيه (الإرادة)، بل ووضعها كصورة بدائية من وجودنا ذاته، وبذلك يكون التعرف إلى الموسيقى، بالنسبة لنيتشه، والتعرف بها إلى العالم، هو تعرف إلى ذواتنا، تكميل لها!.
ومن هنا فليس الموسيقار صاحب عبقرية وإلهام وإنما قدرته الإبداعية ثمرة متأخرة لتراكم التجارب سواء كانت تجارب شخصية (حسن التصرف وجودة القيام بالفعل)، أو كانت تجارب الإنسانية عبر تاريخها. فلم يزل ينقص الآخر ما زيده الأول أو يزيد الآخر ما نقصه الأول إلى أن حصلت (الألحان) كاملة أو قريبة من الكمال، ثم لم يزالوا بطباعهم يتحرون من الأجسام طبيعية كانت أو صناعية ما يعطيهم تلك النّغم أكمل، فكلما اهتدوا لواحد ثم أحس فيه بعد ذلك بخلل تحروا هم أنفسهم أو غيرهم ممن ينشؤوا بعدهم إزالة ذلك الخلل إلى أن حدث العود وسائر هذه الآلات وكملت صناعة الموسيقى العملية واستقر أمر الألحان.
تجربة ثرية ومتميزة
الموسيقى إذن ظاهرة تاريخية مرت بمراحل وأطوار يصفها (الفارابي) وصفا مستفيضا، ثم يجملها في مرحلتين أساسيتين هما: مرحلة حدوث الموسيقى بالطبع والغريزة ومرحلة حدوثها بالارتياض العملي والتعليم أي بالصناعة، ويذهب الفارابي إلى أن هذا التطور في نمط وجود الألحان من وجود يباشره الإنسان عفويا وتلقائيا إلى وجود ينشئه الموسيقار عن وعي وبفضل الممارسة هو تطور في اتجاه تقدمي: فلم تكتمل الموسيقى إلا بفضل تحولها من انفعال غريزي إلى فعل صناعي، تماما كما فعل ضيفنا في باب (بروفايل) لهذا الأسبوع الموسيقار الكبير (هاني مهنا) عبرتجربة ثرية ومتميزة.
يرى الفارابي أن اكتمال القدرة على (الخيال) تحررا من سلطة المحسوس هو أهم علامة دالة على ارتقاء الممارسة الموسيقية إلى الرتبة الصناعية، فكيف يكون الخيال مبدأ إنشائيا في مجال الإبداع الموسيقي؟ وبأي معنى يكون الخيال الموسيقي الأساس الذي ينبني عليه كمال الموسيقى من جهة ما هى ممارسة صناعية؟، وهذا ما يبدو لي أنه يؤمن به الموسيقي العريق (هاني مهنا) سواء كان ذلك في ألحانه أو موسيقاه التصويرية التي زينت كثير من الأفلام السينمائية والإذاعية والتليفزيونية على مدار رحلته الطويلة في عالم الموسيقى عزفا ولحنا ومؤلفا.
ويقول الفارابي: (والصناعة التي يقال إنها تشتمل على الألحان منها ما اشتمالها عليها أن توجد الألحان الي تمت صياغتها محسوسة للسامعين – التلحين يسبق الأداء – ومنها ما اشتمالها عليها أن تصوغها وتركبها فقط وإن لم تقدر على أن توجدها محسوسة، لا اهتمام للملحن بمدى قابلية موسيقاه للتنفيذ)، وهذان جميعا يسميان صناعة الموسيقى العملية، التي اتخذ منها (هاني مهنا) منهجا وأسلوبا خاصا في تجاربة الموسيقية المتعددة، ويضيف الفارابي أيضا: (والهيئات الفاعلة التي تنطق منها ما هى فاعلة عن تصور وتخيل صادق حاصل في النّفس، ومنها ما يفاعلة عن تخيل كاذب حاصل في النفس. فالتي هي أحق باسم صناعة الموسيقى العملية هى هيئة تنطق فاعلة عن تخيل صادق حاصل في النّفس توجد الألحان المصوغة محسوسة، والصناعة الثانية التي تسمى بهذا الاسم هى هيئة تنطق فاعلة عن تصور صادق حاصل في النفس توجد الألحان مركبة مصوغة، وهذا هو جوهر موسيقى هاني مهنا سواء كان ذلك اللحن منفردا أو موسيقى تصويرية خلال أحداث فيلم أو حتى قام بعزفها على آلة موسيقية خلف كبار المطربين.
السيطرة التقنية على الآلات
يملك الموسيقار (هاني مهنا) قدرة عجيبة على السيطرة التقنية على الآلات التي منها تصدر النغم (الحلق أو المعازف) وربما يعود ذلك كونه عازفا ماهرا على أكثر من آلة موسيقية، وخاصة الأورج الذي يعتبر أفضل عازف له في عصره من خلال أسلوبه الهادي والمتمكن في العزف والتكنيك العالي، فمن شروط امتلاك صناعة الأداء الموسيقي القدرة على إخراج المسموع من الآلة المعدة لذلك دون تخمين أو تردد من ناحية وفي أبهى جرسية ممكنة (الصّفاء والفخامة) من ناحية أخرى، فتخيل اللحن لا يكون تخيلا صناعيا ما لم يقترن عند المؤدي بالقدرة على تحريك (أعضائه القارعة تحريكا يصير قرعها قرعا تحدث به الألحان على ما هي متخيلة عنده)، ولهذا يدرك (هاني مهنا) جيدا أن لحظة إنشاء الصوت وإيجاده محسوسا للسامعين ينبغي أن تُصاحب لحظة استحضاره في الخيال وأن تقترن بها فلا تتأخر عنها ولا تتراخى.
ولأجل ذلك يدعو الفارابي صاحب هذه الهيئة إلى امتلاك عالم الصوت بالإدمان على إنشائه، ويذهب الفارابي إلى أن صاحب هذه الهيئة لا يقدر على التلحين إلا وهو يعزف أو يؤدي – كما هو حال (هاني مهنا – وذلك يعني أن المؤدي يظل دائما مشدودا إلى عالم الصوت فلا يستطيع اتخاذ مسافة تفصله عنه، فإذا ما لحن فإن تلحينه يكون محدودا بحدود السمع الذي تتيحه له آلته أو تعود عليه حلقه، وهكذا لا قدرة للمؤدي على الإبداع بالمعنى الحقيقي لمفهوم الإبداع، أما صاحب هيئة التلحين فوضعه مختلف تماما.
وعلى هذا النحو تتجلى الطاقة الإبداعية للمخيلة الموسيقية عند (هاني مهنا) في القدرة على التعالي على المحسوس والالتقاء بالمسموعية الخالصة في ذاتها، بل للملحن هنا الحق في الإنشاء الخيالي للألحان حتى وإن لم يقدر على إيجادها محسوسة للسامعين، غير أن اقتران الخيال المحض بالقدرة على إيجاد اللحن مسموعا يمثل في نظر الفارابي الدرجة العليا من درجات الإبداع الفني، وهي الدرجة التي تكف فيها الممارسة الموسيقية عن كونها ممارسة فطرية غريزية وتتخذ شكلا صناعيا، لذا يستند (هاني مهنا) الملحن والمؤلف الموسيقلى إلى امتلاك معرفي لقوانين الإنشاء الموسيقي وتحكم تقني في (هيولى) الموسيقى، ولو لم يكن مالكا لقوانين فنه ومتحكما في (هيولاه) لما أمكن له تنفيذ ألحانه المتأخرة وإدارة (لعب) العازفين كما بدا ذلك في موسيقاه الآسرة للقلوب.
الممارسة العفوية و الصناعية للموسيقى
إن الخيال المحض هو مبدأ الإنشاء والإبداع الموسيقي لدى (هاني مهنا)، كما أنه العلامة الفارقة بين الممارسة العفوية للموسيقى والممارسة الصناعية لها عنده شأن خاص وكبير، لذلك يقول الفارابي: (ومتى قسمت أطراف هذه الهيئة (هيئة صيغة اللحن) صارت ثلاثة: أحدها ما يحتاج أبدا في تخيله إلى أن يستند إلى محسوس، والثاني ما ليس يحتاج فيه إلى أن يستند إلى محسوس أصلا غير أنه لم يبلغ بعد إلى أن ينطق عنه (أي أن يوجد اللّحن خارج نفسه محسوسا للسامعين)، والثالث ما بلغ من قوة تصوره إلى أن ينطق عن جميع ما يتخيل منها مثل ما كان بلغه إسحاق الموصلي)، غير أن ما لم تبلغ بعد من قوتها إلى أن ينطق بها عما حصل له فيها من خيالات فهي أحرى أن تسمَى قوة أو غريزة أو طبيعة أو ما جانس هذه الأسماء من أن تسمى صناعة.
وما كان مبلغها من القوة مبلغا يمكن أن ينطق بها عما يتصوّره فتلك أحرى أن تسمى صناعة من أن تسمى قوة أو طبيعة، يؤكد هذا الشاهد على أن الأحق باسم الموسيقار مثل (هاني مهنا) إنما هو – من ناحية أولى – القادر على تجاوز الصوت في (محسوسيته) حتى يرتقى بخياله إلى مقام الإبداع الحر للصور الموسيقيّة المحضة، وهو القادر – من ناحية ثانية – على إبداع الحلول التقنية لإيجاد تلك الصور الخياليّة المحضة محسوسة، وذلك حتى لا يكون خياله مجرد وهم، فدرجة التلحين عند (هاني مهنى) وغيره من عظماء الموسيقى أرقى إذن من درجة الأداء، يقول الفارابي: (وبين أن مقدار المعرفة والتخيلات التي تكمل بها الهيئة الأولى – الأداء – دون مقدار المعرفة والتخيلات التي تكمل بها الهيئة الثانية (التلحين).
يؤمن (هاني مهنا ) إيمان قاطعا بأن للملحن كامل الحرية في أن يبدع صورا موسيقية جديدة، بل إن رسوخ الصناعة فيه لا يكون إلا بقدر انطلاق خياله المحض وتجاوزه للصوت في طابعه الحسي المباشر والبديهي، غير أن الخيال المتعالي لا يكون إنشاء فنيا إلا متى كان صادقا، ويتمثل الصدق هنا في أن يطابق الخيال الموسيقي بنية الذوق والإدراك الموسيقي التي هى في نظر الفارابي بنية قبلية كونية، فلئن كان للملحن الحق في أن يتصور من الألحان ما يجود به خياله المحض فإنه في مقابل ذلك عاجز عن صنع الذوق ذاته، وذلك لأن الذوق هو (مما ليس لنا فعله)، وهكذا فإن ارتياض السمع (وهو الهيئة التي بها يميَز بين الألحان المتفاضلة في الجودة والرداءة والمتلائمات من غير المتلائمات فليست تسمى صناعة أصلا وقلما إنسان يعدم هذا إما بالفطرة وإما بالعادة).
الموشحات والابتهالات الدينية
ولد هاني مهنا بمدينة (أكياد) التابعة لمحافظة الشرقية، واهتم بالموسيقى منذ الصغر حيث كانت تقام فى منزل والده جلسات دينية تلقى فيها الموشحات والابتهالات الدينية ويقرأ فيها القرآن مما كان له أثر عظيم فى تكوين حسه الموسيقي منذ الصغر، وفى مرحلة الدراسة الثانوية شارك في برنامج مسابقات تليفزيوني بعنوان (الكأس لمين) وفاز فيه بجائزة العزف المنفرد لثلاث سنوات متتالية، وفي الخامسة عشر من عمره عمل بفرقة الفنانة تحية كاريوكا المسرحية، ثم إنتقل بعدها للعمل فى مسرح المنوعات.
وقد تطور هذا الأمر بعد انتقال الأسرة إلى القاهرة، والتحاقه بالمدرسة، واشتراكه في الأنشطة المدرسية كعازف للأوكرديون والإكسيليفون، وفي الصف الثاني الثانوي عرف طريق معهد الموسيقى العربية، وتعرف على الفنان محمد القصبجي، وتعرف على بليغ حمدي وعمل مع الفنان صلاح عرام كعازف على الأوكورديون، لكن ظهرت الخلافات مع أشقائه لرفضهم عمله في الفن، لكنه تمكن من الموازنة بين الفن والدراسة، ونجح في الثانوية العامة والتحق بكلية التجارة لكنه تفرغ للموسيقى، حيث حصل على دبلوم الموسيقى من معهد (مونتي فردي التابع لمعهد ليونارد دافينشي)، ثم سافر إلى إيطاليا بعد ذلك ليدرس النظريات الموسيقية والهارموني والبيانو بمعهد (ألفريد أوهانيس).
في عام 1971 قام بتأليف أول موسيقى تصويرية له لمسلسل إذاعي عن حياة روز اليوسف، واستمر بعدها فى تأليف الموسيقى التصويرية للعديد من الأعمال الفنية، تدرج خلال حياته الفنية من عازف أكورديون إلى عازف أورج ثم أنشأ فرقته الخاصة عام 1976، وفى 1977 أنشأ شركته الخاصة للإنتاج الفني التى اكتشف من خلالها العديد من المطربين منهم سميرة سعيد وذكرى، و في عام 1988 أنشأ ستديوهات (جولدن ساوند) للتسجيلات الصوتية والتي زودت بأحدث الأجهزة والتقنيات المستخدمة عالميا.
تعاون مع كبار المطربين
واشتهر (هاني ) بتعاونه مع كبار الفنانين أبرزهم (ليلة حب) مع كوكب الشرق أم كلثوم، حتى أصبح هاني مهنى من علامات عصره، وقد انعكس ذلك على علاقته الطويلة بالمطربة الراحلة أم كلثوم، والتي ساعدته كثيرا في دخول الأورج الكبير من الجمارك المصرية، حيث اتصلت حينها بأحمد إسماعيل وزير الدفاع وقتها، ثم اتصلت بوزير المالية، للسماح بدخول واستلام الأورج الذي اشتراه (مهنا) من بيروت، وكان دخوله يستلزم 7 تصاريح من أماكن عسكرية ومخابراتية، لمنع أي إضرار بالأمن القومي.
وأشهر أعماله (قارئة الفنجان) مع عبدالحليم حافظ، (لو كان عمري بأيدك، عاشقة، قلوب تغني) مع الفنانة (سميرة سعيد)، وسنة وسنتين لفريد الأطرش، وأيضاً كان له مشوار طويل مع الفنانين (محمد عبده، طلال مداح، ووردة، ولعل أهم إنجازات الموسيقار (هاني مهنا) أن قام بإنشاء فرقته الموسيقية الخاصة به عام 1976، إنشاء شركته الخاصة للإنتاج الفني عام 1977، والتي ساهمت بشكل كبير باكتشاف العديد من المطربين، إنشاء ستديوهات للتسجيلات الصوتية عام 1988، وقام بتأليف الموسيقى التصويرية لـ 79 فيلما سينمائيا و 36 مسلسلا إذاعيا، و53 مسلسلا تلفزيونيا، وانتخب في عام 2013، نقيبا للمهن الموسيقية.
شهادات تقدير وميداليات ذهبية
حصل مهنى خلال حياته الفنية على العديد من الجوائز أهمها كان جائزة أحسن موسيقى تصويرية من الجمعية المصرية لكتاب السينما عام 1976، وشهادة تقدير ودرع من أكاديمية الموسيقى بنيويورك عن مجمل ماحققه فى مجالات التلحين والتأليف والتوزيع للموسيقى العربية، شهادة تقدير وميدالية ذهبية من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن مجمل إنتاجه فى مجال الموسيقى التصويرية عام 1996، والعديد من الجوائز التى كانت تكريما لحياته الفنية ومشواره الفنى الطويل، كما كرمه العديد من رؤساء الدول على جهوده في مجال الموسيقى، كما حصل على درع وشهادة تقدير لإنجازاته الموسيقية في تكوين ومزج وتكوين الموسيقى العربية من أكاديمية الموسيقى في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية.
وحصل (هاني مهنا) على ميدالية ذهبية وشهادة تقدير بعد تكريمه في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 1996، تم ترشيحه من قبل راديو (مونت كارلو) لتأليف الموسيقى التصويرية التي تصاحب جميع برامجهم الإذاعية، بما في ذلك نشرات الأخبار، وقام بأداء الأوركسترا السيمفونية الفرنسية معه، مما جعله أول فنان عربي يقدم آلات شرقية لهذه الأوركسترا، وفاز بجائزة أفضل موسيقي عربي عن هذا الإنجاز، لذلك قدمت بعض الأفكار حول من هو الموسيقار هاني مهنا، الموسيقي المبدع ورفيق النجوم، وحول بعض المحطات المهمة في حياته المزدحمة وإنجازاته الموسيقية الرائعة من خلال التأليف والأداء والتوزيع.
أشهر أقوال هاني مهنا:
** منذ طفولتي كان والدي يصحبني كل يوم خميس لسماع المنشدين والأغاني الدينية في محافظة الشرقية، لأني كنت آخر العنقود وكنت الوحيد المسموح له بحضور هذه الجلسات.
** دخلت عالم الموسيقى وأنا أبلغ من العمر 16 عاما فقط، وذلك بالتعاون مع الفنانين (محمود شكوكو ومحمد عبدالمطلب وزينات علوي)، ثم التحقت بفرقة الراقصة الاستعراضية (تحية كاريوكا)، وكانت وقتها تقدم مسرحية (حارة الشرفاء)، وكل ذلك جاء قبل دراستي فى معهد الموسيقى.
** أنا وعمر خورشيد لم نكن نفارق بعض في العمل أو في الحياة وكانوا يطلقون علينا أمناء الشرطة، حيث كنا بنفس السن ونمتهن نفس المهنة وعملنا في البداية في فرقة صلاح عرام ونشأت بيننا كيمياء خاصة.
** سيظل عبد الحليم المطرب الأول لقرون عديدة مش بس صوت حلو ولكن إدارة الصوت فن لوحده لا يمكن تعلمه حيث وهبه الله كاريزما منذ طفولته، واستطاع أن يدير موهبته بحرفية شديدة وهو الوحيد الذي يستطيع أن يجمع في بيته ثلاث أو أربع ملحنين أو مؤلفين مثل الموجي وبليغ ومنير والطويل كلنا نسهر ونأكل ونلعب كوتشينا بكل محبة وود.
** صوت (ذكرى) يشبه الفلاش الذي أنار الدنيا فجأة ثم اختفى فجأة، فأن يجتمع الصوت القوي مع الإحساس القوي شيء نادر في الوجود .. أترحم عليها كل يوم لأنها كانت بمثابة ابنتي.
** سميرة لها كاريزما في صوتها وشكلها وهى صوت طربي أصيل، غنت في البدايات مع بليغ حمدي (الحب اللي أناعايشاه) كان فيه دراما وأحاسيس جميلة لكن التجديدالذي اتجهت إليه احبه الشباب وأصبح لها معجبين من هذا الجيل.
** فريد كان طيب القلب وشديد الكرم ومحبا لزملائه بشكل غريب، لدرجة أنه من الممكن أن يقيم حفلا في بيته للاحتفاء بنجاح عمل لزملائه حتى لو لم يكن مشاركا فيه.
** شاهدني عبد الحليم حافظ كعازف للأورج في حفلة للفنانة نجاة بعد انتقالي للفرقة الماسية بقيادة المايسترو أحمد فؤاد حسن، وبعدها اصطحبني للعمل معه وكانت البداية مع أغنية (حاول تفتكرني) واستمرت المسيرة فقدمت معه (أي دمعة حزن لا، فاتت جنبنا، قارئة الفنجان) وغيرها من الأعمال الجماهيرية الشهيرة.
** أكلثوم بجبروتها قالتلي هقولك على سر: أنا كنت بتعمد أقعد ربع ساعة في الأول عقبال ما أتمالك أعصابي قاد الجمهور لأني كنت بحترم جمهوري لدرجة الخوف، الخوف منه وعلى تاريخي، ومع ذلك كانوا بينتقدوا طول مدة مطالع أغانيا عشان مايعرفوش السبب، وفاكرني بملأ وقت الحفل.
** لابد من ضرورة الاهتمام بعناصر الأغنية العربية وتطويرها والصعود بها حفاظا على تراثها العريق، مثلما يحاول بعض المطربين الحفاظ عليها بتقديم أغان طربية متميزة، مثل (أنغام وآمال ماهر وهانى شاكر ومحمد الحلو ومدحت صالح)، فضلا عن (محمد حماقى ووائل جسار وفضل شاكر) من الشباب.
** أغاني الراب ما هي إلا ذوق مؤقت ومؤكد أن الإبداع سيعود مجددا بعد انتهاء هذه المرحلة، كما أن الراب المصري المنتشر حاليا لا يشكل أي إبداع ومن المستحيل المشاركة في مثل هذه الأنواع من الأغاني.
** للأسف هي ظواهر سلبية اقتحمت حياتنا كغيرها من سلبيات العصر ولكنها أضرت بمستوى الغناء ولا يمكن تسميتها طربا أو غناء، بل هي أشبه بالسموم القاتلة والمخدرات المدمرة لأنها تحتوي على ألفاظ وعبارات نابية كما أنها خالية من الذوق الفني الذي يجذب الأذن.
** الحمد لله لدى مخزون جيد، والمبدع لا يتوقف ودائما ما تراوده إبداعاته ولكن المناخ العام يلعب دورا كبيرا في التشجيع على العمل أو التثبيط، ومع ذلك فأنا الآن مشغول بالعديد من المشروعات الفنية الجديدة التي آمل أن تحقق نجاحا جماهيريا.
** السوشيال ميديا من الظواهر المزعجة التي تطاردنا كفنانين وتسيء إلينا في أحيان كثيرة حينما يساء استخدامها، وأصبحنا بسببها مضطرين للعيش في أجواء الشائعات باستمرار، وعن نفسي لست مقبلا عليها بشكل كبير فأنا أستخدمها لنشر الثقافة الفنية الأصيلة والحديث عن الذكريات الفنية الجميلة.
وفي النهاية لابد لي من تحية تقدير واحترام لـ (هاني مهنا) الذي واحد من أهم الموسيقيين في مصر والوطن العربي، صاحب الأصابع الذهبية، التي صالت وجالت على آلة (الأورج)، والذي رافق وصاحب عمالقة الطرب والغناء ، حيث عزف في فرقة أم كلثوم في (ليلة حب، وحكم علينا الهوا)، كما صاحب الفنان فريد الأطرش في حفلة (الربيع، وأول همسة)، وشارك (حليم) طوال مشواره الفني (حاول تفتكرني، فاتت جنبنا، كامل الأوصاف، أي دمعة حزن لا) وغيرهم من كبار المطربين، وتميزت موسيقاه بطابعها المصرى، فقد استفاد من كل ما تعلمه من الموسيقى العالمية ووظفه لخدمة الموسيقى المصرية المعاصرة، وقد استطاعت نغماته الموسيقية أن تنطبع فى قلوب الملايين من محبى الفن الراقى وهو أحد أشهر الموسيقيين المصريين ومن رواد تأليف موسيقى الفيلم وهو أفضل عازف أورج فى عصره، واقترن اسمه بأسماء ألمع نجوم ونجمات الزمن الجميل.